حث المسير في الشوط الأخير

عبدالكريم الخنيفر
1442/09/25 - 2021/05/07 02:30AM

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ له، ومنْ يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهد ألا إلهَ إلا الله وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا…

عبادَ الله، إن الجنةَ التي وَعَدَ اللهُ عبادَه قد أعدَّها سبحانه للمتقين، قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} وقال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ}

فأوصيكم أيها المؤمنون أن تتقوا الله، فإنَّ الجزاءَ عظيمٌ يومَ القيامة، {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}.

عبادَ الله، هذه الجنةُ التي وَعد اللهُ المتقيَن قد وجبتْ لبعضنا فيما مضى من أيامِ رمضان، وبيننا من لا يزالُ يرجو اللهَ ويدعوه أن ينال عتقًا من النار فيدخلَ الجنة. لكن، هل في الوقتِ متَّسع؟ أم فاتت هذه الفرصةُ العظيمة؟

أيتها الخيولُ الأصيلة، والنفوسُ الجليلة، والأنفاسُ الطويلة، حثُّوا المسير، فقد بلغنا الشوطَ الأخير، حثُّوا المسير فأمامَكم جنةٌ لا ظمأَ فيها ولا عطش، ولا سقمَ ولا همَّ ولا حزَن، ولا لغوَ ولا أذى، بل النعيمُ المقيم، بل ما تشتهيه الأنفسُ وتلذُّ الأعين، وأنتم فيها خالدون.

فهلّا شمَّرنا لنَيْلِهَا وقد بقيَ من رمضانَ كأصابعِ الكفِّ الواحدةِ أو أقل؟!

وإنَّ هذا الباقيَ لزمنٌ من أعظمِ الأزمنة، ولَحظاتٌ هي أوفرُ بركةً وأعلى درجة، بقيَ عتقاءُ لمَّا يُعتقوا، ومحرومون آن أن يُقبلوا، وقلوبٌ قاسيةٌ هذه ساعاتُ لِينها.

فلا يجفَّنَّ الرَّمق، لا تفترِ الهِمَم، واطرد الخمولَ وهوى النفس تغنمِ الخيرَ الكثير والأجرَ الوفير.

اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا،

أقول قولي هذا وأستغفر اللهَ لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه أما بعد،

عبادَ الله، في ليلةِ القدرِ تنتشر الملائكةُ في الأرض وتصافحنا بسلامٍ ليس كأيِّ سلام، هذا السلامُ يملأ حياتَنا في الدنيا كاملةً بالسكينة، وهذا السلام يضمنُ لنا عِتقًا من النار، هذا السلام يَهدينا إلى جناتِ عدن، إن نحن أحسنَّا العبادة في ليلة القدر.

وإنا قريبون جدا منها، جَازَتْنَا أو تكاد، بل لعلها تلقانا فيما بقي من رمضان، وإنَّ ليلةَ السابعِ والعشرين هي أرجى الليالي أن تكونَ ليلةَ القدر، فشمِّروا لها، ساعاتٍ تعدلُ آلافَ الأيام، الزموا فيها مصلياتكم، واجتهدوا في أنواعِ العبادات، من قيامٍ وذكرٍ وصدقةٍ ودعاء…

يا عبدالله، أيها الفطنُ النبيه، عندما أراد الله أن يبيّن عظمة شهر رمضان ربطه بنزول القرآن فيه، وأورد سبحانه آيتين عظيمتين من كتابه فقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ).

فلا ريب أن أعظم ما نملُأ به هذه الساعاتِ تلاوةُ القرآن.

اللهم وفَّقنا لتلاوة القرآنِ وتدبُّرِه وفَهْمِ معانيه والعملِ بما فيه، واجعله لنا نورًا وضياءً في الدنيا والآخرة.

اللهم اجعلنا ممن قامَ ليلةَ القدر إيمانا واحتسابا فغُفر له ما تقدم من ذنبه.

اللهم تقبلْ منا الصيام والقيام، وأعد علينا رمضانَ أعواما عديدة وأزمنةً مديدة ونحن في صحة وأمن واطمئنان.

اللهم وفِّقْ وليَّ أمرِنا لما تحبُّ وترضى، وخذ بناصيته للبرِّ والتقوى، وارزقه البطانة الصالحةَ الناصحة.

اللهمَّ وفقهُ ونائبَه لما فيه خيرُ البلاد والعباد.

سبحان ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربِّ العالمين.

المرفقات

1620354595_حث المسير في الشوط الأخير.pdf

المشاهدات 802 | التعليقات 0