حث أهل الإيمان لإغاثة أهل السودان
عايد القزلان التميمي
1444/10/21 - 2023/05/11 20:18PM
الحمدُ لله الذي قوّى أواصرَ الأخوَّة الدينية بالحثِّ على البذلِ والصّدقة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، جعل عدمَ الإنفاقَ سبيلَ الهلَكة، وأشهد أنّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه صلاةً دائمة مقرونة حبًّا وإجلالاً.
أما بعدُ فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل ، ))وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ ))
عباد الله إن من محاسن ديننا الإسلامي أنه جعل أفراد هذا الدين كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، وهذا هو التكافل والتكامل بين أفراد المجتمع المسلم .
وقد حثنا ديننا الإسلامي على التكافل والتراحم وقد وردت أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تحث على ذلك ومنها قول الله –تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
وقال تعالى : {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} فهاتان الآيتان فيهما دلالة واضحة على ضرورة التعاون والتكافل، ففي الآية الأولى الأمر بالتعاون، وفي الآية الثانية نفى الله الخير عن كثير من نجوى الناس وكلامهم، إلا ما يتعلق بثلاثة أمور تعود بالنفع على الجميع، وهي: الأمر بالصدقة والحث عليها، والأمر بالمعروف، والإصلاح بين الناس، وكلها من أعظم مقاصد الدين الإسلامي.
عباد الله وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. وهذه الأخوة تستلزم التكافل، والتكامل ، كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم وأحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم : (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري.
وفي الحديث الآخر: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ )) رواه البخاري وأحمد وغيرهما.
أيّها المسلمون، إنَّ الواجبَ على أهل الإسلام كلّما اشتدَّت بهم المصائب أن يَقْوَى تعاونهم مع بعض؛ لأن رابطةَ العقيدةِ والدّين رابطةٌ عظيمة يقول جلّ في علاه: (( وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ))
عباد الله ، إنَّ المجتمعاتِ الإسلاميّةَ على اختلاف أجناسها وألوانها وبُلدانها بنيانٌ واحِد وجسَدٌ واحد، يجمَعُهم دين واحدٌ هو دين الإسلام، وكتابٌ واحد هو القُرآن، ونبيٌّ واحد هو سيّد الأنام نبيّنا محمّد ، يقول صلوات الله وسلامه عليه: ((المؤمِنُ للمؤمِنِ كالبنيانِ يشدّ بعضه بعضًا)) ثمّ شبّك بين أصابعه .
فيجب على المسلمين أن يسارعوا في مساعدة إخوانهم المنكوبين بأي مصيبة أينما كانوا، ويسارع كل مسلم في إغاثتهم بما يستطيع ، ويجوز تعجيل الزكاة للمتضررين من المسلمين، ومن لم يستطع أن يعينهم بماله، فليحرص على الدعاء لهم، ويحث غيره من المستطيعين على نفعهم، فخير الناس أنفعهم للناس.
عباد الله : إن بلادنا حفظها الله قد عُرف عنها وعن أهلها؛ المسارعة في قضاء الحاجات، وتقديم المساعدات، وإغاثة الملهوفين، ونجدة المنكوبين، ورعاية الأيتام والمحرومين، وها هو ، قائدها، وولي أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله تعالى، يأمر بحملة خيرية إنسانية، لمساعدة أهل السودان في مصيبتهم، وتقديم يد العون لهم، بتوفير احتياجاتهم، فجزاه الله تعالى عنا وعنهم خير الجزاء.
واعلموا أن مَدّ يَدِ الْعَوْنِ لِلْمُتَضَرِّرِينَ وَالْمَنْكُوبِينَ في السودان يكون عَنْ طَرِيقِ قَنَاةٍ رَسْمِيَّةٍ خَيْرِيَّةٍ ، وعن طريقها تصل الْمُسَاعَدَاتِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا؛ أَلَا وَهِيَ مِنَصَّةُ "سَاهِمْ"، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أن يُساهم ويُبادر بِالتَّبَرُّعِ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهَا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَلَى نَفْسِهِ، فَكُلٌّ يَتَصَدَّقُ بِحَسَبِه استطاعته وقدرته .
أيها المؤمنون، لقد حثّ نبينا صلى الله عليه وسلم على الصدقة والإنفاق في أغلب مجالسه وأحاديثه، وبيّن لنا فضل المنفقين في سبيل الله ، وأخبرنا عن دعاء الملَكَين للمنفقين في كلّ يوم يقولان: اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفًا.
وقال صلى الله عليه وسلم((ما نَقَصَ مالٌ من صدقة)).
وقال الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ فالمنفق في سبيل الله يعيش في سعادة لأنه قدّم مالهُ مرضاةً لربه، إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ
واعلموا عباد الله أن الشيطان يقف في طريق المسلم إذا أراد الصدقة قال الله تعالى (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
فبادروا بالصدقة قبل أن يحال بينكم وبينها، قال الله تعالى (( وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ * وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )).
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أمر بالتقوى وحث على التعاون والبذل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فيا عباد الله: علينا نَحنُ أعضاءُ الجَسدِ الوَاحدِ، الدَّعاءُ للمسلمين الضعفاء والمساكين في السودان،
فالدعاء سلاح المؤمن وقال صلى الله عليه وسلم (( الدعاءُ هُوَ العِبَادة )) فتذكَّرْ أنك عندما تدعو لهم فأنت في عبادة عظيمة .
واسمعوا إلى هذا الدعاء من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه، داعيا لطائفة من أصحابه المُستضعفين: (( اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ ))
اللهم إنا نسألك الفرج العاجل لجميع المسلمين المستضعفين ، يا أرحم الراحمين .
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله....
المرفقات
1684046805_حث أهل الإيمان لإغاثة أهل السودان.docx