( حب الجنة منهج تربوي ) 1

حامد ابراهيم طه
1437/08/22 - 2016/05/29 08:51AM
قد تمت إضافة خطبة

( حب الجنة منهج تربوي ) 1 الخطبة من جزئين

في خطب ( الغزوات والفتوحات )

يمكنكم الوصول إليها وباقي الخطب المكتوبة والدروس من خلال موقع
( خطب الجمعة - حامد ابراهيم )
أو من خلال هذا الرابط

https://hamidibraheem.wordpress.com/

ملاحظة :
جميع الخطب يمكن مشاهدتها اونلاين او تحميلها ملفات وورد

الخطبة الأولى ( حب الجنة منهج تربوي ) 1

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد ايها المسلمون

قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ )
لقد كان سلاح المؤمنين يوم بدر هو طاعة الله ورسوله والشوق إلى الجنة ، نعم لقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على حب الجنة والشوق إلى نعيمها ، فباعوا لله نفوسهم ، وربحت تجارتهم ، إنها التربية بالجنة
فمع كل الحماسة التي كان المسلمون فيها إلا أنهم ما زالوا في حاجة للتشجيع والتحفيز أكثر وأكثر؛ لأن الموقف صعب، بل غاية في الصعوبة، هنا يأتي دور التحفيز بشيء، ليس هناك مؤمن واعٍ فاهم يكسل أو يتعب عندما يسمعه.
جاء وقت التذكير بالجنة. رفع رسول الله صوته ليُسمِع الجميع:
"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إَلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ" .
الكلام عجيب، هذا الكلام لا يمكن أن يفهمه علماني، ولا يمكن أن يفهمه كافر أو فاسق.
الكلام عجيب؛ لأن الرسول لم يحفز الناس على الدفاع عن حياتهم، بل حفزهم على فَقْد حياتهم.
يا الله! انتبه لهذا القول: "لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا". فمن كان يعيش لدنيا، وقُتِل فَقَدَ كل شيء.
ولكن من كان فاهمًا لمعنى الجنة سيكون للقتل عنده معنى آخر، ولكن الجنة ليست على الأرض.
الجنة تأتي بعد الموت، يعني الموت هو الحاجز الوحيد بين الشهيد الذي يقتل في أرض القتال، وبين الجنة.
الموت هو الحاجز الوحيد لو عبرناه دخلنا الجنة. والشهيد يدخل الجنة بغير حساب. فلو جاء الموت صِرْنا من أهل الجنة. إذن يا ليت الموت يأتي.
سبحان الله! ، الموت المكروه عند عامَّة البشر، يصبح أمنية بل أسمى الأماني لمن فَقِه حقيقة الجنة.
- "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". رواه البخاري عن أبي هريرة.
- وروى البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله : "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ قَدِّهِ (سوطه) فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ لأَضَاءَتِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا (ما بين السماء والأرض أو ما بين المشرق والمغرب)، وَلَنَصِيفُهَا (خمارها) عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
لا يمكن للإنسان أن يكون عنده يقين في هذا الكلام؛ ثم لا يشتاق إليه. لذلك فالجيش المنصور جيش يحب الموت فعلاً.
وكلمة خالد بن الوليد المشهورة : "جئتكم برجال يحبون الموت، كما تحبون أنتم الحياة".
وعندما تكلم الرسول عن الأمة المهزومة ذكر من صفاتها الوَهْن. فسُئل: وما الوهن؟ فقال: "حبُّ الدنيا، وكراهيةُ الموت" .
فلو وُجِد هذا في نفوس الأمة هُزِمَت، ولو أحبت الأمة الموت وُهِبَت النصر، ووهبت الجنة.
أيها المسلمون
هذا إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الراحل ، كان يقول تعليقًا على اتهام اليهود له بعدم القدرة على السيطرة على حماس والجهاد؛ قال:
أتحدى أيَّ جهاز مخابرات في العالم يقاوم أُناسًا يريدون أن يموتوا؟. كلام في منتهى الدقة.
حقًّا من المستحيل أن تقاتل إنسانًا يريد أن يموت. بم ستخيفه؟ هل ستقول له: سأقتلك؟ هذا هو ما يريده. بل هو خائف ألا يموت.
فهل منا من يريد أن يموت؟! فهل منا من يتمنى الموت؟! فهل منا من يبحث عن الموت؟!
هل منا أحد جاهز للموت؟! كتب وصيته؟! هل منا من يفكر في يوم يموت فيه في سبيل الله؟!
لو أنك لا تتمناها ولا تبحث عنها، فأنت لا تعرف الجنة. هذا الكلام ليس كئيبًا، ولا حزينًا.
الكئيب فعلاً أن تقف يوم القيامة تنتظر الحساب يومًا واثنين، وسنة واثنتين، وأنت ترى الشهداء حولك يُسرِعون إلى الجنة من غير حساب. ولا تقل: أين الجهاد؟ وأين القتال؟ المسألة مسألة صدق، ومسألة نيَّة. تريد أم لا تريد؟
لو أردت ستنال الأجر، وتدخل الجنة وإن متَّ على فراشك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" .
ولو لم تُرِدْ فلن تنال أجر الشهادة، حتى لو فُتِحَ لك ألف باب للجهاد. فالمسألة إنما هي صدق النية مع الله تعالى.


الخطبة الثانية ( حب الجنة منهج تربوي ) 1

الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد ايها المسلمون

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ )
أنه حب لقاء الله والجنة ، تلك هي غاية أمنيات المؤمن ، أن ينظر إلى وجه الله في الجنة ، وانظروا إلى مواقف من يبتغون الجنة ، فمن مواقف الصحابة في بدر
موقف عمير بن الحمام في بدر ، انظروا، ماذا فعلت الجنة في الصحابة في بدر.
عمير بن الحمام يقف بجانب الرسول ، والرسول يقول: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَواتُ وَالأَرْضُ".
كم مرة سمعنا هذه الكلمات؟ كثيرًا. كم مرة عملنا لها؟ قليلاً.
عمير بن الحمام سمع هذه الكلمة، فقال متعجبًا: عرضها السموات والأرض!!
الإنسان منا يكافح سنين طوالاً لكي يصبح عنده شقة، أو سيارة، أو بعض الأموال، أو بعض السلطات.
كل هذا لا يمثل واحدًا على مليون مليون من الأرض. فكيف بالجنة التي عرضها السموات والأرض؟! ما شكلها؟!
عمير يتعجب: عرضها السموات والأرض! قال : "نَعَمْ". وعمير بن الحمام يتلقى بمنتهى اليقين، لا جدال، لا محاورة.
قال عمير: بَخٍ بَخٍ (كلمة للتعجب). قال له صلى الله عليه وسلم : "مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟" ممَّ تتعجب؟ أتشك في هذا الكلام؟
فأسرع عمير يقول: لا والله يا رسول الله، ما قلتها إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال : "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا".
يا الله! عمير يعلم أنه من أهل الجنة، وهو ما زال يمشي على الأرض، أرض بدر. بينه وبين الجنة فقط أن يموت.
فلم يعُدْ قادرًا أن يعيش لحظة واحدة على الأرض. فكان يمسك بيديه بعض تمرات يتقوَّى بها على القتال.
وبعدها فكَّر. أيُّ تمرٍ هذا الذي أريد أن آكله؟!أين ثمار الجنة، وطيور الجنة، وشراب الجنة، وحوض الرسول في الجنة؟
فألقى بالتمرات على الأرض، وقال كلمة عجيبة؛ قال:" لئن أنا حييتُ حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة"
أَكْلُ التمرات حياة طويلة!!هل سأنتظر ثلاث أو أربع دقائق آكل فيها التمر؟ هذا كثير. ألقى بنفسه وسط الجموع الكافرة.
استشهد، دخل الجنة، هو -يقينًا- في الجنة.
أليس هذا كلام الرسول "لاَ يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ؛ فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ"؟!
ثم إنه قالها تصريحًا لعمير بن الحمام، قال صلى الله عليه وسلم : "فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا".
أهل الدنيا، طلاب الدنيا يظنون أن عميرًا خسر، مات في عزِّ شبابه كما يقولون، لم يستمتع بحياته، لكن المقاييس الصحيحة ليست هكذا
روى الترمذي -وقال: حسن صحيح- عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله :"إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَعْلَقُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ" .
وهذا صحابي آخر يشتاق للجنة ، إنه عمير بن أبي وقاص
- عمير بن أبي وقاص شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، في تعريف منظمة الصحة العالمية طفل
وفي تعريف القيم والأخلاق والمبادئ والعقائد من سادة الرجال. تقدم وهو في هذه السن الصغيرة؛ ليجاهد مع المجاهدين في بدر، لكنه كان خائفًا. من أيِّ شيء كان خائفًا؟ هل يخاف أن يموت؟ لا، بل يخاف ألا يموت.
يخاف أن يرده الرسول ؛ لأنه ما زال صغيرًا. فأخذ يتوارى بين القوم حتى لا يراه الرسول فيرده.
رآه أخوه المجاهد العظيم سعد بن أبي وقاص .فقال له: ما يحملك على هذا؟
قال: أخاف أن يراني رسول الله فيستصغرني ويردني، وأنا أحب الخروج؛ لعل الله أن يرزقني الشهادة.
فرآه الرسول ، فأشفق عليه من القتال، وردَّه. فبكى عمير ؛ فستضيع عليه فرصة الموت في سبيل الله.
وهنا رقَّ له رسول الله ، وسمح له بالجهاد .جاهد، اشتاق بصدق للشهادة، استشهد، دخل الجنة.
فَهِم عمير بن أبي وقاص وهو لم يُكَلَّفْ إلا منذ سنتين أو ثلاث، وهو لم يبلغ السادسة عشرة من عمره، ما يعجز عن فهمه أشياخ وحكماء وعباقرة.

ونستكمل الموضوع إن شاء الله
الدعاء

الخطبة من جزئين ويمكن الوصول للجزء الثاني وكثير من الخطب عن الصوم وشهر رمضان من خلال هذا الرابط

https://hamidibraheem.wordpress.com/
المشاهدات 995 | التعليقات 0