حادثة الزلفي وتنفيذ الأحكام الشرعية 1440/08/21

حادثة الزلفي وتنفيذ الأحكام الشرعية[1]
الحمدلله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً, أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون واشكروه على ما أنتم فيه من النعم واحمدوه فإنكم في نعم عظيمة.
عباد الله: تعلمون ما جرى من هجوم إرهابي على مركز أمني داخل مدينة الزلفي يوم الأحد الماضي, تبوأ إثمه زمرة باغية خارجة, استحلَّت دماء المعصومين وروَّعت الآمنين, باعتدائهم على رجال الأمن, الذين نذروا أنفسهم حماية لأمن المجتمع من أيدي الفساد والإفساد والغلو والإرهاب, وإنَّه من فضل الله علينا ما تم على أيدي رجال أمننا البواسل -حفظهم الله وجزاهم خيراً- من إحباط ذلك الهجوم الإرهابي.
أيها المؤمنون: إنَّ هذا الهجوم الإرهابي هو من الخروج على ولي أمر المسلمين وفي ذلك مخالفة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم, فالله عزوجل أمر بطاعته وبطاعة رسوله وأولي الأمر قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عصاني" (أخرجه الشيخان).
إنَّ الخروج على ولي أمر المسلمين ضلال مبين وهو من مفارقة الجماعة, ومن فارق الجماعة فإنَّه إن مات فميتة جاهلية, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" (أخرجه الشيخان) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ" (أخرجه مسلم) وكذلك يا عباد الله فإنَّه لا حجة لمن خرج على الجماعة ولا عذر له يوم القيامة, استمعوا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً" (أخرجه مسلم) والأحاديث الصحيحة في التحذير من الخروج على ولي أمر المسلمين كثيرة ينبغي أن يتدارسها الناس في مساجدهم ومدارسهم وينبغي على الآباء والأمهات أن يعلموها أبناءهم حتى لا تزلَّ قدم ابن أو بنت في أوحال فتنة الخروج على الولاة وكذلك ينبغي بيان حال سلف هؤلاء الإرهابيين من الفرقة الخارجة المارقة التي خرجت على جماعة المسلمين وهي فرقة الخوارج الضالة الذين قاتلهم علي بن أبي طالب ومن معه من الصحابة وغيرهم رضي الله عنهم.
معاشر المسلمين: إنَّ هذا العمل الإرهابي الجبان هو  سعي للإفساد في الأرض وعبث بأمن هذه البلاد واعتداء على أنفس مسلمة معصومة وانتهاج لمنهج الخوارج الذين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من صفاتهم أنهم: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ" (ينظر الحديث عند البخاري برقم (3344) ومسلم برقم (1064) وأنَّهم "شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ" (ينظر الحديث عند مسلم برقم (1067) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما، يَرَاهُمْ أي الخوارج شِرَارَ خَلْقِ اللهِ، وَقَالَ: "إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِي الكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلَى المُؤْمِنِينَ" (ينظر صحيح البخاري (9/ 16).
عباد الله: ومن الخوارج خوارج قعدية وهم الذين يزينون الخروج على الأئمة ولا يباشرون ذلك ومن رؤوسهم عمران بن حطان وهو الذي رثى الشقي عبدالرحمن بن ملجم قاتل علي رضي الله عنه ويجب الحذر كل الحذر ممن يتصفون بصفات الخوارج من القعديَّة وغيرهم, كما يجب تبليغ الجهات الأمنية عن كل من ينتمي إلى الفئة الضالة من التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرهما.
ونحمد الله على تنفيذ حكم الشرع بالقتل تعزيراً وإقامة حد الحرابة على سبعة وثلاثين من الجناة في عدد من مناطق المملكة, لتبنيهم الفكر الإرهابي المتطرف وتشكيل خلايا إرهابية للإفساد والإخلال بالأمن وإثارة الفتنة الطائفية.
أسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وبلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا كما نسأله سبحانه أن يكبت أعداءنا وأن يهزمهم وأن يصرف عن بلادنا كيدهم ومكرهم وأن يجزي رجال الأمن خيراً على ما يقومون به من جهود لحفظ الأمن وما يبذلونه من جهود في التصدي للإرهابيين والمفسدين والقبض عليهم.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.   
[1] 21/08/1440هـ .
المرفقات

الزلفي-وتنفيذ-الأحكام-الشرعية

الزلفي-وتنفيذ-الأحكام-الشرعية

المشاهدات 807 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


وإياك.