حاجة الناس للدين
احمد ابوبكر
1434/04/25 - 2013/03/07 03:44AM
إنّ الله تعالى قد خلق الإنسان، ولم يتركه سدًى، ولم يدعه فريسةً لِغَوَاية الشيطان وضلاله ووسوسته التى بدأها بِغَوَاية آدم - عليه السلام -، ثمّ هدّد بها فى الدنيا، لكن الله تعالى اصطفى الإنسان، وفضَّله على سائر الخلق، وسخّر له ما فى الكون، وتولاه بالهدايـة والرشاد وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وأعلن له ذلك منذ اللحظات الأولى لاستقراره على الأرض، فقـال تعالى: " قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّى هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَاىَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" ( البقرة: 38، 39 ). وقال تعالى مُبينًا الحكمة من اتِّبَاع الرسل، وإنزال الكتب: " الر ۚ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " ( إبراهيم: 1 ). وقال تعالى فى وصف القرآن الكريم: " إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " (الإسراء: 9 ، 10 ).
ويُلاحظ القارئ لهذه الآيات الكريمة، والمُتأمل فيها، والمُتدبّر فى معانيها أنّها لم تُقيّد بوقت معين، ولا بزمان خاص، وإنّما جاءت مُطلقة عامة، وهذا يعنى أنّها صالحة لكل زمان ومكان. لكنّ الجهل بالدين اليوم، والبُعْد عن أحكامه، وعدم الإيمان به، وتحرك أعداء الله فى الأرض ضد الدين جعل هذه المفاهيم غامضة، حتى كادت أن تصبح غريبة بين أهلها!
وتدور فى أذهان الناس صورتان متقابلتان للدين ينشأ عنهما نتيجة خطيرة:
الصورة الأولى: هى صورة مُشوّهة قاتمة عن الدين، مليئة بالتحريف والزَّيْف، وهذه الصورة ليست من الحقيقة فى شىء، وليست طبيعية، لكنها مُصْطنعة اصطناعًا، وتعلوها الخَيَالات والأوهام الشيطانية.
الصورة الثانية: صورة برّاقة واضحة، تتجلى فى التقدم العلمى ومُعطيات الحضارة، والإنتاج الصناعى الحديث، والتقنية الفنية، والمكتشفات العظيمة، والاختراعات المتلاحقة التى تساعد الإنسان فى حياته، وتُزيل عنه متاعب الماضى فى مختلف اتجاهات الحياة؛ مما يَخْلُب الأنظار، ويشغل الفكر، ويَحْجُبُ كثيرًا من البسطاء عن كشف الحقيقة، والتعمّق فى النظرة، والبحث عن المتاعب والمشاكل والأمراض النفسية والعقلية والجسمية التى تُرافق هذه الصورة.
أما النتيجة التى يخرج بها الكثير من الناس، فهى أن الدين قد ولّى زمانه، ولم يَبْقَ له فائدة، وليس للإنسان حاجة إليه، ويمكن بسهولة ويُسر الاستغناء عنه، وفَصْله عن الدولة، وإبعاده عن مجال الحياة.
ويُسْرِفُ بعضهم فيقول: إن الدين والتدين ظاهرة سيئة، وأَمَارَة تخلف، وهذا الكلام يُقال رغم إخفاق الأيدلوجيات، والمذاهب الوضعية؛ بسبب عدم تلبيتها لحاجات النفس الإنسانية، أو تحقيقها للسعادة المَرْجُوّة على مستوى الجماعات والأمم، وفشلها فى تحقيق النتائج المنتظرة والمرجوة منها.
والواقع أن الناس فى حاجة إلى الدين لأسباب أهمها أنّ الدين هو غذاء الروح، ويلبى الفطرة. والحق الحقيق بالقبول هو أن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى التى هى أشدها همجية وأقربها إلى الحيـاة، وهى غريزة لا تختفى فى النفس البشريـة, حيث يقرر " لاروس" أن الغريزة الدينية لا تذبل ولا تضعف إلا فى فترات الإسراف فى الحضارة، وعند عدد قليل جدًّا من الأفراد.
ياسر منير ( باحث بالدكتوراه " مقارنة أديان " - جامعة القاهرة )
ويُلاحظ القارئ لهذه الآيات الكريمة، والمُتأمل فيها، والمُتدبّر فى معانيها أنّها لم تُقيّد بوقت معين، ولا بزمان خاص، وإنّما جاءت مُطلقة عامة، وهذا يعنى أنّها صالحة لكل زمان ومكان. لكنّ الجهل بالدين اليوم، والبُعْد عن أحكامه، وعدم الإيمان به، وتحرك أعداء الله فى الأرض ضد الدين جعل هذه المفاهيم غامضة، حتى كادت أن تصبح غريبة بين أهلها!
وتدور فى أذهان الناس صورتان متقابلتان للدين ينشأ عنهما نتيجة خطيرة:
الصورة الأولى: هى صورة مُشوّهة قاتمة عن الدين، مليئة بالتحريف والزَّيْف، وهذه الصورة ليست من الحقيقة فى شىء، وليست طبيعية، لكنها مُصْطنعة اصطناعًا، وتعلوها الخَيَالات والأوهام الشيطانية.
الصورة الثانية: صورة برّاقة واضحة، تتجلى فى التقدم العلمى ومُعطيات الحضارة، والإنتاج الصناعى الحديث، والتقنية الفنية، والمكتشفات العظيمة، والاختراعات المتلاحقة التى تساعد الإنسان فى حياته، وتُزيل عنه متاعب الماضى فى مختلف اتجاهات الحياة؛ مما يَخْلُب الأنظار، ويشغل الفكر، ويَحْجُبُ كثيرًا من البسطاء عن كشف الحقيقة، والتعمّق فى النظرة، والبحث عن المتاعب والمشاكل والأمراض النفسية والعقلية والجسمية التى تُرافق هذه الصورة.
أما النتيجة التى يخرج بها الكثير من الناس، فهى أن الدين قد ولّى زمانه، ولم يَبْقَ له فائدة، وليس للإنسان حاجة إليه، ويمكن بسهولة ويُسر الاستغناء عنه، وفَصْله عن الدولة، وإبعاده عن مجال الحياة.
ويُسْرِفُ بعضهم فيقول: إن الدين والتدين ظاهرة سيئة، وأَمَارَة تخلف، وهذا الكلام يُقال رغم إخفاق الأيدلوجيات، والمذاهب الوضعية؛ بسبب عدم تلبيتها لحاجات النفس الإنسانية، أو تحقيقها للسعادة المَرْجُوّة على مستوى الجماعات والأمم، وفشلها فى تحقيق النتائج المنتظرة والمرجوة منها.
والواقع أن الناس فى حاجة إلى الدين لأسباب أهمها أنّ الدين هو غذاء الروح، ويلبى الفطرة. والحق الحقيق بالقبول هو أن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى التى هى أشدها همجية وأقربها إلى الحيـاة، وهى غريزة لا تختفى فى النفس البشريـة, حيث يقرر " لاروس" أن الغريزة الدينية لا تذبل ولا تضعف إلا فى فترات الإسراف فى الحضارة، وعند عدد قليل جدًّا من الأفراد.
ياسر منير ( باحث بالدكتوراه " مقارنة أديان " - جامعة القاهرة )