حاجة الإنسان إلى إقامة الصّلاة.

[font="] [/font] [font="]حاجة الإنسان إلى إقامة الصّلاة[/font]

[font="]بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد رسول الله و على آله و صحبه و من والاه. أمّا بعد:[/font]
[font="]يقول الحق تبارك و تعالى: " و ما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبدون ". [/font][font="]( سورة الذاريات الآية:56 )[/font][font="]. [/font][font="]و ما كانت عبادة الجنّ و الإنس لأنّ الله في حاجة إلى هذه العبادة، و إنّما لأنّهم ليسوا أهلا للقرب منه و الاتصال به، و الاستحقاق لتفضّله إلاّ بهذه العبادة: " و من تزكّى فإنّما يتزكّى لنفسه ". [/font][font="]( سورة فاطر الآية: 18 )[/font][font="].[/font]
[font="]فالإنسان الذي يجهل هذه الحقيقة، يغفل عن حقيقة وجوده والغرض منه مهما أحرز من مكسب مادي:" وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ". [/font][font="]( سورة الفرقان الآية: 23[/font][font="] [/font][font="])[/font][font="].[/font]
[font="]و هدف العبادات المتنوعة التي جاء بها ديننا الحنيف هو " التزكية "، تزكية النفس لتكون مؤهلة للاتصال بخالقها و جديرة بما يفيضه الله عليها نتيجة هذا الاتصال.[/font]
[font="]و لقد كانت الطريقة التي تفرض بها هذه العبادات هي نزول الأمين"جبريل" بجزء من القرآن الكريم يدعو المؤمنين بتكليف معيّن لعبادة معيّنة تطرحه الآيات القرآنية بشكل مجمل و يتكفّل النبيّ صلى الله عليه و سلم عن طريق الوحي أيضا بتفصيله.. و لقد كان الرسول الكريم وهو يتلقّى هذا الوحي حريصا على ألاّ يفوته شيء منه مستعجلا ترديد ما يسمع فقال الله له : " لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه و قرآنه* فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه * ثم إنّ علينا بيانه ". [/font][font="]( سورة القيامة الآيات: 18/16 )[/font][font="]. [font="]نعم ثم إنّ علينا بيانه..[/font][/font]
[font="]و قال الحقّ تبارك و تعالى في موضعٍ آخر من الكتاب: " و ما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يوحى ". [/font][font="]( سورة النجم الآيتان: 3/4 )[/font][font="]..[/font]
[font="]" و أنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون ". [/font][font="]( سورة النحل الآية: 44 )[/font][font="].[/font]
[font="]و يعطي الرسول صلى الله عليه و سلم في هذا الإطار الشكل التفصيلي لكلّ عبادة من العبادات و لكلّ تكليف من التكاليف. إلاّ أنّ الصلاة شذت عن هذه القاعدة فلم تفرض بواسطة، و إنّما استدعى الرسول الكريم إلى رحلة تشريفية سما فيها بروحه وتنقل فيها بجسده خارجا عن قانون الزمان و المكان دائرا في فلك الذات الإلهية التي لا تقيدها مخلوقاتها.[/font]
[font="]" وهو بالأفق الأعلى* ثم دنا فتدلّى* فكان قاب قوسين أو أدنى* فأوحى إلى عبده ما أوحى* ما كذب الفؤاد ما رأى* أفتمارونه على ما يرى* و لقد رءاه نزلة أخرى* عند سدرة المنتهى* عندها جنّة المأوى* إذ يغشى السدرة ما يغشى* ما زاغ البصر و ما طغى* لقد رأى من آيات ربّه الكبرى* ". [/font][font="]( سورة النجم الآيات: 7/18 )[/font][font="].[/font]
[font="]في هذه الأجواء الموحية بالتقريب و التشريف، و بكيفية تعجز كلماتنا و تصوّراتنا عن أن تحيط بها إلاّ بما يحمل التنزيه الكامل للذات الإلهية، في هذه الأجواء رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم من آيات ربّه الكبرى و أوحى له الله مباشرة دون واسطة ما أوحى و من ضمن ما أوحى له به في هذا المقام " الصلاة ".[/font]
[font="]و هذه الأجواء هي التي دفعت ببعض مجتهدي المسلمين إلى القول: بأنّ الوقوف في الصلاة بمثابة الإسراء إلى بيت المقدس، و الركوع بمثابة الوصول إلى سدرة المنتهى، و السجود بمثابة قاب قوسين أو أدنى.[/font]
[font="]و هذا الاجتهاد توحي به أجواء فرضية هذه الصلاة و يؤيده ما ورد من ذكر حكيم و بيان نبوي يقول الحق تبارك و تعالى: " واسجد و اقترب ". [/font][font="]( سورة العلق الآية: 20 )[/font][font="].[font="] و يقول الرسول صلى الله عليه و سلم:" أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد " [/font][font="]( رواه مسلم و ـأبو داود و النسائي )[/font][font="]. [/font][font="]و السجود المقصود ليس مجرّد الحركة، و إنّما ما يوحيه من خضوع لله و ذلّة و انقياد كامل لكل ما جاء به الإسلام من أوامر و هجرة كل ما نهى عنه، بذلك يكون السجود معنى للقرب و عروجا للروح، و محلاّ للإفاضة و المناجاة: " قل إنّ صلاتي ونسكي و محياي ومماتي لله ربّ العالمين* لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أوّل المسامين". [/font][/font][font="]( سورة[/font][font="] [/font][font="]الأنعام الآيتان: 164/165 )[/font][font="].[/font]
[font="]و في الصلاة تتحد إرادة الله بإرادة الإنسان، و يتزوّد من موقفه هذا بين يدي الله بما يملؤه ثقة في نفسه، و قدرة على التغلّب على المصاعب التي تواجهه في الحياة.[/font]
[font="]و يصوّر الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، موقف الإنسان في صلاته، وهو يقرأ " بفاتحة الكتاب" – تلك التي لا تصحّ الصلاة إلاّ بها – فيقول في حديث يرويه عن ربّ العزّة.. قال تعالى: " قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، و لعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: " الحمد لله رب العالمين " قال الله عز و جل: حمدني عبدي، و إذا قال: " الرحمان الرحيم " قال تبارك و تعالى: أثنى علي عبدي، و إذا قال: " مالك يوم الدين " قال تعالى: مجدني عبدي، فإذا قال: " إياك نعبد و إياك نستعين " قال: هذا بيني و بين عبدي، و لعبدي ما يسأل، فإذا قال: " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضّآلين " قال: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل. " [/font][font="]( رواه مسلم )[/font]
[font="]فالصلاة إذا حمد لله، و الصلاة ثناء على الله، و الصلاة تمجيد لله، و الصلاة عبادة و استعانة و تقرّب. و الصلاة في الإسلام من أجلّ العبادات قدرا و أشرفها منزلة، وهي أمّ العبادة، لأنّ فيها أكمل مظاهر الطاعة و الخضوع، و أخلص دعوات الاستعانة و الهداية، و أصدق عبارات الابتهال و المناجاة التي تقرّب العبد من ربّه جلّ و علا.[/font]
[font="]و قد وردت نصوص صريحة جلية في كتاب الله و سنّة رسوله صلى الله عليه و سلم، تؤكد على رفعة مكانة الصلاة و أهمّيتها في الإسلام.[/font]
[font="]و للصلاة مقام رفيع في كتاب الله تعالى، فقد ذكرت في موضع على أنّها المعلّم المؤدب الذي يغرس في النفس الأخلاق الحميدة و العادات المتميّزة و يبعدها عن الرذائل و الدنايا، فهي ترشد المؤمن إلى فعل الخير و ترك الشرّ و هجرة الفحشاء و المنكر و مقاومة الجزع عند المصيبة، فهي تغرس في القلب مراقبة الله تعالى و رعاية حدوده، و تدعو المسلم إلى الدقة في المواعيد و التغلّب على نوازع الكسل و الهوى.[/font]
[font="]و في المعنى يقول القرآن الكريم عن ربّ العزّة: " إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر ". [/font][font="]( سورة العنكبوت الآية: 45 )[/font][font="].[/font]
[font="]و جاءت الصلاة في موضع آخر مقترنة بذكر الله تعالى : " و ذكر اسم ربّه فصلّى ". [/font][font="]( سورة الأعلى الآية: 15 )[/font][font="].[/font]
[font="]و قال تبارك و تعالى : " و أقم الصلاة لذكري ". [/font][font="]( سورة طه الآية: 13 )[/font][font="].[/font]
[font="]و جاءت في موضع آخر مقترنة بالتمسك بالكتاب الكريم فقال تعالى : " و الذين يمسّكون بالكتاب و أقاموا الصلاة إنّا لا نضيع أجر المصلحين ". [/font][font="]( سورة الأعراف الآية: 170 )[/font][font="].[/font]
[font="]و جاءت مقترنة بالصبر، و ما أجمل الصبر، و ما أعظم شأنه و ما أرفع درجة المنصفين به، فالصلاة تمدّ المؤمن بقوّة روحية نفسية تعينه على مواجهة متاعب الحياة و مصائب الدنيا.[/font]
[font="]قال سبحانه و تعالى: " واستعينوا بالصبر و الصلاة و إنّها لكبيرة إلاّ على الخاشعين ". [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 44 )[/font][font="].[/font][font="] [/font]
[font="]و قال تبارك و تعالى: " يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر و الصلاة إنّ الله مع الصابرين " [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 152 [/font][font="]). [/font]
[font="]و جاءت الصلاة مقترنة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :[/font]
[font="]" يا بنيّ أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر و اصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور " [/font][font="]( سورة لقمان الآية: 16 )[/font][font="].[/font]
[font="]و جاءت مقترنة بالزكاة كما في قوله عزّ و جلّ : [/font]
[font="]" إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و ءاتى الزكاة و لم يخشى إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ". [/font][font="]( سورة التوبة الآية: 18 )[/font][font="] [/font]
[font="]و قال تعالى: " و أقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة و اركعوا مع الراكعين ". [/font][font="]( سورة البقرة الآية: 42 ) [/font][font="].[/font]
[font="]و قد عهد الحق تبارك و تعالى إلى من مكّن لهم السلطة و الرزق و الأمن في الأرض أن يلتزموا بالواجبات الدينية، فقال تعالى:[/font]
[font="]" الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة و ءاتوا الزكاة و أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و لله عاقبة الأمور ". [/font][font="]( سورةالحج الآية: 39 )[/font][font="].[/font]
[font="]و مجتمعاتنا العربية الإسلامية التي تواجه اليوم تحديا سافرا من جهات متعدّدة.. مدعوّة إلى أن تعود إلى تمكين أركانها في أرض الله بوحي من مبادئ الله تعالى، إنّها دعوة لتحقيق الشرط الأول من شروط النصر و الإستقرار و القوّة و التمكين.[/font]
[font="]ثم إنّ للصلاة أسرارها و فوائدها على المستوى الفردي، ففي أدائها على وجهها الصحيح تكمن سعادة الإنسان و قوته و أمنه و أمانه و هدوء نفسه و راحة ضميره، يقول الحق تبارك و تعالى: [/font]
[font="]" إنّ الإنسان خلق هلوعا * إذا مسّه الشرّ جزوعا * و إذا مسّه الخير منوعا * إلاّ المصلّين الذين هم على صلاتهم دائمون " [/font][font="]( سورة المعارج الآيات: 19/23 )[/font][font="].[/font]
[font="]أسأل الله تعالى لي و لكم منازل السّعداء، و معايشة المتّقين الأولياء، و مرافقة الأنبياء.. آمين و صلى الله على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه أجمعين..[/font]
[font="] [/font]
[font="] لم يعد لنا مزيد و غدا إن شاء الله هناك جديد[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي[/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 2250 | التعليقات 1

[align=justify]
جزاك الله خيرا أيها الشيخ الجليل
وأمر الصلاة عظيم جدا والتهاون بها في هذا الزمان منتشر .. ولا بد للخطباء أن يولوا موضوع الصلاة اهتمامهم وعنايتهم ولا يملوا من طرقها حينا بعد حين حتى ينشأ عليها النشء ،، فهي الصلة بين العباد وربهم وبغيرها تنقطع صلتهم ويضعف شأنهم وتقل أرزاقهم وتتعسر معايشهم ..
والله قد أمر بها نبيه مع الاصطبار ووعده بالرزق مما يدل على أنها ليست يسيرة إذا لم ييسرها الله ، وأنه مع الاصطبار عليها يكون الرزق وحسن العاقبة.. قال سبحانه : (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ))
والمشاهد من أحوال بعض أولياء الأمور تركهم لأبنائهم وعدم اهتمامهم بمتابعتهم في هذه الشعيرة العظيمة بل وبعضهم لا يهتم هو نفسه بها ولا يحافظ عليها فكيف يريد من أولاده وأهله أن يهتموا ويحافظوا عليها ؟؟!!
فيا معشر الخطباء الصلاة الصلاة .. ذكروا بها دائما .. وكونوا عليها أحرص منكم على غيرها .. فإنها إن صلحت صلحت أمور الناس واستقاموا .. وإن ضيعوها فلن يجدي فيهم وعظ ولن ينفعهم تذكير .. (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) وقد صح في الحديث أن من حفظها حفظ غيرها ... ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ...
[/align]