جوائز ورحمات.. بين يدي يوم عرفة ويوم النحر
محضي عبد المالك
1444/12/04 - 2023/06/22 18:59PM
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله خصّنا بأشرفِ كُتُبِهِ وأجلِّهَا، وتمّم بسيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- الرّسالات وبَعَثَهُ بأعظمِها وأكملِها، والحمد لله الذي أحيانا لمواسم الخيرات، فَلَهُ الحمدُ وحدهُ على نِعَـمِهِ كلّها، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة حقّ نستظلُّ يوم النّشور بظلّها، ونلقاهُ -سبحانه- بها، وأشهدُ أنّ سيّدنا محمدًا عبده ورسوله، حاز المكارم والكمالات كلّها.
والله ما ذرأ الإلهُ وما برى ** خَلقا ولا خُلُقًا كأحمد في الورى
فعليه صلّى الله ما قلمٌ جرى ** أو لاح بَرقٌ في الأباطح أو سرى
أمّا بعد: فاتّقوا الله -عباد الله- حقّ التّقوى، وراقبوه في السّر والنّجوى؛ فإن تقواه سبحانه خَيْرُ الزَّادِ لِيَوْمِ المَعَادِ؛ ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)).
معاشر المسلمين: لا زلنا نعيش أيّاما فاضلة عظيمة: "ما من أيّام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيّام" [رواه الترمذي]، وما هي إلّا يومان ونستقبل درّة هذه الأيّام وأفضلها، يومٌ عظَّم الله أمره، ورفع على الأيّام قدره، إنّه: يوم عرفة، وما أدراك ما يوم عرفة!، ذلك اليوم الذي يتجلّى فيه العظيم -جلّ جلاله- على عباده فيباهي بهم ملائكته.
فيأيّها المباركون: من منّا لا يريد تنزّل الرّحمات، وإجابة الدّعوات، وإقالة العثرات، ومغفرة الذّنوب والزّلات، والبعد من النّيران والفوز بالجنّات؟!. لا شكّ أن كلّ واحد منّا يتمنّى ذلك.
فيا عبد الله: إن كنت ترجو عتقاً من النّار.. فعليك أن تجتهد يوم عرفة، أخبرَ بذلك من لا ينطق عن الهوى -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله -تعالى- فيه عبداً من النّار من يوم عرفة.." [مسلم]، ومن كرم الله -سبحانه-.. أنّ هذا العتق ليس خاصّا بأهل الموقف فقط، بل يتعدّاهم إلى غيرهم.
إن كنت تريد أن تهزم عدوّك إبليس.. فعليك بيوم عرفة، فعن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما رُئيَ الشّيطانُ أصغرَ ولا أحقرَ ولا أدحرَ ولا أغيظَ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلّا أنّ الرّحمة تتنزّل فيه فيتجاوز عن الذّنوب العظام" [رواه مالك في الموطأ].
يوم عرفة، يوم تتنزّل فيه الرّحمات، فتغمرُ أهل الموقف بعرفات، وتغمرُ كلّ متّجه بقلبه لربّ الأرض والسّماوات، فما أعظمه من يوم، وما أبركها من ساعات تتّصل فيها الأرضُ بالسّماء، فينبغي للعبد ألّا يتوجّه فيه إلّا إلى الله، ولا ينشغل فيه بغير الله وعبادته ونجواه.
فيا عبد الله: إن كنت تريد إجابة الدّعاء.. فعليك بيوم عرفة، فإنّه يرجى إجابة الدّعاء فيه، يقول نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم-: "خيرُ الدّعاء دعاءُ يوم عرفة.." [رواه التّرمذي].
رأى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سائلاً يسألُ النّاس يوم عرفة.. فقال له: "يا عاجزاً في هذا اليوم، تسألُ غير الله –تعالى!".
إن كنت تريد مغفرة الذّنوب.. فعليك بصوم يوم عرفة، فصيامه يكفّر سنتين كما أخبر بذلك الصّادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-، حين سُئِلَ عن صوم يوم عرفة، فقال: "يُكفّرُ السّنة الماضية والسّنة القابلة" [رواه مسلم].
عباد الله: يوم عرفة.. هو يوم تحسدنا عليه اليهود -عليهم لعائن ربي المتتابعة إلى يوم القيامة-، أخرج البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا"، قَالَ: "أَيُّ آيَةٍ"، قَالَ: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا))، قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ".
عباد الله: والله إن الانشغال بالمُباحَاتِ في مثل هكذا يوم ليُعَدُّ في حقّ الواحد منّا خسارة، فما بالك بمن ينشغل فيه بالمحرّمات والمنكرات، من غيبة ونميمة وكذب ومجالس قيل وقال، ومن سماع للأغاني، ومتابعة ما تبثّه القنوات من سوء وفحش، فمن كان ذاك حاله، فإنّه -والله- محروم محروم محروم. وإنّ الفائز في هذه الأيام من انشغل بكثرة تلاوة القرآن والصّيام، وبكثرة الذّكر والدّعاء والتّضرع إلى الله الملك العلّام. جعلنا الله فيه جميعا من الفائزين.
أقول ما سمعتم..
والله ما ذرأ الإلهُ وما برى ** خَلقا ولا خُلُقًا كأحمد في الورى
فعليه صلّى الله ما قلمٌ جرى ** أو لاح بَرقٌ في الأباطح أو سرى
أمّا بعد: فاتّقوا الله -عباد الله- حقّ التّقوى، وراقبوه في السّر والنّجوى؛ فإن تقواه سبحانه خَيْرُ الزَّادِ لِيَوْمِ المَعَادِ؛ ((وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)).
معاشر المسلمين: لا زلنا نعيش أيّاما فاضلة عظيمة: "ما من أيّام العمل الصّالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيّام" [رواه الترمذي]، وما هي إلّا يومان ونستقبل درّة هذه الأيّام وأفضلها، يومٌ عظَّم الله أمره، ورفع على الأيّام قدره، إنّه: يوم عرفة، وما أدراك ما يوم عرفة!، ذلك اليوم الذي يتجلّى فيه العظيم -جلّ جلاله- على عباده فيباهي بهم ملائكته.
فيأيّها المباركون: من منّا لا يريد تنزّل الرّحمات، وإجابة الدّعوات، وإقالة العثرات، ومغفرة الذّنوب والزّلات، والبعد من النّيران والفوز بالجنّات؟!. لا شكّ أن كلّ واحد منّا يتمنّى ذلك.
فيا عبد الله: إن كنت ترجو عتقاً من النّار.. فعليك أن تجتهد يوم عرفة، أخبرَ بذلك من لا ينطق عن الهوى -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله -تعالى- فيه عبداً من النّار من يوم عرفة.." [مسلم]، ومن كرم الله -سبحانه-.. أنّ هذا العتق ليس خاصّا بأهل الموقف فقط، بل يتعدّاهم إلى غيرهم.
إن كنت تريد أن تهزم عدوّك إبليس.. فعليك بيوم عرفة، فعن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما رُئيَ الشّيطانُ أصغرَ ولا أحقرَ ولا أدحرَ ولا أغيظَ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلّا أنّ الرّحمة تتنزّل فيه فيتجاوز عن الذّنوب العظام" [رواه مالك في الموطأ].
يوم عرفة، يوم تتنزّل فيه الرّحمات، فتغمرُ أهل الموقف بعرفات، وتغمرُ كلّ متّجه بقلبه لربّ الأرض والسّماوات، فما أعظمه من يوم، وما أبركها من ساعات تتّصل فيها الأرضُ بالسّماء، فينبغي للعبد ألّا يتوجّه فيه إلّا إلى الله، ولا ينشغل فيه بغير الله وعبادته ونجواه.
فيا عبد الله: إن كنت تريد إجابة الدّعاء.. فعليك بيوم عرفة، فإنّه يرجى إجابة الدّعاء فيه، يقول نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم-: "خيرُ الدّعاء دعاءُ يوم عرفة.." [رواه التّرمذي].
رأى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سائلاً يسألُ النّاس يوم عرفة.. فقال له: "يا عاجزاً في هذا اليوم، تسألُ غير الله –تعالى!".
إن كنت تريد مغفرة الذّنوب.. فعليك بصوم يوم عرفة، فصيامه يكفّر سنتين كما أخبر بذلك الصّادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-، حين سُئِلَ عن صوم يوم عرفة، فقال: "يُكفّرُ السّنة الماضية والسّنة القابلة" [رواه مسلم].
عباد الله: يوم عرفة.. هو يوم تحسدنا عليه اليهود -عليهم لعائن ربي المتتابعة إلى يوم القيامة-، أخرج البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا"، قَالَ: "أَيُّ آيَةٍ"، قَالَ: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا))، قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ".
عباد الله: والله إن الانشغال بالمُباحَاتِ في مثل هكذا يوم ليُعَدُّ في حقّ الواحد منّا خسارة، فما بالك بمن ينشغل فيه بالمحرّمات والمنكرات، من غيبة ونميمة وكذب ومجالس قيل وقال، ومن سماع للأغاني، ومتابعة ما تبثّه القنوات من سوء وفحش، فمن كان ذاك حاله، فإنّه -والله- محروم محروم محروم. وإنّ الفائز في هذه الأيام من انشغل بكثرة تلاوة القرآن والصّيام، وبكثرة الذّكر والدّعاء والتّضرع إلى الله الملك العلّام. جعلنا الله فيه جميعا من الفائزين.
أقول ما سمعتم..
الخطبة الثانية:
الحمد لله..
عباد الله: وبعد يوم عرفة، نقبل على أعظم الأيّام عند الله، ألا وهو: يوم النحر، يقول نبيّنا -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ أعظم الأيام عند الله يوم النحر" [أبو داود].
يوم يتقرّب فيه المسلمون إلى الله بأضحيّاتهم، يرجون بذلك وجه ربّهم ومرضاة خالقهم، ألا فليحرص القادر على الأضحية على أكمل الأضاحي في جميع الصّفات، فإنّه كلّما كانت الأضحية أغلى وأكمل كانت أحبّ إلى الله وأعظم لأجر صاحبها.
أمّا غير القادر على ذلك، فلا يكلّف الله نفسا إلا ما آتاها، فليس شرطا أن يرهق نفسه ويكلّفها مالا طاقة لها به، وليعلم أنّ بإمكانه أن يضحي بالمعز، أو بأنثى الظأن (النعجة)، بل وحتى إن عجز فأجره ثابت بإذن الله تعالى.
عباد الله: الأضحية قربةٌ عظيمةٌ، وإنّ الله لا يتقرّب إليه بمعصيته، وإنّ من المعاصي أن نجعل من الأضحية مصدر أذى لعباد الله، فكم من مضحّي اشترى أضحيته بالدّين ثمّ عجز عن سداد دينه، فأكل بذلك مال غيره؟!.
وإنّ من المعاصي أن نشترى الأضحية من كسب غير طيّب، و"إنّ الله طيّب لا يقبل إلا طيّبا" [مسلمُ]، فَهِمَ هذا العربيّ حتّى قبل مجيء الإسلام، فكان إذا تعلّق الأمر ببناء الكعبة أو بشراء القرابين تحرّى ماله الطّيّب وكسبه الحلال، فكيف يتغافل عن ذلك كثيرٌ من أبناء الإسلام؟!.
وإنّ من المعاصي أن نؤذي عباد الله أيّام النّحر برمي فضلات الأضاحي في الشّوارع وفي الطّرق العامّة، يقول سبحانه: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا))، وجاء في الحديث: "من آذى المسلمين في طرقاتهم وجبت عليه لعنتهم" [الطبراني].
عباد الله: إذا استحضر المضحي أنّ أضحيته هي قربة وعبادة لله تعالى، أدّاها على وجهها الذي أمر به الشّرع الحكيم، واتقى الوقوع في أيّ محظور مرضاةً لوجه ربّه الكريم، وعظّم شعائر الله في نفسه حقّ التعّظيم، ((ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ))..
اللهم اجعلنا دوما لك ذاكرين، لك شاكرين، لك حامدين، اللهم ارزقنا الرّضا وحُـسنَ الخُلُقِ واجعلنا مِن عِبَادِكَ المُخلَصِين، اللّهُمَّ إنا نعوذُ بِكَ مِن أن نكُونَ في هذه الأيام الفاضلة مِن المَحرُومِينَ بسبب ما كسبت أيدينا، اللهم آت كلّ واحد منا سُؤلَهُ ولا ترُدّنا خائبين.، .