جنوب السودان.. الوجه الآخر للحرب على مصر! / شعبان عبد الرحمن

احمد ابوبكر
1434/08/07 - 2013/06/16 01:57AM
دقت طبول الحرب من جديد بين السودان وجنوبه، بعد اكتشاف السودان تورط «دولة الجنوب» في عمليات ممنهجة لإثارة القلاقل وتسخين ملف تفتيت البلاد عبر حركات متمردة.. وقد تم الكشف مؤخراً عن تورط صهيو / أمريكي، لضرب استقرار السودان، وإفشال أي تقارب بين شماله وجنوبه، وقال وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان: «إن ما يتعرض له السودان ليس استهدافاً، وإنما هو مخطط متكامل بدأت فصوله بعد فصل جنوب السودان، مؤكداً أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ودولاً أخرى تقف وراء هذا المخطط الرامي لتفتيته، مشيراً إلى أن هذه الدول فشلت في المخطط الأول؛ وهو إثارة العنصرية في جبال النوبة، وأن المخطط الثاني محاولة فرض العلمانية في البلاد، من خلال إثارة أن الحرب التي تجري جنوب كردفان تجري بسبب الإجراءات التي تقوم الحكومة بتنفيذها؛ وهي فرض الإسلام على جماعة لا تريده». وهكذا.. بينما تشتعل حرب المياه ضد مصر والسودان عند «سد النهضة» بإثيوبيا، تشتعل مخططات إكمال تفتيت دولة السودان.. وكما أن «سد النهضة» هو باكورة السدود في إطار حرب المياه ضد مصر لتعطيشها؛ فإن فصل جنوب السودان لم يكن إلا نقطة انطلاق حرب ضروس نحو تفتيت السودان. إنها منظومة استعمارية متكاملة تستهدف إضعاف مصر والسودان معاً، وقد علّمنا درس التاريخ أن الاستعمار يجدِّد أدواته دون كلل نحو تحقيق مخططاته، فقد كانت مصر والسودان دولة واحدة، وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952م في مصر انفصل السودان، ثم انفصل الجنوب عن الشمال، وما زال المسلسل دائراً وسيدور على معظم البلاد العربية تقريباً طالما ظلت لا تنظر إلا تحت قدميها، وتعتقد أن أمنها ومستقبلها يتوقفان عند حدودها الجغرافية. أعود لدق طبول الحرب بين السودان وجنوبه، وألفت الانتباه إلى أن المراقب للشأن السوداني يدرك أن السياسة الأمريكية تمكنت من إعمال مخالبها في قضية الجنوب؛ حتى أصبحت طرفاً رئيساً ومؤثراً في المفاوضات التي دارت بين الطرف الحكومي والمتمردين ومهدت لانفصال الجنوب. ولم تحقق الإدارة الأمريكية هذه الخطوة بسهولة، فقد سبقتها حرب مريرة ومتعددة الميادين والأطوار منذ مجيء حكم «الإنقاذ» للسودان (يوليو 1989م)، ومن يراجع وقائع تلك الحرب يتذكر على الفور أنها حافلة بالمآسي على الشعب السوداني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: - تلك الحملة الدعائية الواسعة التي اتهمت نظام «الإنقاذ» في سنواته الأولى بإيواء «الإرهابيين» وتدريبهم، وهي الحملة التي أفضت إلى وضع السودان على قائمة ما يسمى بـ«الإرهاب»، وفرض حصار اقتصادي أمريكي موجع على الشعب السوداني. - ذلك الحلف العسكري الذي قادته الولايات المتحدة علناً لإسقاط نظام الحكم في السودان، وضم دول الجوار السوداني في الشرق والجنوب (إثيوبيا - إريتريا - كينيا - أوغندا)، وكان رأس الرمح فيه قوات المتمرد «جارانج» الذي تحالف يومها مع المعارضة السودانية الشمالية (حزب الأمة - الحزب الاتحادي)، وهو التحالف الذي تم عقب فرار الصادق المهدي من السودان عام 1997م، وقد شن هذا التحالف حرباً طويلة ضد الوطن السوداني رافعاً شعار «إنقاذ الوطن»! ولا ندري في أي خانة من تاريخ المعارضة السودانية يضع السيد الصادق المهدي وزعماء «الحزب الاتحادي الديمقراطي» هذه الفترة؟! - الحملة الدعائية الغربية بقيادة منظمات إغاثية مشبوهة، وعلى رأسها «البارونة كوكس»، والتي روَّجت على نطاق واسع اتهام السلطات السودانية بممارسة تجارة الرق في جبال النوبة والجنوب، مطالبة بتحرك يمنع تلك المأساة الإنسانية (المزعومة) بالقوة، وهو ما مثَّل شماعة لمحاولات تدخل أجنبي في السودان من الداخل. وهكذا وقع السودان يوماً بين شقي رحى حرب شريرة وعنيفة على حدوده الشرقية والجنوبية، ومحاولات للتدخل العسكري في أراضيه من الداخل، وسط حصار اقتصادي وحرب دعائية تشوّه مواقفه ومسالكه في المجتمع الدولي. وظل السودان يومها يواجه كل ذلك وحيداً.. فوسط تلك «المعمعة» كانت دول الجوار العربية للسودان، إما على خلاف معه، متسقة في مواقفها مع الموقف الأمريكي، أو تتعامل معه بفتور على أحسن الأحوال، وفي مقدمتها نظام «مبارك». لقد أدار الجميع يومها ظهره للسودان، منتظرين سقوط نظامه - بأي أيدٍ وبأي طريقة - غير أن النظام لم يسقط، ولكن الدولة السودانية أُنهكت من الضربات المتواصلة «النازلة» فوقها من كل الاتجاهات، ووسط حالات الإنهاك «تتفتق» الثغرات وينفذ منها العدو المتربص.. وحدث ما تابعه العالم في تلك الآونة، وهو الانفراد الأمريكي بالحل في قضية الجنوب، فقد أصبح الجالس الرئيس على المائدة للتوفيق بين المتصارعين هو الطرف الأمريكي، منحياً تماماً الدور المصري (في عهد «مبارك»). وأصبح المشهد الماثل أمامنا - يومها - هو تمكن المخالب الأمريكية من السودان في قضية الجنوب، وهو نفس الأمر الحادث مع مصر (مبارك) في قضايا عديدة. والسؤال اليوم: ألا يستدعي ذلك المخطط المتشعب لضرب مصر والسودان عبر المياه والفتن الداخلية أن يتحرك البلدان بوتيرة أكثر سرعة وجسارة نحو تشكيل تحالف إستراتيجي ضد هذه الحرب الصامتة التي تهدد وجودهما؟.. فحركة العدو تزداد وتيرتها سرعة وعدواناً والقضية أصبحت قضية حياة أو موت؟!.. إن السودان مهدَّد في المستقبل القريب بإمكانية تمزيق أراضيه، وهو ما يعرض مصر لمزيد من الاختناق عطشاً، أما في المستقبل البعيد، فإن ما يجري على مسرح الأحداث ينذر بزلزال - لا قدر الله - سيفضي حتماً إلى إعادة تشكيل خريطة المنطقة جغرافياً وسياسياً.. ولن يكون ذلك بعيداً عن مصالح المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة


المصدر: المختصر
المشاهدات 1398 | التعليقات 0