جرح فلسطين ..

عبدالله محمد الطوالة
1435/10/04 - 2014/07/31 11:58AM

أيها المسلمون، جُرح فلسطين أعظم جراح الأمة ، وكارثتها أعظم الكوارث، وقضيتها أم القضايا ، رأينا فيها دماءنا التي أهدرت .. رأينا فيها كرمتنا التي مرغت .. رأينا بيوتنا تحرق وتهدم .. وأشجارنا تجرف وتجتث .. رأينا نساءنا تهان كرامتهن .. وشيوخنا وأطفالنا يئنون ويبكون .. ولا من مجيب ..

وإذا كانت أرض فلسطين ملكاٌ للمسلمين جميعاً، فهي أمانة في أعناقهم، يسألون عنها جميعاً ..

صرخ صارخ من فلسطين يقول : ماذا بقي علينا أن نبذل لكي تتحركوا ، ها نحن ومنذ اشهر عدة نعيش بلا كهرباء ولا وقود ولا خبز ولا دواء فإلى متى  يجب أن نبقى في البرد والجوع والمرض والظلام حتى تساهموا في تفريج كربتنا .. ما هو حجم الدماء التي يجب أن تسيل منا حتى تتحرك دماءكم في عروقكم ، ما هو عدد الأطفال الذين يجب أن يمزقوا أشلاءً حتى تتفاعلوا مع قضيتنا ، كم منزلاً يجب أن يسوى بالأرض ويدفن أهلة تحت أنقاضه قبل أن تهبوا لنجدتنا ، كم صرخة وكم أنة وكم دمعة يجب نسكبها حرى لكي تتجاوبوا معنا ..

متى سمعتم أن ثمانين طائرة حربية تقصف خمسة وأربعين موقعاً مدنياً في وقت واحد ليس لها من الأهداف إلا الأبرياء العزل .. أنهت مهمتها في ثلاث دقائق ولم يرد عليها بطلقة واحدة ، عشرة مساجد أمست أثراً بعد عين ، مئات القتلى تحت أنقاض بيوتهم ، ألوف الجرحى عجزت المستشفيات عن احتوائهم ، مئات الألوف يئنون جوعاً وبرداً وألما  ، أوضاع مأسوية يندى لها جبين البشرية ، وكل يوم أسوء من الذي قبله .. ثم تجتمعون وتتكلمون .. تشجبون وتستنكرون .. تنددون وتناشدون .. ثم تعودون إلى بيوتكم سالمين .. لقد أتعبتم من بعدكم ..

بني الإسلام! ما زالت مواجعَنا مواجعُكُمْ .. مصارعَنا مصارعُكُمْ
إذا ما أغرق الطوفان شارعنا .. سيغرق منه شارعُكُمْ ..
يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ .. فأين تُرى مسامعُكُمْ؟!
ألسنا إخوةً في الدين قد كنا .. وما زلنا .. فهل هُنتم ، وهل هُنّا
أنصرخ نحن من ألمٍ ويصرخ بعضكم: دعنا؟
أيُعجبكم إذا ضعنا؟  أيُسعدكم إذا جُعنا؟
وما معنى بأن «قلوبكم معنا»؟
لنا نسبٌ بكم ـ والله ـ فوق حدودِ هذي الأرض يرفعنا
وإنّ لنا بكم رحماً  أنقطعها وتقطعنا؟!
معاذ الله! إن خلائق الإسلام  تمنعكم وتمنعنا
ألسنا يا بني الإسلام إخوتكم؟!
أليس مظلة التوحيد تجمعنا؟!
أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟
إذا انتهكت محارمنا .. إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ
إذا قُتلت شهامتنا .. إذا ديست كرامتنا ..
إذا قامت قيامتنا ولم تغضبْ .. فأخبرني متى تغضبْ؟
إذا نُهبت مواردنا .. إذا نكبت معاهدنا ..
إذا هُدمت مساجدنا .. وظل المسجد الأقصى وظلت قدسنا تُغصبْ  .. ولم تغضبْ .. فأخبرني متى تغضبْ؟
عدوي أو عدوك يهتك الأعراض
يعبث في دمي لعباً .. وأنت تراقب الملعبْ
إذا لله، للحرمات، للإسلام لم تغضبْ .. فأخبرني متى تغضبْ؟!

رأيت هناك أهوالاً .. رأيت الدم شلالاً ..
عجائز شيَّعت للموت أطفالاً ..
رأيت القهر ألواناً وأشكالاً ..
ولم تغضبْ .. فأخبرني متى تغضبْ؟
يجب أن يعي المسلمون جميعاً ويعلموا أنه لا سبيل لاستخلاص الحقوق واستنقاذ المغتصبات إلا حين يعتصمون بحبل الله, ويكونون جميعًا ولا يتفرقون, يصطفّون عبادًا لله إخوانًا يجمعهم نداء واحد, لا نداء غيره: يا مسلم يا عبد الله, والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 ((هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين *ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين *إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين)).   

 بارك .....

الحمد لله وكفى ..

أما بعد: أيها المسلمون اتقوا الله رحمكم الله, واعلموا أن بيت المقدس والأرض المباركة في خطر عظيم, والعمل من أجل إنقاذها وتطهيرها فريضة شرعية/ وواجب ديني /يستنهض عزم أبناء الأمة /وبذل كل الجهود والوسائل /لإحقاق الحق, ونصرة القضية.

يا أمة الإسلام / لا عودة للحق قبل العودة الصحيحة للإسلام, إن من سنن الله أن العاقبة للمتقين, وأن الأرض يرثها عباد الله الصالحون, ولكن من سننه أيضًا إذا تخلى أهل الإيمان عن إيمانهم فإنه يستبدل قومًا غيرهم ((ويأتي بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )).

أيها المسلمون: النصر قادم لا محالة, بكم أو بغيركم, ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )), ودين الله منصور بكم أو بغيركم ((إن لا تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا ويستبدل قومًا غيركم ولا تضروه شيئًا والله على كل شيء قدير ))  , والحق سيعلو على أيديكم أو أيدي غيركم ((يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم )).

والباطل سيزهق بجهودكم أو بجهود غيركم ((هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )) , ولكن لماذا لا يطلب المسلم الخير لنفسه؟ لماذا لا يكون لبنة في طريق النصر/ وسهمًا من سهام الحق /وأداة لإزهاق الباطل.

هذا طريق المخلصين وسبيل المؤمنين ،  فإن أردت أن تكون منهم فعليك بسلوكه, انصر الله عز وجل, احفظ الله عز وجل ينصرك الله ويحفظك, طبق شرعه, امتثل أمره, اجتنب نهيه ، بذلك  تكون قد أسهمت في نصرة أمتك, ((مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَـٰهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى ٱلإنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَازَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً))

فعلى المسلمين أن يصحوا من سكرتهم، ويستيقظوا من غفلتهم وأن يخرجوا من كهفهم الذي ناموا فيه طويلا، ليؤدوا ما عليهم نحو إخوانهم، بل نحو أنفسهم، فقضية فلسطين قضية الأمة كلها، والجميع مسئولون عن كل ما يحدث .. إخوانكم في غزة العزة ينتظرون منكم الدعم والدعاء والمساندة .. فهبوا لنجدتهم .. أما وقد ندبكم ولي الأمر وفقه الله فما لكم بعد ذلك من عذر .. فساهموا وابذلوا .. وجدوا واجتهدوا .. واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .. وصلوا عباد الله ......

 

 وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ.

المشاهدات 1909 | التعليقات 0