جرأة مارق [خطبة عن حرمة دماء وأعراض المسلمين ]  15 شعبان 1443هـ

mhtsb-alajr
1443/08/13 - 2022/03/16 11:07AM

جرأة مارق [خطبة عن حرمة دماء وأعراض المسلمين ]  15 شعبان 1443هـ

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد :

روى الإمام البخاري في  صحيحه  عَنْ  أَبِي سَعِيدٍ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: أَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ،  مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، نَاتِئُ الْجَبِينِ،  كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقٌ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ : " مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي ؟  " إِنَّ مِنْ  ضِئْضِئِ  هَذَا - أَوْ فِي  عَقِبِ  هَذَا - قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ،  يَمْرُقُونَ  مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ ".3344البخاري

أخذنا من الحديث أن مدار الخبث في هذا الرجل ومن تبعه الجرأة على أهل الإسلام وسادة المسلمين وعلى رأسهم رسول الله  ﷺ  .

وقد صدق خبر رسول الله  ﷺ  فلا يزال المسلمون يبتلون على مر التاريخ من يتجرأ على أعلامهم وعلمائهم وقادتهم وعموم المسلمين يتلبسون بالدين تشددا وتنطعا في تلاوة وقيام وصيام قلوبهم مدارها على الدنيا ﴿  فَإِنۡ أُعۡطُوا۟ مِنۡهَا رَضُوا۟ وَإِن لَّمۡ یُعۡطَوۡا۟ مِنۡهَاۤ إِذَا هُمۡ یَسۡخَطُونَ ﴾ [التوبة ٥٨]

إن من خلال مظهر الرجل في حال قدومه وتكليمه لرسول الله  ﷺ  تتذكر تلك الوجوه التي تتبع أخطاء العلماء والدعاة و الولاة وتجرم عوام المسلمين لأخذهم عن العلماء وطاعتهم لولاة أمرهم .

فلا يسلم منهم مسلم ما بين من يتناولونه بأيديهم أو ألسنتهم .

 

فاستباحوا دماء الأبرياء من رجال الأمن والحسبة وتناولوا من لم تصله أيديهم من الولاة والعلماء والدعاة بألسنتهم ثلباً وتنقصاً .

 

وكل ذلك يبنونه على ظنون يحسبون فيها أنهم على الحق فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا. "البُخاري" 6064

إن سمات منهج الإسلام الذي التزمه الصحابة ومن تبعهم واضح المعالم من حيث الدعوة بالقول اللين والجدال بالتي هي أحسن خاصة مع من كان مقدماً في قومه فقال تعالى ﴿اذهَب أَنتَ وَأَخوكَ بِآياتي وَلا تَنِيا في ذِكرِي۝اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى۝فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى﴾ [طه: ٤٢-٤٤]

وقال تعالى ﴿ ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ ﴾ [النحل ١٢٥]

فكيف بمن تجده كما وصف الله تعالى ﴿ ... فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَیۡرِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یُؤۡمِنُوا۟ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَـٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیرا﴾ [الأحزاب ١٩]

ألسنتهم في المسلمين متسلطة ما بين تتبع لعثرات ولاة أمر المسلمين  وتنقص للمحسنين والعلماء والدعاة وعوام المسلمين ﴿لَا یَرۡقُبُونَ فِی مُؤۡمِنٍ إِلّا وَلَا ذِمَّةۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ﴾ [التوبة ١٠]

فأولئك الضلال ممن يدعي التدين و العلم  فارقوا سنة سيد المرسلين ومن تبعه بإحسان فلم يعد لهم هم إلا ولاة المسلمين وعلماءهم ودعاتهم ورجال أمنهم .

فصار مدار منهجهم هو الجرأة على المسلمين والاشتغال بهم عن العمل الصالح والدعوة للإسلام ومجادلة المخالفين ومواجهتهم ، فشغلهم تكفير وتبديع وتضليل لكل من خالفهم وخالف رموزهم .

 

بل استطار شر شراذم منهم لحمل السلاح على المسلمين ومنهم الأقربين فلم يسلم منهم حتى الوالدين وقاموا بحمل السلاح على رجال الأمن وسعوا في الأرض فساداً متناسين حرمة الدماء فكان من الحق والعدل إقامة حكم الله فيهم  قال تعالى ﴿إِنَّمَا جَزَٰۤؤُا۟ ٱلَّذِینَ یُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن یُقَتَّلُوۤا۟ أَوۡ یُصَلَّبُوۤا۟ أَوۡ تُقَطَّعَ أَیۡدِیهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَـٰفٍ أَوۡ یُنفَوۡا۟ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡی فِی ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمٌ﴾ [المائدة ٣٣]

 

وقد بين الله حرمة الدماء المعصومة فقال ﴿وَلَا تَقۡتُلُوا۟ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُوما فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِیِّهِۦ سُلۡطَـٰنا فَلَا یُسۡرِف فِّی ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورا﴾ [الإسراء ٣٣]

 

وفي صحيح الإمام البخاري  عن  عَبْدُ اللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما  :  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ :" فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ حَرَّمَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ". ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُجِيبُونَهُ : أَلَا نَعَمْ. قَالَ : " وَيْحَكُمْ - أَوْ وَيْلَكُمْ - لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ". صحيح البخاري 6785

و عن  عَلِيٌّ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ  الْأَحْلَامِ ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ،  يَمْرُقُونَ  مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؛ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". صحيح البخاري 3611

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفر والرحيم .

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ومن تبع هداه إلى يوم الدين وبعد :

فإن مما وفق الله بلاد الحرمين الشرفين المملكة العربية السعودية رعاية الأمن والردع لكل متطاول على هذه البلاد ممن لهم ولاءات خارجية يديرها أعداء الإسلام من دول وجماعات فكانت لهم يدل العدل بالمرصاد فنفذ في جمع ممن ثبت تورطهم في التعدي على رجال الأمن والمواطنين والمقيمين والمستأمنين فنسأل الله أن يدفع عن المسلمين صائل المعتدين وأن يكون فيما نفذ ردع للمعتدين وحياة للآمنين وموعظة وتذكير للغافلين.

 

ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- واعتصموا بحبل الله، واستمسكوا بشرع الله، وأطيعوا الله ورسوله؛ والله ولي المتقين.

هذا.. وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربكم، فقال -عز قائلًا عليمًا-في محكم تنزيله قولًا كريمًا-: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [56 سورة الأحزاب]..

 

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على عبدك ورسولك نبينا محمدٍ صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين والأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك، وأعزه بطاعتك، وأعلِ به كلمتك، وانصر به دينك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين ..

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم يا رب العالمين.

اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يُعزُّ فيه أهل الطاعة ويُهدى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر إنك على كل شيء قدير.

اللهم ارفع عن الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يارب العالمين..

عباد الله.. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

1647428865_جرأة مارق خطبة حرمة دماء المسلمين.docx

1647428867_جرأة مارق .حرمة دماء المسلمين للجوال.pdf

المشاهدات 1213 | التعليقات 0