«جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ أَوِ الْأَرْضِ»

محمد البدر
1439/04/18 - 2018/01/05 04:24AM
الخطبة الأولى:
عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾[ النساء : 36 ] .
قرن الله حق الجار بعبادته -عز وجل- وبالإحسان إلى الوالدين، واليتامى، والأرحام.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ جِيرَانِهِ الأَدْنَيْنَ إِلاَّ قَالَ قَدْ قَبِلْتُ عِلْمَكُمْ فِيهِ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ » رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِي. وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقاءِ: الْجَارُ السَّوْءُ، وَالْمَرْأَةُ السَّوْءُ، وَالْمَركَبُ السَّوء، والْمَسكَنُ الضَّيِّقُ »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ ابنِ عمرَ وَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالاَ : قَالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .   وَعَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ أَوِ الْأَرْضِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
عِبَادَ اللهِ:لا شك أن الجار له حقوق منها:
كف الأذى عنه وتحمل الأذى منه :
فَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ  » قِيلَ : منْ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : « الَّذي :لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وفي رواية لمسلم:(لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)(البَوَائِقُ):الغَوَائِلُ والشُّرُورُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَا إِلَيْهِ جَارًا لَهُ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: «اصْبِرْ» ثُمَّ، قَالَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ: «اطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ» فَفَعَلَ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: مَا لَكَ؟
فَيَقُولُ: آذَاهُ جَارُهُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: لَعَنَهُ اللَّهُ فَجَاءَهُ جَارُهُ، فقَالَ: رُدَّ مَتَاعَكَ، لَا وَاللَّهِ لَا أُوذِيكَ أَبَدًا.وَقَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَلا يُؤْذِ جَارَهُ ، وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخرِ ، فَلْيكرِمْ ضَيْفهُ ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمنُ بِاللَّهِ وَالْيومِ الآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَسْكُتْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللهِ:إن تحمل أذى الجيران والاحتساب لهي درجة عظيمة وهمة عالية قَالَ تَعَالَى:﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾[المؤمنون:96]. قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى:43].
ومن حقوق الجارتفقده وقضاء حوائجه واهدائه :
فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي قَالَ :« إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَعَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا  يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَعَنْ أَبِي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« يَا أَبَا ذرّ إِذا طَبَخْتَ مَرَقَةً ، فَأَكْثِرْ مَاءَها ، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.أقول قولي ...
الخطبة الثانية:
أما بعد:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ يَأْخُذُ عَنِّى هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ». فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخَذَ بِيَدِى فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ«اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ .
فعليك دائماً بتفقد أحوال جارك بين الحين والآخر.
الا وصلوا ...
 
المشاهدات 1021 | التعليقات 0