ثلاث دعوات مستجابات

عبدالله بن رجا الروقي
1436/04/16 - 2015/02/05 10:38AM
الحمدلله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
أما بعد فإن المخلوق في حاجة بل في ضرورة إلى ربه لايستغني عنه طرفة عين ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَالْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
وإن من أجل العبادات وأفضل القربات الإقبالَ على الله بالدعاء والتضرع بين يديه سبحانه وتعالى وتحري الأحوال التي ترجى فيها إجابة الدعوات
وقد جاء في السنة بيان لدعوات مستجابات
أُذكِّرُ بهن لاغتنامهن والحذر من أن يكون العبد ممن دُعي عليه فيهن.
فمن هذه الدعوات ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث دعوات مستجابات ذكرهن في حديث واحد من تأمله وجد فيه حثا وترغيبا وترهيبا
فعن أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ». رواه أبو داود.
ذكر النبي ﷺ في الحديث ثلاث دعوات ووصفهن بأنهن مستجابات ، وأكد ذلك بقوله : لا شك فيهن ، وهذه الأوصاف من النبي ﷺ تدل على جلالة هذه الدعوات وعظيم شأنها
فأول هذه الدعوات:
دعوة الوالد فهي من الدعوات المستجابات سواء أدعا عليه أم دعا له وهذا مما يوجب الحرص على بر الوالدين والحذر من عقوقهما إذ حقهما أعظم الحقوق بعد حق الله عزوجل قال تعالى في آية الحقوق العشرة:(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِإِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِالسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَمُخْتَالًا فَخُورًا )
فجعل حق الوالدين بعد حقه سبحانه.
بل إن كان الوالدان يامران بالشرك الذي هو أكبر الذنوب فإن الله يأمر بالإحسان إليهما يقول تعالى:
( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَاتُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَمَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
ولقد جعل النبي ﷺ بر الوالدين مقدماً على الجهاد في سبيل الله ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي ﷺ أي العمل أحب إلى الله قال : ( الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله)
وفي صحيح مسلم أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله قال فهل من والديك أحد حي قال نعم بل كلاهما قال النبي صلى الله عليه وسلم فتبتغي الأجر من الله قال الرجل نعم فأرجع إلى والديك فأحسن صحبتهما.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه : عن النبي ﷺ قال: رضي الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. اخرجه الترمذي.

الدعوة الثانية من الدعوات المستجابات:
دعوة المسافر: فالمسافر في سفره ترجى إجابة دعوته وكلما كان السفر اطول وأشق كانت الإجابة أرجى لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّطَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواكُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ).
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُالسَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَارَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ».
وفي هذا الحديث من الفوائد أن استعمال المال الحرام مانع من موانع إجابة الدعاء.

الدعوة الثالثة من الدعوات المستجابات:
دعوة المظلوم: فعلى المسلم أن يحذر فإن الظلم ذنب عظيم ومرتع وخيم. فكم من دعوة مظلوم ارتفعت إلى الله والظالم في غفلة عنها فاستجاب الله لها فعن ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهعليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ اتَّقِ دَعْوَةَالْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ. رواه البخاري ومسلم.


وعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَمًا لِى فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِى صَوْتًا « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ لَلَّهُ أَقْدَرُعَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ ». فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللهعليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ ».رواه مسلم.
وعَنْ أَبِي مُوسَى الأسعري ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَاأَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَالْقُرَى وَهْيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}. متفق عليه.

وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولى له على عمل من أعمال المسلمين فقال له: اتَّقِ دَعْوَةَالْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ.

وقد تكفل الله بنصرة المظلوم ، وإجابة دعوته ، ولو طال الزمن قال ﷺ : دعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام وتفتح لها أبوابالسماء ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين. اخرجه الترمذي.

عباد الله
اعلموا أن من أسباب إجابة الدعاء الثناء على الله والصلاة على النبي ﷺ لحديث فضالة بن عبيد أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رَجُلا يَدْعُو فِي صَلاتِهِ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَجِلَ هَذَا " . ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَيَدْعُو بَعْدَ مَا شَاءَ " .
وينبغي أن يستغفر الله قبل دعائه ، لأن الذنوب قد تمنع إجابة الدعاء ، ولهذا قال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي.
فمن أراد الدعاء يُقدم الثناء على الله ﷻ والصلاة على النبي ﷺ والاستغفار ثم يدعو بمايشاء.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار....
المشاهدات 4869 | التعليقات 7

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيراً


نفع الله بعلمك وزادك الله من فضله وعلمه وبارك الله فيك وفي حضورك


موضوع مهم جدا
بارك الله فيك ووفقك لكل خير


ماشاء الله جزيت خيرا


بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم الله خيرا


آمين ولكم بمثل وشكر الله لكم جميعا