ثَلَاثُ آيَاتٍ فِي الْخَنْدَقِ + الإنفلونزا الموسمية
محمد بن مبارك الشرافي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى أَقْوَامِهِمْ وَأَيَّدَهُمْ بِآيَاتٍ بَيِّنَاتٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِمْ وَتُقَوِّي مَوْقِفَهُمْ فِي دَعْوَتِهِمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، وَغَالِبُ تِلْكَ الآيَاتِ حِسِّيَّةٌ مَرْئِيَّةٌ لِلْعَيَانَ، وَكَانَ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَبُ السَّبْقِ وَالْقِدْحُ الْمُعَلَّى مِنْ ذَلِكَ، مَعَ الآيَةِ الْعَظِيمَةِ الْخَالِدَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ الذِي بَقِيَ مُعْجِزَةً أَبَدَ الدَّهْرِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نَذْكُرُ ثَلاثَ آيَاتٍ عَجِيبَةٍ مُبْهِرَةٍ حَدَثَتْ فِي مَعْرَكَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَقْتٍ مُتَقَارَبٍ، وَتِلكَ هِيَ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ أَوْ غَزْوَةُ الأَحْزَابِ التِي كَانَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ, حِينَ اجْتَمَعَ مَا يَزِيدُ عَلَى عَشْرَةِ آلافِ مُقَاتِلٍ لِغَزْوِ المدِينَةِ, وَأشَارَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِحَفْرِ خَنْدَقٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي فَارِسٍ إِذَا حُوصِرْنَا خَنْدَقْنَا عَلَيْنَا، فَانْتَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ لِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، فَقَامُوا رَضِيَ اللهُ عَنْهُم قَوْمَةَ الرِّجَالِ الأَشِدَّاءِ الْأَبْطَالِ، مَعَ مَا كَانَ فِيهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ وَالْبَرْدِ، وَقَدْ حَصَلَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ بِخُصُوصِهِ آيَاتٌ وَمُعْجِزَاتٌ أَيَّدَ اللهُ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمِسِلِمينَ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ جَابْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما حَيْثُ قالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ ، فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِى الْخَنْدَقِ، فقالَ (أَنَا نَازِلٌ)، ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقَّا، فَأَخَذَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِعْوَلَ، فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ [رَمْلًا سَائِلًا] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : لِمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ عَرَضَتْ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ لا تَأْخُذُ مِنْهَا الْمَعَاوِلُ، فَاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ (بِسْمِ اللهِ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً) وَقَالَ (اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللهِ إِنِّي لَأَنْظُرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ) ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ آخَرَ، فَقَالَ (اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ فَارِسَ، وَاللهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ الأَبْيَضَ الآنَ) ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ (بِسْمِ اللهِ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللهِ إِنِّي ِلأُبْصِرُ أَبَوابَ صَنْعَاءَ مِنَ مَكَانِي)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَلَمَّا رَأَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَا لَحِقَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجُوعِ اسْتَئْذَنَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِه، قَالَ: فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى: رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْصًا شَدِيدًا، مَا كَانَ فِى ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَىْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِى شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، بُهَيْمَةٌ داجِنٌ، فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِى الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِىِّ، قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، فَقَالَتْ: لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ . فَجِئْتُهُ، فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ طُعَيِّمٌ لِي، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كانَ عندَنا، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ، قالَ: كَمْ هُوَ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ, فقَالَ (كَثِيرٌ طَيِّبٌ) قَالَ (قُلْ لَهَا: لاَ تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ ولا تَخْبِزْنَّ عَجِينَكُم حَتَّى آتِىَ)، فَصَاحَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ! إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤرًا فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ)، فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وجاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ، فَلَمَّا دَخَلَ (جابرٌ) عَلَى امْرَأَتِهِ؛ قَالَ: وَيْحَكِ! جَاءَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ. [فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ]، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ؛ [قَدْ فَعَلْتُ الذِي قُلْتِ]، [فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ (ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِكِ وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلاَ تُنْزِلُوهَا)، فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، [وهم ألفٌ] وَبَقِىَ بَقِيَّةٌ, قَالَ (كُلِى هَذَا، وَأَهْدِي؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ) وفى روايةٍ: فأقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ، وَإِنَّ عَجِينَنا ليُخْبَزُ كما هو) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فهذا حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَحْكِي مَا حَصَلَ فِي آوَاخِرِ تِلْكَ الْغَزْوَةِ، فَيَقُولُ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَقُرٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟) فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ (يَا حُذَيْفَةُ قُمْ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ) فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، فَقَالَ (ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ) قَالَ: فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ قَوْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ), وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ، فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَنِي الْبَرْدُ حِينَ رَجَعْتُ وَقُرِرْتُ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلْبَسَنِي مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحِ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحْتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قُمْ يَا نَوْمَانُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ مِمَّا أَيَّدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ وَتَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهَذِهِ أَعْظَمُ آيَةٍ وَهُوَ الْقُرْآنُ لا يَزَالُ عِنْدَنَا وَمَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ انْتَفَعَ وَاقْتَنَعَ وَمَنْ تَرَكَهُ قَصَمَهُ اللهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدِ اُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ حَثَّنَا دِينُنَا عَلَى المحَافَظَةِ عِلَى صِحَّةِ الأَبْدَانِ، وَالوِقَايَةِ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالأَخْذِ بِالأَسْبَابِ، وِإِنَّ مِنْ طُرُقِ الوِقَايَةِ مِنَ الأَمْرِاضِ أَخْذَ لِقَاحِ الإنْفُلُوَنْزَا الموسِمِيَّةِ التِي تَنْتَشِرُ فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ منْ حِفْظِ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ إَحْدَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخُمُسِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا دِينَنَا الْحَنِيفُ.
فَاَللَّهُمَّ احْفَظْ دِينَنَا وَدُنْيَانَا وَصِحْتَنَا وَأَهَالِينَا وَأَمْوَالَنَا, اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَنَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِع, وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، اللَّهُمَّ أَتِمَّ عَلَيْنَا نِعْمَةَ الأَمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَوُزَرَاءَهُمْ يَا رَبَّ العَالمَينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
المرفقات
1729060887_ثَلَاثُ آيَاتٍ فِي الْخَنْدَقِ 15 ربيع الثاني 1446هـ.pdf
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق