تيار يشتكي ضعف إعلامه (2/2)
احمد ابوبكر
1434/05/18 - 2013/03/30 02:35AM
بقلم: عبد الرحمن ضاحي
يتأفف من أداء هذا المذيع لأنه دائمًا يهاجم المشروع الإسلامي، ويكره هذه المذيعة لأنها متحاملة على جماعته وتلصق به الاتهامات، يملأ مواقع التواصل الاجتماعي سبًّا وتجريحًا في المذيع الفلاني لأنه منحاز وغير محايد.. إنه الإسلامي الذي ضاق ذرعًا بإعلامه.
انتشرت شكوى في الأيام الأخيرة داخل التيار الإسلامي لاسيما بعد الثورة وهي ضعف الإعلام الممثل عنه، فالتيار الإسلامي يملك أكثر من 10 قنوات قلما تجد عليها إعلاميًّا محترفًا قادرًا على دفع سموم الإعلام الآخر سواء الليبرالي أو الفلولي، أو قيادة دفة الرأي العام وتوجيهه... وبالبحث ظهرت إجابة للسؤال الحائر.. لماذا لم يُسَد ثغر الإعلام بالرغم من كثرة القنوات الإسلامية؟!
من أسباب المشكلة اعتبار الكيانات الإسلامية أمر الإعلام ترفًا فكريًّا وعدم إدراك أهميته، مما يترتب عليه صرف فتات الأوقات والمجهود له.
الطرف الآخر مصدر قوته الوحيد هو الإعلام من قنوات وصحف حتى إذاعات الراديو، فحين قام الغرب بتشويه الإسلام اتجه للإعلام، وحين عزم النظام البائد على تشويه الإسلاميين توجه للإعلام، وقد رأينا الكثير من الطغاة صنع منهم الإعلام أبطالاً وزعماء بالترويج لأكاذيب إنجازاتهم، في المقابل تجد التيار الإسلامي غير مهتم بهذا الثغر الذي يستغله "الآخر" لحرق ما يفعله الإسلامي على الأرض من مجهود دعوي أو خيري، أو على الأقل يحاول إحداث توازن معه، وحين يتم الاهتمام به يَصرف له فتات الأوقات والأموال، والتعامل معه كأنه شيء من الكماليات، لم يعلموا أن الكيان الذي لا يمتلك إعلامًا قويًّا - في عصر صار الإعلام فيه أخطر من الأسلحة النووية - كيان مشلول.
الإعلام في عصرنا من أهم أدوات توجيه الرأي العام أو بمعني أصح "غسيل المخ"، فجرِّب في مرة من المرات أن تسبَّ رئيسًا من الرؤساء لا يختلف اثنان من العقلاء أنه خائن وطاغية أمام من تعرَّض لـ"غسيل المخ" وتم خداعه بأنه زعيم، فلا تتعجب من صدمته برأيك ولا تندهش من نهره إياك.. فالإعلام يفعل أكثر من ذلك! فقد قال صاحب شركة مايكروسوفت بيل جيتس: "من يسيطر على الصورة، يسيطر على العقول".
ومما يستدل به على خطورة الإعلام في عصرنا، حكى لي صديقي يومًا أنه كان في أحد المحافظات الصحراوية المصرية، فشاهد في وسط الصحراء القاحلة رجلاً يسكن في منتصف الجبل بيته من جريد النخل، ويملك طبق استقبال فضائي "دش"، فلفت صاحبي النظر إلى أن هذا الرجل الفقير القاطن في وسط الجبل يأتي له كل يوم المذيع الفلاني والمذيعة الفلانية لإفساد فطرته ونفث السموم إلى عقله، ولم يصل إليه الإسلاميون، وحتى إن وصلوا إليه، وصلوا إليه بإعلام هزيل لا يستطيع اجتذابه.
من الأمور التي كانت سببًا في عدم جدوى هذه القنوات أن الإعلام الإسلامي ينقسم إلى نوعين؛ قسم يخاطب الإسلاميين وقسم يخاطب غير الإسلاميين، وفي وقتنا الحالي أغلب القنوات الإسلامية استطاعت أن تصل إلى أبناء التيار الإسلامي، وأصبحت بديلاً ناجحًا، وإن كانت لم تصل إلى الاحترافية بعد! أما الإعلام الذي يخاطب غير الإسلاميين وهو غير موجود تقريبًا فهو يحتاج لاحترافية شديدة؛ لكي ينافس نظيره الليبرالي أو الفلولي في جذب المشاهد غير الإسلامي.
أضف إلى ذلك أن المنافسة مع الإعلام الآخر تحتاج لاحترافية شديدة؛ لأنه غير مقيد بضوابط شرعية بعكس الإعلام الإسلامي؛ فإن كل سكنة وحركة تحتاج لضبط شرعي، وهذه المهمة الصعبة لا تحتاج إلى هواة أو أفراد تراه ترفًا فكريًّا، ولكن تحتاج إلى أفراد متخصصين من أهل الكفاءة وذوي خبرة في المجال الإعلامي.
إشكالية إدراك معني الإعلام.. ما اكتشفته مع بدء ظهور القنوات الإسلامية هي أن مفهوم الإعلام بالنسبة لعناصر التيار الإسلامي نسبي، وكل يرى من نظارته التي يرتديها، فأحدهم يرى أنسب طريقة للوصول إلى المشاهد هي نقل درس الشيخ في المسجد، والآخر يرى أن يقدم ما يقدمه الإعلام المنحل ولكن بنكهة إسلامية، وثالث لا يتعدى الأمر عنده إلا تقديم إعلام ينال به رضاء صاحب رأس المال "ممول القناة"، لا يهمني توضيح وتفنيد كل الرؤى ووجهات النظر الآن، ولكن يسعنا توضيح وجهة النظر الصحيحة، ألا وهي الوصول بالفكرة الإسلامية لأكبر قدر من البشر و"توجيه فكرهم" ورأيهم العام – كما يفعل إعلام الفلول- وإفادتهم؛ كلٌّ بحسب شريحته الفكرية ومستواه الإجتماعي، مع مراعاة الضوابط الشرعية في كل ما تم ذكره.
فعدم إدراك هذا المعنى يصنع إعلامًا لا يخاطب إلا نفسه يدور في فلك معين، عاجز عن الوصول إلى شرائح جديدة مطلوب استهدافها.
فقد قال الله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} فكان الله سبحانه يبعث الرسل بلسان أقوامهم ليخضعوا لهم ويستجيبوا لكلامهم، فحريٌّ بنا أن نقدم ما يفهمه الجمهور كلٌ حسب عقليته ومستواه، حتى نخرج من دائرة الحديث مع أنفسنا.
تأبى الرماح إذا ما اجتمعن تكسرًا.. بمقارنة الإعلام الإسلامي بالإعلام الآخر نجده وليدًا أو يكاد يحبو بجانبهم؛ وذلك لأسباب عدة منها تضييق الطواغيت عليهم، والنشأة الفاجرة للإعلام التي جعلته من وجهة نظرهم رجسًا لا يجوز حتى التفكير فيه أو توظيفه لصالح أهداف التيار الإسلامي.
والتنسيق هنا يشمل خطوتين؛ الأولى محاولة التنسيق بين القنوات بحيث تتخصص كل قناة في مجالٍ من المجالات كالأخبار أو الوعظ أو برامج الأطفال أو الأفلام الوثائقية؛ لأن مشكلة كل قناة إسلامية أنها تنتهج نهج قناة المنوعات التي هي من أصعب النماذج، وتحاول تقديم نموذج مكتمل للإعلام الإسلامي بالرغم من ضعف الإمكانات، وبالتالي يكون الفشل هو مصيرها.
الخطوة الثانية هي أن تنسق مع بعضها في توجيه دفة الرأي العام تجاه أمر معين أو قضية معينة عن طريق إثارتها في وقت معين، وتسليط الضوء عليها بحيث لا يحدث "العزف الانفرادي".
وأخيرًا..
الإعلام الآخر يحقق خسائر سنوية مفجعة، ولكن هذا الأمر لا يقلقه لأنه مدعوم من رجال أعمال وأصحاب مصالح تجارية لا تنمو ولا تربح في ظل الحرية والنزاهة، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة الرجوع إلى الوراء للحفاظ على مصالحهم عن طريق امتلاك الشاشة؛ لذلك وجب على الكيانات الإسلامية أن تجعل الإعلام من أولوياتها وسد الثغر الجسيم بالأموال، وبتحضير الكوادر المتخصصة لاسيما في هذه الأيام المتصدرين فيها للحكم.
يتأفف من أداء هذا المذيع لأنه دائمًا يهاجم المشروع الإسلامي، ويكره هذه المذيعة لأنها متحاملة على جماعته وتلصق به الاتهامات، يملأ مواقع التواصل الاجتماعي سبًّا وتجريحًا في المذيع الفلاني لأنه منحاز وغير محايد.. إنه الإسلامي الذي ضاق ذرعًا بإعلامه.
انتشرت شكوى في الأيام الأخيرة داخل التيار الإسلامي لاسيما بعد الثورة وهي ضعف الإعلام الممثل عنه، فالتيار الإسلامي يملك أكثر من 10 قنوات قلما تجد عليها إعلاميًّا محترفًا قادرًا على دفع سموم الإعلام الآخر سواء الليبرالي أو الفلولي، أو قيادة دفة الرأي العام وتوجيهه... وبالبحث ظهرت إجابة للسؤال الحائر.. لماذا لم يُسَد ثغر الإعلام بالرغم من كثرة القنوات الإسلامية؟!
من أسباب المشكلة اعتبار الكيانات الإسلامية أمر الإعلام ترفًا فكريًّا وعدم إدراك أهميته، مما يترتب عليه صرف فتات الأوقات والمجهود له.
الطرف الآخر مصدر قوته الوحيد هو الإعلام من قنوات وصحف حتى إذاعات الراديو، فحين قام الغرب بتشويه الإسلام اتجه للإعلام، وحين عزم النظام البائد على تشويه الإسلاميين توجه للإعلام، وقد رأينا الكثير من الطغاة صنع منهم الإعلام أبطالاً وزعماء بالترويج لأكاذيب إنجازاتهم، في المقابل تجد التيار الإسلامي غير مهتم بهذا الثغر الذي يستغله "الآخر" لحرق ما يفعله الإسلامي على الأرض من مجهود دعوي أو خيري، أو على الأقل يحاول إحداث توازن معه، وحين يتم الاهتمام به يَصرف له فتات الأوقات والأموال، والتعامل معه كأنه شيء من الكماليات، لم يعلموا أن الكيان الذي لا يمتلك إعلامًا قويًّا - في عصر صار الإعلام فيه أخطر من الأسلحة النووية - كيان مشلول.
الإعلام في عصرنا من أهم أدوات توجيه الرأي العام أو بمعني أصح "غسيل المخ"، فجرِّب في مرة من المرات أن تسبَّ رئيسًا من الرؤساء لا يختلف اثنان من العقلاء أنه خائن وطاغية أمام من تعرَّض لـ"غسيل المخ" وتم خداعه بأنه زعيم، فلا تتعجب من صدمته برأيك ولا تندهش من نهره إياك.. فالإعلام يفعل أكثر من ذلك! فقد قال صاحب شركة مايكروسوفت بيل جيتس: "من يسيطر على الصورة، يسيطر على العقول".
ومما يستدل به على خطورة الإعلام في عصرنا، حكى لي صديقي يومًا أنه كان في أحد المحافظات الصحراوية المصرية، فشاهد في وسط الصحراء القاحلة رجلاً يسكن في منتصف الجبل بيته من جريد النخل، ويملك طبق استقبال فضائي "دش"، فلفت صاحبي النظر إلى أن هذا الرجل الفقير القاطن في وسط الجبل يأتي له كل يوم المذيع الفلاني والمذيعة الفلانية لإفساد فطرته ونفث السموم إلى عقله، ولم يصل إليه الإسلاميون، وحتى إن وصلوا إليه، وصلوا إليه بإعلام هزيل لا يستطيع اجتذابه.
من الأمور التي كانت سببًا في عدم جدوى هذه القنوات أن الإعلام الإسلامي ينقسم إلى نوعين؛ قسم يخاطب الإسلاميين وقسم يخاطب غير الإسلاميين، وفي وقتنا الحالي أغلب القنوات الإسلامية استطاعت أن تصل إلى أبناء التيار الإسلامي، وأصبحت بديلاً ناجحًا، وإن كانت لم تصل إلى الاحترافية بعد! أما الإعلام الذي يخاطب غير الإسلاميين وهو غير موجود تقريبًا فهو يحتاج لاحترافية شديدة؛ لكي ينافس نظيره الليبرالي أو الفلولي في جذب المشاهد غير الإسلامي.
أضف إلى ذلك أن المنافسة مع الإعلام الآخر تحتاج لاحترافية شديدة؛ لأنه غير مقيد بضوابط شرعية بعكس الإعلام الإسلامي؛ فإن كل سكنة وحركة تحتاج لضبط شرعي، وهذه المهمة الصعبة لا تحتاج إلى هواة أو أفراد تراه ترفًا فكريًّا، ولكن تحتاج إلى أفراد متخصصين من أهل الكفاءة وذوي خبرة في المجال الإعلامي.
إشكالية إدراك معني الإعلام.. ما اكتشفته مع بدء ظهور القنوات الإسلامية هي أن مفهوم الإعلام بالنسبة لعناصر التيار الإسلامي نسبي، وكل يرى من نظارته التي يرتديها، فأحدهم يرى أنسب طريقة للوصول إلى المشاهد هي نقل درس الشيخ في المسجد، والآخر يرى أن يقدم ما يقدمه الإعلام المنحل ولكن بنكهة إسلامية، وثالث لا يتعدى الأمر عنده إلا تقديم إعلام ينال به رضاء صاحب رأس المال "ممول القناة"، لا يهمني توضيح وتفنيد كل الرؤى ووجهات النظر الآن، ولكن يسعنا توضيح وجهة النظر الصحيحة، ألا وهي الوصول بالفكرة الإسلامية لأكبر قدر من البشر و"توجيه فكرهم" ورأيهم العام – كما يفعل إعلام الفلول- وإفادتهم؛ كلٌّ بحسب شريحته الفكرية ومستواه الإجتماعي، مع مراعاة الضوابط الشرعية في كل ما تم ذكره.
فعدم إدراك هذا المعنى يصنع إعلامًا لا يخاطب إلا نفسه يدور في فلك معين، عاجز عن الوصول إلى شرائح جديدة مطلوب استهدافها.
فقد قال الله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} فكان الله سبحانه يبعث الرسل بلسان أقوامهم ليخضعوا لهم ويستجيبوا لكلامهم، فحريٌّ بنا أن نقدم ما يفهمه الجمهور كلٌ حسب عقليته ومستواه، حتى نخرج من دائرة الحديث مع أنفسنا.
تأبى الرماح إذا ما اجتمعن تكسرًا.. بمقارنة الإعلام الإسلامي بالإعلام الآخر نجده وليدًا أو يكاد يحبو بجانبهم؛ وذلك لأسباب عدة منها تضييق الطواغيت عليهم، والنشأة الفاجرة للإعلام التي جعلته من وجهة نظرهم رجسًا لا يجوز حتى التفكير فيه أو توظيفه لصالح أهداف التيار الإسلامي.
والتنسيق هنا يشمل خطوتين؛ الأولى محاولة التنسيق بين القنوات بحيث تتخصص كل قناة في مجالٍ من المجالات كالأخبار أو الوعظ أو برامج الأطفال أو الأفلام الوثائقية؛ لأن مشكلة كل قناة إسلامية أنها تنتهج نهج قناة المنوعات التي هي من أصعب النماذج، وتحاول تقديم نموذج مكتمل للإعلام الإسلامي بالرغم من ضعف الإمكانات، وبالتالي يكون الفشل هو مصيرها.
الخطوة الثانية هي أن تنسق مع بعضها في توجيه دفة الرأي العام تجاه أمر معين أو قضية معينة عن طريق إثارتها في وقت معين، وتسليط الضوء عليها بحيث لا يحدث "العزف الانفرادي".
وأخيرًا..
الإعلام الآخر يحقق خسائر سنوية مفجعة، ولكن هذا الأمر لا يقلقه لأنه مدعوم من رجال أعمال وأصحاب مصالح تجارية لا تنمو ولا تربح في ظل الحرية والنزاهة، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة الرجوع إلى الوراء للحفاظ على مصالحهم عن طريق امتلاك الشاشة؛ لذلك وجب على الكيانات الإسلامية أن تجعل الإعلام من أولوياتها وسد الثغر الجسيم بالأموال، وبتحضير الكوادر المتخصصة لاسيما في هذه الأيام المتصدرين فيها للحكم.