توجيهات ووصايا حول حادثة الهجوم على معامل النفط في بقيق وخريص
أبو المقداد الأثري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى وراقبوا من يعلم السر وأخفى وتزدوا بالإيمان والعمل الصالح قبل النُّقْلةِ إلى الدار الأخرى. ولا تطلبوا اللذاتِ العاجلةَ في معصية الله فما عندَ اللهِ خيرٌ وأبقى. {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
عبادَ الله:
لقد تعرضت مملكتُنا الحبيبةُ عاصمةُ الموحدين وقبلةُ المسلمين ودرعُ الأمةِ وحصنُها الحصين تعرضت قبل أيامٍ قليلةٍ إلى عدوان غاشم، وإجرامٍ آثم، تمثّل في الهجوم على معملين من أكبر معامل النفط على مستوى العالم، يعم نفعُهما وفوائدُهما اقتصادَ العالمِ بأسره.
ولكنه بحمد الله كان هجوماً فاشلاً لم يحقق مآربه فلم يهز أمننا، ولم يضرب اقتصادنا، ولم نفقد فيه من الناس أحداً، وذلك من لطف الله ورحمته، ثم استمر إمداد المملكة للعالم بالنفط على ما هو عليه قبل تلك الجريمة النكراء فلله الحمد والمنة ونحن وهذا العدو كما قال تعالى {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }
عباد الله:
لا بد أن نقف مع هذه الجريمة عدداً من الوقفات أولها: أن هذه الجريمة تدلنا على مبلغ العداء والحقد الذي يكنه لنا الرافضةُ أحفادُ المجوس. وسرُّ هذه العداوة هي عداوة الدين فهم لا يحبون من يعبد الله وحده ويخلص له الدين إنما دينهم عبادة القبور والأضرحة ودعاء الأموات والاستغاثة بهم والتوكل عليهم، ولا يحبون الخلفاء الراشدين أبابكر وعمر وعثمان ولا أمهات المؤمنين ولا عموم المهاجرين والأنصار بل يبغضونهم ويكفّرونهم ويلعنونهم كل صباح ومساء ويربي كبيرُهم صغيرَهم على لعنهم ووصفهم بأقذعِ الصفات.
ومع هذا البغض الديني فهم يكنّون لنا الحقد الدفين لأننا أحفادُ من قَضَوا على دولة الفرس المجوس عُبّاد النيران. وجمعوا مع ذلك الحقدِ الحسدَ الشديد أنْ شرّف الله هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، وأفاء عليها الأمن والاستقرار والطمأنينة ورغد العيش واجتماع الكلمة.
فاحذروا هذا العدوَ الظالمَ الغاشمَ الآثم واحذروا من أوليائه وحلفائه وأذرعته وأعوانه وخدمه ولا تحسّنوا بهم الظن أبداً. واحذروا من صنفٍ مخادع يظهرُ التحذير من رافضة إيران وفي الوقت نفسه يزكي الجماعات الإسلامية والحركات المسماة بالجهادية التي تدور في فلك إيران وتجند نفسها لخدمتها وتحقيق أهدافها في إثارة الفتن في بلاد أهل السنة عامة، وتسليط سفهائها على هذه البلاد خاصة، فهذا التناقض يدلنا على خبث مقاصدهم وخطورة أهدافهم، وأن تظاهرهم ببغض إيران ما هو إلا لذر الرماد في العيون.
ثانياً: علينا جميعاً في خضّم هذه الفتن أن نتمسك بأسباب السلامة منها ومن أعظم أسباب السلامة من الفتن أن نكون يداً واحدة وجسداً واحداً مع قيادتنا وولاة أمورنا، فنحن بالله ثم بهم، كما أن الدولة بالله ثم بشعبها، فلنكن لقيادتنا سامعين مطيعين، ولأمرها في غير معصية الله ممتثلين.
كما علينا أن نُعنى بالرجوع إلى كبار علمائنا والإصغاء لبياناتهم الصادرة عن هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة للإفتاء وسؤالهم فيما يُشْكِل، ولا سيما في قضايا الأمة العامة، ولنحذر من الرجوع إلى دعاة الفتن والمحرضين عليها ممن يتزيا بِزِيّ أهل العلم وهو في الحقيقة ليس منهم في شيء.
ثالثاً: لنلزم السكينة والتؤدة والهدوء ولنترك الإرجاف والمسارعة إلى نقل الأخبار أو نشر صور التفجيرات أو التحركات العسكرية، فإن الإرجافَ ونشر الشائعاتِ حربٌ نفسيةٌ مدمرةٌ تفتك بالأمن كفتك السلاح، وتصويرَ الحوادثِ والتفجيراتِ والتحركاتِ العسكريةِ ونشرَها مما يعين العدو على استعمالها ضدنا والانتفاعِ بها في حربنا. ولنحسّن الظنَّ بقيادتنا وولاة أمرنا ولْنَكِلْ أمرَ السياسةِ والحربِ والسِّلْمِ إليهم، فقد كفينا المؤونة بهم. أعانهم الله وسددهم ورزقهم حسن السياسة والتدبير، وجزاهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء إنه جواد كريم. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
عباد الله:
إن الأمن نعمة عظيمة بل هو من أجلِّ نعمِ اللهِ علينا بعدَ نعمةِ الإسلامِ والسنة، فلنحافظْ على أمنِنا ووحدتِنا واجتماعِ كلمتِنا، ورخاءِ أرزاقنا، ورغَدِ عَيشِنا، وذلك بلزومِ الكتابِ والسنة فإنّ إفرادَ الله بالعبادة وتركَ الإشراكِ به هو أساسُ الأمنِ وسَبَبُه قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} وقال تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
ولنحذر عباد الله من المجاهرة بالمعاصي ومن الإصرار عليها فإن المعاصي تزيلُ النعمَ وتنزلُ بها النقمُ قال تعالى {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}. نعوذ بالله من تحول عافيته وفجاءة نقمته. اللهم عاملنا بما أنت أهله من العفو والحلم والمغفرة والرحمة والجود والكرم ولا تعاملنا بما نحن أهله من الضعف والعجز والتقصير. اللهم أدم علينا أمننا واجتماع كلمتنا وبارك لنا في ولاة أمورنا، اللهم أمّن حدودنا وانصر جنودنا، واكبت عدونا. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا سميع الدعاء
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
للشيخ د.علي الحدادي