توجيهات حول الرؤى والأحلام
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تسليمًا أَمَّا بَعْد فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَكُونُوا مِنْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى (( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )) قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَعَدَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ رَحِمَهُمْ اللهُ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْبُشْرَى الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَقُولُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رَحِمَهُ اللهُ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِﷺ يَقُولُ ( لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ ) قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ ﷺ ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ ) لَكِنْ لِيُعْلمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْهُ لَيْسَ كُلُّ مَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ حَالَ نَوْمِهِ أَنَّهُ مِنَ الرُّؤَى الصَّالِحَةِ فَهُنَاكَ رُؤَى مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُنَاكَ رُؤَى مِنْ حديث النَّفْسِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَ ﷺ قَالَ ( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ فَالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ) وَيَقُولُ ﷺ ( الرُّؤْيَا ثَلاثٌ فَبُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَتَخْوِيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا تُعْجِبُهُ فَلْيَقُصَّ إِنْ شَاءَ وَإِنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلا يَقُصَّهُ عَلَى أَحَدٍ وَلْيَقُمْ يُصَلِّي )
أَيُّهَا الإِخْوَةُ إنَّ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ البَلْوَى فِي زَمَانِنَا تَعَلُّقُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِالرُّؤَى وَالأَحْلَامِ سَوَاءً كَانَ الشَّأنُ فِي الرُّؤْيَا أَوْ فِي تَعْبِيرِهَا
وَلَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُعَبِّرَ الرُّؤْيَا بِمُجَرَدِ النَّظَرِ فِي كُتُبِ تَفْسِيرِ الرُّؤَى وَالأَحْلَامِ كَمَا هُوَ الوَاقِعُ مِنْ بَعْضِ مُعَبِرِي الرُّؤَى وَالأَحْلَامِ فضلاً عَنْ مَعْرِفَةِ صِدْقِهِمْ وَصِحَةِ مُعْتَقَدِهِمْ وَعِلْمِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ كَمَا أَنَّ الرُّؤْيَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ وَصْفِ الشَّخْصِ وَحَالِهِ وَزَّمَانِهِ فَيَجِبُ عَلَى المُعَبِّرِ لِلرُّؤَى تَقْوَى اللهِ تَعَالَى وَأَنْ يَحْذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ الخَوْضِ فِي هَذَا البَابِ بِغَيرِ عِلْمٍ فَإِنَّ تَعْبِيرَ الرُّؤَى يُعَدُّ فَتْوَى بِدَلِيْلِ مَا ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالى في سُوْرَةِ يُوْسُفُ عَنْ رُّؤْيَا المَلِكِ قَالَ تَعَالَى (( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )) وَمَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ حَصَلَ مِنْ البَعْضِ التَّوَسُعُ فِي تَأْوِيلِ الرُّؤَى وَتَتَبُّعُ المُعَبِرِينَ فِي القَنَوَاتِ الفَضَائِيةِ وَالمَوَاقِعِ الإِلِكْتُرُونِيةِ وَالَّذِينَ هَدَفُهُمْ جَذْبُ النَّاسِ وَاِغْرَائِهِم لِأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالبَاطِلِ فَيَجِبُ الحَذَرُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَابُ شَرٍّ وَفَسَادٍ كَمَا أَنَّهُ يَجُرُّ إِلَى الكِهَانَةِ وَالسُّؤَالِ عَنِ المُغَيِّبَاتِ فَلْيَنْتَبِهِ المُسْلِمُ لِهَذَا الأَمْرِ وَلْيَعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ فِي هَذَا الكَوْنِ لَا يَقَعُ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللهِ وَتَقْدِيرِهِ أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَيطَانِ الرَّجِيمِ (( إِنَّا كُلَّ شَيِّءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّ رَبِي غَفُورٌ رَّحِيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أما بعد فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ الرُّؤَى ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ رُّؤْيَا صَّالِحَةٌ هِيَ بُشْرَى مِنْ اللهِ وَرُّؤْيَا مُفْزِعَةٌ هِيَ تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيطَانِ وَرُّؤْيَا مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنَا ﷺ إِلَى مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ عِنْدَمَا نَرَى مَا نَكْرَهُهُ فِي نَوْمِنَا فَقَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ )
وَجاء في سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا )
وَروى مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ )
وَرَوَى الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النبيﷺ يَقُولُ ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ )
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَنَا بِحِفْظِهِ فَاللهُ خَيِّرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
هذا وصَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم اللهُ عَلَى نَبِيِّكُم محمد ﷺ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ فقال سبحانه قولاً كريما ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))
وَقَالَ ﷺ(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام
اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))
المرفقات
1737659164_خطبة الجمعة الموافق 24 رجب 1446هـ توجيهات حول الرؤى والأحلام.pdf
1737659177_خطبة الجمعة الموافق 24 رجب 1446هـ توجيهات حول الرؤى والأحلام.docx