(توازن المثالية) خالد بن صالح الهذلول
احمد ابوبكر
1434/10/21 - 2013/08/28 07:53AM
توازن المثالية
تعويل المجتمع كل أسباب التقدم والحضارة على السلطان نوعٌ من أنواع الاختلال ، ومظهر من مظاهر الجهل ؛ حيث إن عملية التغيير وإن كانت تتطلب حضورًا من جهة السلطان ، إلا أن لها نسبة كبيرة تقع على كاهل المجتمع.
التقدم الحضاري الذي شهده المجتمع المدني حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشهد حضورًا فعّالا من المجتمع ، ومبادرات مبتكرة من ذاته دون أي توجيه سلطاني.
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أحد أعمدة التقدم الحضاري في ذلك الوقت ، إلا أن عزل هذا العمود عن عمود المجتمع ومثاليّته هو نتاج طبيعي لاستقراء تاريخي غير كافي ، وشحُّ اطلاعٍ على النصوص الواردة حول هذا الموضوع.
عملية الإصلاح والتغيير ستختلّ عندما تشهد غيابا من أحد طرفي السلطان والمجتمع ، ولن تتم حتى تشهد حضورهما ، لذلك صحّ أن يطلق على المجتمع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجتمع راشدي ، ولم يكتفِ الرشد أن كان صفة للسلطان.
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته ونصوصه لم يكتفِ بأن صنع منهاجًا يسير الحاكم وفقه حتى يصنع أمة رائدة وقائدة ، بل رسم طريقًا يتخطّى المجتمع من خلاله عوامل الرجعيّة والتخلف ، إلى التقدم والريادة ، إضافة إلى المنهجية المثالية التي على الحاكم أن ينهجها.
أن يلقي المجتمع أسباب التخلف والتأخر على السلطان أهون من أن يصنع من نفسه أمة حضارية ، لذلك نجد أن الحاكم يَلقى من اللوم والتقريع أضعاف أضعاف ما يَلقى المجتمع.
متى ما سيّر المخطئ سبب خطأه مسارًا آخر غير ذاته ، فإنه سيظل ساكنًا في قاع التخلف والفشل ، لذلك فإن احتكار المجتمع مشاكلَه وإخفاقاتَه في زاوية السلطان مؤشر باستمرار الحال على ما هو عليه دون أي تغيير إيجابي .
وكوْن السلطان بشرًا فهذا يعني عدم إحاطته بكل ما فيه صلاح وخير للأمة ، فيكون لزامًا على المجتمع أن ينمّي في نفسه روح المبادرة ، وأن يبتكر من ذاته عوامل التقدم والحضارة.
من قاموس الحكمة يعرف المستبد بأنه : ( الذي يتجاوز الحد ما لم ير حاجزا من حديد، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم، كما يقال: الاستعداد للحرب يمنع الحرب ) مما يعني أن مشكلة الاستبداد وإن كان جزءٌ منها كبيرًا يقع على كاهل المستبدّ ، إلا أن المجتمع بخضوعه وخنوعه للاستبداد يتحمّل جزءًا من المشكلة التي هي بطبعها أهم عوامل الرجعية والتخلف.
في ظل الاستبداد القائم الآن ، فإن احتكار اللوم والتقريع على الحاكم نتيجة طبيعية لهذا الوضع المُزري ، إلا أن من مقتضيات العقل أن يلقى المجتمع جزاءه جرّاء هذا الخضوع والخنوع ، والنهضة الشاملة تستوجب حضور كلا الطرفين ؛ حتى يصح أن يطلق عليها نهضة!
من الضرورة بمكان أن يتمّ الوزن المنطقي بين كفّتي السلطان والمجتمع ، في مسائل التخلف والتأخر يلقى كلًّا منهما جزاءه ، وفي مسائل التقدم والحضارة يأخذ كلا منهما نصيبَه وحظّه . في حال اختلّت إحدى الكفتين فإن اللوم والبناء سيختلّان نتيجة لاختلال الميزان.
المبادرة الأنصارية في تحقيق التوازن الاجتماعي في الدولة الاسلامية من خلال مقاسمة المهاجرين ثمار المدينة وأموالها تنمّ عن كفة متوازنة بين السلطان والمجتمع ومثاليّتهما ، دون أن تتأرجح لأحد الطرفين ، مما حقق لهم السيادة السياسية في جزيرة العرب في ظل ظرفٍ زمني مدهش!
يوم رفض علي بن أبي طالب المبايعة لأبي بكر رضي الله عنهما كان الناس يحترمون عليًّا لشخصه ولأن زوجه فاطمة كانت حية ، فلما توفيت فاطمة استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته [أخرجه البخاري]. مما يدل على أن المجتمع بسلطانه -ومن غيرما إكراه من الخليفة- أجبر عليا أن يعود إلى الصف السياسي.
المجتمع الراشدي بسلطانه حقق ما لم يحققه الخليفة بسلطانه من الإكراه والقسر ، فكانت الخلافة الراشدة وليدة مجتمع راشد ، ويوم تهافت المجتمع الراشدي خرّت أركان الخلافة الراشدة صريعة.
صفّت الخلافة الراشدة إلى جنب المجتمع الراشدي ، فكان زمنًا راشديّا بحق!
تعويل المجتمع كل أسباب التقدم والحضارة على السلطان نوعٌ من أنواع الاختلال ، ومظهر من مظاهر الجهل ؛ حيث إن عملية التغيير وإن كانت تتطلب حضورًا من جهة السلطان ، إلا أن لها نسبة كبيرة تقع على كاهل المجتمع.
التقدم الحضاري الذي شهده المجتمع المدني حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشهد حضورًا فعّالا من المجتمع ، ومبادرات مبتكرة من ذاته دون أي توجيه سلطاني.
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أحد أعمدة التقدم الحضاري في ذلك الوقت ، إلا أن عزل هذا العمود عن عمود المجتمع ومثاليّته هو نتاج طبيعي لاستقراء تاريخي غير كافي ، وشحُّ اطلاعٍ على النصوص الواردة حول هذا الموضوع.
عملية الإصلاح والتغيير ستختلّ عندما تشهد غيابا من أحد طرفي السلطان والمجتمع ، ولن تتم حتى تشهد حضورهما ، لذلك صحّ أن يطلق على المجتمع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجتمع راشدي ، ولم يكتفِ الرشد أن كان صفة للسلطان.
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرته ونصوصه لم يكتفِ بأن صنع منهاجًا يسير الحاكم وفقه حتى يصنع أمة رائدة وقائدة ، بل رسم طريقًا يتخطّى المجتمع من خلاله عوامل الرجعيّة والتخلف ، إلى التقدم والريادة ، إضافة إلى المنهجية المثالية التي على الحاكم أن ينهجها.
أن يلقي المجتمع أسباب التخلف والتأخر على السلطان أهون من أن يصنع من نفسه أمة حضارية ، لذلك نجد أن الحاكم يَلقى من اللوم والتقريع أضعاف أضعاف ما يَلقى المجتمع.
متى ما سيّر المخطئ سبب خطأه مسارًا آخر غير ذاته ، فإنه سيظل ساكنًا في قاع التخلف والفشل ، لذلك فإن احتكار المجتمع مشاكلَه وإخفاقاتَه في زاوية السلطان مؤشر باستمرار الحال على ما هو عليه دون أي تغيير إيجابي .
وكوْن السلطان بشرًا فهذا يعني عدم إحاطته بكل ما فيه صلاح وخير للأمة ، فيكون لزامًا على المجتمع أن ينمّي في نفسه روح المبادرة ، وأن يبتكر من ذاته عوامل التقدم والحضارة.
من قاموس الحكمة يعرف المستبد بأنه : ( الذي يتجاوز الحد ما لم ير حاجزا من حديد، فلو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم، كما يقال: الاستعداد للحرب يمنع الحرب ) مما يعني أن مشكلة الاستبداد وإن كان جزءٌ منها كبيرًا يقع على كاهل المستبدّ ، إلا أن المجتمع بخضوعه وخنوعه للاستبداد يتحمّل جزءًا من المشكلة التي هي بطبعها أهم عوامل الرجعية والتخلف.
في ظل الاستبداد القائم الآن ، فإن احتكار اللوم والتقريع على الحاكم نتيجة طبيعية لهذا الوضع المُزري ، إلا أن من مقتضيات العقل أن يلقى المجتمع جزاءه جرّاء هذا الخضوع والخنوع ، والنهضة الشاملة تستوجب حضور كلا الطرفين ؛ حتى يصح أن يطلق عليها نهضة!
من الضرورة بمكان أن يتمّ الوزن المنطقي بين كفّتي السلطان والمجتمع ، في مسائل التخلف والتأخر يلقى كلًّا منهما جزاءه ، وفي مسائل التقدم والحضارة يأخذ كلا منهما نصيبَه وحظّه . في حال اختلّت إحدى الكفتين فإن اللوم والبناء سيختلّان نتيجة لاختلال الميزان.
المبادرة الأنصارية في تحقيق التوازن الاجتماعي في الدولة الاسلامية من خلال مقاسمة المهاجرين ثمار المدينة وأموالها تنمّ عن كفة متوازنة بين السلطان والمجتمع ومثاليّتهما ، دون أن تتأرجح لأحد الطرفين ، مما حقق لهم السيادة السياسية في جزيرة العرب في ظل ظرفٍ زمني مدهش!
يوم رفض علي بن أبي طالب المبايعة لأبي بكر رضي الله عنهما كان الناس يحترمون عليًّا لشخصه ولأن زوجه فاطمة كانت حية ، فلما توفيت فاطمة استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته [أخرجه البخاري]. مما يدل على أن المجتمع بسلطانه -ومن غيرما إكراه من الخليفة- أجبر عليا أن يعود إلى الصف السياسي.
المجتمع الراشدي بسلطانه حقق ما لم يحققه الخليفة بسلطانه من الإكراه والقسر ، فكانت الخلافة الراشدة وليدة مجتمع راشد ، ويوم تهافت المجتمع الراشدي خرّت أركان الخلافة الراشدة صريعة.
صفّت الخلافة الراشدة إلى جنب المجتمع الراشدي ، فكان زمنًا راشديّا بحق!