(تلوث البيئة.أسباب.نتائج.حلول) (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)

حامد ابراهيم طه
1438/04/18 - 2017/01/16 19:11PM
لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط

http://hamidibrahem.com/

الخطبة الأولى (تلوث البيئة.أسباب.نتائج.حلول) (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين :
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (41) الروم
وقال تعالى: ( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(85) الاعراف
وقال تعالى :(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ) (12) البقرة
وروى ابن ماجة في سننه (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ ».

إخوة الإسلام
خلق الله تعالى الأرض وجعلها مسكناً للإنسان ، وأوجد فيها المكونات الضرورية ،وكل ما يلزم الحياة الطيبة ،ليستطيع هذا الإنسان ممارسة حياته بشكل طبيعي دون مشاكل، وتأدية الوظيفة التي خُلِق من أجلها ، وهي إعمار الأرض وعبادة الله تعالى وحده ،
نعم، لقد خلق الله آدم واستخلفه في الأرض ليعمرها ،وهيأ له أرضا صالحة ،وبيئة نظيفة خالية من التلوث ، وأمر الله الانسان أن يحافظ عليها لتكون صالحة على مر القرون ، فقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (85) الاعراف ولكن أبناء آدم على مر العصور أفسدوا في الأرض ، و لوثوا البيئة المحيطة بهم ، وأفسدوها بعد اصلاحها ، فقال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (41) الروم
فالإسلام دين يدعو إلى الإصلاح ، ويحذر من الإفساد ،
وإذا كان لفظ البيئة لفظا مستحدثا في هذا الزمان ، ويُطلق على كلّ ما يحيط بالإنسان من كائنات حية وجمادات، مثل الهواء والماء والحيوانات والكائنات الدقيقة والتربة والفضاء وغيرها ،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حثنا وأمرنا أن نحافظ على هذه المكونات البيئية من ( ماء ،وهواء ، وتربة وغيرها ) ،وذلك طاعة لله فيما أمر ، ولأن هذه البيئة المحيطة بنا تؤثر بصورة مباشرة في الإنسان بصورة سلبيّة أو إيجابية.
ومن الأحاديث الواردة في المحافظة على البيئة من التلوث ، ما جاء في الصحيحين (عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
« مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا ، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ » ومعلوم أن الغطاء الأخضر للأرض يقلل من نسبة التلوث ،
وأما عن الاستخدام الرشيد للأرض: فيقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري (وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِى أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ) ، ففي هذا الحديث يؤكد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الطبيعة المقدسة للأرض أو التربة، لا بوصفها ذات طهارة فحسب، بل بوصفها مادة مُطَهِّرة كذلك. ويَظْهَر أيضا هذا الاحترامُ للأرض في شعيرة التيمم التي تجيز للمسلم استعمال التراب في الطهارة الواجبة عند الصلاة في حالة فقدان الماء.
ولم يشجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقط الاستعمال الرشيد للأرض، بل لفت أنظار أتباعه أيضًا إلى المكاسب التي يجنيها الإنسان من إحياء الأرض البور، إذ جعل زرع شجرة أو غرس بذرة أو سَقْى أرض عطشى من أعمال البر والإحسان ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ » وعلى هذا فأيما شخص ساق الماء إلى قطعة أرض قاحلة فهي له ،وله بذلك أجرعند الله
وها هو صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى زراعة الأرض وإحياءها بعد مواتها وذلك بتصليحها وتهيئتها للزراعة وزراعتها ، ففي سنن أبي دارد (عَنْ عُرْوَةَ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى أَنَّ الأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ)
وفي رواية للبيهقي (أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى أَنَّ الأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ».
وفي صحيح البخاري (قَالَ عُمَرُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهْيَ لَهُ .
وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ )
ومن الأحاديث التي حثنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزراعة أيضا ما جاء في الصحيحين
(عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا ،
أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ »
ونراه صلى الله عليه وسلم يحض أتباعه على التشارك في موارد الطبيعة، إذ يخاطبهم قائلاً كما في مسند أحمد وغيره (عَنْ أَبِى خِدَاشٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ ».
كما يعد صلى الله عليه وسلم حرمان العطشان من الماء إثمًا يعاقَب عليه ، ففي مسند أحمد : ( عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ أَوْ فَضْلَ كَلَئِهِ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
والواقع أن موقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تجاه الاستعمال الرشيد للأرض والمحافظة على الماء والطريقة التي كان يعامل بها الحيوانات هو دليل آخر على التواضع الذي يصبغ فلسفته حول البيئة.
أما عن أهمية الماء والمحافظة عليه من التلوث ، فقد وردت في ذلك أحاديث كثيرة ، وأسوق لكم منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ، ففي صحيح مسلم (عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ) وفيه (حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لاَ يُبَالُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الَّذِى لاَ يَجْرِى ثُمَّ يُغْتَسَلُ مِنْهُ ».
وفي رواية للنسائي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ
« لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ ».

وها هو صلى الله عليه وسلم يأمر بالمحافظة على قطرة الماء ، ففي سنن ابن ماجة (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ « مَا هَذَا السَّرَفُ ».
فَقَالَ أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ قَالَ « نَعَمْ وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ ».

وفي البيئة الصحراوية الخشنة التي كان يعيش فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يُعَدّ الماء مرادفًا للحياة، فهو نعمة من الله، بل هو أصل الحياة كما يشهد بذلك القرآن ، قال تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } {30} (سورة الأنبياء).
ويذكِّر القرآن المسلم على الدوام بأنه خليفة الله في الأرض، لكن لا ينبغي له مع ذلك أن يأخذ الأشياء المخلوقة على أنها أمرٌ مسلَّمٌ به ، قال تعالى : {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} {68-70} (سورة الواقعة).
كذلك كان الاقتصاد في الماء والمحافظة على طهارته قضيتين مهمتين عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وحتى عندما يكون الماء متوفرًا نراه ينصح بالاقتصاد في استعماله.
ومن ذلك نهيه عن غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات حتى لو كان المتوضئ على نهرٍ جارٍ ويضيف البخاري قائلاً: “‏وكره أهل العلم الإسراف فيه وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم".
وبالمثل نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن تلويث المياه، وذلك بمنع التبول في الماء الراكد كما في الأحاديث المتقدمة .
ومن مكونات البيئة الحيوانات ، فماذا عن معاملة الحيوانات في الإسلام ، ففي سنن النسائي وغيره ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَرْفَعُهُ قَالَ « مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا سَأَلَ اللَّهُ عَزَّ جَلَّ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا حَقُّهَا قَالَ « حَقُّهَا أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا وَلاَ تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا ».
وهو حديث يعكس إجلال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واحترامه وحبه للحيوانات. وذلك أنه كان يعتقد أنها بوصفها خلقًا من خلق الله، ينبغي أن تحظى بمعاملة كريمة، ففي الأحاديث النبوية عدد ضخم من الروايات والتوجيهات الخلقية والقصص التي ترسم لنا صورة عن علاقته بالحيوانات. وبعض هذه القصص ترينا أنه كان يهتم اهتمامًا خاصًا بالإبل والخيول: فهما في رأيه نعم الرفيق في الأسفار والحروب، كما كان يجد كثيرًا من الراحة والحكمة في صحبتهما حسبما يقول لنا الحديث التالي:
« الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ » البخاري ومسلم
وحتى في ذبح الحيوان نجده صلى الله عليه وسلم يبدى قدرًا عظيمًا من الرقة والمرحمة. والأحاديث تبين لنا بوضوح أنه كان حساسًا للغاية تجاه معاناة الحيوانات حتى لكأنه كان يشاركها ألمها مشاركة وجدانية. ومن هنا نجده يأمر باستعمال سكين حاد في الذبح واتباع طريقة مسؤولة من شأنها أن تزهق روح الحيوان سريعًا بحيث يخف ألم الذبيحة إلى أقصى درجة ممكنة. كما نهى عن ذبح أي حيوان أمام غيره من الحيوانات أو إحداد الشفرة بحضرته، وإلا فكأنه قد ذبحه مرتين حسبما جاء في حديثه لمن كان يُحِدّ شفرته في حضور ذبيحته،
كما في المستدرك للحاكم(عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أن رجلا أضجع شاة يريد أن يذبحها و هو يحد شفرته فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ) لقد كان يكره ذلك كراهية شديدة.
وللأسف فإن الانسجام الذي دعا إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين الإنسان وبيئته قد تم تجاهله في أيامنا هذه إلى حد بعيد.
وفى الوقت الذي نواجه فيه آثار التلوث والإسراف في استخدام موارد الطبيعة والتصحير وشح الماء في بعض الأماكن في العالم مع المعاناة من الفيضانات والعواصف في غيرها من الأماكن

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية (تلوث البيئة.أسباب.نتائج.حلول) (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
الإنسان يعيش على الأرض و يستمتع بما أنعم الله عليه من النعم و المزايا، والتي جعلها الله على هذا الكوكب لكي يتمكن الإنسان من الحياة و العيش الكريم،
لذا يتوجب على كل إنسان على سطح الأرض أن يحافظ على كل ما يتعلق بالأرض، و أن يقوم بحمايتها من الأذى و الضرر الذي يمكن أن يلحق بها، لأن أي خلل يصيب توازن ونظام الكوكب الأرضي فسيعود حتما بالضرر على أهله أجمعين .
ففي حوالي 1960 بدأ الانتباه لظاهرة تلوث البيئة يأخذ طريقاً جدياً. وذلك لوجود أدلة تشير أن تلوث البيئة بدأ يأخذ شكلاً حرجاً يهدد جميع الكائنات على سطح الكرة الأرضية. فللبيئة نظام دقيق متوازن صنعه خالق عظيم، ومدبر حكيم،{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } [النمل: 88].
ولكن جاءت يد الإنسان لتعبث بكل جميل في البيئة، وتهدد الأخضر واليابس، فكان ذلك الشبح المدمر؛ ألا وهو (التلوث) الذي أصاب معظم عناصر البيئة
والبيئة السليمة :هي البيئة التي سلم ماؤها وهواؤها وترابها من التلوث .
ويعرف التلوث : بأنه دخول عناصر غريبة من شأنها أن تُلحق تغيراً غير مرغوب به، واضطراباَ في تركيبة البيئة الطبيعية، أو تُحدث خللاً في مكوناتها الداخلية عن طريق تجاوزها الحد المسموح،
وكما ذكرت لكم ، ففي الآونة الأخيرة نرى أن هناك انتشارا لظاهرة التلوث، وهذه ظاهرة مقلقة لجميع الناس ، لأنها تهدد الحياة و الثروات الطبيعية الموجودة على الأرض، حيث أن التلوث يحدث في الغطاء الأرضي كالتربة والنباتات وكذلك المزروعات،
وهذا التلوث أيضا يصل إلى الهواء، وذلك عبر الدخان الصادر من المصانع وعوادم المركبات، وهذا بالفعل ما يشكل الخطر على البيئة ويهددها،
لذا فهذا يتطلب منا المزيد من الاهتمام والعناية لكي نعيش فيها في أمن وسلام .
ولقد شهدت التكنولوجيا تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على البيئة، حيث بات الخراب يسيطر على الكون، وأصبحت الحياة تتدهور، إذ أن هذه الأخيرة باتت تعاني من الإضطرابات نتيجة هذا التطور التكنولوجي، لذا فقد بدأت الحاجة تظهر على الناس بمحاولة نشر التوعية بين البشر كافة، من أجل الحصول على كوكب سليم و نظيف من جميع الجهات.
أيها المسلمون
إذن كيف يمكن حماية البيئة من التلوث ؟ عن طريق تكاتف الجهود من الأفراد والدول
وذلك عن طريق تجنب رمي الأزبال في الشوارع و الأزقة فهذا بالفعل يسبب العديد من الأمراض و الآفات، لذا يجب على الناس جميعا أن يتحدوا لمحاربة التلوث و أن يحاولوا التخلص من كل المواد التي تسبب هذه الظاهرة. الابتعاد عن الرعي الجائر: فإن الرعي الجائر يسبب في تلف الأراضي الزراعية والمزروعات بشكل تام، و من الممكن أن يتطور الأمر إلى أن يصل الضرر إلى البساتين و المنتزهات، و أماكن الترفيه التي يلجأ إليها العديد من الناس،
ولتفادي هذه المشكلة يمكن تخصيص بعض الأماكن التي يسمح فيها بتربية الحيوانات، إضافة إلى تقديم الطعام لها من أجل الحفاظ على البيئة المحيطة بالإنسان.
العناية بالأشجار: تعتبر الأشجار مصدرا للأكسجين، الذي هو أساس استمرارية الحياة، كما أنها تعمل على التقليل من نسبة ثاني أكسيد الكربون التي تحيط بنا، لذا يجب علينا أن نحافظ على الأشجار و محاربة كل من يُضر بها، لأن قطعها يعتبر تهديدا خطيرا على البيئة و على البشرية عامة.
منع الزحف العمراني الّذي بدوره سبّب قطع الكثير من الأشجار وموت الكثير من الكائنات الحية التي كانت تتغذّى على هذه الأشجار
التقليل من استخدام المواد الكيميائية الضارة ومنع تسرّبها الى الهواء والماء والتربة، لأنّها في النهاية ستدخل جسم الإنسان وتُسبّب له الأمراض المختلفة.
استخدام الطرق الحديثة في التخلّص من النفايات الصلبة والسائلة والغازية والابتعاد عن الطرق القديمة التي تسبب التلوث.
تنظيم حملات توعويّة بأهميّة البيئة وسبل المحافظة عليها، وتنظيم حملات لتنظيف المناطق وخاصّةً السياحية منها وزرع الأشجار، وإعطاء الدروس في المدارس حول البيئة لترسيخ العادات الصحيّة الصحيحة في الأطفال منذ الصغر.
معالجة التلوث الضوضائي، الذي ينتج عن الضجيج والأصوات العالية جداً التي قد تنتج مثلاً عن المصانع الكُبرى أو المطارات أو الضجيج اليومي الناتج عن ازدحامات المدن الكبرى غيرها من مسببات وهذا يسبب تلفاً في القدرات السمعية، وزيادة كبيرة في نسبة الكولسترول في دم الإنسان، ويعمل على توسيع فتحة العين، ويُحدث خللاً في عمل الغدد الصماء، عدا عن أنه يسبب اضطرابات نفسية وفسيولوجية وتوتراً وصداعاً شديداً قد يستمر لفترات طويلة،
معالجة التلوث الهوائي الذي يُصيب الجو، وينتج عن عدد من العوامل كعودام السيارات والمبيدات المختلفة والغازات والأتربة والغبار وغيرها من مسببات الجراثيم التي تؤدي إلى انتشار العديد من الفيروسات التي تُصيب الجسم بالأمراض؛ كالأنفلونزا وأمراض الرئتين والتنفس،
معالجة التلوث المائي، الناتج عن الميكروبات البكتيرية والفطريات والفيروسات التي قد يصل خطورة بعضها للإصابة بأمراض شلل الأطفال والتيفوئيد وغيرها من الأمراض القاتلة.
أيها المسلمون
واعلموا أن ما أصابنا هو من فعل أيدينا ، ومن فعل السفهاء منا ، ولن تحل مشكلة التلوث بالقوانين ، ولا بالإعلانات والنشرات ، ولكنها بمراقبة رب الأرض والسموات .
قال تعالى : (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) آل عمران (182)
وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (46) فصلت
وقال الله تعالى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) الاسراء 7
الدعاء

لمتابعة جديد الخطب نشرف بزيارتكم لموقعنا الرسمى الجديد على هذا الرابط

http://hamidibrahem.com/
المشاهدات 1181 | التعليقات 0