تَفْسِيْرُ سُوْرَةِ﴿ الْكَوْثَرَ ﴾

محمد البدر
1442/04/04 - 2020/11/19 05:00AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ سُورَةِ الْكَوْثَرِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْكَوْثَرِ بمكة.وَهِيَ ثَلَاثُ آيَاتٍ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْنَ أَظْهُرِنَا إِذْ أَغْفَى إِغْفَاءَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَقُلْنَا مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ فَقُلْنَا:اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ ﷺ: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَ ﷺ:  «أَلَا إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ، كَأَنَّ الْأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
يَقُولُ الشَّيْخِ العَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيِّ- رَحِمَهُ اللهُ:يقول الله تعالى لنبيه محمد ﷺ ممتنا عليه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه ﷺ يوم القيامة، من النهر الذي يقال له ﴿ الْكَوْثَرَ﴾ ومن الحوض.طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.ولما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات.ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [في] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به.﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾أي: مبغضك وذامك ومنتقصك ﴿هُوَ الأبْتَرُ﴾ أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر.وأما محمد ﷺ ، فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع ﷺ.انتهى.. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾فالأقطع أي أقطع الذكر وأبتر الشأن عدو النبي ﷺ وعدو سنته ﷺ وعدو أتباع النبي ﷺ ؛ فإن مآل هؤلاء الساخرين المتهكمين هو الأبتر الأقطع، ولينظر الناس في التاريخ على مده وامتداده يجد أن أعداء الدين وأعداء السنة هم الذين انبتر أمرهم واضمحل شأنهم وعفا أثرهم ولم يكن لهم في التاريخ ذكر إلا بالسبة والمذلة، أما حُماة الدين وحملة هدي النبي ﷺ ودعاة الحق والهدى فإن شأنهم في علو أحياءً وأمواتا فاتقوا الله.
.الا وصلوا ..
المرفقات

تَفْسِيْرُ-سُوْرَةِ-الْكَوْثَرَ

تَفْسِيْرُ-سُوْرَةِ-الْكَوْثَرَ

المشاهدات 754 | التعليقات 0