تفجير مسجد قوات الطواريء في الجنوب
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
1436/10/21 - 2015/08/06 15:05PM
أيها الإخوة الكرام: غيرت الخطبة الثانية لتتناول الحدث الجلل الذي وقع ظهر اليوم بتفجير مسجد الطوارئ في الجنوب فأقترح أن تبقى الخطبة الأولى كما هي التي بعنوان (الانتصار للقرآن وأهله) وتستبدل الثانية فتكون هذه محلها.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّـهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾ [طه: 2 - 4].
أَلا وإنَّ منْ تعظيمِ كلامِ اللهِ تعالى تحريمَ مَا حرّمَ من الدماءِ المعصومةِ، واستعظامَ سفكِهَا بغيرِ حقٍ، وَفي القرآنِ [مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا] {المائدة:32}
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا".
وفي القرآنِ أيضًا: أمرٌ باحترامِ المساجدِ وتوقيرِهَا وعِمارتِهَا؛ لأنها محلُّ عبادةِ اللهِ تعالى وذكرِهِ، فَلا يُباعُ فيها ولا يُشترَى، ولا تُنشدُ فيها الضالةُ.
وَعمارتُها بالصلاةِ والذِّكرِ دليلُ الإيمانِ [إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ] {التوبة:18}
ومن أعظمِ الظلمِ منعُ المسلمينَ منْ مساجدِهم، وأعظمُ منهُ هدمُها أو حرقُها أو تخريبُها أو قصدُها بالتفجيرِ، وقصدُ المصلينَ بالقتلِ والترويعِ، ولا يفعلُ ذلك ولا يُبِيحُهُ وَلا يَفرحُ به منْ لهُ مِسكةُ عَقلٍ، وَلا منْ لَديهِ أَثَارَةٌ منْ علمٍ؛ فهوَ إِجْرامٌ وإفسادٌ أيًّا كان فاعلُه – عليه من الله ما يستحق- لأنَّ اللهَ تَعالى يقولُ في محكمِ التنزيلِ {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114] أيْ: لا أحدَ أظلمُ ممنْ منعَ الناسَ منَ المساجدِ، وَلا أحدَ أظلمُ ممن سعى في خرابِها، وتوعَّدهمُ اللهُ تعالى بالخزيِّ في الدنيا والعذابِ العظيمِ في الآخرة.
هذا في حقِ منْ منعَ الدخولَ للمسجدِ للصلاةِ فيهِ، ومنْ سَعى في هدمِهِ وليس فيهِ أحدٌ؛ فالآيةُ تُفيدُ بأنهُ لا أحدَ أظلمُ منهُ، فكيفَ بمنْ قَصَدَ المصلينَ في المساجدِ وهم وقوفٌ في الصلاةِ يتلونَ القرآنَ، أو وهمْ رُكَّعٌ يُسبِحونَ اللهَ تعالى ويُعظِمُونَهُ، أو وهم سُجَّدٌ عَفَّرُوا وجوهَهُم له يَدْعونَهُ، في فريضةٍ من فرائضهِ يُؤَدُونَها، فَنَسَفَهم بالمتفجراتِ، فقتلَ منهم منْ قتلَ! وجرحَ منْ جرح! وروَّعَ منْ روَّع!!
نعوذُ بالله تعالى من ذلك، ونَسألهُ أن يَكبِتَ المفسدينَ، ويَردَّهم على أعقابهم خاسرين.
إنَّ شأنَ المسجدِ عظيمٌ، وزوّارَهُ للصلاة فيه هم زوّارُ اللهِ تعالى، وهم في ضيافتِه، فمن قصدَهمْ بأيِّ نوعٍ منَ الأذى فإنهُ إنما يُؤذي اللهَ تعالى، ويستحلُ محاربتَه.
إنَّ المفسدينَ في هذا العصرِ قد أَحدثوا حدثًا عظيمًا في المساجدِ؛ وذلك بقصدِها وهي آهلةٌ بالمصلينَ للتفجيرِ فيهَا. وهذَا النوعُ من الإِفسادِ هو من أعظمِ المنعِ من مساجدِ اللهِ تعالى أنْ يُذكرَ فيها اسمُه؛ لأَنهم حوّلوا المساجدَ وهي محلُّ الأمنِ إلى أماكنِ خوفٍ، فيعزفُ عنها بعضُ المصلينَ خوفًا من التفجيرِ، ويحضرُ الصلاةَ فيها منْ يحضرُها وهم خائفون مترقبون.
وهو فعلٌ ينطوي على خرابِ المساجدِ بتدميرِها وحرقِها وإتلافِ مصاحفِها وقتلِ المصلينَ فيها. وكلُ جريمةٍ من هذه الجرائمِ أعظمُ من أختِهَا.
وجريمةُ قتلِ مؤمنٍ وهو يؤدي فريضةً من الفرائضِ من أفحشِ الجرائمِ وأشدِّها، نَقلَ القاضي عياضٌ رحمهُ اللهُ تعالى عن المحققينَ منْ أهلِ العلمِ قولهَم: «الَّذِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ اسْتِبَاحَةَ دِمَاءِ الْمُصَلِّينَ المُوَحّدِين خَطَرٌ، وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ مِحْجَمَةٍ مِنْ دَمٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «فَإِذَا قَالُوهَا- يَعْنِي الشَّهَادَةَ - عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ..»اهـ كلامه.
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَتْلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَرَامَ الْإِفْسَادَ فِي بِلَادِهِمْ، وَالتَّخْرِيبَ فِي أَوْسَاطِهِمْ فَاهْتِكْ سِتْرَهُ، وَاكْشِفْ أَمْرَهُ، وَاكْفِ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ; إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ مَسَاجِدَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَفْجِيرِ فَأَهْلِكُهُ قَبلَ فِعْلِهِ، واكفِ المسلمينَ شرَّه.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَاجْعَلْهُ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ شَبَابَهُمْ وَشَيْبَهُمْ، وَرِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ؛ فَإِنَّ فَضْلَهُ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّـهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾ [طه: 2 - 4].
أَلا وإنَّ منْ تعظيمِ كلامِ اللهِ تعالى تحريمَ مَا حرّمَ من الدماءِ المعصومةِ، واستعظامَ سفكِهَا بغيرِ حقٍ، وَفي القرآنِ [مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا] {المائدة:32}
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "مَنِ اسْتَحَلَّ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا، وَمَنْ حَرَّمَ دَمَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا حَرَّمَ دِمَاءَ النَّاسِ جَمِيعًا".
وفي القرآنِ أيضًا: أمرٌ باحترامِ المساجدِ وتوقيرِهَا وعِمارتِهَا؛ لأنها محلُّ عبادةِ اللهِ تعالى وذكرِهِ، فَلا يُباعُ فيها ولا يُشترَى، ولا تُنشدُ فيها الضالةُ.
وَعمارتُها بالصلاةِ والذِّكرِ دليلُ الإيمانِ [إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ] {التوبة:18}
ومن أعظمِ الظلمِ منعُ المسلمينَ منْ مساجدِهم، وأعظمُ منهُ هدمُها أو حرقُها أو تخريبُها أو قصدُها بالتفجيرِ، وقصدُ المصلينَ بالقتلِ والترويعِ، ولا يفعلُ ذلك ولا يُبِيحُهُ وَلا يَفرحُ به منْ لهُ مِسكةُ عَقلٍ، وَلا منْ لَديهِ أَثَارَةٌ منْ علمٍ؛ فهوَ إِجْرامٌ وإفسادٌ أيًّا كان فاعلُه – عليه من الله ما يستحق- لأنَّ اللهَ تَعالى يقولُ في محكمِ التنزيلِ {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114] أيْ: لا أحدَ أظلمُ ممنْ منعَ الناسَ منَ المساجدِ، وَلا أحدَ أظلمُ ممن سعى في خرابِها، وتوعَّدهمُ اللهُ تعالى بالخزيِّ في الدنيا والعذابِ العظيمِ في الآخرة.
هذا في حقِ منْ منعَ الدخولَ للمسجدِ للصلاةِ فيهِ، ومنْ سَعى في هدمِهِ وليس فيهِ أحدٌ؛ فالآيةُ تُفيدُ بأنهُ لا أحدَ أظلمُ منهُ، فكيفَ بمنْ قَصَدَ المصلينَ في المساجدِ وهم وقوفٌ في الصلاةِ يتلونَ القرآنَ، أو وهمْ رُكَّعٌ يُسبِحونَ اللهَ تعالى ويُعظِمُونَهُ، أو وهم سُجَّدٌ عَفَّرُوا وجوهَهُم له يَدْعونَهُ، في فريضةٍ من فرائضهِ يُؤَدُونَها، فَنَسَفَهم بالمتفجراتِ، فقتلَ منهم منْ قتلَ! وجرحَ منْ جرح! وروَّعَ منْ روَّع!!
نعوذُ بالله تعالى من ذلك، ونَسألهُ أن يَكبِتَ المفسدينَ، ويَردَّهم على أعقابهم خاسرين.
إنَّ شأنَ المسجدِ عظيمٌ، وزوّارَهُ للصلاة فيه هم زوّارُ اللهِ تعالى، وهم في ضيافتِه، فمن قصدَهمْ بأيِّ نوعٍ منَ الأذى فإنهُ إنما يُؤذي اللهَ تعالى، ويستحلُ محاربتَه.
إنَّ المفسدينَ في هذا العصرِ قد أَحدثوا حدثًا عظيمًا في المساجدِ؛ وذلك بقصدِها وهي آهلةٌ بالمصلينَ للتفجيرِ فيهَا. وهذَا النوعُ من الإِفسادِ هو من أعظمِ المنعِ من مساجدِ اللهِ تعالى أنْ يُذكرَ فيها اسمُه؛ لأَنهم حوّلوا المساجدَ وهي محلُّ الأمنِ إلى أماكنِ خوفٍ، فيعزفُ عنها بعضُ المصلينَ خوفًا من التفجيرِ، ويحضرُ الصلاةَ فيها منْ يحضرُها وهم خائفون مترقبون.
وهو فعلٌ ينطوي على خرابِ المساجدِ بتدميرِها وحرقِها وإتلافِ مصاحفِها وقتلِ المصلينَ فيها. وكلُ جريمةٍ من هذه الجرائمِ أعظمُ من أختِهَا.
وجريمةُ قتلِ مؤمنٍ وهو يؤدي فريضةً من الفرائضِ من أفحشِ الجرائمِ وأشدِّها، نَقلَ القاضي عياضٌ رحمهُ اللهُ تعالى عن المحققينَ منْ أهلِ العلمِ قولهَم: «الَّذِي يَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنَ التَّكْفِيرِ فِي أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّ اسْتِبَاحَةَ دِمَاءِ الْمُصَلِّينَ المُوَحّدِين خَطَرٌ، وَالْخَطَأُ فِي تَرْكِ أَلْفِ كَافِرٍ أَهْوَنُ مِنَ الْخَطَأِ فِي سَفْكِ مِحْجَمَةٍ مِنْ دَمٍ مُسْلِمٍ وَاحِدٍ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «فَإِذَا قَالُوهَا- يَعْنِي الشَّهَادَةَ - عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ..»اهـ كلامه.
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَأَنْ يَحْفَظَ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَيْدِ الْحَاسِدِينَ، مِنْ أَعْدَاءِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَتْلِ وَالتَّرْوِيعِ، وَرَامَ الْإِفْسَادَ فِي بِلَادِهِمْ، وَالتَّخْرِيبَ فِي أَوْسَاطِهِمْ فَاهْتِكْ سِتْرَهُ، وَاكْشِفْ أَمْرَهُ، وَاكْفِ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُ; إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللَّهُمَّ مَنْ قَصَدَ مَسَاجِدَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَفْجِيرِ فَأَهْلِكُهُ قَبلَ فِعْلِهِ، واكفِ المسلمينَ شرَّه.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ فِي نَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَى نَحْرِهِ، وَاجْعَلْهُ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ اهْدِ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَصْلِحْ شَبَابَهُمْ وَشَيْبَهُمْ، وَرِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَفُكَّ أَسْرَاهُمْ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
المرفقات
الخطبة الثانية عن تفجير مسجد الطورائ في الجنوب.doc
الخطبة الثانية عن تفجير مسجد الطورائ في الجنوب.doc
المشاهدات 3867 | التعليقات 5
وفقك الله وبارك في جهودك ،،
كنت في إجازة قبل أيام في منطقة عسير
وحضرت الخطبة فإذا الخطيب قد أخذها من هذا الملتقى من خطبك الأسبوعية
فدعوت الله لكما ،،، أسأل الله أن يجعلها من الصدقة الجارية وأن لا يحرمك أجرها ..
كنت في إجازة قبل أيام في منطقة عسير
وحضرت الخطبة فإذا الخطيب قد أخذها من هذا الملتقى من خطبك الأسبوعية
فدعوت الله لكما ،،، أسأل الله أن يجعلها من الصدقة الجارية وأن لا يحرمك أجرها ..
أحسنت شيخنا الكثير يستفيد من خطب الشيخ بارك الله له في عمره واهله وجعله مباركا اينما كان
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
تعديل التعليق