تَفْجِيرُ المَسْجِدِ بِقَرْيَةِ الْقدِيح بِالأَحْسَاء 11شعبان 1436هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1436/08/10 - 2015/05/28 13:30PM
تَفْجِيرُ مَسْجِدٍ بِقَرْيَةِ الْقدِيح بالأحساء 11شعبان 1436هـ
الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، التَّوَّابِ الرَّحِيم ، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ ، أَحْمَدُ رَبِّي وَأَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ الْعَمِيم ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيم ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهَدْيِ الْقَوِيم ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الْخُلُقِ الْكَرِيم .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ امْتَنَّ عَلَى قَرَيْشٍ بِنِعْمَةِ الْأَمْنِ التِي جَعَلَهَا لَهُمْ بِسَبَبِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} , وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّنَا نَعِيشُ فِي بِلادِنَا السَّعُودِيَّةِ نِعْمَةَ الأَمْنِ فِي الْأَوْطَانِ وَالصِّحَّةِ فِي الْأَبْدَانِ وَالرَّغَدِ فِي الْعَيْشِ ، وَالسَّلَامَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَلَكِنَّنَا ابْتُلِينَا مُؤَخَّرَاً بِفِرْقَةٍ ضَالَّةٍ وَجَمَاعَةٍ مُنْحَرِفَةٍ تَزْعُمُ الْحَقَّ وَتُطَالِبُ بِاسْتِقَامَةِ الدِّينِ وَلَكِنَّهَا بَعِيدَةٌ كُلَّ الْبُعْدِ عَنِ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ ، إِنَّهَا فِرْقَةٌ أُصُولُهَا قَدِيمَةٌ وَآثَارُ مَنْهَجِهَا وَخِيمَةٌ ، إِنَّهَا فِرْقَةٌ يَتَزَعَمُّهَا صِغَارُ الأَسْنَانِ وَسُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ ، إِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ الْعِبَادَةَ وَطَلَبَ الآخِرَةَ وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّهُمْ فِي طَرِيقِ جَهَنَّمَ سَائِرُونَ وَلِأَوْزَارِهِمْ وَأَوْزَارِ مَنْ يُضِلُّونَ جَامِعُونَ ، إِنَّهُمْ يَرْفَعُونَ رَايَةَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلَكِنَّ حَقِيقَتَهُمْ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَيُقَاتِلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُمْ الْخَوَارِجُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتَلافٌ وَفُرْقَةٌ ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ ، يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَّهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ الَّسَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لا يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ ، مَن قاتَلَهم كَانَ أولَى باللِه مِنْهُمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ . وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ الذِي اعْتَرَضَ عَلَى قِسْمَتِهِ لِلَّزَكاةِ (إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا [أي : على شاكلته ومثله أو يخرج من نسله] قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَؤُلاءِ الْخَوَارِجَ قَدْ عَانَتْ مِنْهُمُ الأُمَّةُ فِي قَدِيمِ عَصْرِهَا وَحَدِيثِهِ ، فَهُمُ الذِينَ قَاتَلُوا الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي مَعْرَكَةِ النَّهْرَوَانِ ، حَيْثُ قَاتَلُوا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِينَ هُمْ خِيَارُ النَّاسِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّهُمْ الذِينَ قَتَلُوا الْخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ وَعَلِيَّ بْن أَبِي َطالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ . إِنَّهُمُ الذِيَن شَغَّبُوا عَلَى الْخُلَفَاءِ وَتَعَطَّلَ الْجِهَادُ بِسَبَبِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَزْمَانِ لِأَنَّ وُلاةَ الأَمْرِ يَنْشَغِلُونَ بِهِمْ عَنِ الأَعْدَاءِ الْكُفَّارِ.
إِنَّهُمْ قَدْ أَقْلَقُوا الْعُلَمَاءَ وَجَادَلُوهُمْ بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَلَكِنْ أَنَّي لَهُمْ ، إِنَّ لَدَيْهِم جَدَلاً وَاسْتِدْلالاً بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الأَدِلَّةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَيْهِمْ فَهْمٌ صَحِيحٌ ، فَعَمِدُوا إِلَى الأَدِلَّةِ التِي نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَطَبَّقُوهَا عَلَى عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلِذَلِكَ فَهُمْ يُكَفِّرُونَ بِالْكَبِيرَةِ وَيَسْتَحِلُّونَ الدِّمَاءَ بِالْمَعَاصِي . قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي الْمُغْنِي : وَقَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمُ التَّقْرَّبُ بِقَتْلِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ . وَقَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ : وَبِدْعَةُ الْخَوَارِجِ إِنَّمَا هِيَ مِنْ سُوءِ فَهْمِهِمْ لِلْقُرْآنِ ، لَمْ يَقْصِدُوا مُعَارَضَتَهُ ، لَكِنْ فَهِمُوا مِنْهُ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ . وَقَالَ أيَضْاً : فَإِنَّ الْخَوَارِجَ خَالَفُوا السُّنَّةَ التِي أَمَرَ الْقُرْآنَ بِاتِّبَاعِهَا ، وَكَفَّرُوا الْمُؤْمِنِينَ الذِينَ أَمَرَ الْقُرْآنُ بِمُوالاتِهِمْ ... وَصَارُوا يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَعْنَاهُ , وَلا رُسُوخٍ فِي الْعِلْمِ وَلا اتِّبَاعٍ لِلسُّنَّةِ ، وَلا مُرَاجَعَةٍ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الذِينَ يَفْهَمُونَ الْقُرْآنَ . وَقَالَ أيضاً : فَإِنَّ الأَئِمَّةَ مُتِّفِقُونَ عَلَى ذَمِّ الْخَوَارِجِ وَتَضْلِيلِهِمْ ... وَالْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ الذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ , قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ أئِمَّةُ الدِّينِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْخَوَارِجَ ظَهَرُوا عَلَيْنَا مُؤَخَّرَاً بِاسْمٍ جَدِيدٍ ، اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى اخْتِصَارِهِ بِاسْمِ (دَاعِشْ) وَهَذَا الرَّمْزُ يَعْنِي (دَوْلَةُ الإِسْلَامِ فِي الْعِرَاقِ وَالشَّامِ) ، وَقَدْ ظَهَرَتْ أَوَّلَ أَمْرِهَا فِي الْعِرَاقِ بَعْدَ الْغَزْوِ الأَمْرِيكِيِّ الأَوَّلِ لِلْعِرَاقِ ، وَكَانَتْ فِرْقَةً لا أَثَرَ لَهَا يُذْكَرُ ، حَتَّى قَبْلَ سَنَتَيْنِ تَقْرِيبَاً فَظَهَرَتْ بِقُوَّةٍ كَبِيرَةٍ وَأَعْلَنَتْ نَفْسَهَا دَوْلَةَ الْخِلَافَةِ الإِسْلَامِيَّةِ ، وَأَوْجَبَتْ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَةَ خَلِيفَتِهِمُ الْمَزْعُومُ ، وَمَنْ لَمْ يُبَايِعْهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ مُسْتَحَلُّ الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ ، ثُمَّ احْتَلَّتْ مِسَاحَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَاسْتَوْلَتْ عَلَى آبَارِ النَّفْطِ فِي الْعِرَاقِ، وَكُلُّ هَذَا يَحْدُثُ عَلَى مَرْأَى وَمَسْمَعٍ مِنَ الْعَالَمِ وَلاسِيَّمَا الْغَرْبُ الصَّلِيبِيُّ الذِي تَبَنَّى حَرْبَ الإِسْلامِ السُّنِّي فِي كُلِّ مَكَانٍ ، لَكِنَّنَا نَجِدُهُ بَقِيَ سَاكِتَاً عَنْ هَذِهِ الدَّوْلَةِ ، وَإِنْ حَصَلَتْ بَعْضُ رُدُودِ الْفِعْلِ فَإِنَّهَا ضَعِيفَةٌ وَقَلِيلَةٌ فِي مُقَابِلِ مَا يَقُومُونَ بِهِ حِينَمَا تَقُومُ قَائِمَةٌ لِأَهْلِ السُّنْةِ فِي أَيِّ بَلَدٍ ، مِمَّا جَعَلَ الشُّكُوكَ كَثِيرَةً بَلْ وَصَادِقَةً فِي أَنَّ هَذَا التَّنْظِيمَ الْجِهَادِيَّ الْمَزْعُومَ إِنَّمَا هُوَ نَبْتَةٌ غَرْبِيَّةٌ إيرَانِيَّةٌ لَكِنَّهَا مُلَبَّسَةٌ لِبَاسَ الْجِهَادِيِّينَ السُّنَّةَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ دَوْلَةَ الْخِلَافَةِ الْمَزْعُومَةِ (داعش) عَمَدَتْ فِي الشَّامِ وَالْعِرَاقِ إِلَى تَصْفِيَةِ رُؤُوسِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقِيَادَاتِ الْجِهَادِ فِي الشَّامِ وَاسْتَحَلَّتْ دِمَاءَهُمْ وَاسْتَبَاحَتْ اغْتِيَالَهُمْ وَانْتِهَاكِ أَعْرَاضِهِمْ ، ثُمَّ عَمِدُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الإِسْلَامِ فَكَفَّرُوا وَفَجَّرُوا وَقَتَلُوا وَخَرَّبُوا .
بَيْنَمَا لا نَجِدُهُمْ يُوَجِّهُونَ سِهَامَهُمْ إِلَى دَوْلَةِ الْيَهُودِ وَهِيَ بِجُوَارِهِمْ ، وَلا إِلَى الدَّوْلَةِ الصَّفَوِيَّةِ الإِيرَانِيَّةِ ، وَإِنَّمَا صَبُّوا جَامَ غَضَبِهِمْ عَلَى دَوْلَةِ الْقُرْآنِ والسُّنَّةِ السَّعُودِيَّة ، فَكَمْ فَجَّرُوا مِنْ مَبَانٍ وَكَمْ قَتَلُوا مِنْ أَبْرِيَاءَ ، وَكَمْ أَضَلُّوا مِنْ شَبَابٍ صِغَارٍ ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى مَنْ يَدْرُسُ فِي الْمَرْحَلَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَأَغْرُوهُمْ بِهَذِهِ الْأَفْكَارِ الْمَسْمُومَةِ وَزَرَعُوا فِيهِمُ الانْحِرَافَاتِ الْمَذْمُومَةَ ، حَتَّى وَصَلَ بِهِمُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ أَوْصُوا كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ قَرِيبٌ لا يُوَافِقُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ فَيَقْتُلَهُ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باِللهِ.
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْفِينَا شَرَّهُمْ وَأَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِين ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتغفرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِروهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنْ أَوَاخِرِ مَا حَصَلَ مِنْ هَذِهِ الْفِرْقَةِ الْخَبِيثَةِ أَنَّهُمْ تَبَنَّوْا التَّفْجِيرَ الذِي حَصَلَ فِي مَسْجِدِ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي بَلْدِةِ الْقِديحِ , وَهَذَا أَمْرٌ شَنِيعٌ وَفِعْلٌ وَضِيعٌ ، فَإِنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاعْتِدَاءٌ أَثِيمٌ , إِنَّهُ اسْتَهْدَافٌ لِلْمُصَلِّينَ الذِينَ أَتَوْا إِلَى الْمَسْجِدِ طَلَبَاً لِلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ وَلِيُؤَدُّوا فَرِيضَةَ الْجُمْعَةِ كَمَا أَمَرَتْهُمْ بِهَا شَرِيعَةُ الإِسْلَامِ فَحَلَّتْ بِهِمُ الْفَاجِعَةُ وَأُرِيقَتْ دِمَاؤُهُمْ فِي بَيْتِ اللهِ وَجُرِحَ وَأُصِيبَ عَدَدٌ كَبِيرٌ فِي بَيْتِ اللهِ وَاقْتُحِمَتْ حَرْمَةُ أَهْلِ الإِسْلَامِ وَأُرِيقَتْ دِمَاؤُهُمْ وَقَدْ تَعَدَّى مَنْ فَعَلُوهَا عَلَى الدِّينِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَجْمَعُ فُقَهَاءُ أَهْلِ الإِسْلَامِ مِنْ جَمِيعِ مَذَاهِبِهِ فَالدَّمُ حَرَامٌ إِرَاقَتُهُ وَإِزْهَاقُهُ وَهُوَ فِي الْمَسَاجِدِ أَشَدُّ وَأَشَدُّ , فَهَذَا عَمَلٌ مَشِينٌ لا يُقِرُّهُ دِينٌ وَلا عَقْلٌ وَلا فِطْرَةٌ سَوِيَّةٌ ، وَنَحْنُ فِي زَمَنِ فِتَنٍ كَثَرَتْ فِيهِ الْحِيَلُ وَالأَكَاذِيبُ وتَنَوَّعَتْ فِيهِ أَسَالِيبُ التَّضْلِيلِ وَإِنَّ الْمُوَّفَقَ مَنْ بَاعَدَ نَفْسَهُ عَنْ مَواطِنِهَا وَحَجَزَ نَفْسَهُ عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ يَخُصُّ الشِّيعَةَ - فِيمَا قِيلَ - إِلَّا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لا يَجُوزُ وَلا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يَعِيشُ فِي دَوْلَتِنَا فَإِنَّهُ مَعْصُومُ الدَّمِ وَالْمَالِ حَتَّى يَسْتَوْجِبَ مَا يُبِيحُ دَمَهِ ، ثُمَّ إِنَّ الذِي يَتَوَلَّى عِقَابَهُ إِذَا اسْتَحَقَّ هِيَ الدَّوْلَةُ وَلَيْسَ أَفْرَادَهَا .
إِنَّ دِينَنَا لَيْسَ دِينَ هَمَجِيَّةٍ وَافْتِيَاتٍ عَلَى أَصْحَابِ الْحُقُوقِ ، إِنَّ الإِسْلَامَ يَحْفَظُ حَقَّ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا دَخَلَ بِلَادِ الإِسْلَامِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . فَهَذَا فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَعِيشُ فِيهَا وَيَعْتَبِرُ مِنْ مُواطِنِيهَا ، بَلْ يُعْتَبِرُ عَوَامُّ الشِّيعَةِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مُسْلِمِينَ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ الشِّيعَةَ جُزْءٌ مِنَ الْمُجْتَمَعِ السُّعُودِيِّ بَلْ يُمَثِّلُونَ نِسْبَةً لَيْسَتْ بِالْقَلِيلَةِ ، وَإِنَّ اسْتِثَارَتَهُمْ وَاسْتِعْدَاءَهُمْ لَيْسَ فِي صَالِحِنَا نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَلا فِي صَالِحِ دَوْلَتِنَا ، وَإِنَّمَا وَاجِبُنَا مُنَاصَحَتُهُمْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ وَبَيانُ الْحَقِّ ، فَإِنْ قَبِلُوا فَذَلِكَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ أَبَوْا فَلَهُمْ رَبٌّ يُحَاسِبُهُمْ . وَأَمَّا الاعْتِدَاءُ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنَ الاعْتِدَاءِ فَلا يَجُوزُ وَلا يَسُوغُ .
فَأَسْاَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ بِلادَنَا مِنَ الشُّرُورِ وَسُوءِ الْفِتَنِ وَمُضِلَّاتِهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ يَكْفِيَنَا شَرَّ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ ، اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
المرفقات

تَفْجِيرُ مَسْجِدٍ بِقَرْيَةِ الْقدِيح بالأحساء 11شعبان 1436هـ.doc

تَفْجِيرُ مَسْجِدٍ بِقَرْيَةِ الْقدِيح بالأحساء 11شعبان 1436هـ.doc

المشاهدات 3466 | التعليقات 5

جزاك الله خيرا

علماً أن قرية القديح بالقطيف وليس الأحساء


نفع الله بكم.
كم نسبة الشيعة في السعودية؟


جزاك الله خيرا
نسبتهم تقريبا 5%


بارك الله فيك


شكر الله لكم أصحاب الفضيلة , ونفع بكم وسدد خطاكم , وإني أسر بملاحظاتكم وآراءكم ,

وبالنسبة للقرية فلم اعرف هل بالقطيف أم بالأحساء ؟

وبالنسبة لعدد الشيعة فليس المقصود بيان العدد وإنما التحذير من استثارتهم واستعدائهم

ثم لو قلنا هم 5% فيصير عددهم مليون

ولو كان 1% لكانوا 200000 نسمة , وهذا عدد لا يستهان به .

نسأل الله أن يهديهم وأن يكفينا شرهم .

فهل هذا عدد يستهان به ؟