تفجير القديح ... حدث وتعليق
إبراهيم بن سلطان العريفان
1436/08/11 - 2015/05/29 08:01AM
الحمد لله، الحمد لله ناصر الحق ومُتَّبِعه، وداحِض الباطل ومُبتدِعه، أحمده والتوفيق للحمد من نعمه، وأشكره والشكر كفيلٌ بالمزيد من فضله وكرمه وقِسَمه، وأستغفره مما يُوجِبُ زوال نِعمه وحلول نِقَمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تمَّت على العباد نعماؤه، وعظُمَت على الخلق آلاؤه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله ترك أمته على المحجة البيضاء والطريقة الواضحة الغرَّاء، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما انزاحَ شكٌّ بيقين، وما قامت على الحق الحُجَج والبراهين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
اتقوا الله – عباد الله - فقد نجا من اتقى، وضلَّ من قادَه الهوى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن دموع العين قد فاضت من فرطِ الأَسَى، وحلَّ الصدْعُ في القلبِ والوِجدان، يومَ باءَ الدمُ بالدم، وأضحَى أهلُ الإسلام يقتلُ بعضُهم بعضًا، ويُهلِكُ بعضُهم بعضًا، ويسبِي بعضُهم بعضًا، افتراقٌ في الأمر، وشتاتٌ في الرأي، واختلافٌ في الأهواء، وفتنةٌ مُستولية، وحروبٌ مُشتعِلة، وعدوٌّ يتربَّص، الحكمةُ غائبة، وحُظوظ النفس مُستحكِمة.
وكم يعتصِر الألمُ قلوبَنا مما نراه من أحداثٍ واضطرابات، وصِدامات ومُواجهات في عالمنا الإسلامي، نسأل الله أن يُفرِّج كربة المسلمين في كل مكان، نسأل الله أن يُفرِّج كُربَتهم، ويكشِف شدَّتهم، ويحفَظ بلادَنا ويصُونها من هذه الشرور والآثام.
كم نتطلَّع إلى فرجٍ قريب يُعيدُ لأوطاننا المسلمة أمنَها وسِلمها واستقرارها؛ لتنقشِعَ سحابةُ الفتنة، وتنعمَ الشعوبُ المسلمةُ في أرضها وبلادها بخيرها وثرواتها، في ظلِّ شريعة الإسلام التي لا أمن إلا بها، ولا سلامة إلا بتطبيقها.
أيها المسلمون ... تتفاوَت البلدان والأوطان شرفًا ومكانة، وعُلوًّا وحُرمة، ومجدًا وتاريخًا، وتأتي المملكة العربية السعودية بلادُ الحرمين الشريفين، وراعيةُ المسجدَيْن العظيمَيْن، وخادمةُ المدينتين المُقدَّستين، في المكان الأعلى، والموطن الأَسْمى، بلادٌ في ظِلال الشرع وادِعة، وفي رياض الأمن راتِعة، ولأطراف المجد جامعة، مهبِط الوحي وموئِلُ العقيدة ومأرِزُ الإيمان وحرَمُ الإسلام، فيها الكعبةُ المُعظَّمة، والمشاعرُ المُقدَّسة، وفيها مسجدُ نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وبه الروضةُ المُشرَّفة، حِفظُ أمنها واجبٌ مُعظَّم، وصَونُ أرضها فرضٌ مُحتَّم.
والمملكةُ العربيةُ السعودية تحت ولايةٍ مسلمة، تُدين بالحكم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي أعناق شعبها بَيعةٌ لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من مات وليس في عُنقه بيعة ماتَ ميتةً جاهلية ).
ومن عقيدتنا السلفية الناصِعة: عدمُ جواز الخروج على ولاة أمرنا، أو قتالهم، أو مُنابَذتهم، أو إظهار الشناعة عليهم، أو تحريك القلوب بالسوء والفتنة ضدَّهم، وندعو لهم بالصلاح والمُعافاة والتوفيق والسداد.
وشعبُ المملكة العربية السعودية يرفُض الفوضى ويرفُض التدخُّل في شؤونه من أية جهةٍ كانت، ويقِفُ مع ولاة أمره ضد كل حاقدٍ وحاسد، وعابثٍ وفاسد، ومارقٍ مُفارِق، وخائنٍ مُنافِق، وضد كل من يُريد زعزعَة الأمن في بلده، وزرع الفتنة في أرضه، ونمُدُّ أيدينا لولاة أمرنا، ونضع أيدينا في أيديهم، ونقول: نحن على العهد والوفاء، والولاء والانتماء، سِلمًا لمن سالمَكم، وحربًا على من حارَبَكم.
أيها المسلمون .. إننا نعيش في بلادنا السعودية نعمة الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان والرَغَد في العيش والسلامة في الدين والدنيا. ولكننا ابتلينا مؤخرًا بما ابتليت به الأمة في أولها بفرقة ضالة وجماعة منحرفة تزعم الحق وتطالب باستقامة الدين ولكنها بعيد كل البعد عن الطريق القويم، إنها فرقة أصولها قديمة وآثار منهجها وخيمة، إنها فرقة يتزعمها صغار الأسنان وسُفهاء الأحلام، إنهم يُظهِرون العبادة وطلب الآخرة ولكن الواقع أنهم في طريق جهنم سائرون ولأوزارهم وأوزار من يُضِلُّون جامعون، إنهم يرفعون راية الجهاد في سبيل الله ولكن حقيقتهم أنهم يتركون أهل الأوثان ويُقاتلون أهل الإسلام.
وإن من أواخر ما حصل من هذه الفرقة خبيثة أنهم تبنَّوْا التفجير الذي حصل في حي القديح بمحافظة القطيف يوم الجمعة الماضية. وهذا أمر شنيع وفعل وضيع، فإنه قتل بغير حث واعتداء أثيم، إنه استهداف للآمنين لأناس خروجوا من بيوتهم ليؤدوا شعيرة طلبًا للأجر والثواب فحلَّت بهم الفاجعة وأريقت دماؤهم فمات من مات وأمره إلى الله، وأصيب من أصيب بسبب عمل مشين لا يقره دين ولا عقل ولا فطرة سوية.
إن القتل العشوائي والتفجير والتدمير فضلاً عن حرمته، وأنه من كبائر الذنوب، فإنه عمل خبيث خسيس، يشعل أوار الفتنة بين الآمنين، ويقطع حبال الود وحُسن الجوار بين المسلمين، ويؤدي بهم –إذا تطور الأمر ولم يتدخل العقلاء- إلى اقتتال داخلي، ونزاع طائفي، تغرق فيه البلاد في مستنقع آسن، يتضرر منه البلاد والعباد. ومما يزيد من بشاعة تلكم الجريمة النكراء، أنها قد تكون سببًا في نقل عمليات بشعة وتفجيرات غير مبررة ولا مقبولة إلى ساحة المساجد في بلاد الحرمين، وإن المرء ليتعجب ويتملكه الحيرة: أي دين يدفع بإنسان أن يفجر نفسه في مسجد بين أناس آمنين!! كيف يفعل ذلك وفيهم الطفل غير المكلف، وفيهم الجاهل غير المعلَّم، وفيهم المقلِّد غير المبصر؟! كيف يهجم مسلم على أناس غافلين، حتى ولو كانوا من كانوا.
فنسأل الله تعالى أن يحفظ علينا بلادنا وأمننا، وأن يرد كيد الحاقدين الحاسدين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... ينبغي أن لا تتخذ هذه الأحداث مجالاً للمزايدة على أمن هذه البلاد, فأمن هذه البلاد - بلاد الحرمين - خط أحمر، وقد اكتوى أهل السنة قبل غيرهم بنار الغلو والتطرف فصبروا ووقفوا مع حكامهم صفًا واحدًا في مواجهة الأخطار.
فالمزايدة على الأمن والتهديد بالحماية الذاتية أو الحشود الشعبية أمر لا يقره جميع مواطني هذه البلاد المخلصين, إنما يخدم أعداء هذه البلاد الذين لا يريدون لها استقراراً ولا اتحاداً ولا أمنًا, فنقف جميعًا صفًا واحدًا ويدًا واحدة مع دولتنا ورجال أمننا في مواجهة الأعمال التخريبية.
كما لا بنبغي محاسبة علماء ودعاة هذه البلاد واتهامهم بالمحرضين .. وتأليب الناس عليهم وتشويه صورهم ... فإن الدولة حفظها الله بعلمائها الرابيين الناصحين وبقادة مجاهدين مخلصين.
كما أنه لا ينبغي أيضًا المزايدة على المناهج الدراسية لهذه البلاد أو أنشطتها الدعوية, فلا نسبة أي واقعة تحدث على الأرض إلى هذه المناهج فقط.. فإن هذا ولا شك أمر غير مقبول على الإطلاق.
فمناهجنا خالية تمامًا من التحريض والكراهية .. مناهجنا تدفع إلى التعايش الإنساني فقصة جار الرسول اليهودي وتحمله لأذاه وزيارته بمرضه، وقصة الاستعانة بالمشرك في هجرته إلى المدينة وغيرها نماذج تشهد على سلامة مناهجنا، وهناك قبائل من اليهود كبني قريضة وبني القينقاع كانوا مع مسلمي الصدر الأول في مدينة واحدة، ومناهجنا مليئة بقصص التعايش معهم، وامتدت هذه النماذج إلى الخلفاء الراشدين, فهذا الفاروق عمر بن الخطاب الذي فرض لليهودي كبير السن راتبًا شهريًا من بيت مال المسلمين، وقال: استفدنا من شبابه فلا نتركه عند شيبته.
كل ذلك حملته مناهجنا ودرسته للنشء فماذا يريد المقرضون من ترديد هذه الاسطوانة المشروخة.
إن كانوا يريدون من خلالها التنازل عن العقيدة التي حملتها مناهجنا فهذا دونه خرط القتاد. والقادة حفظهم الله لن تنجرف لهذه الدعاوى فهم سلفيون على منهج أهل السنة والجماعة.
أيها المسلمون ... احفظوا أمنكم ووحدتكم، ووطنكم واستقراركم، وانظروا فيمن حولكم ممن يُعانون الخوفَ والرُّعب والحروب والدمار والشتات والانفلات، يوم ضاعَ أمنُهم، وتفرَّق شملُهم، وتبدَّدَت وحدتهم، واختلفَت كلمتُهم، والسعيدُ من وُعِظ بغيره، والشقيُّ من وُعِظ بنفسه.
ورُغم المؤامرات والدعوات المُغرِضة ستظلُّ هذه البلاد المباركة بحول الله وقوته، ثم بعزَمات رجاله، وإيمان أهلها، وإخلاص ولاتها، ونُصح علمائها خادمةً للحرمين الشريفين، وراعيةً لحُجَّاج بيت الله الحرام، وراعيةً لزوَّار مسجد سيد الأنام محمد -صلى الله عليه وسلم-، بلدَ إسلامٍ وسلام، وسنةٍ وجماعة، وعدلٍ ورحمة، وخيرٍ وإحسانٍ وشفقةٍ بالمسلمين في كل مكان، آمنةً مطمئنة، ساكنةً مستقرة، مُتلاحمةً مُتراحمَة، حاميةً لمعاقِل الدين من التغيير، حافظةً لموارد الشريعة من التكدير.
وإن رغِمَت أنوفٌ من أناسٍ *** فقل: يا ربِّ لا تُرغِم سواها
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .....
اتقوا الله – عباد الله - فقد نجا من اتقى، وضلَّ من قادَه الهوى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن دموع العين قد فاضت من فرطِ الأَسَى، وحلَّ الصدْعُ في القلبِ والوِجدان، يومَ باءَ الدمُ بالدم، وأضحَى أهلُ الإسلام يقتلُ بعضُهم بعضًا، ويُهلِكُ بعضُهم بعضًا، ويسبِي بعضُهم بعضًا، افتراقٌ في الأمر، وشتاتٌ في الرأي، واختلافٌ في الأهواء، وفتنةٌ مُستولية، وحروبٌ مُشتعِلة، وعدوٌّ يتربَّص، الحكمةُ غائبة، وحُظوظ النفس مُستحكِمة.
وكم يعتصِر الألمُ قلوبَنا مما نراه من أحداثٍ واضطرابات، وصِدامات ومُواجهات في عالمنا الإسلامي، نسأل الله أن يُفرِّج كربة المسلمين في كل مكان، نسأل الله أن يُفرِّج كُربَتهم، ويكشِف شدَّتهم، ويحفَظ بلادَنا ويصُونها من هذه الشرور والآثام.
كم نتطلَّع إلى فرجٍ قريب يُعيدُ لأوطاننا المسلمة أمنَها وسِلمها واستقرارها؛ لتنقشِعَ سحابةُ الفتنة، وتنعمَ الشعوبُ المسلمةُ في أرضها وبلادها بخيرها وثرواتها، في ظلِّ شريعة الإسلام التي لا أمن إلا بها، ولا سلامة إلا بتطبيقها.
أيها المسلمون ... تتفاوَت البلدان والأوطان شرفًا ومكانة، وعُلوًّا وحُرمة، ومجدًا وتاريخًا، وتأتي المملكة العربية السعودية بلادُ الحرمين الشريفين، وراعيةُ المسجدَيْن العظيمَيْن، وخادمةُ المدينتين المُقدَّستين، في المكان الأعلى، والموطن الأَسْمى، بلادٌ في ظِلال الشرع وادِعة، وفي رياض الأمن راتِعة، ولأطراف المجد جامعة، مهبِط الوحي وموئِلُ العقيدة ومأرِزُ الإيمان وحرَمُ الإسلام، فيها الكعبةُ المُعظَّمة، والمشاعرُ المُقدَّسة، وفيها مسجدُ نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وبه الروضةُ المُشرَّفة، حِفظُ أمنها واجبٌ مُعظَّم، وصَونُ أرضها فرضٌ مُحتَّم.
والمملكةُ العربيةُ السعودية تحت ولايةٍ مسلمة، تُدين بالحكم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي أعناق شعبها بَيعةٌ لها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من مات وليس في عُنقه بيعة ماتَ ميتةً جاهلية ).
ومن عقيدتنا السلفية الناصِعة: عدمُ جواز الخروج على ولاة أمرنا، أو قتالهم، أو مُنابَذتهم، أو إظهار الشناعة عليهم، أو تحريك القلوب بالسوء والفتنة ضدَّهم، وندعو لهم بالصلاح والمُعافاة والتوفيق والسداد.
وشعبُ المملكة العربية السعودية يرفُض الفوضى ويرفُض التدخُّل في شؤونه من أية جهةٍ كانت، ويقِفُ مع ولاة أمره ضد كل حاقدٍ وحاسد، وعابثٍ وفاسد، ومارقٍ مُفارِق، وخائنٍ مُنافِق، وضد كل من يُريد زعزعَة الأمن في بلده، وزرع الفتنة في أرضه، ونمُدُّ أيدينا لولاة أمرنا، ونضع أيدينا في أيديهم، ونقول: نحن على العهد والوفاء، والولاء والانتماء، سِلمًا لمن سالمَكم، وحربًا على من حارَبَكم.
أيها المسلمون .. إننا نعيش في بلادنا السعودية نعمة الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان والرَغَد في العيش والسلامة في الدين والدنيا. ولكننا ابتلينا مؤخرًا بما ابتليت به الأمة في أولها بفرقة ضالة وجماعة منحرفة تزعم الحق وتطالب باستقامة الدين ولكنها بعيد كل البعد عن الطريق القويم، إنها فرقة أصولها قديمة وآثار منهجها وخيمة، إنها فرقة يتزعمها صغار الأسنان وسُفهاء الأحلام، إنهم يُظهِرون العبادة وطلب الآخرة ولكن الواقع أنهم في طريق جهنم سائرون ولأوزارهم وأوزار من يُضِلُّون جامعون، إنهم يرفعون راية الجهاد في سبيل الله ولكن حقيقتهم أنهم يتركون أهل الأوثان ويُقاتلون أهل الإسلام.
وإن من أواخر ما حصل من هذه الفرقة خبيثة أنهم تبنَّوْا التفجير الذي حصل في حي القديح بمحافظة القطيف يوم الجمعة الماضية. وهذا أمر شنيع وفعل وضيع، فإنه قتل بغير حث واعتداء أثيم، إنه استهداف للآمنين لأناس خروجوا من بيوتهم ليؤدوا شعيرة طلبًا للأجر والثواب فحلَّت بهم الفاجعة وأريقت دماؤهم فمات من مات وأمره إلى الله، وأصيب من أصيب بسبب عمل مشين لا يقره دين ولا عقل ولا فطرة سوية.
إن القتل العشوائي والتفجير والتدمير فضلاً عن حرمته، وأنه من كبائر الذنوب، فإنه عمل خبيث خسيس، يشعل أوار الفتنة بين الآمنين، ويقطع حبال الود وحُسن الجوار بين المسلمين، ويؤدي بهم –إذا تطور الأمر ولم يتدخل العقلاء- إلى اقتتال داخلي، ونزاع طائفي، تغرق فيه البلاد في مستنقع آسن، يتضرر منه البلاد والعباد. ومما يزيد من بشاعة تلكم الجريمة النكراء، أنها قد تكون سببًا في نقل عمليات بشعة وتفجيرات غير مبررة ولا مقبولة إلى ساحة المساجد في بلاد الحرمين، وإن المرء ليتعجب ويتملكه الحيرة: أي دين يدفع بإنسان أن يفجر نفسه في مسجد بين أناس آمنين!! كيف يفعل ذلك وفيهم الطفل غير المكلف، وفيهم الجاهل غير المعلَّم، وفيهم المقلِّد غير المبصر؟! كيف يهجم مسلم على أناس غافلين، حتى ولو كانوا من كانوا.
فنسأل الله تعالى أن يحفظ علينا بلادنا وأمننا، وأن يرد كيد الحاقدين الحاسدين.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... ينبغي أن لا تتخذ هذه الأحداث مجالاً للمزايدة على أمن هذه البلاد, فأمن هذه البلاد - بلاد الحرمين - خط أحمر، وقد اكتوى أهل السنة قبل غيرهم بنار الغلو والتطرف فصبروا ووقفوا مع حكامهم صفًا واحدًا في مواجهة الأخطار.
فالمزايدة على الأمن والتهديد بالحماية الذاتية أو الحشود الشعبية أمر لا يقره جميع مواطني هذه البلاد المخلصين, إنما يخدم أعداء هذه البلاد الذين لا يريدون لها استقراراً ولا اتحاداً ولا أمنًا, فنقف جميعًا صفًا واحدًا ويدًا واحدة مع دولتنا ورجال أمننا في مواجهة الأعمال التخريبية.
كما لا بنبغي محاسبة علماء ودعاة هذه البلاد واتهامهم بالمحرضين .. وتأليب الناس عليهم وتشويه صورهم ... فإن الدولة حفظها الله بعلمائها الرابيين الناصحين وبقادة مجاهدين مخلصين.
كما أنه لا ينبغي أيضًا المزايدة على المناهج الدراسية لهذه البلاد أو أنشطتها الدعوية, فلا نسبة أي واقعة تحدث على الأرض إلى هذه المناهج فقط.. فإن هذا ولا شك أمر غير مقبول على الإطلاق.
فمناهجنا خالية تمامًا من التحريض والكراهية .. مناهجنا تدفع إلى التعايش الإنساني فقصة جار الرسول اليهودي وتحمله لأذاه وزيارته بمرضه، وقصة الاستعانة بالمشرك في هجرته إلى المدينة وغيرها نماذج تشهد على سلامة مناهجنا، وهناك قبائل من اليهود كبني قريضة وبني القينقاع كانوا مع مسلمي الصدر الأول في مدينة واحدة، ومناهجنا مليئة بقصص التعايش معهم، وامتدت هذه النماذج إلى الخلفاء الراشدين, فهذا الفاروق عمر بن الخطاب الذي فرض لليهودي كبير السن راتبًا شهريًا من بيت مال المسلمين، وقال: استفدنا من شبابه فلا نتركه عند شيبته.
كل ذلك حملته مناهجنا ودرسته للنشء فماذا يريد المقرضون من ترديد هذه الاسطوانة المشروخة.
إن كانوا يريدون من خلالها التنازل عن العقيدة التي حملتها مناهجنا فهذا دونه خرط القتاد. والقادة حفظهم الله لن تنجرف لهذه الدعاوى فهم سلفيون على منهج أهل السنة والجماعة.
أيها المسلمون ... احفظوا أمنكم ووحدتكم، ووطنكم واستقراركم، وانظروا فيمن حولكم ممن يُعانون الخوفَ والرُّعب والحروب والدمار والشتات والانفلات، يوم ضاعَ أمنُهم، وتفرَّق شملُهم، وتبدَّدَت وحدتهم، واختلفَت كلمتُهم، والسعيدُ من وُعِظ بغيره، والشقيُّ من وُعِظ بنفسه.
ورُغم المؤامرات والدعوات المُغرِضة ستظلُّ هذه البلاد المباركة بحول الله وقوته، ثم بعزَمات رجاله، وإيمان أهلها، وإخلاص ولاتها، ونُصح علمائها خادمةً للحرمين الشريفين، وراعيةً لحُجَّاج بيت الله الحرام، وراعيةً لزوَّار مسجد سيد الأنام محمد -صلى الله عليه وسلم-، بلدَ إسلامٍ وسلام، وسنةٍ وجماعة، وعدلٍ ورحمة، وخيرٍ وإحسانٍ وشفقةٍ بالمسلمين في كل مكان، آمنةً مطمئنة، ساكنةً مستقرة، مُتلاحمةً مُتراحمَة، حاميةً لمعاقِل الدين من التغيير، حافظةً لموارد الشريعة من التكدير.
وإن رغِمَت أنوفٌ من أناسٍ *** فقل: يا ربِّ لا تُرغِم سواها
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .....