تَعْلِيمُ النَّاسِ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ 27 جُمَادَى الأُولَى 1438هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1438/05/25 - 2017/02/22 15:01PM
تَعْلِيمُ النَّاسِ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ 27 جُمَادَى الأُولَى 1438هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه، وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ بِحِكْمَتِهِ مِنْ دَقِيقِ الْأَمْرِ وَجِلِّه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ كُلُّه، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّه، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَا أَنْزَلَ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ, ثُمَّ إِنَّ الْمَرَضَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ فَيُكَفِّرُ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ وَقَدْ يَرْفَعُ اللهُ بِهِ دَرَجَاتِهِ, وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ عِلَاجِهِ وَقَدْ يُجِبُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ, وَهَذَا لا يُعَارِضُ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ بَلْ هُوَ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ, وَلا شَكَّ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَرَضِ وَلاسِيَّمَا مَا كَانَ يَسِيرَاً وَمُعْتَادَاً أَفْضَلَ مِنَ الْعِلَاجِ, وَلَوْ تَعَالَجَ الْإِنْسَانُ فَلا حَرَجَ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْعِلَاجَ نَوْعَانِ : نَوْعٌ بِالْأَدْوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْأَطَبَّاءِ وَنَوْعٌ بِالرُّقْيَةِ, وَكِلَاهُمَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ , وَفِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سَوْفَ يَكُونُ الْكَلَامُ بِإِذْنِ اللهِ عَلَى الْعِلَاجِ بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ بِالْقَرَاءَةِ عَلَى الْمَرِيضِ طَرِيقٌ نَاجِحٌ وَمُفِيدٌ فِي كُلِّ الْأَمْرَاضِ, وَخَاصَّةً الْأَمْرَاضَ التِي يَعْجَزُ الطُّبُّ الْمَعْرُوفُ عَنْهَا وَهِيَ ثَلاثَةٌ : السِّحْرُ وَالْمَسُّ بِالْجِنِّ وَالْعَيْنُ (الْحَسَدُ), فَإِنَّ الطَّرِيقَ الْوَحِيدَ لِعِلَاجِ هَذِهِ الْأَمْرَاضِ الثَّلَاثَةِ هُوَ الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
[font="]وَاعْلَمُوا أَنَّ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَجُوزُ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ بِثَلاثَةِ شُرُوطٍ (الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ بِكَلَامِ اللهِ تَعَالَى أَوْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، (الثَّانِي) أَنْ تَكُونَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ ، (الثَّالِثُ) أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الرُّقْيَةَ لا تُؤَثِّرُ بِذَاتِهَا بَلِ الشَّافِي هُوَ اللهُ تَعَالَى إِنَّمَا هِيَ سَبَبٌ, كَمَا أَنَّ عِلَاجَ الْأَطِبَّاءِ سَبَبٌ , ثُمَّ يُضَافُ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَرِيضَ يَقْبَلُ هَذِهِ الرُّقْيَةَ وَكَذَلِكَ الرَّاقِي نَفْسَهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ هَذِهِ الرُّقْيَةَ نَافِعَةٌ بِإِذْنِ اللهِ, وَأَمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الْمَرِيضُ وَلَمْ يَكُنْ الرَّاقِي وَاثِقَاً بِاللهِ أَنَّ هَذِهِ الرُّقْيَةَ سَبَبٌ نَاجِحٌ فَإِنَّهَا لا تَنْفَعُ .[/font]
[font="]ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَنْفَعِ الرُّقَى مَا كَانَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وَلَيْسَ هُنَاكَ سُوَرٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَاتٌ لا بُدَّ مِنْهَا فِي الرُّقْيَةِ , بَلِ الْقُرْآنُ كُلٌّهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ يَنْفَعُ فِي الرُّقْيَةِ , وَلَكِنَّ هُنَاكَ سُورٌ وَآيَاتٌ جَاءَتْ بِهَا الْأَدِلَّةُ فُيُنْصَحُ بِهَا لِلرُّقْيَةِ, فِمِنْهَا سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَآخِرُ ثَلَاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ : الصَّمَدُ وَالْفَلَقُ وَالنَّاسُ , وَمِنْهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَهِيَ أَعْظَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ, وَآخِرُ آيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ, وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْرَأَ الآيَاتِ التِي جَاءَ فِيهَا ذِكْرُ السِّحْرِ إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مَسْحُوراً وَهِيَ فِي سُوَرِ الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ وَيُونُسَ وَطَهَ, فَهِيَ مُنَاسَبِةَ لِلْمَرَضِ .[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : [/font][font="]وَاعْلَمُوا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مَنْ يَرْقِيهِ مِمَّنْ يُحْسِنُ الرُّقْيَةَ , وَلَكِنْ أَنْفَعُ الرُّقْيَةِ مَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَرْقِي نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَرْقِي أَهْلَهُ, وَذَلِكَ لِعِدَّةِ أُمُورٍ : (الْأَوَّلُ) أَنَّ هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَيَرْقِي أَهْلَهُ. (الثَّانِي) أَنَّهُ أَعْظَمُ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ, لِأَنَّ طَلَبَ الرُّقْيَةِ مِنَ الْغَيْرِ فِيه قُصُورٌ فِي جَانِبِ التَّوَكُّلِ, وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ أَنَّهُمْ لا يَطْلُبُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنْ يَرْقِيَهُمْ. (الثَّالِثُ) أَنَّهُ أَيْسَرُ وَأَكْثَرُ, فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَطِيعُ رُقْيَةَ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبُدُونِ قُيُودٍ, وَأَمَّا الذِّهَابُ لِلرُّقَاةِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى وَقْتٍ لِلوُصُولِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُمْ زِحَامٌ فَيَتَأَخَّرُ الدَّوْرُ ثُمَّ لا يُطِيلُ الرَّاقِي وَقْتَ الرُّقْيَةِ لِوُجُودِ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ. (الثَّالِثُ) أَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الْفِتْنَةِ وَخَاصَّةً فِي جَانِبِ النِّسَاءِ, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَرِيبٌ وَمُخَادِعٌ, وَلاسِيَّمَا أَنَّ بَعْضَ الرُّقَاةِ يَكُونُ شَابَّاً وَرُبَّمَا يَكُونُ وَسِيمَاً فَيَفْتِنُ الْمَرْأَةَ, أَوْ يَفْتَتِنُ بِهَا, وَالشَّيْطَانُ لَهُ مَدَاخِلُ وَطُرُقٌ خَفِيَّةٌ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ), وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْصَحُ أَصْحَابُ الْفَضِيلَةِ الذِينَ يَرْقُونَ النِّسَاءَ بِالْحَذَرِ مِنَ الْفِتْنَةِ.[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:[/font][font="] لَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ لِلرُّقْيَةِ لابُدَّ مِنْهُ, بَلِ الرُّقْيَةُ بِالْقُرْآنِ نَافِعَةٌ بِإِذْنِ اللهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ , فَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَقْرَأَ عَلَى نَفْسِكَ أَوْ مَرِيضِكَ وَتَنْفُثَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ سَوَاءً أَكَانَ بَعْدَ السُّورَةِ كِامِلَةٍ أَوْ بَعْدَ آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ, وَإِنْ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ فَإِنَّهُ نَافِعٌ بِإِذْنِ اللهِ, وَقَدْ جَاءَتِ الْأَدِلَّةُ بِنَحْوِهِ , واَلنَّفْثُ هُوَ إِخْرَاجُ الْهَوَاءِ مِنَ الْفَمِّ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ, وَلَوْ قَرَأْتَ بِدُونِ نَفْثٍ جَازَ .[/font]
[font="]وَمِنَ الرُّقْيَةِ : أَنْ تَقْرَأَ فِي مَاءٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ وَيَشْرَبُهُ الْمَرِيضُ وَيَدِّهِنَ بِالزَّيْتِ فِي مَوَاضِعِ الْأَلَمِ , قَالَ الشَّيْخُ الْعُثيْمِين رَحِمَهُ اللهُ : أَنْ يَنْفُثَ الْإِنْسَانُ بِرِيقٍ تَلَا فِيهِ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مِثْلَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ... وَيْنُفُثَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّ هَذَا لا بَأْسَ بِهِ ، وَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ ، وَهُوَ مُجَرَّبٌ وَنَافِعٌ بِإِذْنِ اللهِ ا.ه. (الفتاوى 1/107)[/font]
[font="]وَمِنَ الرُّقْيَةِ : أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَتَنْفُثَ فِي يَدَيْكَ وَتَمْسَحَهُ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ, فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَفِي صَحِيحِ الْبُخارِيِّ عَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ :[/font][font="] وَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ : أَنَّ مُدَّةَ الرُّقْيَةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَرَضِ وَالْمَرِيضِ, فَكَمَا الْأَدْوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَدْ يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ لاسْتِعْمَالِهَا وَقْتَاً قَصِيرَاً وَقَدْ تَكُونُ مُدَّةً طَوِيلَةً فَكَذَلِكَ الرُّقْيَةُ يَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ فِيهَا, فَلا يَسْتَطِيلَ الْمَرِيضُ الْمُدَّةَ ثُمَّ يَلْجَأُ لِلطُّرُقِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الذِّهَابِ لِلسَّحَرَةِ أَوِ الْمُشَعْوِذِينَ, بَلْ يُوَاصِلُ الرُّقْيَةَ مُتَوَكِّلَاً عَلَى اللهِ رَاجِيَاً الشِّفَاءَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ, بَلْ إِنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةً رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَنْبَغِي الرُّقْيَةُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَمَا تَأْوِي إِلَى فِرَاشِكَ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَتَمْسَحَ كُلَّ جَسَدِكَ.[/font]
[font="]أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَ كُلَّ مَرِيضٍ وَيُعَافِي كُلَّ مُبْتَلَى , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغِفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.[/font]
[font="]ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَنْفَعِ الرُّقَى مَا كَانَ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وَلَيْسَ هُنَاكَ سُوَرٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَاتٌ لا بُدَّ مِنْهَا فِي الرُّقْيَةِ , بَلِ الْقُرْآنُ كُلٌّهُ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ يَنْفَعُ فِي الرُّقْيَةِ , وَلَكِنَّ هُنَاكَ سُورٌ وَآيَاتٌ جَاءَتْ بِهَا الْأَدِلَّةُ فُيُنْصَحُ بِهَا لِلرُّقْيَةِ, فِمِنْهَا سُورَةُ الْفَاتِحَةِ وَآخِرُ ثَلَاثِ سُوَرٍ مِنَ الْقُرْآنِ : الصَّمَدُ وَالْفَلَقُ وَالنَّاسُ , وَمِنْهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَهِيَ أَعْظَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ, وَآخِرُ آيَتَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ, وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْرَأَ الآيَاتِ التِي جَاءَ فِيهَا ذِكْرُ السِّحْرِ إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مَسْحُوراً وَهِيَ فِي سُوَرِ الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ وَيُونُسَ وَطَهَ, فَهِيَ مُنَاسَبِةَ لِلْمَرَضِ .[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : [/font][font="]وَاعْلَمُوا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مَنْ يَرْقِيهِ مِمَّنْ يُحْسِنُ الرُّقْيَةَ , وَلَكِنْ أَنْفَعُ الرُّقْيَةِ مَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَرْقِي نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَرْقِي أَهْلَهُ, وَذَلِكَ لِعِدَّةِ أُمُورٍ : (الْأَوَّلُ) أَنَّ هَذِهِ هِيَ السُّنَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَيَرْقِي أَهْلَهُ. (الثَّانِي) أَنَّهُ أَعْظَمُ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ, لِأَنَّ طَلَبَ الرُّقْيَةِ مِنَ الْغَيْرِ فِيه قُصُورٌ فِي جَانِبِ التَّوَكُّلِ, وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ أَنَّهُمْ لا يَطْلُبُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنْ يَرْقِيَهُمْ. (الثَّالِثُ) أَنَّهُ أَيْسَرُ وَأَكْثَرُ, فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَطِيعُ رُقْيَةَ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبُدُونِ قُيُودٍ, وَأَمَّا الذِّهَابُ لِلرُّقَاةِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى وَقْتٍ لِلوُصُولِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُمْ زِحَامٌ فَيَتَأَخَّرُ الدَّوْرُ ثُمَّ لا يُطِيلُ الرَّاقِي وَقْتَ الرُّقْيَةِ لِوُجُودِ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ. (الثَّالِثُ) أَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الْفِتْنَةِ وَخَاصَّةً فِي جَانِبِ النِّسَاءِ, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَرِيبٌ وَمُخَادِعٌ, وَلاسِيَّمَا أَنَّ بَعْضَ الرُّقَاةِ يَكُونُ شَابَّاً وَرُبَّمَا يَكُونُ وَسِيمَاً فَيَفْتِنُ الْمَرْأَةَ, أَوْ يَفْتَتِنُ بِهَا, وَالشَّيْطَانُ لَهُ مَدَاخِلُ وَطُرُقٌ خَفِيَّةٌ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ), وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْصَحُ أَصْحَابُ الْفَضِيلَةِ الذِينَ يَرْقُونَ النِّسَاءَ بِالْحَذَرِ مِنَ الْفِتْنَةِ.[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:[/font][font="] لَيْسَ هُنَاكَ طَرِيقٌ لِلرُّقْيَةِ لابُدَّ مِنْهُ, بَلِ الرُّقْيَةُ بِالْقُرْآنِ نَافِعَةٌ بِإِذْنِ اللهِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ , فَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَقْرَأَ عَلَى نَفْسِكَ أَوْ مَرِيضِكَ وَتَنْفُثَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ سَوَاءً أَكَانَ بَعْدَ السُّورَةِ كِامِلَةٍ أَوْ بَعْدَ آيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ, وَإِنْ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ فَإِنَّهُ نَافِعٌ بِإِذْنِ اللهِ, وَقَدْ جَاءَتِ الْأَدِلَّةُ بِنَحْوِهِ , واَلنَّفْثُ هُوَ إِخْرَاجُ الْهَوَاءِ مِنَ الْفَمِّ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ, وَلَوْ قَرَأْتَ بِدُونِ نَفْثٍ جَازَ .[/font]
[font="]وَمِنَ الرُّقْيَةِ : أَنْ تَقْرَأَ فِي مَاءٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ وَيَشْرَبُهُ الْمَرِيضُ وَيَدِّهِنَ بِالزَّيْتِ فِي مَوَاضِعِ الْأَلَمِ , قَالَ الشَّيْخُ الْعُثيْمِين رَحِمَهُ اللهُ : أَنْ يَنْفُثَ الْإِنْسَانُ بِرِيقٍ تَلَا فِيهِ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مِثْلَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ... وَيْنُفُثَ فِي الْمَاءِ فَإِنَّ هَذَا لا بَأْسَ بِهِ ، وَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ ، وَهُوَ مُجَرَّبٌ وَنَافِعٌ بِإِذْنِ اللهِ ا.ه. (الفتاوى 1/107)[/font]
[font="]وَمِنَ الرُّقْيَةِ : أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَتَنْفُثَ فِي يَدَيْكَ وَتَمْسَحَهُ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ, فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَفِي صَحِيحِ الْبُخارِيِّ عَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.[/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ :[/font][font="] وَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ : أَنَّ مُدَّةَ الرُّقْيَةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَرَضِ وَالْمَرِيضِ, فَكَمَا الْأَدْوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَدْ يَحْتَاجُ الْإِنْسَانُ لاسْتِعْمَالِهَا وَقْتَاً قَصِيرَاً وَقَدْ تَكُونُ مُدَّةً طَوِيلَةً فَكَذَلِكَ الرُّقْيَةُ يَنْبَغِي مُرَاعَاةُ ذَلِكَ فِيهَا, فَلا يَسْتَطِيلَ الْمَرِيضُ الْمُدَّةَ ثُمَّ يَلْجَأُ لِلطُّرُقِ الْمُحَرَّمَةِ مِنَ الذِّهَابِ لِلسَّحَرَةِ أَوِ الْمُشَعْوِذِينَ, بَلْ يُوَاصِلُ الرُّقْيَةَ مُتَوَكِّلَاً عَلَى اللهِ رَاجِيَاً الشِّفَاءَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ, بَلْ إِنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةً رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَنْبَغِي الرُّقْيَةُ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَمَا تَأْوِي إِلَى فِرَاشِكَ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَتَمْسَحَ كُلَّ جَسَدِكَ.[/font]
[font="]أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَشْفِيَ كُلَّ مَرِيضٍ وَيُعَافِي كُلَّ مُبْتَلَى , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغِفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.[/font]
[font="]الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ[/font]
[font="]الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ .[/font]
[font="]أَمَّا بَعْدُ : [/font][font="]فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ نَبَوِيَّةٍ بِطُرُقٍ لِلرُّقْيَةِ , فَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ مِنْ جَسَدِكِ وَتَقُولَ (بِاسْمِ اللهِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَتقَولَ سَبْعَ مَرَّاتٍ (أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.[/font]
[font="]وَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَأْخُذَ مِنْ رِيقِ نَفْسِكَ عَلَى إِصْبَعِكَ السَّبَّابَةِ ثُمَّ تَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقَ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَتَمْسَحَ بِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْجَرِيحِ أَوِ الْعَلِيلِ سَوَاءٌ مِنْكَ أَوْ مِنْ غَيْرِكَ وَتَقُولَ : بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا, فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا (بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا) [/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ :[/font][font="] نَخْتِمُ هَذِهِ الْخُطْبَةِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ لُدِغَ، فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا، مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا، وَسَقَوْنَا لَبَنًا، فَقُلْنَا: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَقَالَ: مَا رَقَيْتُهُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ: لَا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ (مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الرُّقْيَةِ بِالْفَاتِحَةِ, وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الرُّقْيَةِ, لَكِنْ قَالَ الْعُلَمَاءُ : لا يَنْبَغِي اتِّخَاذُ الرُّقْيَةِ مِهْنَةً يَشْتَغِلُ بِهَا وَيَتَفرَّغُ لَهَا , لَكِنْ لَوْ رَقَى أَحَدَاً بِمُقَابِلٍ مَالِيٍّ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.[/font]
[font="]اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا, اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَعَافِ مُبْتَلانَا وَارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ فرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الَمدِينِينَ. اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْمِحِنَ وَالزَّلَازِلَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءُ مِنْهِمْ وَالْأَمْوَاتِ, اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا وَزِدْنَا وَلا تُنْقِصْنَا وَآثِرْنَا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نَرْجُوا فَلا تَكِلْنَا إِلَّا إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلْيَا، وَبِكَ أَنْتَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا مَنْ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمَاً. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِه أَجْمَعِينَ.[/font]
[font="]أَمَّا بَعْدُ : [/font][font="]فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ نَبَوِيَّةٍ بِطُرُقٍ لِلرُّقْيَةِ , فَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى مَكَانِ الْأَلَمِ مِنْ جَسَدِكِ وَتَقُولَ (بِاسْمِ اللهِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَتقَولَ سَبْعَ مَرَّاتٍ (أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.[/font]
[font="]وَمِنْ ذَلِكَ : أَنْ تَأْخُذَ مِنْ رِيقِ نَفْسِكَ عَلَى إِصْبَعِكَ السَّبَّابَةِ ثُمَّ تَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ فَيَعْلَقَ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَتَمْسَحَ بِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْجَرِيحِ أَوِ الْعَلِيلِ سَوَاءٌ مِنْكَ أَوْ مِنْ غَيْرِكَ وَتَقُولَ : بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا, فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ، قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا (بِاسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا) [/font]
[font="]أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ :[/font][font="] نَخْتِمُ هَذِهِ الْخُطْبَةِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَأَتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ لُدِغَ، فَهَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مِنَّا، مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْهُ غَنَمًا، وَسَقَوْنَا لَبَنًا، فَقُلْنَا: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَقَالَ: مَا رَقَيْتُهُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَالَ فَقُلْتُ: لَا تُحَرِّكُوهَا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ (مَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الرُّقْيَةِ بِالْفَاتِحَةِ, وَفِيهِ جَوَازُ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الرُّقْيَةِ, لَكِنْ قَالَ الْعُلَمَاءُ : لا يَنْبَغِي اتِّخَاذُ الرُّقْيَةِ مِهْنَةً يَشْتَغِلُ بِهَا وَيَتَفرَّغُ لَهَا , لَكِنْ لَوْ رَقَى أَحَدَاً بِمُقَابِلٍ مَالِيٍّ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.[/font]
[font="]اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا, اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَعَافِ مُبْتَلانَا وَارْحَمْ مَوْتَانَا، اللَّهُمَّ فرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الَمدِينِينَ. اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْغَلَاءَ وَالْمِحِنَ وَالزَّلَازِلَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الْأَحْيَاءُ مِنْهِمْ وَالْأَمْوَاتِ, اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلا تَحْرِمْنَا وَزِدْنَا وَلا تُنْقِصْنَا وَآثِرْنَا وَلا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نَرْجُوا فَلا تَكِلْنَا إِلَّا إِلَيْكَ. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلْيَا، وَبِكَ أَنْتَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، يَا مَنْ وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمَاً. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِه أَجْمَعِينَ.[/font]
المرفقات
تَعْلِيمُ النَّاسِ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ 27 جُمَادَى الأُولَى 1438هـ.doc
تَعْلِيمُ النَّاسِ الرُّقْيَةَ الشَّرْعِيَّةَ 27 جُمَادَى الأُولَى 1438هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق