تعظيم قدر الصلاة (1442/2/22هـ)
د عبدالعزيز التويجري
الخطبة الأولى تعظيم قدر الصلاة ..
الحمدلله الولي الحميد يفعل مايشاء ويحكم مايريد ، وأشهد أن لا إله إلا الله ذو العرش المجيد وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين أما بعد
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون .
أخرج ابن ابي شيبة وأصله في صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ احْتَمَلْتُهُ أَنَا وَنَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، حَتَّى أَدْخَلْنَاهُ مَنْزِلَهُ فَلَمْ يَزَلْ فِي غَشْيَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى أَسْفَرَ، فجعلنا نناديه فلا يجيب، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ إِلَّا بِالصَّلَاةِ قَالَ: فَقُلْنَا: الصلاة الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَصَلَّى النَّاسُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لمن تَرَكَ الصَّلَاةَ»، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا .
من لم تكن الصلاة أكبر همه وأعظم شيء في قلبه فقد مرض قلبه ولم يكن من معالم الدين مستمسكا عنده .
الصلاة أعظم معالم الدين الحنيف، وأعظم شعائره وأنفع ذخائره؛ أعظم أمور الإسلام ودعائمه العظام، هي بعد الشهادتين آكَدُ مفروضٍ وأعظم مَعْرُوض، وأجلُّ طاعةٍ وأرجى بضاعة .
من حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، قال عليه الصلاة والسلام -: “رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ” (أخرجه الامام أحمد).
الصلاة قرة للعيون ومفزعًا للمحزون؛ كان عليهِ الصلاة وسلّام “إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فزع إلى الصلاة "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِه فِي الصَّلاةِ " وكان ينادي: “يَا بِلالُ، أَرِحْنَا بِالصَّلاةِ".
الصلاة؛ أكبر وسائل حفظ الأمن والقضاء على الجريمة، وأنجح وسائل التربية على الفضيلة والعفة، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ "
الصلاة؛ سرُّ الفلاح وأصل النجاح، وأول ما يحاسب العبد عليه يوم القيامة؛ فإن صلحت أفلح العبد وفاز، وإن فسدت خسر وخاب.
في صحيح البخاري قالت عائشةُ رضي الله عنها:: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يكُونُ في مِهْنةِ أهلهِ، ، فإذا حضرَتِ الصلاةُ، خرج إلى الصلاةِ.
قال ابن عباس رضي الله عنه في قول الله تعالى ( رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ) كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا ما بأيديهم وقاموا إلى المساجد فصلوا .
من ظن ان التوقف لأجل الصلاة يعيق التنمية و يجلب الخسائر فقد مرض قلبه ، وخسر نفسه واستعجل العقوبة لمجتمعه .
إنه لا يعيق التنميةَ ولا يجلب للبلدِ الخسائرَ والمثلات ، مثلَ معاملاتِ الربا ، والغشِ في البيعِ والشراءِ ، واستغلالِ حاجةِ الفقراء .
الامرُ بالصلاةِ والتوقفُ عن مشاغل الدنيا من اجل الصلاةِ سبب للرزق والبركةِ والنماء {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ } .
قال حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: " أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ ، وَلَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً ،.
أقيموا الصلاة لوقتها، وأسبغوا لها وضوءَها، وأتمّوا لها قيامها وخشوعها وركوعها وسجودها، تنالوا ثمرتها وبركتها وقوّتها وراحتها.
أستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات إن ربنا لغفور شكور
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى وسمع الله لمن دعا وصلى الله وسلم على عبده ورسوله المصطفى أما بعد ..
المحافظةُ على الصلاةِ عنوانُ صدقِ الإيمان، والتهاون بها خسارةُ وخذلان؛ طريقُها معلومٌ وسبيلُها مرسومٌ، “مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ”
من حافظ على هذه الصلواتِ الخمس “فأَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ؛ فَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَسُجُودَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ”. نفحاتٌ ورَحَماتٌ، وهِباتٌ وبركاتٌ، بها تَكَفَّرُ السيئاتِ وترفَعُ الدرجاتُ وتضاعَفُ الحسناتُ، يقول رسول الهدى -صلّى الله عليهِ وسلّمَ-: “أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَىَ مِنْ دَرَنِهِ شيء ؟” قَالُوا: لاَ يَبْقَىَ مِنْ دَرَنِهِ شيء، قَالَ: “فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو الله بِهِنَّ الْخَطَايَا” (متفق عليه).
هل من تعظيم قدر الصلاة والمحافظة عليها التهاون في الصلاة مع الجماعة أولِ وقتها ، وملاحقة مصليات المتخلفين والكسالى ، ثم نقرها لايذكر الله فيها إلا قليلا
إنَّ من أكبر الكبائر وأعظم الموبقات؛ التهاون في الصلاة (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)
أي قيمة لنا عند ربنا بدون إقامة الصلاة ؟ أي وزن لنا في هذه الحياة إذا تهاونا بأمر الصلاة .
قال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه:"كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي الفَجْرِ أَوِ العِشَاءِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ".
قال الإمام الزهريّ -رحمه الله تعالى-: “دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ ؟ فقالَ: لا أَعرفُ شيئاً ممَّا أَدركتُ إلا هذه الصلاةَ، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعتْ،” (أخرجه البخاريُّ).
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....