تعظيم صلاة الفريضة وصلاة الليل
حسام بن عبدالعزيز الجبرين
1435/03/26 - 2014/01/27 18:23PM
أما بعد : فلا يخفى معشر الكرام أن جريان الأودية والأنهار محبب إلى النفوس لجماله وعظيم منافعه ، وقد كان جريان الأودية عند العرب من مناسبات الفرح التي يتوسعون فيها ويرفعون شيئا من الكلفة ،كان وادي العقيق في المدينة إذا جرى خرج الناس للفرح به والاستمتاع بمشاهدته بما فيهم ذوات الخدور من النساء ، وبعد هذه المقدمة دعونا ننتقل إلى حديث نبوي ، لنعيش شيئا من شعور الصحابة رضي الله عنهم عندما سمعوا هذا الحديث . سأل عليه الصلاة والسلام أصحابه يوما فقال : أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء . ( نعم لن يبقى من الأوساخ شيئا إذا اغتسل بهذا الماء الحلو المتدفق الكثير خمس مرات فبالتأكيد سيكون نظيفا جدا ) قالوا لا يبقى من درنه شيء قال عليه الصلاة والسلام : "فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بها الخطايا" متفق عليه .
الله أكبر إنها الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، إنها الصلاة التي جعل النبي صلى الله عليه وسلم أداءها في وقتها أحب الأعمال إلى الله ، إنها عمود الإسلام ، إنها الصلاة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ البيعة على إقامتها ، إنها القربة التي لعظم قدرها اشترطت الطهارة لأدائها بلا خلاف، إنها العبودية التي لا تسقط عن المكلف ما دام عقله معه ، إنها القربة التي تؤدى بالقلب مع جميع الجوارح ، إنها التي أمرنا بالفزع إليها والاستعانة بها وهي قرينة الصبر ، إنها الفريضة التي تكرر كل يوم وليلة ، إنها الصلاة التي حَرُم على النار أن تأكل مواضع السجود من أهلها إذا دخلوها بذنوبهم ، إنها الصلة والمناجاة بين العبد وربه ، إنها آخر وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، إنها العبودية التي فرضت في مكان شريف ( في السماء ) وفي زمان شريف ( ليلة الإسراء والمعراج بنبينا صلى الله عليه وسلم )، إنها العبودية التي فرضها الله على رسوله عليه الصلاة والسلام بلا واسطة ، إنها العبودية التي تدعو ملائكة الرحمن لمن أدّاها ما دام في باقيا في مصلاه ولم يحدث ولم يؤذ ، إنها العبودية التي فرضت جماعة حتى في حال القتال ، إنها قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم وراحته ، إنها الصلاة التي أمر لله بها موسى عليه السلام لمّا كلمه ، ونطق بها عيسى عليه السلام في مهده ، وسأل الخليل ربه لنفسه وذريته إقامتها ، وتعجب قوم شعيب من امتداد أثرها لمعبوداتهم وتجارتهم ..
إخوة الإيمان : الصلاة تكاثرت فيها النصوص الصحيحة ترغيبا وترهيبا وتنوعت فيها الأحاديث فإليكم طائفة منها تزيد إيماننا وتذكرنا بفضل الله علينا في هذه الفرائض ، قال عليه الصلاة والسلام " من صلى صلاةَ الصبحِ فهو في ذمةِ اللهِ . فلا يطلبنَّكم اللهُ من ذمتِه بشيٍء . فإنَّهُ من يطلبُه من ذمتِه بشيٍء يُدركُه . ثم يكبُّه على وجهِه في نارِ جهنمَ" , أخرجه مسلم ، وفي الفجر والعشاء "من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ . ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ" رواه مسلم ، وفي صلاة الفجر والعصر"من صلى البَرْدين دخل الجنة " أخرجه الشيخان ، وفي الفجر والعصر أيضا " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون" أخرجه الشيخان في صحيح مسلم مرفوعا " :أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته , فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا يعني العصر والفجر ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" وفي تضييع صلاة العصر وعيد شديد ففي الصحيحين : "الذي تَفوتُهُ صلاَةُ العَصْرِ، كأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومالَهُ " وهذا فيمن فرط فيها فصلاها في غير وقتها .
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وبما فيهما من الآي والحكمة واستغفروا الله إنه كان غفارا
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه أما بعد إخوة الإسلام :
ففي الصلوات الخمس اليومية نعم عظيمة للمسلمين ، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبنا بعدد من صلوات النافلة ، وبيّن أن أفضلها صلاة الليل فقد سُئلَ عليه الصلاة والسلام : أيُّ الصلاةِ أفضلُ بعد المكتوبةِ ؟ فقال " أفضلُ الصلاةِ ، بعد الصلاةِ المكتوبةِ ، الصلاةُ في جوفِ الليل ِ" رواه مسلم ، وفي سنن أبي داوود وابن ماجه أن مسروقا سأل عائشةَ عن وترِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَت: مِن كلِّ اللَّيلِ قد أوترَ، من أوَّلِهِ وأوسطِهِ، وانتَهَى وترُهُ حينَ ماتَ في السَّحَرِ" وفي الصحيحين عنها قالت " من كلِّ الليلِ قد أوتر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فانتهى وترُه إلى السَّحَرِ " ، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم عددا من أصحابه أن يوتر قبل أن ينام ، وقال عليه الصلاة والسلام " من خاف أن لا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أولَه . ومن طمع أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ . فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودةٌ . وذلك أفضلُ " أخرجه مسلم ، ومن أوتر قبل أن ينام واستيقظ آخر الليل صلى بلا وتر .
إخوة الإيمان : ومما يبين أهمية صلاة الليل في حياة المسلم أنه جاء قول الله{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } في سورة الذاريات وهي سورة مكية ، ومما يبين أهميتها أنه من أول ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عندما هاجر ؛ فعن عبد الله بن سَلَامٍ رضي الله عنه قال:«لَمَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ الناس إليه وَقِيلَ قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَجِئْتُ في الناس لِأَنْظُرَ إليه (وكان يهوديا) فلما اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ ليس بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قال: يأيها الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني .
وقال الله تعالى في مدح أولى الألباب {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9 ، قال عليه الصلاة والسلام " من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتب منَ الغافلينَ ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كتبَ منَ القانتينَ ومن قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ منَ المقنطرينَ " أخرجه أبو داوود وصححه الألباني ، ولو صلى المسلم بسورة النبأ والنازعات لصار مجموع آيتاتهما مع الفاتحة مائة آية ، وقال الحق سبحانه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة16،17 ، وقال سبحانه {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }المزمل6 فمن ثمراتها أنها أعظم تأثيرا في القلب ، ومن ثمراتها صواب القول ، قال ابن كثير : {أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }" أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار ؛ لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش " اهـ وقال سبحانه {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.} وقال عليه الصلاة والسلام "يَنْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا ، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ ، يقولُ : من يَدعوني فأَستجيبُ لهُ ، من يَسْأَلُنِي فأُعْطِيهِ ، من يَستغفرني فأَغْفِرُ لهُ " أخرجه الشيخان .
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114
ثم صلوا وسلموا ...
الله أكبر إنها الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، إنها الصلاة التي جعل النبي صلى الله عليه وسلم أداءها في وقتها أحب الأعمال إلى الله ، إنها عمود الإسلام ، إنها الصلاة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ البيعة على إقامتها ، إنها القربة التي لعظم قدرها اشترطت الطهارة لأدائها بلا خلاف، إنها العبودية التي لا تسقط عن المكلف ما دام عقله معه ، إنها القربة التي تؤدى بالقلب مع جميع الجوارح ، إنها التي أمرنا بالفزع إليها والاستعانة بها وهي قرينة الصبر ، إنها الفريضة التي تكرر كل يوم وليلة ، إنها الصلاة التي حَرُم على النار أن تأكل مواضع السجود من أهلها إذا دخلوها بذنوبهم ، إنها الصلة والمناجاة بين العبد وربه ، إنها آخر وصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، إنها العبودية التي فرضت في مكان شريف ( في السماء ) وفي زمان شريف ( ليلة الإسراء والمعراج بنبينا صلى الله عليه وسلم )، إنها العبودية التي فرضها الله على رسوله عليه الصلاة والسلام بلا واسطة ، إنها العبودية التي تدعو ملائكة الرحمن لمن أدّاها ما دام في باقيا في مصلاه ولم يحدث ولم يؤذ ، إنها العبودية التي فرضت جماعة حتى في حال القتال ، إنها قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم وراحته ، إنها الصلاة التي أمر لله بها موسى عليه السلام لمّا كلمه ، ونطق بها عيسى عليه السلام في مهده ، وسأل الخليل ربه لنفسه وذريته إقامتها ، وتعجب قوم شعيب من امتداد أثرها لمعبوداتهم وتجارتهم ..
إخوة الإيمان : الصلاة تكاثرت فيها النصوص الصحيحة ترغيبا وترهيبا وتنوعت فيها الأحاديث فإليكم طائفة منها تزيد إيماننا وتذكرنا بفضل الله علينا في هذه الفرائض ، قال عليه الصلاة والسلام " من صلى صلاةَ الصبحِ فهو في ذمةِ اللهِ . فلا يطلبنَّكم اللهُ من ذمتِه بشيٍء . فإنَّهُ من يطلبُه من ذمتِه بشيٍء يُدركُه . ثم يكبُّه على وجهِه في نارِ جهنمَ" , أخرجه مسلم ، وفي الفجر والعشاء "من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ . ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ" رواه مسلم ، وفي صلاة الفجر والعصر"من صلى البَرْدين دخل الجنة " أخرجه الشيخان ، وفي الفجر والعصر أيضا " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم- وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون" أخرجه الشيخان في صحيح مسلم مرفوعا " :أما إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته , فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا يعني العصر والفجر ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" وفي تضييع صلاة العصر وعيد شديد ففي الصحيحين : "الذي تَفوتُهُ صلاَةُ العَصْرِ، كأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومالَهُ " وهذا فيمن فرط فيها فصلاها في غير وقتها .
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة وبما فيهما من الآي والحكمة واستغفروا الله إنه كان غفارا
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه أما بعد إخوة الإسلام :
ففي الصلوات الخمس اليومية نعم عظيمة للمسلمين ، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبنا بعدد من صلوات النافلة ، وبيّن أن أفضلها صلاة الليل فقد سُئلَ عليه الصلاة والسلام : أيُّ الصلاةِ أفضلُ بعد المكتوبةِ ؟ فقال " أفضلُ الصلاةِ ، بعد الصلاةِ المكتوبةِ ، الصلاةُ في جوفِ الليل ِ" رواه مسلم ، وفي سنن أبي داوود وابن ماجه أن مسروقا سأل عائشةَ عن وترِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَت: مِن كلِّ اللَّيلِ قد أوترَ، من أوَّلِهِ وأوسطِهِ، وانتَهَى وترُهُ حينَ ماتَ في السَّحَرِ" وفي الصحيحين عنها قالت " من كلِّ الليلِ قد أوتر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فانتهى وترُه إلى السَّحَرِ " ، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم عددا من أصحابه أن يوتر قبل أن ينام ، وقال عليه الصلاة والسلام " من خاف أن لا يقومَ من آخرِ اللَّيلِ فلْيوتِرْ أولَه . ومن طمع أن يقومَ آخرَه فلْيوتِرْ آخرَ الليلِ . فإنَّ صلاةَ آخرِ الليلِ مَشهودةٌ . وذلك أفضلُ " أخرجه مسلم ، ومن أوتر قبل أن ينام واستيقظ آخر الليل صلى بلا وتر .
إخوة الإيمان : ومما يبين أهمية صلاة الليل في حياة المسلم أنه جاء قول الله{كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } في سورة الذاريات وهي سورة مكية ، ومما يبين أهميتها أنه من أول ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عندما هاجر ؛ فعن عبد الله بن سَلَامٍ رضي الله عنه قال:«لَمَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ الناس إليه وَقِيلَ قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم فَجِئْتُ في الناس لِأَنْظُرَ إليه (وكان يهوديا) فلما اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ ليس بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قال: يأيها الناس أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ»رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني .
وقال الله تعالى في مدح أولى الألباب {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر9 ، قال عليه الصلاة والسلام " من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتب منَ الغافلينَ ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كتبَ منَ القانتينَ ومن قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ منَ المقنطرينَ " أخرجه أبو داوود وصححه الألباني ، ولو صلى المسلم بسورة النبأ والنازعات لصار مجموع آيتاتهما مع الفاتحة مائة آية ، وقال الحق سبحانه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة16،17 ، وقال سبحانه {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }المزمل6 فمن ثمراتها أنها أعظم تأثيرا في القلب ، ومن ثمراتها صواب القول ، قال ابن كثير : {أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً }" أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار ؛ لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش " اهـ وقال سبحانه {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.} وقال عليه الصلاة والسلام "يَنْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا ، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ ، يقولُ : من يَدعوني فأَستجيبُ لهُ ، من يَسْأَلُنِي فأُعْطِيهِ ، من يَستغفرني فأَغْفِرُ لهُ " أخرجه الشيخان .
{وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114
ثم صلوا وسلموا ...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق