تعظيم الأشهر الحرم ذي القعدة 1442

محمد بن عبدالله التميمي
1442/11/07 - 2021/06/17 11:09AM

  إن الحمد لله وله الثناء، والشكر له على جزيل النعماء، نستعين الله على سبيل الهدى، ونستغفره لما نُلِمُّ من أسباب الشقاء، صلى الله وسلم على رسول الله أشرف الأنبياء، وعلى آله وصحبه الأتقياء، وعلى من تبعهم بإحسان، أما بعد: فاتَّقُوا اللَّهَ تُقْيَةَ مَن شَمَّرَ تَجْرِيدًا وجد تشميرًا، ونَظَرَ فِي المَآلِ وعاقِبَةِ المَصِيرِ، ومَغَبَّةِ المَرْجِعِ، وكَفى بِالجَنَّةِ نَوالا وبِالنّارِ نَكالا. فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا اقْتَرَفَ فاعْتَرَفَ، ووَجِلَ فَعَمِلَ، وحاذَرَ فَبادَرَ، وعُمِّرَ فاعْتَبَر، وأجابَ فَأنابَ، وراجَعَ فَتابَ، وتَزَوَّدَ لِرَحِيلِهِ وتَأهَّبَ لِسَبِيلِهِ. عباد الله.. خطب النبيُّ ﷺ في حجةِ الوداعِ فقال: "ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلَقَ اللهُ السمواتِ والأرض، السنةُ اثنا عشر شهرًا، منها أربعةٌ حُرُم، ثلاثةٌ متواليات: ذو القَعدَة، وذو الحِجَّة، والمحرَّم، ورجبُ مُضَر الذي بين جُمادَى وشعبان". ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ قال ابْنِ عباس في قوله: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (فِي كلِّهن، ثُمَّ اخْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَّ حَرَامًا، وعَظم حُرُماتهن، وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَعْظَمَ). وَقَالَ قَتَادَةُ: (إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا، مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ. قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى صَفَايا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ رُسُلًا وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلَامِ ذِكْرَه، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشهور رمضان والأشهر الحرم، وَاصْطَفَى مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَعَظِّموا مَا عَظَّمَ اللَّهُ، فَإِنَّمَا تُعَظَّم الْأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللَّهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَأَهْلِ الْعَقْلِ). فلا تعصوا الله -عباد الله- في هذه الأشهر خاصة، فتُكسبوا أنفسكم ما لا قِبَل لها به من سخط الله وعقابه، فإن الله عظمها وعظَّم حرمتها [كما] ذلك حرامٌ علينا في كل وقتٍ وزمانٍ، ولكن الله عظَّم حرمة هؤلاء الأشهر وشرَّفهن على سائر شهور السنة، فخصّ الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصّهن بالتشريف؛ لِأَنَّهُ آكَدُ وَأَبْلَغُ فِي الْإِثْمِ مِنْ غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ تُضَاعَفُ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ تَغْلُظُ فِيهِ الْآثَامُ. اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، وأن تتفضل علينا برحتك وتُورِثنا جنة النعيم. الخطبة الثانية الحمد لله ولي المؤمنين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن شهركم هذا شهرٌ عظيم، عظّمه الله، وعظّم العملَ فيه، وظلمُ النفس فيه أعظم، فاقْدُروا الله حق قدره {وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى عَمّا يُشْرِكُونَ} فالويل لمن هُوَ عَن تَعْظِيم الله غافل، وبصفاته العلية جاهِل، وفِي أثواب المعْصِيَة رافل، مصرٌّ على الخَطايا غير ثابت ولا آفل، عزَّ جنابُ الله وعزَّ جلاله، وصدَق مقالُه، قولُه الصدق، ووعدُه الحق.

المرفقات

1623969626_تعظيم الأشهر الحرم ذي القعدة1442.docx

1623969627_تعظيم الأشهر الحرم ذي القعدة1442.pdf

1623969696_تعظيم الأشهر الحرم ذي القعدة1442.docx

المشاهدات 1512 | التعليقات 0