تعداد السعودية + غُفر له ما تقدم من ذنبه

راشد بن عبد الرحمن البداح
1443/10/11 - 2022/05/12 14:55PM

إنَّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا. من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ تسليمًا كثيرًا، أما بعدُ:

فقدْ مضَى رمضانُ بصيامِهِ وقيامِهِ وليلةِ قدرِهِ، لكن سل نفسَكَ: ما أكثرُ حديثٍ فيهِ تَردَّدَ على سمعِك وعينِك؟! أليسَ حديثَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَقَامَهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

يا اللهُ! ما تَقَدَّم من ذنوبِنا الصغائرِ كلِها؟! أيُّ فضلٍ أعظمُ من هذا؟!

والسؤالُ: هل هذا الفضلُ لا يوجدُ إلا في رمضانَ؟! والجوابُ: لا، ثمتَ أعمالٌ أخرَى تتكررُ كلَ يومٍ. فلئنْ انقضَى رمضانُ فإن رحمةَ اللهِ لم تنقَضِ، بل وسِعَتْ كلَ شيءٍ.

وإنْ المرء لَيَخجلُ من كرَمِ ربِهِ ورحمتِهِ بعبدِهِ، وإذا تأملنا كثرةَ أبوابِ مغفرةِ الذنوبِ فليَحضرْ في أذهانِنا هذهِ الآيةُ الجليلةُ: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء27 ]

وإليكَ الآنَ أربعةَ أعمالٍ يسيرةٍ، وثوابُها مثلُ الثوابِ على قيامِ رمضانَ أو صيامِهِ أو قيامِ ليلةِ القدرِ، وهوَ: غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

العملُ الأولُ: روَى البخاريُ ومسلمُ أنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَغْتَرُّوا([1]). أيْ لا تَعْتَمِدُوا عَلَى هَذِهِ المَغْفِرَةِ فَتَجْسُرُوا عَلَى الذُّنُوبِ.

العملُ الثاني: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواهُ البخاريُ ومسلمٌ([2]).

العملُ الثالثُ: في صحيحَيِ البخاريِ ومسلمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"([3]).

هذهِ ثلاثةُ أعمالٍ يغفرُ بكلِ واحدٍ منها ما تَقَدّمَ من الذنوبِ، وكلُها في داخلِ الصلاةِ. أرأيتمْ كيفَ أن الصلاةَ مشتملةٌ على كنوزٍ ثمينةٍ؟!

أما العملُ الرابعُ: فقد قَالَ رَسُولُنا -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قَالَ: مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. حسنهُ الترمذيُ، وابنُ حجرٍ والشوكانيُ والألبانيُ وابنُ بازٍ([4]).

يالله العَجَبُ! نأكلُ ما نشتهيهِ، فنقولُ هذهِ الجملةَ، فتُغفَرُ ذنوبُنا بفضلِ ربِنا؟!

فيا ربَنا ما أرحمَكَ! {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر53]
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَكْلَؤُنَا ما حَيِيْنَا أوْ مُتْنَا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْعَزِيزِ عَلَيْهِ مَا عَنِتْنَا، أَمَّا بَعْدُ: فلقد تميزتْ شريعتُنا –بحمدِ اللهِ– بتحقيقِ التوازنِ بين مصالحِ المعاشِ والمعادِ. وإليكمْ مثالاً لمشروعٍ جُنِّدَ له طاقاتٌ ومؤسساتٌ، ورُصدَ له أموالٌ وأعمالٌ، ألا وهو التعدادُ السكانيُ الخامسُ بالسعوديةِ.

ثم هلْ تعلمُ أن إسلامَنا العظيمَ قد سَبَقَ في هذا التعدادِ؟! فقدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عندَمَا أرادُوا حَفْرَ الخَنْدَقِ: اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ. وفي لفظٍ: أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ». قَالَ حُذَيْفَةُ: فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ. رواهُ البخاريُ ومسلمُ([5]).

فيا عبادَ اللهِ: ونحنُ نستقبلُ مندوبَ التعدادِ أو نُعبِئُ الرابطَ الالكترونيَ فلنقدِّمْ معلوماتِنا بدقةٍ ومصداقيةٍ، لنشارِكْ بانتماءٍ وطنيٍ، وتطورٍ حضاريٍ، في تحقيقِ مخططٍ تنمويٍ شاملٍ وعادلٍ:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[الزخرف 32].

o               فاللهم بارِكْ في اقتصادِنا وتعدادِنا وعتادِنا، واجعلها عونًا لمَعادِنا.

o               اللهم احفظْ لنا ملكَنا وأمدَّه بالصحةِ في طاعتِك، ومصلحةِ الإسلامِ والمسلمينَ. اللهم أعنه على إدارةِ مملكتهِ بوليِ عهدهِ وسددهُم في قراراتهِمْ ومؤتمراتهِمْ.

o               اللهم آمِنَّا في أوطانِنا واحفظ مُجاهِدِيْنَا ومُرَابِطِيْنَا.

o               اللهم نحمدُكَ أنْ بلَّغْتنا رمضانَ بصحةٍ وبأمانٍ، وعيّدنا عيدًا ملؤهُ التحابُ والتواصلُ.

o               اللهم وفقنا للصالحاتِ قبلَ المماتِ، وأرشدنا إلى استدراكِ الهفواتِ من قبلِ الفواتِ.

o               اللهم إنا نحمدُك على عظيمِ كرمِك وسعةِ رحمتِك وإرادتِك التوبةَ لنا.

o               اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنا لِلإِسْلاَمِ، أَلاَ تَنْزِعَهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحنُ مُسْلِمونَ.

o               اللهم ابْسُطْ عَلَيْنا ووَالِدَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ. وارْحَمْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا.

o               وَصلِّ اللهمَّ وسلِّمْ علَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.



([1])صحيح البخاري (159) و (6433) وصحيح مسلم (226)
([2])صحيح البخاري (782)
([3])صحيح البخاري (796) وصحيح مسلم (409)
([4])سنن الترمذي (3458) انظر: الفتوحات الربانية لابن حجر(1/ 300) وتحفة الذاكرين للشوكاني(ص 271) وتخريج الكلم الطيب للألباني(ص151) وتحفة الأخيار لابن باز(ص36).
([5])صحيح البخاري (3060) ومسلم (149)

المرفقات

1652367295_غفر له ما تقدم من ذنبه - التعداد.docx

1652367296_غفر له ما تقدم من ذنبه - التعداد.pdf

المشاهدات 1217 | التعليقات 0