تِسْعَةٌ لابُدَّ مِنْهَا 28 رَبيعَ الثَّانِي 1440هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1440/04/26 - 2019/01/02 17:33PM

تِسْعَةٌ لابُدَّ مِنْهَا 28 رَبيعَ الثَّانِي 1440هـ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ لِرَسُولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا حُقُوقًا أَوْجَبَها رَبُّنا عَزَّ وَجَلَّ وَنَتَقَرَّبُ بِتَحْقِيقِها إِلَيْهِ سُبْحانَهُ, وَنَقُومُ بِشَيْءٍ مِنْ وَاجِبِنا تِجاهَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَرُسُولِ رَبِّ الْعالَمِينَ عَلَيْهِ أَتَمُّ الصَّلاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمِ.

فَ(أَوَّلًا) أَعْظَمُ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْبَلَ رِسالَتَهُ وَنُصَدِّقُها, وَنَتَيَقَّنَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ, قالَ اللهُ تَعَالَى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} وَقالَ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}, وَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ, قالَ عَزَّ وَجَلَّ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}

(ثانِيًا) مِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُحِبَّهُ مَحَبَّةً عَظِيمَةً, أَعْظَمَ مِنْ مَحَبَّتِنا لآبائِنا وَأُمَّهاتِنا وَأَوْلادِنا وَزَوْجاتِنا, بَلْ وَمِنْ أَنْفُسِنا, عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه. قالَ الْعُلَماءُ: وَعَلامَةُ مَحَبَّتِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُحِسَّ بِالشَّوْقِ لِرُؤْيَتِهِ وَلِقائِهِ, وَتَتَشَرَّفَ بِالاقْتِداءِ بِسُنَّتِهِ وَهَدْيِهِ, وَتُقَدِّمَ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّةِ أَيِّ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

(ثَالِثًا) مِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحَبَّةُ أَصْحابِهِ وَزَوْجاتِهِ وآلِ بَيْتِهِ, عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (حُبُّ الْأَنْصَارِ آيَةُ الْإِيمَانِ، وَبُغْضُهُمْ آيَةُ النِّفَاقِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ (وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا) قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ). قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) قَالَ أَنَسٌ: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ) رَوَاهُ الْبُخارِيُّ.

ثُمَّ إِنَّ آلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ لَهُمْ مَزَيَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ الصُّحْبَةِ وَهِيَ قَرَابَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (وَاللهِ، لَا يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إِيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلَّهِ، وَلِقَرَابَتِي) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر. وَيَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ زَوْجاتِهِ هُنَّ أُمَّهاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُنَّ مِنْ آلِ الْبَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ, قالَ اللهُ تَعالَى فِي سِياقِ خِطابِهِ لَهُنَّ فِي سُورَةِ الْأَحْزابِ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.

(رَابِعًا) مِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَصْدِيقُهُ فِيما أَخْبَرَ, وَطَاعَتُهُ فِيمَا أَمْرَ وَاجْتِنابُ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَر, وَدَلِيلُ ذَلِكَ عُمُومُ قَوْلِ اللهِ تَعالَى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}, وَعَن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنه قَالَ (أَلا إِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمِثْلَهُ مَعَهُ, أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ, وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ الله كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ) رَواهُ أَبُو داوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. فلا نَتَرَدَّدُ فِي قَبُولِ شَيْءٍ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  سَواءٌ اسْتَوْعَبَتْهُ عُقُولُنا أَمْ لا, وَلا يُمْكِنُ لِعاقِلٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَشُكُّ فِي خَبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ إِنَّ الْمُتَعَيِّنَ عَلَيْنا اجْتِنابُ كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدُونِ تَفْصِيلٍ, وَأَمَّا ما أَمَرَ بِهِ فَإِنَّنا نَفْعَلُ كُلَّ ما اسْتَطَعْنا, وَأَمَّا ما عَجَزْنا عَنْهُ فَإِنَّنَا لا نُطالَبُ بِهِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

أَيُّها الْمُسْلِمُونَ: وَ(الخَامِسُ) مِنْ حُقُوقِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِي كُلِّ أُمُورِنا الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ, فَهُوَ الْغايَةُ فِي الْكَمالِ الْبَشَرِيِّ, وَالاقْتِداءُ بِهِ مِيزَانُ مَحَبَّتِنا للهِ وَهُوَ الطَّرِيقُ لِلْحُصُولِ عَلَى مَحَبَّةِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى, قالَ عَزَّ وَجَلَّ { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }, فَنَقْتَدِي بِهِ فِي عِباداتِنا وَمُعامَلاتِنا وَأَخْلاقِنا وَفِي جَمِيعِ شُؤُونِ حَياتِنا, وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيصًا عَلَى تَعْلِيمِ النَّاسِ وَكانَ يَحُثُّهُمْ عَلَى الاقْتِداءِ بِهِ, فَقَدْ كَانَ يَتَوَضَّأُ أَمامَ النَّاسِ, وَكانَ يُصَلِّي لَهُمْ وَيَقُولُ (وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَيَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ لا يَجُوزُ لَنَا التَّعَبُّدُ للهِ تَعالَى إِلَّا بِمَا شَرَعَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ عُبَادَتُهُ وَصارَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ, فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رَواهُ مُسْلِم.

(سَادِسًا) مِنْ حُقُوقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَنْ نُحَكِّمَ شَرِيعَتَهُ فِي جَمِيعِ حَياتِنا, وَلا يَحِلُّ لَنا التَّحَاكُمُ إِلَى غَيْرِهِ, قالَ اللهُ تَعالَى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}, وَهَذا يَشْمَلُ حَياةَ الْمُسْلِمِينَ جَمَاعاتٍ وَأَفْرادًا, وَبَعْضُ النَّاسِ رُبَّمَا يُطَالِبُ الْحُكُومَةَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنَّهُ يَنْسَى نَفْسَهُ, فَلا يُحَكِّمُ شَرْعَ اللهِ فِي مُعامَلَتِهِ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ مَعَ أَقارِبِهِ أَوْ مَعَ الْعُمَّالِ وَالْخَدَمِ, وَهَذا كُلُّهُ حَرَامٌ لا يَجُوزُ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ الذَي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ، وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ (السَّابِعَ) مِنْ حُقُوقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى دِينِهِ مِنَ البِدَعِ, وَقَدْ كَانَ يُحَذِّرُ مِنَ البِدْعَةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَر, فَيَقُولُ (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ مُسْلِم, وَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُ الوَصِيَّةُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ قَالَ (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ) رَوَاهُ التِرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَمِمَّا يَنْدَى لَهُ الجَبِينُ أَنَّ البِدَعَ تَنْتَشِرُ اليَومَ بَينَ المسْلِمَينَ بِسَبَبِ الجَهلِ وَالتَّقْلِيدِ الأَعْمَى لِمَنْ يَدَّعِي العِلْمَ.

أَيُّها الْمُسْلِمُونَ: وَ(الثَّامِنُ) مِنْ حُقُوقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَرْكُ الغُلُوِّ فِيهِ, وَمَعْنَى الغُلُوِّ: الْمُبَالَغَةِ فِي مَدْحِهِ وَإِطْرَائِه, كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ يَدْعِي مَحَبَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فَي أَحَادِيثَ  كَثِيرَةٍ النَّهْيُ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي مَدْحِهِ, فَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (لاَ تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

وَأَمَّا (التَّاسِعُ) مِنْ حُقُوقِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ كُلَّما ذَكَرْناهُ أَوْ سَمِعْنا أَحَدًا يَذْكُرُهُ, وَهَذَا الْحَقُّ مِنْ أَعْظَمِ الْحُقُوقِ وَمَنْ أَيْسَرِها, قالَ اللهُ تَعالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}, وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَقُولُ (فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا) رَواهُ الْبُخارِيُّ, وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  (الْبَخِيلُ الَّذِي ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبانِيُّ. وَاعْلَمُوا أَنَّ الصَّلاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ, وَمُتَأَكِّدَةٌ فِي الصَّلاةِ بَلْ واجِبَةٌ. وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِنا [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] فَهُوَ دُعاءٌ مِنَّا أَنَّ اللهَ يُصَلِّي عَلَيْهِ, ثُمَّ مَعْنَى صَلاةِ اللهِ عَلَيْهِ: أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَهُمُ الْمَلائِكَةُ الْكِرامِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ, فَيَذْكُرُ اللهُ نَبِيَّهُ بِصِفاتِهِ الْجَمِيلَةِ عِنْدَهم.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِيننا اَلَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا اَلَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا اَلَّتِي فِيهَا مَعَادُنا, وَاجْعَلْ اَلْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ, وَاجْعَلْ اَلْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ, اَللَّهُمَّ اِنْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا, وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا, وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا! الله آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمورِنَا, اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وعبادَكَ الصالحينَ, اللَّهُمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ, اللَّهُمَّ إنَّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ, اللَّهُمَّ ارْفَعْ عنَّا الغَلَا والوَبَا وجَنِّبْنَا الرِّبَا والزِّنَا والزَّلَازِلَ والفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَمَا بَطَن, اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ.

 

المرفقات

لابُدَّ-مِنْهَا-28-رَبيعَ-الثَّانِي-1440هـ

لابُدَّ-مِنْهَا-28-رَبيعَ-الثَّانِي-1440هـ

المشاهدات 3170 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا