ترك ما لا يعني
إبراهيم بن صالح العجلان
1438/01/12 - 2016/10/13 23:22PM
بسم الله الرحمن الرحيم
(من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) 1438/1/13هـ
إخوة الإيمان:
أعطاه الله جوامع الكلم، واختُصر له الحديثُ اختصاراً، وأُوتي من الفصاحةِ والبيان، ما أبهر السامعين من محبين ومعاندين.
كان r يتكلم بالكلمات اليسيرات التي يَعُدُّها العادُّ، ولكنْ لا تَسَلْ عن حُسْنِ المنْطِقِ فيها، ولا عن أخذها لمجامع القلوب.
كم حضره أو لقيه من كافر معرض، فما هو إلا أن يسمعَ كلامَه فيتغير من النقيض إلى النقيض، وكم غَطَّى الصحابةُ رؤوسهم وسُمِعَ لهم خَنِيْنٌ من البكاء حين دلف أسماعَهم بضعُ كلمات نبويات.
دعونا نقف مع نص محمديٍّ بليغ، موجز العبارة، ظاهر البلاغة، فيه من بناء الأخلاق، وحسن المعاملة ما يضمن ذهاب كثير من الخلافات، وإصلاح عامة العلاقات.
هو أدب عظيم، وعمل صالح كريم، يتعين التذكير به في زمن انفتحت فيه على الناس من وسائل الاطلاع والتواصل ما يشغلهم عن كثير من المسئوليات والقيام بالواجبات.
يقول r (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
جميعنا يحفظ حروف هذا الحديث، ولكن القليل منا من وقف مع حدوده، وجعله منهج حياة،،
أما والله لو طبقنا هذا الحديث حقاً لصلحت بذلك نفوسنا، وتحسنت عندها كثير من روابطنا.
أما والله لو تمثلنا هذا الخبر صدقاً لحصلت البركة في الأعمار والأعمال والتعايش والأرزاق.
إذا أردت يا عبدالله حفظَ الأوقات، وتحسينَ العلاقات، وإغلاق كل باب للخلافات والنزاعات فاترك ما لا يعنيك.
وإذا كان الإحسان مأموراً به في كل شيء فهو في أمر الدين أولى وأحرى، فإذا ترك العبد ما لا يعنيه فقد سعى في تحسين إسلامه، ومن كان كذلك فهو قَمِنٌ أن يكون من أحباب الله تعالى، (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
وإذا ترك العبد شأن غيرِه فهو على خير وإلى خير، فمن ترك ما لا يعني حسُن إسلامُه، ومن حَسُنَ إسلامُه فهو موعود وعداً مؤكداَ بمضاعفة الحسنات وتكفير السيئات، وفي الحديث عند مسلم:
(إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِمِثْلِهَا)
تَرْك ما لا يعني خُلُقٌ تحبُّه النفوس، وتشتاق القلوب لأهله، لأن أصحابَ هذا المعدن من الرجال ترفعوا عن التلصص والإيذاء، فملِئَتْ قلوبُهم بالوفاء والصفاء، فالناس منهم في مأمن إن حلُّوا أو ارتحلوا.
كم جلب الاشتغال فيما لا يعني من مصائب، وكم عاد على صاحبه من نقص ومتاعب، وما ظلم العبد نفسه، وما فتح عليه أبواباً من الآثام بمثل اشتغاله بما لا يعنيه.
خصوصيات أُشيعت، وصُدورٌ أُوغِرَتْ،وضغائن حلّت، وأُسرٌ تمزقت ثم تفرقت، كانت شرارتها وبدايتها الاشتغال فيما لا يعني.
المتدخل فيما لا يعنيه من أقل الناس توفيقاً، ومن أضعف العباد محاسبة للنفس، ترى هذا النوع من البشر لا يرى إلا غيرَه، مهموم بملاحقة الخصوصيات، مستغرق في تصيد الأسرار، وتحسس الخفايا من الأخبار، يحرص على معرفة قدر المعاش والتحصيل، والبحث في أدق التفاصيل، حتى ولو كانت مصادره قال وقيل.
إخوة الإيمان:
من طبيعة الناس أنهم يتأذون ممن يتدخل ويشاركهم شؤونهم الخاصة ، ويعتبرون ذلك تعدياً على خصوصياتهم، لذا كان من الحسنات المكتوبات الباقيات: ( تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ) مُتَّفَقٌ عليه
هذا الخلق المشين ربما جرَّ صاحبه للتجسس والتسمع لأخبار الناس وهم له كارهون، والمتجافي عن هذا الخلق في مأمن من الوقوع في التجسس المنهي عنه، وحسبك بهذا راحة وطمأنينة.
إخوة الإيمان: حينما يوجهنا هذا الخطاب النبوي في ترك ما لا يعني فهو بمفهومه كأنما يخاطب كل مسلم أن يشتغل بالشيء الذي يعنيه من أمر الدين أو الدنيا، ويترك عيوبَ غيره، فكما أنَّ للناس معائب، فللمشتغل بغيره مثالب، وكما للناس حرماتٌ فله محارم أيضاً.
كان r يتكلم بالكلمات اليسيرات التي يَعُدُّها العادُّ، ولكنْ لا تَسَلْ عن حُسْنِ المنْطِقِ فيها، ولا عن أخذها لمجامع القلوب.
كم حضره أو لقيه من كافر معرض، فما هو إلا أن يسمعَ كلامَه فيتغير من النقيض إلى النقيض، وكم غَطَّى الصحابةُ رؤوسهم وسُمِعَ لهم خَنِيْنٌ من البكاء حين دلف أسماعَهم بضعُ كلمات نبويات.
دعونا نقف مع نص محمديٍّ بليغ، موجز العبارة، ظاهر البلاغة، فيه من بناء الأخلاق، وحسن المعاملة ما يضمن ذهاب كثير من الخلافات، وإصلاح عامة العلاقات.
هو أدب عظيم، وعمل صالح كريم، يتعين التذكير به في زمن انفتحت فيه على الناس من وسائل الاطلاع والتواصل ما يشغلهم عن كثير من المسئوليات والقيام بالواجبات.
يقول r (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
جميعنا يحفظ حروف هذا الحديث، ولكن القليل منا من وقف مع حدوده، وجعله منهج حياة،،
أما والله لو طبقنا هذا الحديث حقاً لصلحت بذلك نفوسنا، وتحسنت عندها كثير من روابطنا.
أما والله لو تمثلنا هذا الخبر صدقاً لحصلت البركة في الأعمار والأعمال والتعايش والأرزاق.
إذا أردت يا عبدالله حفظَ الأوقات، وتحسينَ العلاقات، وإغلاق كل باب للخلافات والنزاعات فاترك ما لا يعنيك.
وإذا كان الإحسان مأموراً به في كل شيء فهو في أمر الدين أولى وأحرى، فإذا ترك العبد ما لا يعنيه فقد سعى في تحسين إسلامه، ومن كان كذلك فهو قَمِنٌ أن يكون من أحباب الله تعالى، (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
وإذا ترك العبد شأن غيرِه فهو على خير وإلى خير، فمن ترك ما لا يعني حسُن إسلامُه، ومن حَسُنَ إسلامُه فهو موعود وعداً مؤكداَ بمضاعفة الحسنات وتكفير السيئات، وفي الحديث عند مسلم:
(إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلَامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِمِثْلِهَا)
تَرْك ما لا يعني خُلُقٌ تحبُّه النفوس، وتشتاق القلوب لأهله، لأن أصحابَ هذا المعدن من الرجال ترفعوا عن التلصص والإيذاء، فملِئَتْ قلوبُهم بالوفاء والصفاء، فالناس منهم في مأمن إن حلُّوا أو ارتحلوا.
كم جلب الاشتغال فيما لا يعني من مصائب، وكم عاد على صاحبه من نقص ومتاعب، وما ظلم العبد نفسه، وما فتح عليه أبواباً من الآثام بمثل اشتغاله بما لا يعنيه.
خصوصيات أُشيعت، وصُدورٌ أُوغِرَتْ،وضغائن حلّت، وأُسرٌ تمزقت ثم تفرقت، كانت شرارتها وبدايتها الاشتغال فيما لا يعني.
المتدخل فيما لا يعنيه من أقل الناس توفيقاً، ومن أضعف العباد محاسبة للنفس، ترى هذا النوع من البشر لا يرى إلا غيرَه، مهموم بملاحقة الخصوصيات، مستغرق في تصيد الأسرار، وتحسس الخفايا من الأخبار، يحرص على معرفة قدر المعاش والتحصيل، والبحث في أدق التفاصيل، حتى ولو كانت مصادره قال وقيل.
إخوة الإيمان:
من طبيعة الناس أنهم يتأذون ممن يتدخل ويشاركهم شؤونهم الخاصة ، ويعتبرون ذلك تعدياً على خصوصياتهم، لذا كان من الحسنات المكتوبات الباقيات: ( تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ ؛ فإنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ ) مُتَّفَقٌ عليه
هذا الخلق المشين ربما جرَّ صاحبه للتجسس والتسمع لأخبار الناس وهم له كارهون، والمتجافي عن هذا الخلق في مأمن من الوقوع في التجسس المنهي عنه، وحسبك بهذا راحة وطمأنينة.
إخوة الإيمان: حينما يوجهنا هذا الخطاب النبوي في ترك ما لا يعني فهو بمفهومه كأنما يخاطب كل مسلم أن يشتغل بالشيء الذي يعنيه من أمر الدين أو الدنيا، ويترك عيوبَ غيره، فكما أنَّ للناس معائب، فللمشتغل بغيره مثالب، وكما للناس حرماتٌ فله محارم أيضاً.
لَسَانُكَ لاَ تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ * فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ
وَعَيْنُكَ إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَائِبًا * فَدَعْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ
فالجزاءَ من جنس العمل، جزاءً وفاقًا، فمن اشتغل بغيره بلسانه، سلَّط عليه ولو بعد حين ألسنةً حدادًا تهتك ستره، وتفضح أمره.
قال بعضُ السلف: أدركتُ أقوامًا لم يكُن لهم عيوبٌ، فذكروا عيوبَ الناس، فذكر الناسُ لهم عيوبًا، وأدركت أقوامًا كانت لهم عيوبٌ، فكفُّوا عن عيوب الناس، فنُسِيَت عيوبُهم.
ولذا فإن التدخل في شئون الغير وخصوصياتهم تأباه النفوس العزيزة الكبار، وتنفر عنه وتمتعض منه، لأن هذا الذي لا ترضاه لنفسها لا ترضاه لغيرها، وفي الحديث: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه).
ولذا فإن التدخل في شئون الغير وخصوصياتهم تأباه النفوس العزيزة الكبار، وتنفر عنه وتمتعض منه، لأن هذا الذي لا ترضاه لنفسها لا ترضاه لغيرها، وفي الحديث: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه).
الخطبة الثانية
أما بعد: فإنَّ إقبال المرء على شأنه، واشتغاله بما يعنيه، وكفه عما لا يعنيه، علامة نجاح، ودليلفلاح ، وصاحبه من أطيب الناس عيشاً وقلباً.
ومن اشتغل بما يعنيه فقط فقد عرف نفع نفسه، وإذا عرف المرء نفع نفسه هيئأه الله للعمل، وأبعده عن الكلام والجدل، وفي الحديث الصحيح: (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ).
وبعد أيها الكرام فلا يعني ترك ما لا يعني أن يترك الناسُ المناصحةَ والأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، فإن الإصلاح والنهي عن الفساد بكل صوره مما يعني الجميع، وفرضٌ على الأمةِ أن يكون فيهم أولو بقية ينهون عن الفساد وإلا عمَّ العقاب، وفي الحديث: (مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِى ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لاَ يُغَيِّرُوا إِلاَّ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ) خرجه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان.
ولا يعني ترك ما لا يعني أن تبرد الأحاسيس تجاه إخواننا المسلمين المظلومين وتركهم وخذلانهم، فإنَّ نصرة من استنصر من المسلمين متعين على الجميع كما دلَّت عليه النصوص، كل حسب مقدرته، ومن قُدِرَ عليه جَهْدُه، فليبذل مما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاه)، وأقل ذلك الابتهال والدعاء، ومن تكاسل عن الدعاء وعَجَزَ، فهو لما سواه أَعْجَزُ.
اللهم أشغلنا بطاعتك، واجعلها أكبر همنا وغاية همتنا، ربنا أعنا على ذكر وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم صلِّ على محمد ....
وبعد أيها الكرام فلا يعني ترك ما لا يعني أن يترك الناسُ المناصحةَ والأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر، فإن الإصلاح والنهي عن الفساد بكل صوره مما يعني الجميع، وفرضٌ على الأمةِ أن يكون فيهم أولو بقية ينهون عن الفساد وإلا عمَّ العقاب، وفي الحديث: (مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِى ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لاَ يُغَيِّرُوا إِلاَّ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ) خرجه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان.
ولا يعني ترك ما لا يعني أن تبرد الأحاسيس تجاه إخواننا المسلمين المظلومين وتركهم وخذلانهم، فإنَّ نصرة من استنصر من المسلمين متعين على الجميع كما دلَّت عليه النصوص، كل حسب مقدرته، ومن قُدِرَ عليه جَهْدُه، فليبذل مما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاه)، وأقل ذلك الابتهال والدعاء، ومن تكاسل عن الدعاء وعَجَزَ، فهو لما سواه أَعْجَزُ.
اللهم أشغلنا بطاعتك، واجعلها أكبر همنا وغاية همتنا، ربنا أعنا على ذكر وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم صلِّ على محمد ....
المرفقات
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.docx
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.docx