تذكير الصائمين بعمارة المساجد وطباعة المصاحف

خالد الكناني
1444/09/01 - 2023/03/23 10:58AM

تذكير الصائمين بعمارة المساجد وطباعة المصاحف

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.أما بعدُ : عبادَ الله : اتقوا الله حق التقوى، قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون : فرحة كبرى يعيشها المسلمون هذه الأيام ، بشهر رمضان ، شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتصفد فيه مردة الشياطين ، صيامه وقيامه مغفرة من الله ورضوان ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ، «ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

شهر الجود والبذل والعطاء والأعمال الصالحات فكونوا كذلك

ومن الأعمال الصالحات عمارة المساجد الحسية والمعنوية والمساجد هي بيوت الله تعالى في الأرض وهي أحب البقاع إلى الله ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا»

فالعمارة الحسية تكون ببنائها وصيانتها ونظافتهاوالعناية بها ، وقد أمر صلى الله عليه وسلم ببنائها ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ»

وفي ذلك من الثواب العظيم في جنات النعيم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ» و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»

وجاءت التوجيهات الربانية والنبوية بنظافتها وتطهيرها

قال تعالى : { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتنظيفها وتطييبها كما في حديث عائشة الذي سبق ، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي القِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ، فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا»

وقد تفقد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة كانت تكنس المسجد وتنظفه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا بَعْدَ أَيَّامٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا مَاتَتْ، قَالَ: «فَهَلَّا آذَنْتُمُونِي، فَأَتَى قَبْرَهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا»

أيها المسلمون المساجد تعمر معنويا كما تعمر حسيا وقد ذكر الله تعالى أن ذلك من صفات أهل الإيمان، قال تعالى : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ }

بيوت الله تعالى هي موطن ذكر الله تعالى وعبادته وقد أثنى الله تعالى على أهلها ومن عمرها بالطاعات ، قال تعالى : { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } ،

{ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} ،{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وأعد الله تعالى نزلا وضيافة في الجنة تكريما لمعتادي المساجد والذهاب إليها ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّمَا غَدَا، أَوْ رَاحَ»

أيها المسلمون : اعلموا أنكم في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان } ، وإن من الأعمال الصالحة العناية بكتاب الله تعالى طباعة ونشرا وتلاوة وتدبرا ، وتعلم القرآن وتعليمه من أشرف ما يتقرب به العبد إلى ربه ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»

، وطباعة المصاحف وإيقافها من أعظم الحسنات لما يترتب على ذلك من المشاركة في تعليمه وتعلمه ، وبفضل الله تعالى فإن للمملكة العربية السعودية جهودا مباركة في العناية بالمساجد وعمارتها حسيا ومعنويا وجهود مباركة في طباعة المصحف الشريف من خلال مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة المنورة ونشره وتوزيعه في الداخل والخارج ، ونذكر بما قامت به وزارة الشؤن الإسلامية والدعوة والارشاد في بلادنا المباركة من إتاحة الفرصة للمساهمة في هذه الأعمال المباركة من خلال التبرع عبر ( منصة إحسان ) لمشاريع بناء المساجد وصيانتها ونظافتها ومشاريع طباعة المصحف الشريف ونشره ، وهذه كلها من الاعمال الصالحة التي تعود على من أنفق عليها بالخير في الدنيا والآخرة وينالهم من الأجور العظيمة ، وإذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها الصدقة الجارية التي يدوم الانتفاع بها ، فقدموا لأنفسكم قبل مماتكم ، { {  وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }

أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّمَ تسليما كثيرا .

أما بعد :أيها المسلمون : إن من بركات شهركم هذا ، شهر رمضان أنه ينادي في كل ليلة مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ) ، فاقبلوا على الطاعات أحرصوا على الفرائض وتزودوا من النوافل ، من صلاة وزكاة وصيام وصدقات وبر وإحسان ، وأكثروا من قراءة القرآن وحافظوا على الأذكار، واجتهدوا في قيام الليل وصلاة التراويح مع المسلمين ،عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ  ، واجتهدوا في الدعاء فإنه حري بالإجابة ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ، دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ) رواه البيهقي في السنن الكبرى وحسنه الالباني

وقد ذكر الله تعالى بعد آيات الصيام آية الأمر بالدعاء واستجابته تعالى لمن دعاه، قال تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}

هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

 

 

 

 

 

 

المشاهدات 1358 | التعليقات 0