تذكر نعم الله

محمد سعيد الهاشمي
1436/04/23 - 2015/02/12 15:00PM

تذكر نعم الله
1741436 هــ
أما بعد :
فأتقوا الله عباد الله وراقبوه في السر والعلن ولا تعصوه .
أيها الكرام : في غرفةٍ رثة فوق سطحِ أحد المنازل ، عاشت أرملةٌ فقيرةٌ مع طفلها الصغير حياة بسيطة في ظروف صعبة ..
فقدت تلك الأسرة الكثير والكثير ، ولكنها وُهبت نعمة الرضا والقناعة.
كان فصل الشتاء بأمطاره الغزيرة يشكل هاجسا لهم ، فالغرفة عبارة عن أربعة جدران لا سقف لها , و بها باب خشبي .
وكان قد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة وضعيفة من المطر ، إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيومُ، وامتلأت سماءُ المدينة بالسحب الداكنة، ومع ساعات الليل الأولى هطلَ المطرُ بغزارة على المدينة كلها.
نظر الطفلُ إلى أمه نظرة حائرة وارتمى في أحضانها بثيابها المبللة.

أسرعت الأمُ إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران ، وخبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر، فنظر الطفلُ إلى أمه ضاحكاً مستبشرا , وقال لها يا أمـاه يا أمــاه الحمد لله على هذه النعمة ماذا يا ترى يفعل الفقراء الذين ليس عندهم باب حين ينزل المطر عليهم ..
لقد أدرك الصغيرُ ببساطته أن الإنسان يستمتع بالموجود ويحمد الله على ما وهب ..
فهم أغنياء لأنهم يملكون بابا وغيرهم لا يملكه !
استحضر نعم الله عليك واجعلها ماثلة أمام عينيك، دع شمس حياتك تشرق كل يوم مسبحة بنعم الله عليك التي لا حد لها ، يقول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» صحيح الجامع .
العبد الموفق هو الذي لا يغيب عن قلبه وشعوره وإحساسه نعمة الله عليه , في كل موقف وكل مشهد، فيظل دائماً مكرراً حمد الله وشكره والثناء عليه لما هو فيه من نعم يتنعم بها نعمة الدين، ونعمة الأمن والأمان , ونعمة الصحة ، ونعمة الرخاء ، ونعمة السلامة من الشرور .. قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} النحل: ١٨ .
وقال تعالى {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} إبراهيم: ٣٤.
فإذا كان لديك بيت يؤويك، ومكان تنام فيه، وطعام في بيتك، ولباس على جسمك، فأنت من أغنى الناس .
وإذا كان لديك مال في جيبك، واستطعت أن توفر شيء منه لوقت الشدة فأنت واحد من أولئك القلة من أغنياء العالم.
وإذا كنت قد أصبحت في عافية هذا اليوم فأنت في نعمة عظيمة، فهناك أكثر من مليون إنسان في العالم لن يستطيعوا أن يعيشوا لأكثر من أسبوع بسبب مرضهم وفقرهم وجوعهم وعوزهم .
وإذا لم تتجرع خطر الحروب، ولم تذق طعم وحدة السجن، ولم تتعرض لروعة التعذيب وكنت تصلي في المسجد دون خوف من التنكيل أو التعذيب أو الاعتقال أو الموت، فأنت في نعمة لا يعرفها كثير من البشر.

ذكر النعم خير علاج لأداء للكبر والطغيان، فعندما تتوالى النعم على العبد فإن نفسه تدفعه للتكبر على الآخرين والشعور بالأفضلية عليهم بها ..
من هنا كان ذكر النعم والتذكير بفضل الله علاجا فعالا لمثل هذه الحالة، كما فعل موسى -عليه السلام- مع بني إسرائيل عندما بدأت أمارات الطغيان تظهر عليهم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ } إبراهيم: ٦ .
ذكر النعم علاج فعال أن يرضى العبد بقسمة الله له , فعندما ينظر المرء إلى ما عند الآخرين ويتعامى عن خير الله عليه، فإن هذا من شأنه أن يجعله ساخطا على وضعه، غير راض عن ربه، وذكر النعم كفيل بأن يخرجه من هذه الدائرة المشئومة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فَضُل عليه» [متفق عليه].

وفي الحديث أيضا «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» روه مسلم
يقول أحدهم تضايق صدري عندما حفيت قدماي، ولم أستطع شراء حذاء فدخلت مسجد الكوفة، وأنا ضيق الصدر، فوجدت رجلا بلا رجلين، فحمدت الله وشكرت نعمته علي.
انظر إلى من هو دونك , انظر إلى من هو أقل منك تجد أنك في نعمة عظيمة .
تقول عائشة - رضي الله عنها-: ما من عبد يشرب الماء القراح [الصافي] فيدخل بغير أذى، ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر.
لابد أن نشكر الله سبحانه وتعالى على كل نعمه وعلى كل منة , بالشكر يا عباد الله تزيد وتدوم النعم
قال تعالى }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} إبراهيم: ٧
بارك الله لي ولكم في القران.......................................

الخطبة الثانية
الحمد الله وكفى , وسلاماً على عباده الذين اصطفى .
أما بعد :
لنتذكر نعم الله علينا وفضله وإحسانه وما بكم من نعمة فمن الله , فله الحمد وله الشكر .
الحمد لله أننا نتنعم بنعم كثيرة نعمة المكيفات , نعمة الماء البارد , نعمة السيارات نعمة الأمن , خلا في هذه الدنيا ملوكا لم يتمتعوا بالنعم مثلنا.
وأما بنعمة ربك فحدث , حتى التحدث بالنعمة من شكر الله سبحانه وتعالى .
يقول الفضيل بن عياض رحمه الله : كان يقال: "من شكر النعمة التحدّث بها".
وجلس ليلة هو وابن عيينة يتذاكران النعم إلى الصباح.
للهم إنا نشكرك على كل نعمة أنعمت بها علينا مما لا يعلمه إلا أنت ومما علمناه، شكرا لا يحيط به حصر ولا يحصره عد، وعدد ما شكرك الشاكرون بكل لسان في كل زمان
المشاهدات 2841 | التعليقات 3

خلا في هذه الدنيا (ملوك) = بالرفع

خطبة جميلة تلامس القلوب

أحسن الله إليك


جزاك الله خيرا
شيخنا الفاضل أحمد السويلم


بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم الله خيرا