تبسيط الزكاة للعوام
متدرب متدرب
1437/07/24 - 2016/05/01 13:59PM
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَعينُهُ ونَسْتَهْديهِ ونَشْكُرُهُ، ونَعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنا ومِن سَيِّئاتِ أَعْمالِنَا، من يَهْدِ الله فلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ فلا هادِىَ لَهُ،
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثيل ولا شبيه ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبَنا وعَظيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا مُحمّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبيبُهُ مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلْعالَمينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونَذيرًا
بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهَدَ فى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ، فَجَزاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِن أَنبِيَائِه. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصيكُمْ ونَفْسي بِتَقْوى اللهِ ، القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ ،
ثم اعلموا أن العلم بشريعة الله هو خير ما قضيت فيه الأعمار ، وخصوصا معالمُ الدين وأركانه ؛ فإن تعلمها فرضٌ على كل مسلم ، ولا عذر لأحد بالجهل فيها في بلاد المسلمين ، وإلا تعرض للوعيد ، وعليه أن يسأل عما يخفى عليه (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
والزكاة هي حق الله في المال ، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، بل هي قرينة الصلاة في عشرات المواضع من كتاب الله ، وجاحدها كافر بإجماع المسلمين ، بل ذهب بعض أئمة الإسلام إلى كفر تاركها ، ولذا فسأعرض لكم أهم المسائلِ المتعلقةِ بها بطريقة مبسطة مختصرة .
عباد الله: الزكاة طهارةٌ للمال والنفس، وفضائلها في الإسلام كثيرة قال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، وتاركها خبيث غير متطهر ولا طاهر ولهذا جاء الوعيد الشديد الزاجر لمن تهاون بها قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)
ومن منع الزكاة جحداً لوجوبها كفر إذا كان عالماً بالحكم ، وأُخذت منه وقُتل ، ومن منعها بخلاً أُخذت منه وعُزر .
أيها المسلمون: للزكاة شروط وهي : الإسلام والحرية، وملك النصاب، واستقراره، ومضي الحول وبعض الأصناف لا يشترط فيها الحول .
عباد الله: من كانت عنده إبل أو غنم ترعى أكثر الحول ، فتجب الزكاة فيها إن كانت للاستفادة من نسلها ولبنها، أما إن كان هو الذي يشترى لها العلف في أكثر الحول، فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت معدة للتجارة فيزكيها زكاة عروض التجارة.
وأقل نصاب للإبل هو خمس من الإبل وزكاتها شاة ، و إذا كان عددها أكثر من ذلك فزكاتها تختلف باختلاف عددها .
وأقل نصاب لزكاة الغنم أربعين شاة ، فزكاتها شاة واحدة ، وإذا كان عددها أكثر من ذلك فزكاتها تختلف بحسب اختلاف أعدادها .
وهذه الأنصبة ثابتة في حديث أبي بكر الصديق في صحيح الإمام البخاري.
أيها المؤمنون: من سلَّم زكاته من بهيمة الأنعام للسُّعاة الذين يرسلهم الإمام فقد برئت ذمته بإذن الله إذا أداها على وجهها، وهم في هذا العام موجودون في غرب المحافظة.
فطِيبُوا بها نفسًا، وأخرجوها طيبةً بها نفوسكم، لتزكوا بها قلوبُكم.
وإذا كانت الإبل والغنم معدة للتجارة فزكاتها زكاة عروض التجارة .
ثم اعلمو –وفقكم الله-أن الزكاة واجبة في الخارج من الأرض ، إذا بلغت النصاب
والنصاب في ثمر النخيل وغيره من الثمار و الزروع التي تجب فيها الزكاة هو خمسة أوسق وهو يساوي 300 صاع أو 720 كيلو من البر الجيد ، فمن كان له حوش أو استراحة ، أو مزرعة تنتج 300 صاع وجبت فيها الزكاة ، يخرج نصف العشر إذا كان يسقيها بنفسه أو بالآلات ، ويخرج العشر إذا كان يسقيها المطر . ولا يشترط الحول في الزرع ، بل عند موسم لقوله تعلى : (وآتوا حقه يوم حصاده ) .
وإذا كان لديه أكثر من بيت أو استراحة أو مزرعة ، يجمع محصول كل أملاكه ، فإذا بلغ النصاب يزكيه . وفي زكاة الخارج من الأرض تفاصيل كثيرة لا نستطيع فعلى كل صاحب زرع أن يتعلمها .
أما الذهب والفضة فتجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب ، ونصاب الذهب إثنان وتسعون أو 85 جراماً . و نصاب الفضة 595 جرامًا. فمن ملك النصاب أو أكثر منه وحال عليه الحول فعليه الزكاة ، و زكاته ربع العشر , أو يضرب عدد الغرامات بسعر الغرام و يقسمه على أربعين .
فحُليُّ المرأة الذي تلبسه أو تخزنه للبس يرى بعض العلماء أن لا زكاة فيه ، وبعضهم يرى فيه الزكاة .
الأوراق النقدية فحكمها كحكم الذهب والفضة في وجوب الزكاة لأنها أثمان ، فتجب الزكاة فيها لمن بلغ ماله النصاب ، والنصاب يوم أمس الخميس (1243 ريالا)، ، فمن ملك هذا المبلغ وأكثرَ منه وجبت عليه الزكاة. علما بأن النصاب يختلف كل يوم حسب سعر نصاب الفضة ، نضرب سعر جرام الفضة ب 595 .
أيها المسلمون: الواجب في زكاة الأوراق النقدية هو ربع العشر أي: أنك تقوم بقسمة المبلغ الذي تريد زكاته على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.
عبادالله : وما ذكر في الأوراق النقدية ينطبق على عروض التجارة من جهة مقدار النصاب و مقدار الزكاة الواجبة ، وهي تضم إلى الأوراق النقدية أثناء حساب النصاب وإخراج الزكاة ، ولا تجب الزكاة فيها إلا إذا كانت بنية التجارة ، وكانت مُعدة للبيع والشراء ، كالسيارات ، والمحلات التجارية والأراضي،
ولا زكاة في الأراضي المشتراةِ للسكنى ، أو لبناء ، كما أنه لا زكاة في المنزل المسكون، والسيارات الخاصة بالاستخدام الشخصي ونحوها مما هو للقُنية، ففي الحديث المتفق عليه: لا زكاة على المرء في عبده وفرسه.
وقد يسال سائل : الموظف الذي يستلم راتبه شهريا كيف يؤدي زكاته ؟
والجواب . إن كان الإنسان كلما أتاه الراتب أنفقه بحيث ما يبقى إلى الشهر الثاني، فهذا ليس عليه زكاة، لأن من شروط وجوب الزكاة تمام الحول.
- وإن كان يدخر مثلاً: ينفق بعضه ويدخر بعضه ، فعليه زكاة كلما يتم الحول يؤدي زكاة ما عنده ، لكن هذا فيه مشقة أن الإنسان يحصي كل شهر بشهر
فإذا كان لا يريد أن يخرج إلا الواجب عليه فقط ، وعليه أن يضع جدولا ويحسب لكل مال يدخره حولا ، ويزكي كل مال حال عليه الحول وبلغ النصاب ، وفي هذا مشقة كبيرة ، ودرءاً لهذه المشقة يجعل الزكاة في شهر واحد لجميع ما عنده من المال، مثلاً إذا كان يتم الحول في شهر محرم، إذا جاء شهر محرم الذي يتم به حول أول راتب يحصي كل الذي عنده ويخرج زكاته ، وتكون الزكاة واقعة موقعها عند تمام الحول، وتكون لما بعده معجلة والتعجيل جائز. وما زاد فهو صدقة .
عباد الله : أما زكاة عروض التجارة
فتجب الزكاة في جميع الأموال التى اشتريت بنية المتاجرة بها سواء كانت عقارا أو مواد غذائية أو زراعية أو مواشى أو غيرها .
ولا تجب الزكاة فى العروض التى ينوى التاجر أو الشركة الاحتفاظ بها كأدوات إنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التى ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها .
والعقارات المعدة للإيجار إذا لم توجب الزكاة في أقيامها ؛ فإنها تجب في أجرتها وربحها ، في الحال. ولا يشترط أن يحول الحول على الأجرة ، بل تجعل كربح التجار ، ونتاج السائمة.
وهنا ننبه على أنه من اشترى العقار فرارًا من الزكاة، وتحايلاً على إسقاطها، فلا تسقط عنه الزكاة بذلك ؛ معاملة له بنقيض قصده.
أما زكاة الأسهم ، فإذا كان للشخص أسهم وكان يقتنيها لغرض اللمتاجرة بها بيعا وشراء أي المضاربة , وحال عليها الحول ، فلا يخلوا من حالين : إذا قامت الشركة بتزكية أسهمها فلا يجب على المساهم إخراج زكاة عن أسهمه منعا للازدواج , أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها , وتكون الزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5%) من القيمة السوقية للأسهم . أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي ، فإنه يخرج ربع العشر (2.5%) من قيمة الريع السنوي للأسهم وليس من قيمة الأسهم .
العبرة في اعتبار المال من عروض التجارة تكون بنية الأصل (النية الغالبة عند الشراء) فلو اشترى شخص سيارة ناويا أنها للقنية (أي للاستعمال الشخصي) وفي نيته إن وجد ربحا في بيعها باعها , فلا تعد من مال التجارة التي تجب فيها الزكاة , بخلاف ما لو اشترى سيارتين مثلا بنية التجارة والربح , فإذا استعمل واحدة منها فإنها تعد من أموال التجارة التي تجب فيه الزكاة .
أيها المؤمنون : احرصوا رحمكم الله على تعلُّم أحكام دينكم فهو رأسُ مالكم ، وأخرجوا زكاة أموالكم طيِّبة بها نفوسُكم، تُفلحوا وتسعدوا ، وهو طُهرة لكم ، والمال مال الله وحده ، فليس في إعطاء الفقيرِ الزكاةَ منَّةٌ منكم ولا فضلٌ، فاحتسبوا المثوبة، وابتغوا الأجر، وتلمسوا العبودية.
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
الحمدُ للهِ رب العالمين، وليِّ الصالحين، ومزَكِّي قلوبِ المتقين، وصلواتُ اللهِ وسلامه على خيرِ المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فقد مرّ بنا فيما سبق شذراتٌ من أحكام الزكوات، ونطرّزها بمسائل تتعلق بإخراجها؛ فإن المسلم لا يجوز له تأخير الزكاة بحجة ترقّب شهر رمضان أو الأوقات الفاضلة ، بل تدفع الزكاة حين حولان حولها فورًا، وإن تأخر يسيرًا لمثل هذه المبررات فلا بأس،
أيها المسلمون : الأفضل أن يخرج المسلم زكاته بنفسه ، ويجوز له توكيل من يخرجها عنه من الثقات، وعليه أن يتحرى الفقير والمسكين، ولا يجوز التساهل في ذلك ، بل لا تبرأ الذمة إلا بتسليمها لأصناف الزكاة الثمانية المذكورين في قوله تعالى : (نما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)، سواء كان العلم بهم عن يقين أو غلبة ظن،
ومن دفع زكاته إلى من ظنّ أنه أهلٌ فبان أنه ليس بأهل أجزأت عنه ؛ لحديث الرجل الذي تصدق على الزانية والسارق والغني ؛ فأخبر النبي أنها قُبلت منه . رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
ودفع الزكاة إلى الجمعيات الخيرية الموثوقة التي تأخذ الزكاة تبرأ به الذمة .
عباد الله: الصحيح أن تحديد الفقر أمر يرجع إلى العرف ؛ فمن عدّه الناس فقيرا فهو فقير ، وقد يكون رجلان لهما نفس الدخل الشهري وأحدهما غنيٌ في بلده والآخر فقيرٌ في بلده .
وكفاية الفقير لا تقتصر على نفقته من ملبس ومأكل ومشرب ؛ بل يُعطى من الزكاة لزواجه ودراسته ومركبه ونحو ذلك مما يعد من الضروريات أو الحاجيات التي يعطى منها ما يكفيه في عرف أهل بلده ، والكفاية التي تتعلق بالفقير لا تقتصر عليه وحده ؛ بل كفايتُه وكفاية من يعول .
ولا يجوز للغني إعطاءُ الزكاة لفقير تلزمه نفقته ؛ هذا في باب النفقة ، وأما إذا كان في غير النفقة ؛ كأن يكون مديناً فيجوز إعطاؤه من الزكاة لأجل سداد الدين، ولا يجوز دفع الزكاة لفقيرٍٍِ تحت غني مُنفق ، وأما إذا كان لا ينفق عليه فيجوز دفع الزكاة له .
ويجوز للزوجة أن تدفع زكاتها الواجبةَ إلى زوجها ؛ لحديث زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت لبلال : سل النبي أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتامٍ لي في حجري من الصدقة ؟ فسأله فقال: (( نعم ، لها أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة )) رواه البخاري ومسلم .
وبعد: فتلمَّسوا ياعباد الله الفقير من أقاربكم، واحرصوا على سداد ديون العاجزين الأحياءِ من الزكاة، وأما الأمواتُ فلا تُقضى ديونُهم من الزكاة، وأعطوا الفقير ما يغنيه مدة طويلة، بدلاً من توزيع الزكاة القليلة على أناس كثيرين لا تكفيهم سوى أيام معدودة.
عِبَادَ اللهِ، وَوَضْعُ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهَا؛كَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ فَإِنَّ إِيتَاءَ الزَّكَاةِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا، الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ فِي الْآيَةِ،لَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى زَكَاةً .
قَالَ تَعَالَى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .
وأسهل طريقة لإخراج مقدار الزكاة الواجبة:
وَيَـخْرُجُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ عُمَّالُ جِبَايَةِ زَكَاةِ بَـهِيمَةِ الأَنْعَامِ؛ فَعَلَي كُلِّ ذِي شَأْنٍ التَّعَاوُنُ مَعَهُمْ وَالصِّدْقُ، بِعَدَمِ تَفْرِيقِ مُـجْتَمِعٍ لإِلْغَاءِ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَلَا جَـمْعِ مُتَفَرِّقٍ لِتَقْلِيلِ نِصَابِـهَا؛ فَهُمُ الَّذِينَ أُنِيطَتْ بِـهِمُ الْمَسْؤُولِيَّةُ، وَحُـمِّلُوا الأَمَانَةَ. تَقَبَّلَ اللهُ مِنَ الْـجَـمِيعِ زَكَاتَهُمْ.
هذا وإن من أزكى أعمالكم وأبرِّها، وأفضلِ قُرَبِكم وخيرِها: كثرةَ صلاتكم وسلامكم على خير الورى طرا، وأعلى البشريةِ شرفا وقدْرا: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، النبيِّ المزكى، والحبيبِ المجتبى.. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله المكْرَمين، وصحابته أجمعين، وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وأرضِنَا وارضَ عنا معهم برحمتك يا خيرَ الغافرين.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مَثيل ولا شبيه ولا نِدَّ له. وأشهدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبَنا وعَظيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا مُحمّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبيبُهُ مَن بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلْعالَمينَ هادِيًا ومُبَشِّرًا ونَذيرًا
بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ وجاهَدَ فى اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ، فَجَزاهُ اللهُ عَنَّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِن أَنبِيَائِه. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصيكُمْ ونَفْسي بِتَقْوى اللهِ ، القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ ،
ثم اعلموا أن العلم بشريعة الله هو خير ما قضيت فيه الأعمار ، وخصوصا معالمُ الدين وأركانه ؛ فإن تعلمها فرضٌ على كل مسلم ، ولا عذر لأحد بالجهل فيها في بلاد المسلمين ، وإلا تعرض للوعيد ، وعليه أن يسأل عما يخفى عليه (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
والزكاة هي حق الله في المال ، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، بل هي قرينة الصلاة في عشرات المواضع من كتاب الله ، وجاحدها كافر بإجماع المسلمين ، بل ذهب بعض أئمة الإسلام إلى كفر تاركها ، ولذا فسأعرض لكم أهم المسائلِ المتعلقةِ بها بطريقة مبسطة مختصرة .
عباد الله: الزكاة طهارةٌ للمال والنفس، وفضائلها في الإسلام كثيرة قال تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)، وتاركها خبيث غير متطهر ولا طاهر ولهذا جاء الوعيد الشديد الزاجر لمن تهاون بها قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)
ومن منع الزكاة جحداً لوجوبها كفر إذا كان عالماً بالحكم ، وأُخذت منه وقُتل ، ومن منعها بخلاً أُخذت منه وعُزر .
أيها المسلمون: للزكاة شروط وهي : الإسلام والحرية، وملك النصاب، واستقراره، ومضي الحول وبعض الأصناف لا يشترط فيها الحول .
عباد الله: من كانت عنده إبل أو غنم ترعى أكثر الحول ، فتجب الزكاة فيها إن كانت للاستفادة من نسلها ولبنها، أما إن كان هو الذي يشترى لها العلف في أكثر الحول، فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت معدة للتجارة فيزكيها زكاة عروض التجارة.
وأقل نصاب للإبل هو خمس من الإبل وزكاتها شاة ، و إذا كان عددها أكثر من ذلك فزكاتها تختلف باختلاف عددها .
وأقل نصاب لزكاة الغنم أربعين شاة ، فزكاتها شاة واحدة ، وإذا كان عددها أكثر من ذلك فزكاتها تختلف بحسب اختلاف أعدادها .
وهذه الأنصبة ثابتة في حديث أبي بكر الصديق في صحيح الإمام البخاري.
أيها المؤمنون: من سلَّم زكاته من بهيمة الأنعام للسُّعاة الذين يرسلهم الإمام فقد برئت ذمته بإذن الله إذا أداها على وجهها، وهم في هذا العام موجودون في غرب المحافظة.
فطِيبُوا بها نفسًا، وأخرجوها طيبةً بها نفوسكم، لتزكوا بها قلوبُكم.
وإذا كانت الإبل والغنم معدة للتجارة فزكاتها زكاة عروض التجارة .
ثم اعلمو –وفقكم الله-أن الزكاة واجبة في الخارج من الأرض ، إذا بلغت النصاب
والنصاب في ثمر النخيل وغيره من الثمار و الزروع التي تجب فيها الزكاة هو خمسة أوسق وهو يساوي 300 صاع أو 720 كيلو من البر الجيد ، فمن كان له حوش أو استراحة ، أو مزرعة تنتج 300 صاع وجبت فيها الزكاة ، يخرج نصف العشر إذا كان يسقيها بنفسه أو بالآلات ، ويخرج العشر إذا كان يسقيها المطر . ولا يشترط الحول في الزرع ، بل عند موسم لقوله تعلى : (وآتوا حقه يوم حصاده ) .
وإذا كان لديه أكثر من بيت أو استراحة أو مزرعة ، يجمع محصول كل أملاكه ، فإذا بلغ النصاب يزكيه . وفي زكاة الخارج من الأرض تفاصيل كثيرة لا نستطيع فعلى كل صاحب زرع أن يتعلمها .
أما الذهب والفضة فتجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب ، ونصاب الذهب إثنان وتسعون أو 85 جراماً . و نصاب الفضة 595 جرامًا. فمن ملك النصاب أو أكثر منه وحال عليه الحول فعليه الزكاة ، و زكاته ربع العشر , أو يضرب عدد الغرامات بسعر الغرام و يقسمه على أربعين .
فحُليُّ المرأة الذي تلبسه أو تخزنه للبس يرى بعض العلماء أن لا زكاة فيه ، وبعضهم يرى فيه الزكاة .
الأوراق النقدية فحكمها كحكم الذهب والفضة في وجوب الزكاة لأنها أثمان ، فتجب الزكاة فيها لمن بلغ ماله النصاب ، والنصاب يوم أمس الخميس (1243 ريالا)، ، فمن ملك هذا المبلغ وأكثرَ منه وجبت عليه الزكاة. علما بأن النصاب يختلف كل يوم حسب سعر نصاب الفضة ، نضرب سعر جرام الفضة ب 595 .
أيها المسلمون: الواجب في زكاة الأوراق النقدية هو ربع العشر أي: أنك تقوم بقسمة المبلغ الذي تريد زكاته على أربعين، والناتج هو مقدار الزكاة الواجبة.
عبادالله : وما ذكر في الأوراق النقدية ينطبق على عروض التجارة من جهة مقدار النصاب و مقدار الزكاة الواجبة ، وهي تضم إلى الأوراق النقدية أثناء حساب النصاب وإخراج الزكاة ، ولا تجب الزكاة فيها إلا إذا كانت بنية التجارة ، وكانت مُعدة للبيع والشراء ، كالسيارات ، والمحلات التجارية والأراضي،
ولا زكاة في الأراضي المشتراةِ للسكنى ، أو لبناء ، كما أنه لا زكاة في المنزل المسكون، والسيارات الخاصة بالاستخدام الشخصي ونحوها مما هو للقُنية، ففي الحديث المتفق عليه: لا زكاة على المرء في عبده وفرسه.
وقد يسال سائل : الموظف الذي يستلم راتبه شهريا كيف يؤدي زكاته ؟
والجواب . إن كان الإنسان كلما أتاه الراتب أنفقه بحيث ما يبقى إلى الشهر الثاني، فهذا ليس عليه زكاة، لأن من شروط وجوب الزكاة تمام الحول.
- وإن كان يدخر مثلاً: ينفق بعضه ويدخر بعضه ، فعليه زكاة كلما يتم الحول يؤدي زكاة ما عنده ، لكن هذا فيه مشقة أن الإنسان يحصي كل شهر بشهر
فإذا كان لا يريد أن يخرج إلا الواجب عليه فقط ، وعليه أن يضع جدولا ويحسب لكل مال يدخره حولا ، ويزكي كل مال حال عليه الحول وبلغ النصاب ، وفي هذا مشقة كبيرة ، ودرءاً لهذه المشقة يجعل الزكاة في شهر واحد لجميع ما عنده من المال، مثلاً إذا كان يتم الحول في شهر محرم، إذا جاء شهر محرم الذي يتم به حول أول راتب يحصي كل الذي عنده ويخرج زكاته ، وتكون الزكاة واقعة موقعها عند تمام الحول، وتكون لما بعده معجلة والتعجيل جائز. وما زاد فهو صدقة .
عباد الله : أما زكاة عروض التجارة
فتجب الزكاة في جميع الأموال التى اشتريت بنية المتاجرة بها سواء كانت عقارا أو مواد غذائية أو زراعية أو مواشى أو غيرها .
ولا تجب الزكاة فى العروض التى ينوى التاجر أو الشركة الاحتفاظ بها كأدوات إنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التى ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها .
والعقارات المعدة للإيجار إذا لم توجب الزكاة في أقيامها ؛ فإنها تجب في أجرتها وربحها ، في الحال. ولا يشترط أن يحول الحول على الأجرة ، بل تجعل كربح التجار ، ونتاج السائمة.
وهنا ننبه على أنه من اشترى العقار فرارًا من الزكاة، وتحايلاً على إسقاطها، فلا تسقط عنه الزكاة بذلك ؛ معاملة له بنقيض قصده.
أما زكاة الأسهم ، فإذا كان للشخص أسهم وكان يقتنيها لغرض اللمتاجرة بها بيعا وشراء أي المضاربة , وحال عليها الحول ، فلا يخلوا من حالين : إذا قامت الشركة بتزكية أسهمها فلا يجب على المساهم إخراج زكاة عن أسهمه منعا للازدواج , أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها , وتكون الزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5%) من القيمة السوقية للأسهم . أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي ، فإنه يخرج ربع العشر (2.5%) من قيمة الريع السنوي للأسهم وليس من قيمة الأسهم .
العبرة في اعتبار المال من عروض التجارة تكون بنية الأصل (النية الغالبة عند الشراء) فلو اشترى شخص سيارة ناويا أنها للقنية (أي للاستعمال الشخصي) وفي نيته إن وجد ربحا في بيعها باعها , فلا تعد من مال التجارة التي تجب فيها الزكاة , بخلاف ما لو اشترى سيارتين مثلا بنية التجارة والربح , فإذا استعمل واحدة منها فإنها تعد من أموال التجارة التي تجب فيه الزكاة .
أيها المؤمنون : احرصوا رحمكم الله على تعلُّم أحكام دينكم فهو رأسُ مالكم ، وأخرجوا زكاة أموالكم طيِّبة بها نفوسُكم، تُفلحوا وتسعدوا ، وهو طُهرة لكم ، والمال مال الله وحده ، فليس في إعطاء الفقيرِ الزكاةَ منَّةٌ منكم ولا فضلٌ، فاحتسبوا المثوبة، وابتغوا الأجر، وتلمسوا العبودية.
أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
الحمدُ للهِ رب العالمين، وليِّ الصالحين، ومزَكِّي قلوبِ المتقين، وصلواتُ اللهِ وسلامه على خيرِ المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فقد مرّ بنا فيما سبق شذراتٌ من أحكام الزكوات، ونطرّزها بمسائل تتعلق بإخراجها؛ فإن المسلم لا يجوز له تأخير الزكاة بحجة ترقّب شهر رمضان أو الأوقات الفاضلة ، بل تدفع الزكاة حين حولان حولها فورًا، وإن تأخر يسيرًا لمثل هذه المبررات فلا بأس،
أيها المسلمون : الأفضل أن يخرج المسلم زكاته بنفسه ، ويجوز له توكيل من يخرجها عنه من الثقات، وعليه أن يتحرى الفقير والمسكين، ولا يجوز التساهل في ذلك ، بل لا تبرأ الذمة إلا بتسليمها لأصناف الزكاة الثمانية المذكورين في قوله تعالى : (نما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)، سواء كان العلم بهم عن يقين أو غلبة ظن،
ومن دفع زكاته إلى من ظنّ أنه أهلٌ فبان أنه ليس بأهل أجزأت عنه ؛ لحديث الرجل الذي تصدق على الزانية والسارق والغني ؛ فأخبر النبي أنها قُبلت منه . رواه مسلم من حديث أبي هريرة .
ودفع الزكاة إلى الجمعيات الخيرية الموثوقة التي تأخذ الزكاة تبرأ به الذمة .
عباد الله: الصحيح أن تحديد الفقر أمر يرجع إلى العرف ؛ فمن عدّه الناس فقيرا فهو فقير ، وقد يكون رجلان لهما نفس الدخل الشهري وأحدهما غنيٌ في بلده والآخر فقيرٌ في بلده .
وكفاية الفقير لا تقتصر على نفقته من ملبس ومأكل ومشرب ؛ بل يُعطى من الزكاة لزواجه ودراسته ومركبه ونحو ذلك مما يعد من الضروريات أو الحاجيات التي يعطى منها ما يكفيه في عرف أهل بلده ، والكفاية التي تتعلق بالفقير لا تقتصر عليه وحده ؛ بل كفايتُه وكفاية من يعول .
ولا يجوز للغني إعطاءُ الزكاة لفقير تلزمه نفقته ؛ هذا في باب النفقة ، وأما إذا كان في غير النفقة ؛ كأن يكون مديناً فيجوز إعطاؤه من الزكاة لأجل سداد الدين، ولا يجوز دفع الزكاة لفقيرٍٍِ تحت غني مُنفق ، وأما إذا كان لا ينفق عليه فيجوز دفع الزكاة له .
ويجوز للزوجة أن تدفع زكاتها الواجبةَ إلى زوجها ؛ لحديث زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت لبلال : سل النبي أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتامٍ لي في حجري من الصدقة ؟ فسأله فقال: (( نعم ، لها أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة )) رواه البخاري ومسلم .
وبعد: فتلمَّسوا ياعباد الله الفقير من أقاربكم، واحرصوا على سداد ديون العاجزين الأحياءِ من الزكاة، وأما الأمواتُ فلا تُقضى ديونُهم من الزكاة، وأعطوا الفقير ما يغنيه مدة طويلة، بدلاً من توزيع الزكاة القليلة على أناس كثيرين لا تكفيهم سوى أيام معدودة.
عِبَادَ اللهِ، وَوَضْعُ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهَا؛كَالصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ فَإِنَّ إِيتَاءَ الزَّكَاةِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا، الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ فِي الْآيَةِ،لَا يَصِحُّ أَنْ يُسَمَّى زَكَاةً .
قَالَ تَعَالَى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .
وأسهل طريقة لإخراج مقدار الزكاة الواجبة:
وَيَـخْرُجُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ عُمَّالُ جِبَايَةِ زَكَاةِ بَـهِيمَةِ الأَنْعَامِ؛ فَعَلَي كُلِّ ذِي شَأْنٍ التَّعَاوُنُ مَعَهُمْ وَالصِّدْقُ، بِعَدَمِ تَفْرِيقِ مُـجْتَمِعٍ لإِلْغَاءِ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَلَا جَـمْعِ مُتَفَرِّقٍ لِتَقْلِيلِ نِصَابِـهَا؛ فَهُمُ الَّذِينَ أُنِيطَتْ بِـهِمُ الْمَسْؤُولِيَّةُ، وَحُـمِّلُوا الأَمَانَةَ. تَقَبَّلَ اللهُ مِنَ الْـجَـمِيعِ زَكَاتَهُمْ.
هذا وإن من أزكى أعمالكم وأبرِّها، وأفضلِ قُرَبِكم وخيرِها: كثرةَ صلاتكم وسلامكم على خير الورى طرا، وأعلى البشريةِ شرفا وقدْرا: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، النبيِّ المزكى، والحبيبِ المجتبى.. صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله المكْرَمين، وصحابته أجمعين، وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وأرضِنَا وارضَ عنا معهم برحمتك يا خيرَ الغافرين.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُـحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ. الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَـجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَـحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْـرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْـمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَـهْدِيًّــا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْـمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
الخطبة مستقاة من عدة مواقع ومن ذلك هذا الموقع أيضا . مع تعديل وإضافة