تأملات في الإمتحانات ..

عبدالله محمد الطوالة
1434/02/21 - 2013/01/03 19:38PM
أحبابي في الله .. هذه خطبة من الأرشيف .. بمناسبة الاختبارات .. نسأل الله أن يوفق أبنائنا وبناتنا في اختبارات الدنيا والآخرة ..
وأن ينفع بهذه الخطبة ، وهذا المنتدى الرائع ..
ودمتم بخير ..




[FONT="]في هذه الأيام يغرق أبنائنا الطلاب إلىآذانهم في لجة الاختبارات، وخضم الامتحانات، ويعيشون أياماً –هي عندهم - أبغضأيامهم إليهم، تمر عليهم بطيئة ثقيلة ، يستبطئون أيامها، ويستطيلون ساعاتها، ولهمفي ذلك شيء من العذر، فإن ما يقاسونه من شدة المذاكرة ، والاعتكاف على الكتب ،والانهماك وسط الدفاتر الأوراق ليس بالشيء اليسير ، فكيف إذا أضفت إلى ذلك النفسياتالقلقة، والخوف الدائم من ألا يوفق في الإجابه؟[/FONT]
[FONT="]فنسأل الله أن يعينهم ويوفقهم ، ويسدد خطاهم ، ويحقق آمالهم.[/FONT]
[FONT="]والاختبارات برغم عنائها وجهدها ، مدرسةحقيقةً ، مليئة بالمواعظ و العبر ، لو تفطنا لها وتأملنا فيها، لخرجنا بعدد كبيرمن الفوائد [/FONT]
[FONT="]أول هذه الدروس :أن الاختبارات تكشف الطاقات .[/FONT]
[FONT="]كثيرا ما يطلب منا أن ننجز بعض الأعمال أوأن نقوم ببعض المهمام ، فيعتذر أحدنا بأن هذا فوق طاقته ، أو أن هذا من الأمور المستحيلةالتي لا يمكن تحقيقها ، وربما تلا عليك قول الحق جل وعلا [/FONT][FONT="] ))[/FONT][FONT="]لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُنَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا[/FONT][FONT="](( [/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]وعلى سبيل المثال ، حين تطلب من أحدهم أن يقرأ كتاباً متوسط الطول ، يرد عليك أنه لا يستطيع أن يقرأ أكثر من عشر صفحات، أوحينتريده أن يسهر قليلاً لعمل ما، فيجيبك: بأنه لا يمكن أن يتجاوز العاشرة ليلاً ، أوحينترغب منه أن يبذل جهدا في صلاة أو عبادة أو عمل صالح ، يحتج بأن قوته وإمكاناتهتقعد به عن ذلك، أوحين ترغبه في حفظ القرآن ، يشكو إليك أنه لا يكاد يحفظ ، إلىغير ذلك من الأمثلة التي لا تنتهي ....[/FONT]
[FONT="]وتجيء الامتحانات لتكشف عن مكنون منالطاقات ، وإذا بهذا الشخص عينه يقرأ في اليوم الواحد مئات الصفحات، ويسهر إلىالفجر، ويحفظ عشرات المعلومــات، وينجز أشق المهمات ، وفي أوقات قياسية .[/FONT]
[FONT="]فهل يتغير الإنسان؟ وتزداد طاقاته وتعظممواهبه في أيام الاختبارات؟[/FONT]
[FONT="]لا والله، كل ما في الأمر أنه في أيامالاختبارات يستثير همته الكامنة ، ويظهر مواهبه المدفونة، ويفعل طاقاته المعطلة ،والتي غطاها ركام الكسل والفتور والتواني.[/FONT]
[FONT="]نعم يا أحبتي ... إن كل واحد منا منالطاقات والمواهب والملكات والقدرات والإمكانيات مالا نتخيله ، ولا يمكن الاستهانةبه، وما تستطيع به لو استثمرته أن تحقق أقصى درجات النجاح، وبكل يسر وسهولة ، ولكنالمشكلة أننا نكسل ونتوانى ونفتر.[/FONT]
[FONT="]لقد كشفت بعض الدراسات الحديثة أنالإنسان لا يستغل أكثر من 30% من طاقاته ومواهبه ، وتصور يا أخي لو أنك تبذل فيحياتك كلها مثل الجهد الذي تبذله في الاختبارات أو حتى نصفه، إلى أين كنت ستصل؟أما كنت سترتقي ذرى المجد وتحقق من الطموحات ما لعلك تعده الآن من قبيل الخيال ،وشبه المحال ؟[/FONT]
[FONT="]والدليل العملي على ذلك ، إننا جميعاً نعرف أناساً تفوقوا في أعمالهم، وتميزوا فيعباداتهم، ونجحوا في حياتهم، وبرعوا في العلم، وبرزوا في العمل، وحازوا أطرافالخير، وجمعوا خلال البر، وجميعنا يعلم أن نجاحا تهم لم تتحقق إلا بالجد والجهدوالمثابرة ، وجميعنا لا ينسب هذه النجاحات إلى الحظ المحظ ، ولا الذكاء المفرط ،ولا العقلية الفذة وحدها ، إنما هو استثمارالطاقات، وإحياء المواهب ، ومضاعفة الجهود[/FONT]
[FONT="]فعليك بتفعيل طاقاتك ، وتحريك مواهبك ،واستغلال كل ما وهبك الله من إمكانيات وسترى من نفسك العجائب .وصدق الله (( والذينجاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) [/FONT]
[FONT="]الدرس الثاني: الاختبارات واكتساب العلم.[/FONT]
[FONT="]قالوا قديما: لا يعطيك العلم بعضه إلاإذا أعطيته كلك، وقال يحيى بن أبي كثير لا يستطاع العلم براحة الجسد. [/FONT]
[FONT="]كثيرون يتمنون أن يكونوا علماء ، أوطلابعلم ، ولكنهم للأسف ينسون أو يتناسون أن العلم درب طويل وصعب ، وبحاجة إلى بذلوتعب ، وفي هذه الأيام القليلة وما يعانيه الطالب من المشقة والنصب لتحصيل قدر قليلمن العلم ولمدة محدودة من الزمن ، يبين لنا أن طلب العلم ليس بالأمر السهل ، وإنما كما جاء في الأمثال / من طلب العلا سهرالليالي .[/FONT]
[FONT="]ـ ذكر أبو محمد اللباد أن محمد بن عبدوسصلى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين سنة، خمس عشرة سنة في دراسة، وخمس عشرة سنة قيعبادة.[/FONT]
[FONT="]ـ وقال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعةأشهر لم نأكل فيها مرقة، نهارنا ندور على الشيوخ، وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينايوما أنا ورفيق لي شيخا فقالوا: هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلماصرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا، فلم تزل السمكة ثلاثة أيام وكادتأن تنتن فأكلناها نيئة لم نتفرغ نشويها _، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد. [/FONT]
[FONT="]وقال الشاعر : -[/FONT]
[FONT="]دببت للمجد والساعون قد بلغوا جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا[/FONT]
[FONT="]وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]وعانق المجد من أوفى ومن صبرا[/FONT]
[FONT="]لا تحسب المجد تمرا أنت آكله [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]لن تبلغ المجد حتى تلعق الصـبرا[/FONT]
[FONT="]ولئن كان هذا هو شأن العلم، فإنه شأن كلشيء رفيع في الحياة .. قال صلى الله عليهوسلم: ((من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة اللهالجنة)).[/FONT]
[FONT="]ولما رأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحدهميلعب بالحصى ويقول: اللهم زوجني من الحور العين، قال له : ياهذا لقد أعظمت الخطبةوأسأت المهر.[/FONT]
[FONT="]فيا أيها الراغبون في الجنة، ويا أيهاالراغبون في العلم، ويا أيها الراغبون في النجاح ... لن تبلغوا آمالكم إلا بالجدوالنصب، فهل أنتم باذلون؟.[/FONT]
[FONT="]الدرس الثالث : الاختبارات ونسيانالعلم:[/FONT]
[FONT="]من الملاحظ دائما أن طلابنا ما يكادونيخرجون من قاعات الامتحان حتى ينسوا كل ما درسوه وحفظوه ، ولا يكاد يبقى فيأذهانهم منه شيء البتة، فما سر هذا؟ ولماذا ؟[/FONT]
[FONT="]والسر الذي ليس بسر ، أن ما يأتي بسرعةيذهب بسرعة ، و كل ما لم ينل حظه من الإتقان يعتريه النقصان ، و العلم إذا لم يعطىحظه من المراجعة والمعاهدة فإنه سريع النسيان . قال صلى الله عليه وسلم : (تعاهدوا هذا القرآن ، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الأبل في عقلها )[/FONT]
[FONT="]ـ قال الإمام الهراسي: كانت في مدرستنا قناةلها سبعون درجة، وكنت إذا حفظت الدرس أنزل القناة وأعيد الدرس في كل درجة مرة فيالصعود والنزول، وهكذا أفعل في كل درس حفظته. وبهذا صاروا أئمة يقتدى بهم ، وصدقالله العظيم القائل : (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنايوقنون )) [/FONT]
[FONT="]الدرس الرابع : بين نجاح الدنيا ونجاحالآخرة[/FONT]
[FONT="]الكل يطلب النجاح في الدنيا ويفرح به، وهذا لا بأس به، لكن النجاح في الدارالآخرة أهم وأكبر ، وهو ما ينبغي أن يكون مطلب كل مسلم، وهو النجاح والفوز الحقيقي قالالله تعالى: ((فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)) ولا يكون ذلك إلا بطاعةالله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً))وقد جاء في أكثر من آية أن دخول الجنة هو الفوز العظيم، وهو الفوز الكبير، وهوالفوز المبين. وحينما يرى الناس أصحاب الجنة يتمنون أن لو كانوا معهم فيفوزونفوزاً عظيماً لأن أصحاب الجنة هم الفائزون.[/FONT]
[FONT="]وأما الفريق الراسب الخاسر فهم أهلالنار والعياذ بالله، اسأل الله أن يجيرنا منها قال تعالى: ((فمن ثقلت موازينهفأولئك هم المفلحون *ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون *تلفحوجوههم النار وهم فيها كالحون *ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون *قالواربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين *ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون *قالاخسئوا فيها ولا تكلمون *إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لناوارحمنا وأنت خير الراحمين *فاتخذتموهم سخرياً حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون *إنيجزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون)).[/FONT]
[FONT="]بارك الله ............[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]الحمدلله وكفى ..... أما بعد :[/FONT]
فيا أيها الطلاب والطالبات :اسمعوا لوصية الله لكم في محم الآيات: {واتقوا الله ويعلمكم الله} .. من اتقى اللهجعل له من كل هم فرجًا ، ومن كل ضيق مخرجًا .. ورزقه من حيث لا يحتسب .. ومن يتقي اللهيجعل له من أمره يسرًا .. ومن يتقي الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ..
[FONT="]الدرس الخامس : الامتحانات والاهتمامات :[/FONT]
[FONT="]فلا تكاد تقترب الامتحانات حتى يتأهبالناس، ويسود القلق والتوتر، وتغدو هذه الامتحانات هم الناس وشاغلهم، فعنهايتحدثون، وعن أخبارها يتساءلون ، تستنفر الطاقات ، وتنظم الأوقات ، وتضبط الساعات ،وتستدعى المساعدات ، إنه وضع أشبه ما يكون بأنظمة الطوارئ في أوقات الأزمات ، وهذاكله حسن ولا بأس به، ولكن أين مثل هذا الاهتمام بالامتحان الأكبر ، امتحان الآخرة؟[/FONT]
[FONT="]ألا تستحق صلاة الفجر مثلاً أن نضبط لهاالساعة ونتواصى بالاستيقاظ لها؟ [/FONT]
[FONT="]ألا تستحق العبادات أن يهتم بهاالأبوان، ويربيا أبناءهما عليها؟ [/FONT]
[FONT="]ألا يستحق القرآن النصيب الأعلى من المعاهدة والإتقان !![/FONT]
[FONT="]ألا تستحق الآخرة أن تشغل نصيبا مناهتمامنا وحيزا من تفكيرنـــا؟ [/FONT]
[FONT="]ألا يستحق امتحان الآخرة أن نهتم لهأكثر من اهتمامنا لامتحان الدنيا؟ [/FONT]
[FONT="]قال تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا *والآخرة خير وأبقى}[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]الدرس السادس : الامتحانات واللجوء إلىالله تعالى :[/FONT]
[FONT="]من الظواهر الواضحة التي تشاهد في أيامالاختبارات ، حرص الطلاب على صلاة الجماعة في المسجد، وأداء النوافل، وربما قراءةشيء من القرآن.[/FONT]
[FONT="]والغرض أوضح من الشمس في رابعة النهار ،إنهم يتقربون إلى الله سبحانه، عله أن يأخذ بأيديهم فيما هم مقبلون عليه، وهذا بلاشك أمر حسن، فلا كاشفا للكرب، ولا سائق للنجاح إلا الله سبحانه.[/FONT]
[FONT="]ولكن المشكلة أن بعض هؤلاء المصلينالذاكرين أيام الاختبارات ينطبق عليه قول الشاعر / [/FONT]
[FONT="]صلى المصلي لأمر كان يطلبه ** لما انقضىالأمر لا صلى ولا صاما [/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]فهولاء الغرباء لا يعرفون المسجد قبلالامتحانات ولا بعدها![/FONT]
[FONT="]وفاتهم أن فعلهم هذا أشبه ما يكون بفعلالمشركين الذين قال الله في حقهم : ((هُوَ ٱلَّذِى يُسَيّرُكُمْ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِحَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍوَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلّ مَكَانٍوَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَلَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ [IMG]file:///C:/Users/826F~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.gif[/IMG]فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِىٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْمَّتَاعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبّئُكُمْبِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)) [/FONT]
[FONT="]وفاتهم قوله عليه الصلاة والسلام: ((تعرف إلى الله في الرخاءيعرفك في الشدة)).[/FONT]
[FONT="]وفاتهم قول عبدالله ابن مسعود رضي اللهعنه: إن العبد إذا كان يدعو الله في الرخاء ثم نزلت به شدة فدعا الله قالتالملائكة: يارب هذا صوت معروف فيشفعون فيه، فإذا كان لا يدعو من قبل ودعا زمنالشدة قالت الملائكة: يارب هذا صوت غير معروف، فلا يشفعون فيه![/FONT]
[FONT="]فاحذر أخي أن تكون ممن يدعو الله عندشدته وينساه عند رخائه .. وكن كما قال الله: ((وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً)).. [/FONT]
[FONT="]ثم صلوا عباد الله ..[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]وسأرفق الملف منسقاً في المرفقات .. وبالله التوفيق .. [/FONT]
المرفقات

تأملات في الأمتحانات.doc

تأملات في الأمتحانات.doc

المشاهدات 2107 | التعليقات 0