بين يدي عام دراسي جديد
صالح العويد
1432/10/09 - 2011/09/07 16:09PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطبة أعجبتني للأخ الفاضل /
أحمد بن حسين الفقيهي
عنوانها/ بين يدي عام دراسي جديد
عناصرها /
1- المحاسبة بعد الإجازة. 2- رسالة إلى أهل التربية والتعليم. 3- رسالة إلى الطلاب والطالبات. 4- رسالة إلى أولياء الأمور. 5- رسالة التعليم. 6- الحث على المساهمة في إعانة الفقراء والمحتاجين.
أسأل الله أن ينفع بهاالجميع
خطبة أعجبتني للأخ الفاضل /
أحمد بن حسين الفقيهي
عنوانها/ بين يدي عام دراسي جديد
عناصرها /
1- المحاسبة بعد الإجازة. 2- رسالة إلى أهل التربية والتعليم. 3- رسالة إلى الطلاب والطالبات. 4- رسالة إلى أولياء الأمور. 5- رسالة التعليم. 6- الحث على المساهمة في إعانة الفقراء والمحتاجين.
أسأل الله أن ينفع بهاالجميع
المشاهدات 6766 | التعليقات 8
الخطبة الأولى
أما بعد: اتقوا الله ـ معاشر المسلمين ـ في سرَّكم وعلانيتكم، فغدًا تبلى السراء، وتكشف الخبايا، والناجون هم الصادقون المتقون، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].
عباد الله، انقضت الإجازة، وطويت فيها صحائف، ورحل فيها عن الدنيا من رحل، وولد فيها من ولد، وأطلّ على الدنيا خلالها جيل جديد وعمّر من عمرّ، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:11].
وإن المتأمل للمسافة التي بين امتحانات الفصل الماضي وبدء الدراسة في هذا الفصل الحالي وإن كانت قصيرة في عمر الزمن إلا أنها طويلة في حساب المكاسب والخسائر.
أجل، لقد غنم فيها قومٌ وخسر آخرون. وعملة الزمن تدور على الجميع، لكنهما لا يستويان، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنات، وذاك يعبَّ فيها من سجلات السيئات في الطالحات الموبقات، في استدراج يدنيه من دركات النار عياذًا بالله.
وليعُد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية إجازته، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ ماذا قدم؟ هل تقدم للخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصّر؟ تالله، لتسعدنَّ أقوام عندما تذكر أنها حفظت في إجازتها من القرآن جزءًا وقرأت شيئًا كثيرًا واستفادت علمًا عظيمًا ووصلت رحمًا وزارت بيته الحرام فأكثرت من طاعاته وصالحاته، وأقوام أخرى لا تذكر من صيفها إلا سهرًا وصخبًا، ليلها نهار، ونهارها ليل، غارقة في بحر شهوتها، منغمسة في نشوة سكرتها، ثم الحسرة والندامة في الدنيا قبل الآخرة، والآخرة أشد وأنكى.
إخواني في الله، ويوم غدٍ يوم بدء الدراسة، مشهَد حافل وملتقى هام، في هذا اليوم تستأنف رحلة العلم، وتبدأ مسيرة الفكر، وتفتح حصون العلم، وتهيأ قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان، بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفكر ومتحير، ومتفائل ومتشائم.
كم من محب لهذا اليوم يترقب قدومه بفارغ الشوق، وكم من كاره له يتمنّى لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا. وإني بهذه المناسبة المهمة أوجه رسائل عدة، علها تكون نذر خير ورقاع إصلاح ومشاعل هداية تضيء لقائلها وسامعها الطريق، وتهدي جميعنا السبيل:
الرسالة الأولى إلى الطلاب والطالبات: أُخيّ يا رعاك الله، إنه ليتألم الفؤاد ويضيق العقلاء ذرعًا عندما نراك حزين القلب كسير النفس، لمه؟ لأن الدراسة غدًا. يا لله ألا ترى أمم الكفر شرقيها وغربيها تفاخر الأمم بصناعتها وتعلمها وأجيالها؟! وأنت تتبرم كثيرًا، وتعطي الدعة والكسل والراحة من وقتك شيئًا كبيرًا، قل لي بالله عليك: ماذا تتعلم في مدرستك؟ ألست تدرس كتاب الله وتتعلم توحيد خالقك وتتفقه في دينه وتقرأ شيئًا من تفسير خطابه وتسمع لطرف من سنة نبيه وغيرها من المواد والتجربة التي تبصرك في أمر دنياك؟! أأنت تكره هذا؟! لكنها الحقيقة يوم تغيرت النيات، وأصبح العلم لينال به الرتب وتستلم به الشهادات ويرتقى به في درجات الوظائف والمرتبات، أصبح العلم هنا ثقيلاً، وإلا أسلافنا طلبوه في حرّ الرمضاء وفي الليلة الظلماء، لحاف بعضهم من أديم السماء، وفراشه الغبراء، ومع ذلك لذته فيه لا توصف، ونهمهم منه لا ينتهي، لمه؟ لأنهم طلبوه لله، نعم لا لغيره، طلبوه ليكشفوا عن وجوههم أقنعة الجهل، ويخلعوا عن أكتافهم أردية الجهالات.
اسمع لأحدهم وهو يصفه، ولكأنه يصف لك ما أحسّه وهو ابن القيم رحمه الله إذ يقـول: "العلم هو حياة في القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين، به يعرف الله ويُعبد ويُذكر ويوحّد ويحمد ويمجّد، به اهتدى إليه السالكون، ومن طريقه وصل إليه الواصلون، ومنه دخل عليه القاصدون، به تعرف الشرائع والأحكام وتمييز الحلال والحرام، وبه توصل الأرحام، وبه تعرف مراضي الحبيب، وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب، هو الصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والأنيس في الوحشة والكاشف عن الشبهة، مذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وطلبه قربة، وبذله صدقة، ومدارسته تعدل الصيام والقيام، والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام" انتهى كلامه.
أخي يا رعاك الله، أبعد هذا تزهد في عظيم هذا شأنه وكبير هذا شيء من وزنه؟!
فالله الله، اطلب العلم بإخلاص وتجرّد، والله يسدّدك ويؤيدك، ومن ثم إن كنت تريد فهو عزيز المنال، يلزم أن تحسن فيه المقال، وأن تزين بأخلاق العلم، وأن ترتدي لبوس العلماء، كن صبورًا، ذا خلق رفيع، فلن ينال العلم مستكبر ولا أحمق، ولتعلم بل ليعلم الجميع أن الأمة والأجيال الناشئة إذا لم تقدر معلميها ومربيها فعلى الأمة السلام.
اجعل أمام ناظريك قول حبيبك : ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة))، واجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ [البقرة:282]، جدّ واجتهد، ولا يغرنك كثرة البطالين؛ فإن ابن عطاء الإسكندري يقول: "من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة".
الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وعدة المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير حتى النملة في جحرها))؟!
فجملوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى. كم هدى الله بكم من ضال، وكم أنقذ بكم من عمى، وكم بصر بكم من جهل. أنتم مشاعل الهدى ومصابيح الدجى، كلاَّ ليس هذا خيالاً أو تلاعبًا بالأقوال، بل هو الحق ـ وربي ـ أقوله.
يُكدر الخاطر ويكسر الناظر عندما نراكم تتبرمون من الأجيال وتتضجرون من الناشئة، نسمع هنا وهناك بعض صيحاتكم أن الأجيال تغيرت، الملهيات كثيرة، لكن قولوا لي بربكم: ماذا ينفع تضجركم؟! وماذا يجدي تبرمكم؟! اليأس والقنوط سمة الكفار، إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]، ابذلوا ما تستطيعون، وقدموا ما تطيقون، زاحموا الشر الذي ترون، واعلموا أن الله يؤيدكم ويسددكم، والحق أبلج، والزبد جفاء.
اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائمًا نصب أعينكم قبل رقابة البشر عليكم، ولا يكن شبح الامتحان همكم الوحيد. تخلقوا بالخلق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه ومقالهم مستريح ومستراح منه. واعلموا أن الدارسين يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، فالقدوة الحقة في الفعال قبل الأقوال.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: وثمة رسالة ثالثة إلى الآباء وأولياء الأمور أقول فيها: معاشر الأولياء، أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، وإننا نشكو مِن قِصر نظر بعض أولياء الأمور، تسأله عن ابنه فيبادرك أن قد أكمل الجوانبَ الفنية والوسائل الحاجية، فقد أمّن له الأدوات المدرسية، بل وبالغ فيها وأسرف وشكّل ولون، حتى إنك لتجد بين يدي الطلاب غرائب الأدوات مما لا حاجة لهم بها، بل وربما كسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون ما يوفرون به هذه المتطلبات، وإني بهذه المناسبة لأدعوك عندما تذهب تشتري حاجيات أبنائك الدراسية أن تنظر إلى طفل أو ولد في عمر أبنائك، بل ولربما كان يدرس مع أبنائك في مدرسة واحدة، أبناؤك قد سعدوا بحقائبهم وأدواتهم، وهو حسير الطرف كسير النظر، فينظر إليهم وهو محروم مما في أيديهم، لمه؟ لفقره وقلة ما بيده، لذا فإن من تمام نعم الله أن قامت جمعية البر الخيرية في هذا البلد بمشروع جميل وعظيم ألا وهو الحقائب المدرسية، توزع على أبناء الفقراء، وفيها ما يحتاجونه من أدواتهم، فلا تحرمنّ نفسك المشاركة في الأجر، فقلَم يكتب به مِن صدقتك كفى به أجرًا كثيرًا.
ويأتي السؤال مرة أخرى للأولياء: هل تابعت أبناءك دراستهم؟ هل زرت مدارسهم وسألت عن حالهم؟ إن من الآباء من آخر عهده بالمدرسة تسجيل أبنائه فيها! هل اخترت جلساء ابنك؟ هل عرفت ذهابه وإيابه؟ اصحبه للمسجد ومجامع الخير، علمه مكارم الأخلاق، صوِّب خطأه واشكر صوابه، واعلم أن تربيتهم جهاد، وأعظم به من جهاد تؤجر عليه، علَّك إذا كنت في قبرك وحيدًا فريدًا تأتيك أنوار دعواتهم في ظلَم الليالي تنير لك قبرك، وتسعدك عند ربك.
وأما الرسالة الرابعة والأخيرة فأفردتها لعظمها وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها: إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، تتناوشه أطروحات غريبة ومطالب عجيبة، أهل الشرّ فيه أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!
إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلاً أو يصليها على غير ما تعلمها، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة وغيرها عن الصدق وبعده بهنيهة يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه. وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: وثمة رسالة ثالثة إلى الآباء وأولياء الأمور أقول فيها: معاشر الأولياء، أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، وإننا نشكو مِن قِصر نظر بعض أولياء الأمور، تسأله عن ابنه فيبادرك أن قد أكمل الجوانبَ الفنية والوسائل الحاجية، فقد أمّن له الأدوات المدرسية، بل وبالغ فيها وأسرف وشكّل ولون، حتى إنك لتجد بين يدي الطلاب غرائب الأدوات مما لا حاجة لهم بها، بل وربما كسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون ما يوفرون به هذه المتطلبات، وإني بهذه المناسبة لأدعوك عندما تذهب تشتري حاجيات أبنائك الدراسية أن تنظر إلى طفل أو ولد في عمر أبنائك، بل ولربما كان يدرس مع أبنائك في مدرسة واحدة، أبناؤك قد سعدوا بحقائبهم وأدواتهم، وهو حسير الطرف كسير النظر، فينظر إليهم وهو محروم مما في أيديهم، لمه؟ لفقره وقلة ما بيده، لذا فإن من تمام نعم الله أن قامت جمعية البر الخيرية في هذا البلد بمشروع جميل وعظيم ألا وهو الحقائب المدرسية، توزع على أبناء الفقراء، وفيها ما يحتاجونه من أدواتهم، فلا تحرمنّ نفسك المشاركة في الأجر، فقلَم يكتب به مِن صدقتك كفى به أجرًا كثيرًا.
ويأتي السؤال مرة أخرى للأولياء: هل تابعت أبناءك دراستهم؟ هل زرت مدارسهم وسألت عن حالهم؟ إن من الآباء من آخر عهده بالمدرسة تسجيل أبنائه فيها! هل اخترت جلساء ابنك؟ هل عرفت ذهابه وإيابه؟ اصحبه للمسجد ومجامع الخير، علمه مكارم الأخلاق، صوِّب خطأه واشكر صوابه، واعلم أن تربيتهم جهاد، وأعظم به من جهاد تؤجر عليه، علَّك إذا كنت في قبرك وحيدًا فريدًا تأتيك أنوار دعواتهم في ظلَم الليالي تنير لك قبرك، وتسعدك عند ربك.
وأما الرسالة الرابعة والأخيرة فأفردتها لعظمها وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها: إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، تتناوشه أطروحات غريبة ومطالب عجيبة، أهل الشرّ فيه أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!
إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلاً أو يصليها على غير ما تعلمها، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة وغيرها عن الصدق وبعده بهنيهة يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه. وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
الخطبة الأولى
عباد الله، ها هي الإجازة أوشكت على الرحيل، مضت أيامها وتصرمت ساعاتها، وكأنها ما كانت، غنم فيها قوم وخسر آخرون، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنان، وآخر يعب من السيئات في ارتكاب المحرمات والموبقات، في استدراج يدنيه من الدركات.
أيها المسلمون، ليعد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية الإجازة، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ وماذا قدم؟ هل تقدم في الخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصر؟ ماذا صنع هو وأهله وأولاده في تلك الإجازة؟ وكيف أمضوها؟ أفي خير ونفع أم في خسارة وضياع؟ تالله، ليسعدن أقوام يجدون ثمرة أعمالهم الخيرة في ميزان حسناتهم، وليندمن أقوام فرطوا في أيامهم الخالية فجنوا الندم والألم، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران: 30].
عباد الله، غدًا تبدأ الدراسة، وتنطلق مسيرة العلم، وتفتح قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان؛ بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفائل ومتشائم، ومع هذه الإطلالة للعام الدراسي الجديد ها هنا بعض الرسائل والكلمات؛ علها تكون نذر خير وإصلاح وهداية للسبيل القويم.
الرسالة الأولى: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم، إلى حماة مشكاة النبوة والمؤتمنين على ميراث الرسالة في التعليم والتربية، إلى من تعقد عليهم الآمال، إلى المعلمين والمعلمات:
هنيئًا لكم ـ يا أهل التربية والتعليم ـ شرف الرسالة ونبل المهمة، ومهما عانيتم وقاسيتم ومهما جار البعض عليكم وهمش رسالتكم وقلل هيبتكم وغمطكم حقكم فيكفيكم ثناء ربكم جلّ وعلا ومدحُ نبيكم ، أخرج الترمذي وغيره أن رسول الله قال: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)). فهنيئًا لكم هذا الفضل العظيم والثناء الجسيم الذي لا ينتظر بعده معلم الناس جزاء ولا شكورا.
يا أهل التربية والتعليم، لقد ائتمنتكم الأمة على أعز ما تملك، على عقول فلذات أكبادها وثمرات فؤادها، يقضي الطالب شطر يومه في قلاع التعليم وحصون التربية، فماذا أعددتم لهم؟ وبماذا تستقبلونهم؟ وكيف؟ وماذا ستعلمونهم؟ إنهم أمانة في أعناقكم، فقدروا الكلمة التي تقولونها، وزنوا الحركة قبل أن تتحركوها، واعملوا أن من أهمّ ما تتصفون به هو جانب القدوة والتزام أخلاقيات هذه المهنة الجسيمة؛ لأن الطلاب والطالبات يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، والبيان بالفعل أبلغ من البيان بالقول.
يا أهل التربية والتعليم، إن المنهج يظل حبرًا على ورق ما لم يتحوّل إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره مبادئ المنهج ومعانيه، إن ناشئ الفتيان فينا ينشأ على الصدق إذا لم تقع عينه على غش وتسمع أذنه كذبًا، ويتعلم الفضيلة إذا لم تلوّث بيئته بالرذيلة، ويتعلم الرحمة إذا لم يعامل بغلظة وقسوة، ويتربى على الأمانة إذا قطع المجتمع دابر الخيانة، فكونوا ـ معاشر أهل التربية والتعليم ـ خيرَ نموذج يتمثل الخير أمام الأجيال، وتذكروا عتاب ربكم في حال المخالفة بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف: 2، 3].
يا أهل التربية والتعليم، إن التعليم المثمر هو الذي يسار فيه مع التربية جنبًا إلى جنب، ما قيمة العلم إذا كان صاحبه كذوبًا خؤونا؟! وما قيمة العلم إذا كان حامله ينقض مبادئ التربية عروة عروة بسلوكه وأخلاقه؟! قال ابن المبارك رحمه الله: "نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم"، وقال ابن سيرين رحمه الله عن السلف الصالح: "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم".
يا أهل التربية والتعليم، لقد خلق الإنسان في كبد، والمرء في هذه الحياة ساع ـ ولا ريب ـ إلى مصدر رزقه، فإما أن يخرج بنية صالحة يعود من خلالها بالأجر والثواب، وإما أن يرجع من عمله بثواب الدنيا فقط، والموفق من وفقه الله.
يـا قادة العلم هبوا وانشروا همما نـطوي بِهـا جهلنا حقًا ونزدجر
هيـا إلَى العلم والقرآن ننصـره أليـس بالعلم والقرآن ننتصـر؟!
يـا رب وفّق جميـع المسلمين لِما فيـه الصـلاح وفيه الخير والظفر
لقد عدتم إلى مقاعد الدراسة والعود أحمد إن شاء الله، اغتنموا أوقاتكم في طلب العلم وتحصيله، فأنتم في زمنه ووقته، لا تلهينكم المشاغل، وعليكم بإحسان النية في تحصيله، ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)). إن الناس إما عالم أو متعلم أو جاهل، والعلم شرف لا قدر له، إنه يرفع الوضيع، ويعز الذليل، ويجبر الكسير، به حياة القلوب وشفاء الصدور ولذة الأرواح.
تذكروا ـ معاشر الطلاب ـ أثناء سيركم في طريقكم قول المصطفى : ((من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سلك الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطلاب العلم رضًا بما يصنع)).
يا طلب العلم، إن مما لا ينبغي أن يكون الهدف الأسمى من العلم الحصول على الشهادة، ولئن دعت الحاجة في الدنيا إلى الوظيفة والعمل، فالحاجة أدعى إلى تعلم العلم الذي به يصل المرء إلى المنازل العالية في الجنة.
يا طالب المدرسة، إن جهودًا كثيرة تستنفر من أجلك، جهودًا مالية وذهنية ووقتية، كل أولئك يتعاهدون سقاية نبتتك ورعايتها، حتى تؤتي أكلها بعد حين، فلتكن ثمارك يانعة، فالبيت يرجو منك ويؤمل، والمدرسة تبذل لك وتعلم، فكن عند حسن الظن بك خلقًا وعلما.
يا طالب العلم، اجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ [البقرة: 282]، وجدّ واجتهد، ولا يغرنكم كثرة البطالين وتذكر أنّ من لم تكن له بداية محرِقة لم تكن له نهاية مشرقة.
أأبنـاء الْمدارس إن نفسي تؤمّل فيكم الأمل الكبيـرا
فسقيًا للمدارس من رياض لنا قد أنبتت منكم زهـورا
إنكم ـ أيها الكرام ـ شركاء للمدرسة في رسالتها، والبيت هو المدرسة الأولى التي يتربى فيها الأجيال وينشأ فيها الفتيان والفتيات.
إن مما يعاني منه الغيورون قلة الاتصال بين المدرسة والبيت، حيث يظن بعض الآباء أن بتوفير لوازم المدرسة وحاجياتها قد انتهى دوره وقام بواجبه دون متابعة أو سؤال، والبعض من الآباء آخر عهده بالمدرسة أو الكلية أو الجامعة عندما ألحق فلذة كبده بها، وهذا من القصور والتفريط الذي يسأل عنه الولي في الآخرة، ويجني عاقبته في الدنيا.
معاشر الأولياء، قولوا لي بربكم: هل أدى الأمانة من حرصه على استيقاظ ابنه للدراسة مقدم على حرصه على الصلاة وتحسّره على فوات الدراسة أشد من تحسره على فوت وقت الصلاة؟! إنها ممارسات يجد فيها الطلبة والطالبات نوعًا من التناقض بين ما درسوه في المدرسة وبين ما يجدونه في المنزل.
فعظموا ـ معاشر الأولياء ـ أمر الله في نفوس الناشئة، ((مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)). احرصوا ـ رحمكم الله ـ على تربية أبنائكم ومتابعتهم أثناء الدراسة، تخيروا لهم رفاقهم، واعرفوا أين يذهبون ومن يصاحبون وماذا يصنعون، وإياكم إياكم أن تهدموا في أبنائكم ما يربيه المخلصون في المدارس وقلاع العلم.
أيها الأب،
حرّض بنيك على الآداب في الصغر كيمـا تقرّ بِهم عينـاك فِي الكبَر
فـإنَّمـا مثـل الآداب تجمعهـا في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله خالق اللوح والقلم، أحمده سبحانه وأشكره على ما أسدى وأنعم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الهادي إلى السبيل الأقوم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فيا عباد الله، إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة عام أو نحوه ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلا أو يصلي على غير ما تعلم، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة عن الصدق ثم يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تسير إلى مقصدها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في الإنشاء عن بر الوالدين ثم يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه أو يعرض عن أمر أبيه، إن رسالة التعليم تتمثل في ربط التعليم بواقع الطلاب والطالبات وتطبيق القيم العليا المبثوثة في مناهج التعليم.
عباد الله، بقيت همسة لطيفة أختم بها حديثي إليكم، ألا وهي ظروف الحياة في هذه الأيام تشتدّ على بعض الدارسين والدارسات، وقد يشق عليهم توفير ما يستطيع نظراؤهم توفيره، فهل يجد هؤلاء من المدرسة رعاية خاصة وبطريقة مناسبة لا تجرح شعورًا ولا تقلل قدرا؟! وهل يجد هؤلاء الضعفاء من الآباء مساهمة في عدم كسر قلوبهم حين لا يسرفون في تأمين الأدوات الدراسية لأبنائهم وإعطائهم من الأموال ما يفوق حاجتهم مراعاة لنفسيات أبناء الأسر الفقيرة من زملائهم؟!
أيها المسلمون، لو أسهم كل واحد منا في تخفيف الأعباء المدرسية عمن يحتاج من أقاربه وجيرانه لمسحنا دموعًا كثيرة وأرحنا همومًا عديدة ترزح على قلوب أولئك الضعفاء. وإن مما يوصى به في هذا المقام أن الجمعيات الخيرية تقوم بمشروع عظيم، ألا وهو توفير الحقائب المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين، فأسهموا ـ عباد الله ـ بأموالكم في هذا الخير، ولا تحرموا أنفسكم بابًا ساقه الله إليكم، مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261].
الحمد لله خالق اللوح والقلم، أحمده سبحانه وأشكره على ما أسدى وأنعم، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الهادي إلى السبيل الأقوم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فيا عباد الله، إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة عام أو نحوه ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلا أو يصلي على غير ما تعلم، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة عن الصدق ثم يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تسير إلى مقصدها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في الإنشاء عن بر الوالدين ثم يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه أو يعرض عن أمر أبيه، إن رسالة التعليم تتمثل في ربط التعليم بواقع الطلاب والطالبات وتطبيق القيم العليا المبثوثة في مناهج التعليم.
عباد الله، بقيت همسة لطيفة أختم بها حديثي إليكم، ألا وهي ظروف الحياة في هذه الأيام تشتدّ على بعض الدارسين والدارسات، وقد يشق عليهم توفير ما يستطيع نظراؤهم توفيره، فهل يجد هؤلاء من المدرسة رعاية خاصة وبطريقة مناسبة لا تجرح شعورًا ولا تقلل قدرا؟! وهل يجد هؤلاء الضعفاء من الآباء مساهمة في عدم كسر قلوبهم حين لا يسرفون في تأمين الأدوات الدراسية لأبنائهم وإعطائهم من الأموال ما يفوق حاجتهم مراعاة لنفسيات أبناء الأسر الفقيرة من زملائهم؟!
أيها المسلمون، لو أسهم كل واحد منا في تخفيف الأعباء المدرسية عمن يحتاج من أقاربه وجيرانه لمسحنا دموعًا كثيرة وأرحنا همومًا عديدة ترزح على قلوب أولئك الضعفاء. وإن مما يوصى به في هذا المقام أن الجمعيات الخيرية تقوم بمشروع عظيم، ألا وهو توفير الحقائب المدرسية لأبناء الفقراء والمحتاجين، فأسهموا ـ عباد الله ـ بأموالكم في هذا الخير، ولا تحرموا أنفسكم بابًا ساقه الله إليكم، مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261].
وهذه خطبة أيضا للأخ الفاضل /
محمد بن أحمد حسين الزيداني
وهي بعنوان / وبدأ العام الدراسي
وعناصرها /
1- الاعتبار بتعاقب الليالي والأيام. 2- استقبال عام دراسي جديد. 3- الاستعداد للآخرة. 4- كلمة للمعلمين والمربين والآباء. 5- مسؤولية بناء الأجيال.
أسأل الله أن ينفع الجميع بها
محمد بن أحمد حسين الزيداني
وهي بعنوان / وبدأ العام الدراسي
وعناصرها /
1- الاعتبار بتعاقب الليالي والأيام. 2- استقبال عام دراسي جديد. 3- الاستعداد للآخرة. 4- كلمة للمعلمين والمربين والآباء. 5- مسؤولية بناء الأجيال.
أسأل الله أن ينفع الجميع بها
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها المسلمون، في دورة اللحظات والأيام وفي توالي الشهور والأعوام تتجدّد أمام نواظرنا معالم العبر، وتهز أعماقنا أيادي العظات، فأين منا الناظرون المتبصرون؟! وأين منا المتأثرون المتذكرون؟! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37].
إذا كان لنا بالأمس موعد وداع لعام دراسي راحل، فلنا غدًا موعد آخر لاستقبال عام دراسي حالّ، وإن غربت بالأمس شمس نهاية المودَّع، ففي الغد تشرق شمس بداية الآتي، وهكذا تمضي بنا الحياة، ونبقى بين موقفَي وداع الزمان واستقباله، وشروقه وغروبه، وبدايته ونهايته، نبقى أغراضًا لسهام المنايا، وما كثرة صرعى المنايا عن اليمين منا والشمال ومن الأمام والخلف إلا دليل صدق على قرب إصابتها المقتل منا.
ألا أيها الغرَض المصاب، أيها المرمَى الذي أصبح سؤالَ سهامِ المنية، أدرك نفسك قبل أن يكون موتك الجواب، وقبل مفارقة الأحباب ومعاينة الحساب وسكنى التراب، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة:8].
أيها المسلمون، إن الاستعدادَ الكبير من أغلب الناس لاستقبال أول أيام الدراسة وما يصحبه من تغيير في جداول وأنماط حياة كثير من الأسر ليدعونا بلسان الصدق إلى أن نتعلم كيف نستعدّ صادقين للآخرة، وكيف نجتهد لتذليل كافة العقبات والصعاب في سبيل بلوغ الغاية السعيدة التي يريدها لنا الله، يعلّمنا كيف يجب أن يكون استعدادنا جازمًا للتغلّب على كل نوازع الشرّ، ويعلمنا كيف يجب أن ننظر إلى أحوالنا بإنصاف، وكيف نصحّح أخطاءنا، وكيف نضع حدًا لكل تافه ومحتقر في حياتنا.
أيها الإخوة المؤمنون، إذا كان أول أيام الدراسة هو الصفحة النقية الأولى من كتاب العام يهتمّ النجباء لأن يسجّلوا فيها ما ينفعهم ويفيدهم، وما يُعلي منازلَهم ودرجاتِهم في النهاية، ألا يليق بنا أن نمحو بالتوبة إلى الله ما سوّدت المعاصي من صفحات أعمارنا؟! ألا يليق بنا أن نبدأ حياتَنا صفحاتٍ بيضاءَ نقيةً في سجلات أعمارنا؟! ألا يليق بنا أن نكون ذلك النجيب الذي لا يسجّل إلا ما ينفعه، ويعلي مكانته، ويرفع درجاته، لنلقى الله بيض الوجوه؟! يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران:106، 107].
أيها الناس، وغدًا تستأنف الطرقات سيرها بأكبادنا إلى المدارس، وغدًا تسيل الطرقات بأحفاد نبينا العظيم محمد إلى دور العلم، وغدًا تسيل الطرقات بأمل أمة الإسلام ومستقبلها المشرق ـ إن شاء الله ـ إلى دور التربية، وغدًا تسيل الطرقات بأبطال الغد، بكبار الغد، بحلم الغد، إلى دور المعرفة.
أيها المعلمون والمربون، تيقنوا وأنتم تستقبلون الطلاب كلّ يوم أنكم تُحَيُّونَ أملَ أمتنا وفجرَها الوضاء، ووجه صباحها المنير، ومستقبلها الحافل بالبناء والعطاء. وإنه ليكفيكم شرفًا أن تدرك طبقات المجتمع، وأن تدركوا أنّ على أيديكم تنال الأمة مناها، وتبلغ من العزّ ذروته، وفي كلّ خير قمته، إذا صدقتم أمانةً في الأمانة ورعايةً في الرعاية. من يصنع الجيل إلا أنتم؟! ومن يبني الحضارةَ إلا أنتم؟! فهنيئًا لكم. بصدقكم ينال الجيل منكم مبتغاه، ويبلغ بنيان الحضارة أعلاه، وَلِمَ لا والطالب في الحصة الثانية أكثر غنى منه في الأولى، وفي الثالثة أكثر غنى منه في الثانية، وهو في الغد أكثر غنى منه اليوم.
أيها الآباء، تذكروا وأنتم تزوّدون أولادكم إلى المدارس زادًا حسِّيا طعامًا وشرابًا وكسوة ووسيلة أن عليكم أيضًا أن تزوّدوهم زادًا معنويا، توجيهًا إلى الخير، ودعوة إليه، وحثًا لهم على كل أسباب البر، ليشبوا على مكارم الأخلاق وجميل الصفات، مطيعين لله ولرسوله، متقربين إلى الله.
أيها الآباء، أيها المعلّمون، إن العناية برياحين القلوب والأكباد مسئولية جسيمة، وإن الرعاية لأحفاد الحبيب محمد أمانة عظيمة، وأنتم جميعًا مشتركون في المسئولية، أنتم جميعًا على قمة هرم الرعاية للجيل، وأنتم جميعًا على قمة هرم المسئولية عنه، يقول : ((ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته))، وفيه: ((والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته)) رواه البخاري ومسلم.
أحسنوا البذر في حقول قلوب وعقولِ الناشئة لتحسن الثمرة وتطيب، ليكن أولادكم وطلابكم الصورة الحسنة لاهتمامكم، اجعلوا استثمار الجيل في الخير همكم الأول، تذكروا أن صدق رعايتكم للجيل تنجب النصر والظفر للأمة، احرصوا على صلاحهم، فإن العضوَ الصالح في ذاته صالح في مجتمعه وفي صفوف أمته، وسبب حيّ في إصلاح سواه، واعلموا أنه ما قام بنيان نفس إلا على عمود نصح وتوجيه ووصية، فأين منكم ذلك؟! وعندما يصبح الولد أو الطالب ضحية سوء التربية والإهمال تعظم جريمةُ الأب والمعلم.
أيها الآباء، أيها المعلمون، أثروا بالأجيال الأمة، إنها بهم الغِنى فأغنوها بهم، وإنها بهم القوة فزيدوها بهم، وإنها بهم الجمال فزيّنوها بهم، ألبسوها بهم تاج الظفر، أعيدوا بهم أفراحها من جديد، اخلعوا بهم عن وجهها حجاب الحزن، أزيلوا بهم عن أعماقها أسباب الضعة والضعف والهوان، انتزعوا الأجيال من بين ثنايا التجهيل والتضييع والتمييع انتزاعا، أضيئوا بهم الشمس، اتقوا الله فيهم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمد معترف بفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فيا إخوة الإسلام، ما تزال أمتنا الإسلامية في انتظار أجيالها البانية المؤمنة الصادقة عامًا إثر عام، ولقد طالت بها سنوات الانتظار حتى ملّها الانتظار وملّته، وحتى أصبحت حديث السخرية من أعدائها، أفما آن للآباء والمعلمين وكافة المربين أن يضعوا حدًّا لطول انتظار الأمة وسخرية أعدائها بها؟! هل يعلم هؤلاء جميعًا أنَّ عليهم أولاً أن يشعِلوا فتيل الحِرص في قلوبهم استثمارًا لطاقات الناشئة، وتنميةً لمواهبهم، وشحذًا لهممهم، وغيرةً على أجيال المسلمين وتاريخهم، ألا يدركُ المربّون جميعًا أن حضارتنا كمسلمين قائمة على العلم، وأن كلمة الوحي الأولى نزولاً على النبي محمد هي اقْرَأْ؟! قال الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق1-5]، هل ندرك ـ أيها المسلمون ـ سر هذا الافتتاح القرآني والتوجيه الرباني؟!
ما أروع المعلّمين وهم يستقبلون في معاقل التربية طلاب العلم بصدور الانشراح وقلوب البهجة والارتياح، للمرح الباني من ألسنتهم نصيب، وللفرح الهاني في أعماقهم وجيب، الجدّ لهم عنوان، والإخلاص لهم ميدان، يقوّمون سلوك طلابهم، ويهذّبون أخلاقهم، ويعطرون سيرهم.
وما أجلّ المربين جميعًا وهم يخرِجون للدنيا العقول الواعية والأفكار النيرة والقلوب الصافية، ما أسعد الأمة بشبابها المتعلمين وبرجالاتها الصادقين.
ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير.
وصلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله بن عبد المطلب...
الحمد لله حمد معترف بفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.
أما بعد: فيا إخوة الإسلام، ما تزال أمتنا الإسلامية في انتظار أجيالها البانية المؤمنة الصادقة عامًا إثر عام، ولقد طالت بها سنوات الانتظار حتى ملّها الانتظار وملّته، وحتى أصبحت حديث السخرية من أعدائها، أفما آن للآباء والمعلمين وكافة المربين أن يضعوا حدًّا لطول انتظار الأمة وسخرية أعدائها بها؟! هل يعلم هؤلاء جميعًا أنَّ عليهم أولاً أن يشعِلوا فتيل الحِرص في قلوبهم استثمارًا لطاقات الناشئة، وتنميةً لمواهبهم، وشحذًا لهممهم، وغيرةً على أجيال المسلمين وتاريخهم، ألا يدركُ المربّون جميعًا أن حضارتنا كمسلمين قائمة على العلم، وأن كلمة الوحي الأولى نزولاً على النبي محمد هي اقْرَأْ؟! قال الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق1-5]، هل ندرك ـ أيها المسلمون ـ سر هذا الافتتاح القرآني والتوجيه الرباني؟!
ما أروع المعلّمين وهم يستقبلون في معاقل التربية طلاب العلم بصدور الانشراح وقلوب البهجة والارتياح، للمرح الباني من ألسنتهم نصيب، وللفرح الهاني في أعماقهم وجيب، الجدّ لهم عنوان، والإخلاص لهم ميدان، يقوّمون سلوك طلابهم، ويهذّبون أخلاقهم، ويعطرون سيرهم.
وما أجلّ المربين جميعًا وهم يخرِجون للدنيا العقول الواعية والأفكار النيرة والقلوب الصافية، ما أسعد الأمة بشبابها المتعلمين وبرجالاتها الصادقين.
ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير.
وصلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله بن عبد المطلب...
بارك الله فيك أخي مازن
ونفع الله بك وشاكرلك تثمينك للموضوع وتثبيته
وأسأل الله أن يجعل ماتقوم به في ميزان حسناتك
ونفع الله بك وشاكرلك تثمينك للموضوع وتثبيته
وأسأل الله أن يجعل ماتقوم به في ميزان حسناتك
أسأل الله أن يوفقني وإياكم لكل خير
شكر الله لك شيخ صالح وجعلك ربي مصلحا بقولك وفعلك ونفع ربي بعلمك وحرصك على نشر الخير وتعميم الفائدة
وشكرنا الخالص لكل المشاركين والمتفاعلين
صالح العويد
وهذه خطبة أيضا للأخ الفاضل /
مع العام الدراسي
عناصرها /
تعديل التعليق