بين الاستسلام والتمرد

بَيْنَ الاسْتِسْلَامِ وَالتَّمَرُّدِ
7/5/1433

الْحَمْدُ للهِ الْخَالِقِ الْرَّازِقِ، الْمَالِكِ الْمُدَبِّرِ؛ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ؛ [هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] {الحشر:24}، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَضَعَ كُلُّ مَوْجُودٍ لِحُكْمِهِ وَأَمْرِهِ، وَأَذْعَنَ الْمُؤْمِنُونَ لِشَرْعِهِ، [وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ] {الرُّوم:26}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللهِ تَعَالَى، وَأَكْثَرُهُمْ إِذْعَانًا وَانْقِيَادًا لَهُ، وَأَشَدُّهُمْ خَشْيَةً وَخَوْفًا مِنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ يَأْمُرُهُ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُعْلِنَ اسْتِسْلَامَهُ لَهُ؛ [قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جَاءَنِيَ البَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ] {غافر:66}، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَنِيبُوا إِلَيْهِ بِقُلُوبِكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ فِي أَعْمَالِكُمْ. أَقِيمُوا كِتَابَهُ، وَعَظِّمُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَاسْتَسْلِمُوا لِدِينِهِ، وَتَحَاكَمُوا لِشَرِيعَتِهِ؛ فَإِنَّ الاسْتِسْلَامَ للهِ تَعَالَى سَبِيلُ الْهُدَى وَالرَّشَادِ، وَطَرِيقُ الْفَوْزِ وَالْفَلَاحِ؛ [بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] {البقرة:112}.
أَيُّهَا النَّاسُ: مَنْ عَرَفَ اللهَ تَعَالَى حَقَّ الْمَعْرِفَةِ أَحَبَّهُ حُبًّا لَا يَعْدِلُهُ حُبٌّ، َوذَلَّ لَهُ ذُلاًّ لَا يُدَانِيهِ ذُلٌّ، وَصَرَفَ الرَّجَاءَ وَالْخَوْفَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
مَنْ تَفَكَّرَ فِي خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ رَأَى تَدْبِيرَهُ سُبْحَانَهُ لِمَا خَلَقَ، عَلِمَ أَنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَدِيرٌ، فَاسْتَسْلَمَ لِشَرْعِهِ، كَمَا قَدْ كَانَ مُسْتَسْلِمًا لِحُكْمِهِ، وَانْضَوَى تَحْتَ عُبُودِيَّتِهِ الْخَاصَّةِ كَمَا قَدْ كَانَ مُنْضَوِيًا تَحْتَ عُبُودِيَّتِهِ الْعَامَّةِ، وَسَارَعَ فِي مَرْضَاتِهِ؛ لِعِلْمِهِ بِعَظَمَتِهِ فِي صِفَاتِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ فِي عَلْيَائِهِ، وَلِمَعْرِفَتِهِ بِإِحْسَانِ اللهِ تَعَالَى لَهُ، وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، فَلَا مَفَرَّ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا نَجَاةَ إِلَّا فِي عُبُودِيَّتِهِ.
يَنْظُرُ الْمُسْتَسْلِمُ للهِ تَعَالَى فِي خَلْقِ اللهِ سُبْحَانَهُ؛ فَيَرَى صِغَرَهُ وَضَعْفَهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْدَادٍ لَا تُحْصَى مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، فَيُدْرِكُ صِغَرَ نَفْسِهِ وَضَعْفَهَا وَعَجْزَهَا وَفَقْرَهَا وَذُلَّهَا، وَيَعْلَمُ عَظْمَةَ اللهِ تَعَالَى وَقُوَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَغِنَاهُ وَعِزَّتَهُ، فَيَزِيدُهُ ذَلِكَ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَمَحَبَّةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَرَجَاءً فِيهِ، وَخَوْفًا مِنْهُ، وَاسْتِسْلَامًا لَهُ، وَذُلَّا فِي طَاعَتِهِ، وَتَفَانِيًا فِي مَرْضَاتِهِ.
قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ: [اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ] {فصِّلت:11}، اسْتَسْلَمَتِ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ، وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ، وَلَمْ تَتَمَرَّدْ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنَ الْإِنْسَانِ؛ [لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] {غافر:57}.
وَمَا أَنْتَ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِلَّا مَخْلُوقٌ وَاحِدٌ مِنْ مَلَايِينِ الْخَلْقِ عَلَى أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، فَكَيْفَ بِالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَكَيْفَ بِالسَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا فِيهِنَّ؟!
وَكُلُّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مُسْتَسْلِمٌ للهِ تَعَالَى، عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِهِ، خَاضِعٌ لِأَمْرِهِ، مُقِرٌّ بِسُلْطَانِهِ، شَاءَ أَمْ أَبَى؛ [وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا] {آل عمران:83}.
لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَسْتَسْلِمُ للهِ تَعَالَى، وَيَرْضَى بِدِينِهِ، وَيَنْقَادُ لِشَرْعِهِ؛ يَكُونُ وَافَقَ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ حَقِيقَةَ الْعبُوُدِيَّةِ، وَوُفِّقَ فِي صَرْفِهَا لَمَنْ يَسْتَحِقُّهَا، فَلَمْ يَقَعْ فِي نَفْسِهِ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْعُبُودِيَّةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا فِي اسْتِسْلَامِهِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، فَهُوَ مُسْتَسْلِمٌ رَغْمَ أَنْفِهِ للهِ تَعَالَى كُوْنًا وَقَدَرًا كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ مُسْتَسْلِمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَرِضَاهُ حِينَ أَذْعَنَ لَهُ وَانْقَادَ لِشَرِيعَتِهِ.
هَذَا الاسْتِسْلَامُ الْخَاصُّ هُوَ سِرُّ الْفَلَاحِ، وَسَبَبُ النَّجَاةِ، وَكَنْزُ السَّعَادَةِ، يَنْجُو صَاحِبُهُ مِنَ الضَّنْكِ فِي الدُّنْيَا، وَمِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ الاسْتِسْلَامُ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ، وَتَنَزَّلَتْ بِهِ الْكُتُبُ، وَامْتُحِنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ.
قَالَ نُوحٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-:[وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ] {يونس:72}، وَنَالَ الْخَلِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- مَنْزِلَةَ الْخُلَّةِ بِاسْتِسْلَامِهِ للهِ تَعَالَى؛ [إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ] {البقرة:131}، وَحَاجَّ قَوْمَهُ عَلَى هَذَا الاسْتِسْلَامُ؛ [فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لله وَمَنِ اتَّبَعَنِ] {آل عمران:20}، سَلِمَ قَلْبُهُ مِنَ التَّمَرُّدِ وَالاعْتِرَاضِ، وَامْتَلَأَ بِالْإِذْعَانِ وَالانْقِيَادِ، فَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ؛ إِذْ كَانَ مُسْتَسْلِمًا لَهُ؛ [وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ] {الصَّفات:84}.
وَدَعَا هُوَ وَابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ رَبَّهُمَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَسْأَلَانِهِ أَنْ يَرْزُقَهُمَا وَذُرِّيَّتَهُمَا الاسْتِسْلَامَ لَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي أَشْرَفِ مَكَانٍ فِي الْأَرْضِ، وَأَثْنَاءَ أَعْظَمِ عِبَادَةٍ قَامَا بِهَا، وَهِيَ بنِاَءُ الْبَيْتِ لِيَحُجَّ النَّاسُ إِلَيْهِ وَيُصَلُّونَ، فَقَالَا: [رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ] {البقرة:128}، فَسَلَامُ اللهِ تَعَالَى عَلَى الْأَبَوَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، مَا أَشَدَّ حِرْصَهُمَا عَلَيْنَا! وَنَحْنُ نَنْجُو مِنَ التَّمَرُّدِ، وَنَنْعَمُ بِالاسْتِسْلَامِ -بَعْدَ تَوْفِيقِ اللهِ تَعَالَى- بِبَرَكَةِ دَعْوَتِهِمَا الصَّالِحَةِ، فَجَزَاهُمَا اللهُ تَعَالَى عَنَّا وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَجَمَعَنَا بِهِمَا فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ.
وَهَذَا يَدُلُّنَا عَلَى أَهَمِّيَّةِ الاسْتِسْلَامِ للهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ سَبَبُ النَّجَاةِ وَالْفَلَاحِ، وَالْأَمْنِ وَالسَّعَادَةِ.
وَخَاطَبَ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَبَّهُ دَاعِيًّا فَقَالَ:[أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ] {يوسف:101}.
وَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ جُمْلَةٍ مَنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تَعَامُلِهِمْ مَعَ التَّوْرَاةِ الْمُنَزَّلَةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:[يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا] {المائدة:44}، فَوَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ الاسْتِسْلَامُ للهِ تَعَالَى، وَالانْقِيَادُ لِشَرْعِهِ.
وَكَانَ مِنهُمْ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- الَّذِي أُعْطِيَ الْمُلْكَ وَالنُّبُوَّةَ، وَأُوتِيَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَعُلِّمَ مَنْطِقُ الطَّيْرِ، وَسُخِّرَتْ لَهُ الْجِنُّ وَالرِّيحُ، وَلَمْ يَغُرَّهُ الْمُلْكُ الَّذِي تَرَبَّعَ فِيهِ، وَلَا الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِي سُخِّرَتْ لَهُ وَلَمْ تُسَخَّرْ لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ، وَلَا أُوتِيَ أَحَدٌ مِنَ الْمُلْكِ كَمَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمَعَ ذَلِكَ يُعْلِنُ اسْتِسْلَامَهُ للهِ تَعَالَى فِي لَحْظَةِ قُدْرَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ، وَاكْتِمَالِ قُوَّتِهِ، وَنُفُوذِ سلُطْاَنِهِ، وَذَلِكَ حِينَ أَحْضَرَ لَهُ جَنْدُهُ عَرْشَ الْمَلِكَةِ قَبْلَ أَنْ تَطْرَفَ عَيْنُهُ، وَجِيءَ بِالْمَلِكَةِ فَقَالَ -عَلَيْهِ السَّلامُ-: [وَأُوتِينَا العِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ] {النمل:42}، يَا لَتَمَامِ عُبُودِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ للهِ تَعَالَى، وَكَمَالِ أَدَبِهِمْ مَعَهُ سُبْحَانَهُ، حِينَ يُقِرُّونَ بِاسْتِسْلَامِهِمْ للهِ تَعَالَى فِي حَالَ قُوَّتِهِمْ وَقَهْرِهِمْ، كَمَا أَقَرُّوا بِهَا فِي حَالِ اسْتِضْعَافِهِمْ وَمُطَارَدَتِهِمْ مِنْ كُبَرَاءِ أَقْوَامِهِمْ؛ [وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ] {يونس:84}.
وَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى أَتْبَاع ِعِيسَى بِاسْتِسْلَامِهِمْ للهِ تَعَالَى، وَانْقِيَادِهِمْ لِشَرْعِهِ، وَاتِّبَاعِهِمْ لِلْمَسِيحِ -عَلَيْهِ السَّلامُ- [فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ قَالَ الحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ آَمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ] {آل عمران:52-53}.
وَتُتَوَّجُ سِيَرُ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- فِي الاسْتِسْلَامِ للهِ تَعَالَى بِاسْتِسْلَامِ خَاتَمِهِمْ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ: [قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ] {الأنعام:14}، فَكَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَفْتَتِحُ قِيَامَ اللَّيْلِ مُعْلِنًا اسْتِسْلَامَهُ للهِ تَعَالَى قَائِلًا:«اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ»، وَيُعْلِنُ اسْتِسْلَامَهُ للهِ تَعَالَى حِينَ يَهْجَعُ إِلَى فِرَاشِهِ لِلنَّوْمِ، فَيَقُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ»، وَيُعْلِنُ اسْتِسْلَامَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، فَيَقُولُ فِي الرُّكُوعِ: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ»، وَيَقُولُ فِي السُّجُودِ: «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ».
وَأَخْبَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الاسْتِسْلَامَ لَهُ أَحْسَنُ الْأَدْيَانِ؛ لاجْتِمَاعِ الاسْتِسْلَامِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فِيهِ؛ [وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ] {النساء:125}.
وَهُوَ دَعْوَةٌ رَبَّانِيَّةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لَنَا؛ [فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا] {الحج:34}، وَهُوَ سَبَبُ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، [وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ] {الزُّمر:54}، وَإِلَى الاسْتِسْلَامِ للهِ تَعَالَى دَعَا الصَّالِحُونَ مِنَ الْجِنِّ، وَأَثْنَوْا عَلَى الْمُسْتَسْلِمِينَ قَائِلِينَ: [فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا] {الجنّ:14}.
وَهَذَا الْكَمُّ الْهَائِلُ مِنَ النُّصُوصِ، وَمِنْ مَوَاقِفِ الرُّسُلِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- يُبَيِّنُ لَنَا أَهَمِّيَّةَ الاسْتِسْلَامِ للهِ تَعَالَى فِي حَيَاةِ الْإِنْسَانِ، وَأَنَّهُ سِرُّ سَعَادَتِهِ فِي الدَّارَيْنِ، كَمَا أَنَّ شَقَاءَهُ فِي الْحَيَاتَيْنِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي اضْطِرَابِ الْقَلْبِ، وَمَرَضِهِ بِالشَّكِّ، وَعَدَمِ اسْتِسْلَامِهِ للهِ تَعَالَى، وَتَمَرُّدِهِ عَلَى شَرِيعَتِهِ، وَاسْتِكْبَارِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: [فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ] {آل عمران:20}
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِنَّمَا خَلَقَكُمْ لَتَسْتَسْلِمُوا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَأَغْدَقَ عَلَيْكُمُ النِّعَمَ لِيُحَبِّبَكُمْ فِي الاسْتِسْلَامِ لَهُ -عَزَّ وَجَلَّ-:[كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ] {النحل:81}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: التَّمَرُّدُ عَلَى اللهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ قَدِيمٌ قِدَمَ إِبْلِيسَ، فَهُوَ أَوَّلُ الْمُتَمَرِّدِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، فَحَقَّتْ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ.
وَللشَّيْطَانِ أَتْبَاعٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى التَّمَرُّدِ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَعَلَى شَرِيعَتِهِ، وَيَقْصِدُونَ بِأَفْكَارِهِمُ الشَّبَابَ وَالْفَتَيَاتِ؛ لِأَنَّ سِنَّ الْفُتُوَّةِ مَمْلُوءٌ بِالتَّحَدِّي، مُفْعَمٌ بِالْحَيَوِيَّةِ، مُحِبٌّ لِلْمُغَامَرَةِ، سَرِيعُ الانْتِقَالِ فِي مَيَادِينِ الْأَفْكَاِر، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتِ الْقُلُوبُ مُجْدِبَةً مِنَ الْإِيمَانِ، وَكَانَتِ الْعُقُولُ ضَعِيفَةً فِي فَهْمِ الْحُجَجِ وَطَلَبِ الْبُرْهَانِ، فَيَسْهُلُ غَزْوُهَا، وَدَعْوَتُهَا لِلتَّمَرُّدِ وَالثَّوْرَةِ عَلَى مَا هُوَ سَائِدٌ؛ وَلِذَا كَانَ الْمُسْتَعْمِرُونَ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ يَقْصِدُونَ مِنَ الْفِتْيَانِ وَالْفَتَيَاتِ لِلْمَسْخِ وَالتَّبْدِيلِ مَنْ كَانُوا فِي رَيْعَانِ الشَّبَابِ، وَيُغْرُونَهُمْ بِالْمَالِ واَلْجَاهِ، وَيَغُرُّونَهُمْ بِأَنَّهُمْ طَلَائِعُ التَّحَرُّرِ وَالنَّهْضَةِ وَالْعُمْرَانِ، وَهُوَ مَا نَسْمَعُهُ فِي زَمَنِنَا مِنَ الْمُتَمَرِّدِينَ وَالْمُتَمَرِّدَاتِ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَرَفْضِ شَرِيعَتِهِ، وَالطَّعْنِ فِي دِينِهِ، وَالسُّخْرِيَةِ مِنْ حَمَلَتِهِ.
وَثَمَّةَ ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بَيْنَ حُرِّيَّةِ الْفِكْرِ وَالْرَأْيِ، وَبَيْنَ الْعَبَثِيَّةِ وَالتَّمَرُّدِ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّعْوَةِ إِلَى حُرِّيَّةِ التَّفْكِيرِ يَتِمُّ تَحْطِيمُ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ، وَيُقْضَى عَلَى الْيَقِينِ، وَيَغْرَقُ الْمَغْرُورُ بِعَقْلِهِ فِي لُجَجِ الْأَفْكَارِ وَالْفَلْسَفَاتِ الَّتِي اقْتَحَمَتْ عَالَمَ الْغَيْبِ بِالْعَقْلِ مُجَرَّدًا عَنْ الْوَحْيِ، فَتَزِيغُ وَتَهْلَكُ، وَيُصِيبُهَا الشَّكُّ الْمُؤَدِّي إِلَى الْإِنْكَارِ، فَيَنْتُجُ عَنْ ذَلِكَ التَّمَرُّدُ عَلَى الشَّرَائِعِ، وَتَبَنِّى الْعَبَثَ فِي الْعَقَائِدِ وَالْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ. وَلِلْعَبَثِ مَدَارِسُ عِدَّةٌ تَبَنَّاهَا مَلَاحِدَةُ الْغَرْبِ، وَصَدَّرُوا أَفْكَارَهَا لِلْعَالَمِ، حَتَّى قَالَ أَحَدُ كِبَارِ فَلَاسِفَتِهِمْ: بِالْعَبَثِ تَوَصَّلْتُ لِنَتَائِجَ ثَلَاثٍ: تَمَرُّدِي وَحُرِّيَّتِي وَرَغْبَتِي، وَعَنْ طَرِيقِ لُعْبَةِ الْمَعْرِفَةِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُغيِّرَ كُلَّ مَا يَدْعُو لِلْمَوْتِ فِي قَوَاعِدِ الْحَيَاةِ، أَنْ تَحْيَا يَعْنِي أَنْ تَعِيشَ الْعَبَثَ، إِنَّ شُعُورَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاتِهِ، بَتَمَرُّدِهِ، بِحُرِّيَّتِهِ، ذَلِكَ يَعْنِي الصَّفَاءَ الدَّاخِلِيَّ، وَعَدَمَ جَدْوَى سُلَّمِ الْقِيَمِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ هَذَا التَّمَرُّدَ يُحَقِّقُ لِلْحَيَاةِ قِيمَتَهَا وَعَظَمَتَهَا.اهـ.
وَمَنْ قَرَأَ كَلَاَمَ الْمُتَمَرِّدِينَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَمَا أَوْصَلَهُمْ إِلَيْهِ تَمَرُّدُهُمْ مِنَ الْعَبَثِ وَفَوْضَوِيَّةِ الْأَفْكَارِ، لَا يَمْلِكُ إِلَّا أَنْ يُسَبِّحَ اللهَ تَعَالَى وُهُوَ يَتَذَكَّرُ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: [أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ] {المؤمنون:115} ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: [أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى] {القيامة:36}.
أُولَئِكَ قَوْمٌ مَسَاكِينُ، اسْتَبْدَلُوا جَنَّةَ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ بِنَارِ الشَّكِّ وَالْجُحُودِ، وَانْقَلَبُوا مِنْ نَعِيم ِالاسْتِسْلَامِ للهِ تَعَالَى إِلَى جَحِيمِ التَّمَرُّدِ عَلَيْهِ، وَانْتَقَلُوا مِنْ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْحَقَائِقِ الْكُبْرَى فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، إِلَى تَمْزُّقِهِ بِفَلْسَفَاتٍ لَا تَرْوِي ظَامِئًا، وَلَا تَدُلُّ تَائِهًا، وَلَا تُرْشِدُ حَائِرًا، وَيَصْدُقُ فِيهِمْ وَفِي دَعْوَتِهِمْ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: [قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى الله هُوَ الهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ] {الأنعام:71}.
وَمِنْ أَسْبَابِ مَوْجَةِ التَّمَرُّدِ عَلَى اللهِ تَعَالَى: خُلُوُّ الْقَلْبِ مِنَ الصِّدْقِ مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي حَمْلِ دِينِهِ، وَاتِّبَاعِ شَرِيعَتِهِ، وَاخْتِلَاطُ الْإِيمَانِ بِشَوَائِبِ الدُّنْيَا وَحَظُوظِهَا فِي قُلُوبِ الْمُتْمَرِّدِينَ.
وَمِنَ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ: عَدَمُ الثَّبَاتِ أَمَامَ الْعُدْوَانِ الْغَرْبِيِّ الْإِلْحَاديِّ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقِيَمِهِ، وَإِعْلَانُ الْحَرْبِ الْعَالَمِيَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ وَإِذْ ذَاكَ تَزَعْزَعَ فِي الْقُلُوبِ الْضَعِيفَةِ إِيمَانُهَا بِاللهِ تَعَالَى، وَتَضَعْضَعَ يَقِينُهَا بِدِينِهَا، وَلَمْ تَثْبُتْ فِي الضَّرَّاءِ، وَعَظُمَ فِي تِلْكَ الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ الْمَرِيضَةِ كَيْدُ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَقَوَّتُهُمْ، حَتَّى ظَنَّتْهُمْ لَا يُقْهَرُونَ، فَاتَّبَعَتْهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ.
وَالاسْتِسْلَامُ الْحَقِيقِيُّ للهِ تَعَالَى دَلِيلُهُ الثَّبَاتُ فِي الضَّرَّاءِ، وَمُوَاجَهَةُ الْمِحْنَةِ وَالابْتِلَاءِ بِالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، وَأَعْظَمُ مَوْقِفٍ زُلْزِلَ فِيهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، حِينَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ، وَرَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، وَتَحَزَّبَتْ عَلَيْهِمُ الْأَحْزَابُ، فَأَسْعَفَهُمْ فِي هَذِهِ الْمِحْنَةِ الشَّدِيدَةِ صِدْقُ إِيمَانِهِمْ، وَقُوَّةُ يَقِينِهِمْ، فَمَا زَادَتْهُمُ الْمِحْنَةُ إِلَّا اسْتِسْلَامًا للهِ تَعَالَى؛ [وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا] {الأحزاب:22}.
فَتَفَقَّدُوا -عِبَادَ اللهِ- قُلُوبَكُمْ، وَاجْتَهِدُوا فِي صَلَاحِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا عَلَى أَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَأَحْيُوهَا بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالتَّفَكُّرِ، وَاحْرِصُوا عَلَى أَبْنَائِكُمْ وَبَنَاتِكُمْ، وَاحْذَرُوا أَنْ تَجْرِفَهُمْ تَيَّارَاتُ التَّمَرُّدِ، وَأَنْ تَسْحَقَ إِيمَانَهُمْ مَوْجَاتُ التَّزَنْدُقِ، وَلَا عِصْمَةَ إِلَّا بِاللهِ تَعَالَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ.
[رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ] {آل عمران:8}.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ.
المشاهدات 4110 | التعليقات 6

خطبة رائعة رائعة بمعنى الكلمة
وإن مما يميز الخطبة الحشد الكثير لنصوص الوحيين
قال الله .. قال رسوله .. صلى الله عليه وسلم هو أهم عنصر نجاح في الخطبة
إنَّ ربط الجماهير المستمعة بالآيات والأحاديث مهم جدًّا،
فهو عامل مؤثر بلا شك
ثم من المطلوب في الخطبة أيضًا الواقعية،
بمعنى تحدثها عن القضايا المطروحة في الساحة بهدي من الكتاب والسنة.
شكر الله لك يا شيخ إبراهيم
ونفع بك وبها
وأنا أول المنتفعين بإذن الله


وفقك الله يا شيخ إبراهيم ..
أكبر ميزة لكل الخطيب مدى قربه من الوحيين ..
وهذا ما يتميز به شيخنا الحبيب ..
كتب الله أجره ونفع به ..


بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فجزاكم الله خيرا وأحسن إليكم

قلتم: "وَأَخْبَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الاسْتِسْلامَ لَهُ أَحْسَنُ الأَدْيَانِ؛ لاجْتِمَاعِ الاسْتِسْلامِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فِيهِ"
فهل كلمة(الاستسلام) أحسن أم (الإسلام) فتكون العبارة هكذا: "وَأَخْبَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الإسْلامَ أَحْسَنُ الأَدْيَانِ؛ لاجْتِمَاعِ الاسْتِسْلامِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ فِيهِ"


سملت يمينك شيخنا ..

هكذا الخطب وإلا فلا ..

خطبة متكاملة .. اسجل إعجابي .. ذاكراً ربي ..

ما شاء الله .. لا قوة إلا بالله ..

زادك الله من فضلة شيخ إبراهيم ونفع بك ..

دمت على الخير موفقاً مسددا ..


جزاك الله خيرا


الإخوة الأفاضل الكرام : شكر الله تعالى مروركم وتعليقكم على الخطبة، واستجاب دعواتكم المباركات، وأعطاكم مثلهن وزيادة، ونفع بكم عباده.
وأما ثناء المثنين منكم على الموضوع وتناوله فالفضل والمن في ذلك لله وحده لا شريك له، فسبحانه وبحمده، لا نحصي ثناء عليه كما أثنى هو على نفسه.