بلدٌ أبِيٌ وملِكٌ تقيٌ وشعبٌ وفيٌ

بلدٌ أبِيٌ وملِكٌ تقيٌ وشعبٌ وفيٌ

الخطبة الأولى

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له  ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . أما بعد :-

فاتقوا الله عباد الله ، واعلموا أن تقواه سبب لصلاح القلوب والنجاة من الكروب .

عباد الله : نحمد الله جل وعلا أن منّ علينا بنعم عظيمة ، ومن أهمها ثلاث نعم        لا تكاد تجدها في دولة من الدول ، نسأل الله تعالى أن يديمها علينا ويرزقنا شكرها ، هل عرفتم هذه النعم الثلاث ؟ اسمعوها واحفظوها واشكروا الله عليها . وهي :-

( بلدٌ أبِيٌ ، يحكمه ملِكٌ تقِيٌ ، يسكنه شعبٌ وفِيٌ ) ، ولنا وقفات مع هذه النعم .

أولاً : (بلدٌ أبِيٌ ) إنها المملكة العربية السعودية . مترفعة عن كل مايشينها ويشوه سمعتها ، لاتمد يدها لأحد ، لاترضى بالذل والهوان . أسست على التوحيد ومحاربة الشرك منذ تأسيسها  فلا أوثان تعبد ولا قبور يطاف حولها وتدعى من دون الله ، بل التوحيد يُدرّس في مدارسها ومساجدها ، وتطبع كتب التوحيد وتوزعها في الدول الأخرى بالمجان ، وتبعث الدعاة ليعلموا الناس العقيدة الصافية  ويحذروهم من الشرك ، اهتمت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعلما وتعليما وتطبيقا . فالقرآن يطبع فيها بالملايين ويوزع في الداخل والخارج ، لاتكاد تدخل مسجدا في بقاع الأرض إلا وتجد فيه مصحفا مطبوعا في هذه البلاد . الأمْنُ فِيهَا ولله الحمد مُسْتَتِبٌّ ووارِفٌ وهِيَ رَاعِيَةُ للحَرَمينِ ، فلم يَشْهَدِ الحَرَمَانِ اهتِمامًا عَلَى مَرِّ التَّاريخِ مَا شهِدَاه في هَذِهِ الدَّولَةِ ، وهذه البِلادِ تحارب الشرك والبدع بسلاح الكتاب والسنة فلَم نَرَ فيهَا شِركًا ظَاهِرًا ولا قُبُورًا تُعْبَدُ من دون الله ، ولمَ نَرَ فيهاَ خُرَافاتٍ ولا بِدعًا ظَاهِرَةً فهِيَ البِلادُ الوَحيدَةُ في هذا الزمان التي تُحَكِّمُ شَرْعَ الله ، بينما دول أخرى تنشر البدعة والتصوف والخرافة والقبورية في بلاد الإسلام ، فيها هيئة تُعنى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها نظامها واختصاصاتها ، لاتوجد في دولة غيرها . لاينكر فضلها إلا جاهل أو حاقد أو حاسد . تهتم بقضايا المسلمين الدينية والاقتصادية والصحية وغيرها ، فكم دعمت من دول ، ونصرت من دول ، وأصلحت بين دول ، ليس لها مطمع في بلد أحد ولا في خيرات أحد . لا تعتدي ، ومن يعتدي عليها فهي له بالمرصاد . حقا إنها الدولة العظمى و ( البلد الأبي ) حفظها الله شامخة عزيزة  .

ثانياً : ( يحكمه ملِكٌ تقِيٌ ) نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحد . يحب الخير وأهله ، ويحب شعبه ويحبونه ويدعون له ويدعو لهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ) والصلاة بمعنى الدعاء . رواه مسلم عن عوف بن مالك . يحب العلماء ويحترمهم ويدنيهم ويستشيرهم ويستفتيهم . يقبل النصيحة ، متواضعاً ، سباقاً إلى فعل الخير ، يسعى جاهدا لخدمة دينه وشعبه ووطنه ، ويدعو شعبه دائما إلى أن يعملوا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن يفهموا ذلك على فهم السلف ، ويشد عضده بولي عهده الذي يبذل وقته وجهده وفكره فيما يعز دينه ويرفع شأن وطنه ويسعد شعبه ، ويسعون دائما إلى تحقيق الأمن والرخاء لشعبهم وللشعوب المجاورة . فهم ملاذنا بعد الله وقت الفتن ، وسبيل المخرج منها إن لزمنا أمرهم . قال حذيفة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الفتن والفِرَق ، قال فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ) . فلهم منا الدعاء بالحفظ والتوفيق والعز والتمكين .

ثالثاً : ( شعب وفيٌ ) بايع على الكتاب والسنة وعلى المنشط والمكره وعلى اليسر والعسر ، فوفّى بهذه البيعة . شعب صامد في كل من يريد زعزعة الأمن وتفريق الكلمة . متماسك مع ولاة أمره بالسمع والطاعة ووحدة الصف . راسخ رسوخ الجبال لاتهزّه الشعارات البرّاقة ، ولا الدعايات المغرضة ، ولا التخطيطات الهدّامة . ولا العواطف السلبية ، عرف عدوه من صديقه ، واعتبر بغيره قبل أن يعتبر به غيره . نبذوا التفرق والتحزب ، واجتمعوا على الكتاب والسنة وفهموه على فهم سلف الأمة . حفظ الله هذا البلد وحكامه وشعبه . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم ، أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . 

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وحده لاشريك له تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . أَمَّا بَعْدُ :-

فيا عباد الله : إن من أعظم نعم الله على العباد نعمة اجتماع الكلمة والأمن والإيمان ، ووحدة الصف ، ولا يعرف قدرها إلا من فقدها ، وها هو العالم اليوم يموج بالفتن ، والدروس والعبر في الأحداث من حولنا تُؤكد أن تماسك المجتمع والتواصي بالحق وبالصبر هو صمام الأمان لنا جميعاً ، وإننا إذ نحمد الله تعالى أن منَّ على هذه البلاد بشعبها وقيادتها وعلمائها بالأمن والإيمان ، ونؤكد أنه يجب علينا جميعاً الحفاظ على هذه الوحدة الإيمانية ، وهذا التماسك المجتمعي ، وعلى مكتسبات هذا الوطن وأمنه واستقراره ، ووحدته وتوحيده ، وقيمه خاصة في ظل ما تتعرض له المملكة من هجمات شرسة بين الحين والآخر تستهدف هذا الوطن في دينه وأمنه وقياداته ومواطنيه ومقدراته . وخير ما نتواصى به هو اللُّحمة الوطنية والالتفاف حول ولاة الأمر حفظهم الله لتفويت الفرصة على الأعداء فيما يهدفون إليه من زعزعة الأمن في هذه البلاد المباركة ، فأمن هذه البلاد واجبنا جميعاً ، وهذا هو مسلك العقلاء للإصلاح والتعمير ، فالعقلاء يُدركون تماماً خطورة نشر الفوضى ، والإخلال بالأمن ، والاعتداء على الحرمات والأعراض والأموال ، وشق عصا الطاعة ، وبث الفرقة ، ولقد أثبت أهل هذه البلاد أن وحدتهم وتماسك صفهم هي أولاً وقبل كل شيء ، وأن لبنتهم بفضل الله قوية في وجه كل التحديات والعواصف مادام اعتصامنا بالكتاب والسنة ، بل إن الكثير أصبح يُدرك أن الوعي بأهمية الأمن ووحدة الصف زاد لدى المواطنين أكثر من أي وقت مضى ، فلقد تجلى ذلك في التلاحم الوثيق بين الراعي والرعية ، وبين المواطنين بكل أطياف المجتمع ، فلن تزيدنا الأزمات إلا تماسكًا بإذن الله تعالى ، نسأل الله أن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء وفتنة .

عباد الله : صلوا وسلموا على خيرِ خلقِ اللهِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ ، فقد أمرَكم الله بالصلاة والسلام عليه فقال : ( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ) اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك نبينا محمّد ، وارض اللهم عن أصحابه أجمعين ، وعن التابعين  وتابعيهم بِإحسانٍ إلى يومِ الدّين ، وعنّا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم أعزَّ الإسلامَ المسلمينَ ، واكفنا شر أعداءَ الدينِ ، اللهم اجعلْ بَلدَنا هذا آمناً مطمئناً ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ ، اللهم أيدْ إمامَنا وولي عهده بتأييدِكَ ، وانصرْ بهِم دينَكَ ، ووفقْهُم لهُدَاكَ واجعلْ عمَلَهُم في رضاكَ ، وارزقْهُم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُهُم على الخيرِ وتعينهم عليه ، اللهم أمِّن حدودنا واحفظ جنودنا يا رب العالمين . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات . ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار ) . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 

( خطبة الجمعة 8/11/1442هـ . جمع وتنسيق خطيب جامع العمار بمحافظة الرين / عبد الرحمن بن عبد الله الهويمل                          للتواصل جوال و واتساب /  0504750883  )

 

 

 

المرفقات

1722196447_بلدٌ أبِيٌ وملِكٌ تقيٌ وشعبٌ وفيٌ.docx

المشاهدات 183 | التعليقات 0