بشارات للأموات + فقد أبو حازم

طلال شنيف الصبحي
1442/11/14 - 2021/06/24 22:23PM
بشارات الأموات15 / 11 /1442
مستفادة من خطبة الشيخ راشد البداح حفظه الله . بالإضافة إليها فقيد مكة والعمل الخيري الشيخ إبراهيم بن سعيد الصبحي رحمه الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد: [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون]
عِبَادَ الله: إن للمؤمنِ عندَ اللهِ مكانةٌ، فقد أكرمهُ ربهُ بكلِ كرامةٍ، أما في الدنيا فمحفوظٌ في دينهِ ونفسهِ وعرضهِ ومالهِ وعقلِهِ. فإذا ما ماتَ توالتْ عليهِ الكراماتُ، وأقبلتْ عليه البشاراتُ. ولئن كان المؤمنُ يَوْجَلُ من عذابِ القبرِ فليطِب نفسًا ولْيَنْعَمْ بنعيمِ القبرِ الذي ينتظرُه قبلَ نعيمِ الجنةِ. وخذْ أُوْلَى تلكَ البشارَاتِ:
فَهَلْ تَعْلَمُ أنَّ الْمَلاَئِكَةَ تتَلَقَّى رُوحِ المُؤْمِنِ لَحْظَةَ خُرُوجِها؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا. فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ. وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ، وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ. فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ. رواه مسلم.
أما إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ فَيَتَنَعَّمُ بِأَصْنَافِ النَّعِيْمِ.
قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ [إِذَا انْصَرَفُوا]؛ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ [فَيُجْلَسُ غَيْرَ فَزِعٍ وَلاَ مَشْعُوفٍ]. [يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: دَعُونِي أُصَلِّي] قَلبُه معَ الصلاةِ. فيَسألانِهِ برفِقٍ أسئلةً سهلةً يَعرِفُها كلُ مؤمنٍ
[يُقَالُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ اللَّهَ؟ فَيَقُولُ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَرَى اللَّهَ! فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللَّهُ. ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ. وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ].
فَيَقُولاَنِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ لِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي؛ فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ. فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا،]. ويُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ [سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ]. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ. فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ؟ فَيَقُولاَنِ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ.
ثم يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ مَرَّةً بِالْغَدَاةِ وَأُخْرَى بالْعَشِيِّ.
وحتى الذينَ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، يتَجَاوَزُ اللَّهُ عَنْهُمْ، ببشارةٍ من رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- فقدْ رأَى رُؤْيَا فَقَالَ: فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ، وَلَبِنِ فِضَّةٍ.. فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ.. وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ.. فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ. متفق عليه
نَعَمْ؛ كلُّنا نكرهُ الموتُ، ولكننا نحبُ لقاءِ ربنا الأرحمِ بنا من أنفسِنا. فهلْ يتعارضُ هذا معَ هذا؟
الجَوابُ: لا. واسمعْ البشارةَ من نبِيِّكَ -صلى الله عليه وسلم- عندما قال (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه): قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! فقَالَ: لَيْسَ ذَاكِ يا ابنة الصديق، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ. متفقٌ عليهِ.
والمؤمنُ الراسخُ يستبشرُ بقربِ لقاءِ اللهِ، ويرجو من ربٍ كريمٍ خيرًا أنه سيثبِّتهُ بالقولِ الثابتِ (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء). أقول قولي هذا
الخطبة الثانية
عباد الله: ودعت مكة يوم الأحد الماضي علم من أعلامها، وأحد أعمدة العمل التطوعي الاغاثي، ورائد من رواد البذل والعطاء، بعد حياة حافلة بالعطاء والبذل والصدقة، فلا تجد باباً من أبواب الخير إلا طرقه، ما بين تفريج للكربات ، وإغاثة للملهوف، واطعام للفقراء، والسعي على الأرامل واليتامى والمساكين، إنه أبو حازم الشيخ إبراهيم الصبحي، والذي كانت ابتسامته على محياه لا تنقطع، يلقاك بالبشر والوجه الطلق، وما تلك الدعوات وتلك الرسائل في مواقع التواصل في ذكر محاسنه والثناء عليه وتلك الصدقات التي بذلت والأوقاف التي أوقفت عنه، ما هي إلا دليل على حب الناس له، والحزن على موته وفقده، فنحن شهداء الله في أرضه. فاللهم إنا نشهدك أنا ما علمنا عليه إلا خيرا وأنه كان يحب الخير للغير.
فاللهم أغفر له وارحمه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة واجعل ما أصابة كفارة له ورفعة في درجاته واجعله من الشهداء يا رب العالمين.
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾.
فاللهم اغفر لأبي حازم، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه.
اللهم ارزقْنا قبلَ الموتِ توبةً، وعند الموتِ شهادةً، وبعد الموتِ جنةً. اللهم ارزقْنا حسنَ الخاتمةِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ. اللَّهُمَّ إِنَّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ.
الحمدُ للهِ على كلِ حالٍ، ونعوذُ باللهِ من عذابِ النارِ، وعذابِ القبِر.
اللهم نسألُكَ أن تقبلَنا في هذه الساعةَ، وأن تُجيرَنا من النارِ برحمتِكَ.
اللهم خابتْ الظنونُ إلا فيكَ أنتَ ملاذُنا إذا انقطعَ الأملَ وملجؤُنا إذا ضاقتِ الحيلُ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَرْجِعَ عَلَى أَعْقَابِنَا أَوْ نُفْتَنَ عَنْ دِينِنَا.
اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنا بِدُعَائِكَ أَشْقِيَاءَ، وَكُنْ بِنا رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ مَسْئُولِ،
اللهم وفقْ إمامَنا ووليَ عهده بتوفيقِك.
اللهم أمن حدودنا واحفظْ جنودَنا، واجزِهم عنا خير الجزاء
سبحان ربك رب العزة عما يصفون...
وصلِ الله وسلمْ على نبيِنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
المرفقات

1624573421_282013

المشاهدات 804 | التعليقات 0