برنامج عملي للشباب السهران طوال الليل

محمد بن إبراهيم النعيم
1438/10/26 - 2017/07/20 10:18AM

 

 الخطبة الأولى:

سأحاول في هذه الخطبة أن أقدم بعض البرامج العملية للشباب السهران طوال الليل.

ولن أطالب هذا الشباب بقيام الليل رغم عظم ثواب قيام الليل، ولكن كما يقال إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع.

أولا: فليعلم الشباب السهران طوال الليل أنه إذا انتصف الليل فتحت أبواب السماء، وينادي مناد من السماء: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟  هل من مكروب فيفرج عنه، فعن عثمان بي أبي العاص t أن النبي r قال: (تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟  هل من مكروب فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله تعالى له، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشارا) رواه أحمد والطبراني.

فإنها لفرصة عظيمة أن نستغل فتح أبواب السماء في هذا الوقت الفاضل بدعاء أو صلاة؛ نبث فيها همومنا وشكايتنا لله عز وجل.

 فإذا أردت أن تصلي من الليل فلا أقل أن تدع الله وتستغل فتح أبواب السماء.

وإذا مضى ثلثا الليل ينزل الرب جل على إلى السماء الدنيا فيقول : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، فعن أبي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟) متفق عليه.

 

 لذلك الحذر كل الحذر أيها الشباب السهر على معصية في هذا الوقت الفاضل وقت تنزل الرحمن إلى السماء الدنيا، فإذا لم تستطع أن تصلي أو تدعو أو تستغفر، فلا أقل أن تكف عن المعصية احتراما لهذا الوقت المبارك.

 

ثانيا: فليعلم السهران طوال الليل أن هناك عبادة منسية في آخر الليل وهي الاستغفار وقت السحر، فإنها لفرصة طالما أنت مستيقظ في هذا الوقت الفاضل أن تستغفر الله تعالى ولو مرة، وقد مدح الله تعالى من يفعل ذلك بقوله }والمستغفرين بالأسحار{ وقال تعالى }وفي الأسحار هم يستغفرون{.

 

ثالثا: أطالب الشباب السهران طوال الليل الحرص على صلاة الفجر في المسجد، طالما أنك سهران، فأكمل سهرك إلى وقت الصلاة، فبعض الشباب هداهم الله يسهر إلى قُبيل الفجر ثم يذهب إلى النوم، وقد بقي على أذان الفجر بضع دقائق، فينام ولا يستيقظ إلى قبيل أذان الظهر، فيرتكب كبيرة من كبائر الذنوب لأنه صلى الفجر خارج الوقت.

 

رابعا: أتمنى من الشباب السهران طوال الليل أن يواصل سهره بعد الفجر بالمكوث في المسجد حتى طلوع الشمس قيد رمح ثم يصلي ركعتين لينال ثواب حجة وعمرة، حيث روى أنسُ بنُ مَالِكٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ) رواه الترمذي.

 

وجاء في ثوابها أيضا أن له ثواب من أعتق أربعة من ولد اسماعيل، حيث روى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: (لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى، مِنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ) رواه أبو داود.

والجلوس في المسجد حتى طلوع الشمس سنة مهجورة بل ميتة في معظم  المساجد فيا ليت الشباب يحيها في هذه الإجازة.

وبعض الشباب قد يتحجج بأن بعض المؤذنين يغلقون علينا الأنوار والمكيفات ولا يسمحون لنا بالبقاء في المسجد، أقول لو اجتمع مجموعة شباب من الحي الواحد واستأذنوا الإمام أو المؤذن بالجلوس في المسجد وأخبروه بأنهم سيغلقون الأنوار وأجهزة التكييف بعد انتهاءهم فلن يمنعوا الناس من الخير، لأن بعض الناس إذا جلس في المسجد ثم صلى بعد شروق الشمس خرج من المسجد تاركا الأنوار والمكيفات تعمل بل ويترك المسجدَ مفتوحا حتى أذان الظهر مما يعرضه للخطر، فمثل هذا التصرف الخاطئ لا يلام المؤذن إذا منع مثل هؤلاء الذين لا يحرصون على بيوت الله.

 

أيها الأخوة إن جميع المخلوقات تسبح الله بحمده قبيل شروق الشمس لذلك حثنا النبي r بالمكوث في مصلانا بعد الفجر نذكر الله تعالى لنشارك الكون في ذكر الله، فعن عمرو بن عبسة السلمي t أن النبي r قال: (ما تستقلُ الشمسُ فيبقى شيءٌ من خلقِ اللهِ، إلا سبَّح الله بحمده، إلا ما كان من الشياطينِ وأغبياء بني آدم) رواه أبو نعيم في الحلية وابن السني في عمل اليوم والليلة وحسنه الألباني.

فالحديث يفيد بأن كل المخلوقات تُسبح الله تعالى في الصباح قبيل شروق الشمس، إلا الشياطين وأغبياء بني آدم من المسلمين والكفار.

 

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين

أما بعد

 فاتقوا الله تعالى واعلموا أن الجلوس إلى شروق الشمس في المسجد فيه متعة أي متعة لا يعرفها إلا من جربها، تمكنك من قراءة الأذكار الصباحية وقراءة القرآن، فهناك أذكار صباحية لو قلتها قبل طلوع الشمس غفرت لك ذنوبك ورفعت درجاتك، ولذلك أمرنا الله عز وجل أن نذكره، ونسبح بحمده في الصباح قبل شروق الشمس وقبل غروبها لنشارك الكون كله في هذه العبودية الكونية لله عز وجل، فقال تعالى ]فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى[، وقد روى أبو هريرة t أن رسول الله r قال: (مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ) رواه مسلم.

 

وقال r أيضا: (مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ بَدَنَةٍ، وَمَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، لَمْ يَجِئْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدٌ بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ إِلاَّ مَنْ قَالَ قَوْلَهُ أَوْ زَادَ) رواه النسائي وحسنه الألباني.

 

وجاء في فضل هذا التهليل حديث آخر رواه أبو هريرة t أن النبي r قال: (من قال: لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلْكُ وله الحمْدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ ، كانت له عِدلُ عشرِ رِقابٍ، وكُتِبت له مائةُ حسنةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائةُ سيِّئةٍ، وكانت له حِرزًا من الشَّيطانِ يومَه ذلك حتَّى يُمسيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ ممَّا جاء به إلاَّ رجلٌ عمِل أكثرَ منه) متفق عليه.

 

هذه بعض ثمار المكوث في المسجد إلى شروق الشمس ثواب حجة وعمرة ومغفرة ذنوب وحرز من الشيطان طوال اليوم.

 

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وولي علينا خيارنا، اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولي أمرنا، وارزقه بطانة صالحة يا ربنا.

12/8/1434هـ

المشاهدات 871 | التعليقات 0