بركة القرآن

أحمد السويلم
1435/04/27 - 2014/02/27 17:29PM
هذه خطبة لأحد المشايخ الفضلاء
أسأل الله أن ينفع بها
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وهو على ذلك، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اتبع سنته، واستمسك بهديه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي أيها المسلمون بتقوى الله - سبحانه - إذ هي الأنس عند الوحشة والقوة عند الضعف والبركة عند المحق والعلم عند الجهل
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)
أيها المسلمون:
إن من رحمة الله عز وجل وجوده وكرمه وإحسانه أن منَّ علينا بنعمة عظيمة من جملة آلائه ونعمه الجليلة ، نعمةٍ أخرجنا بها من الظلمات إلى النور ، وأنقذنا بها من الضلالة ، وهدانا من الغواية ، وبصر بها بعد العمى .
إنها نعمة القرآن العظيم ، الذي أنزله جل وعلا على خاتم الأنبياء والمرسلين نورا وهدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .
إنه القرآن كتاب الله - جل جلاله - الدال عليه لمن أراد معرفته
وطريقه الموصلة لسالكها إليه ، ونوره المبين الذي أشرقت له الظلمات ، ورحمته المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات ،
والسبب الواصل بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب
وبابه الأعظم الذي منه الدخول فلا يغلق إذا غلقت الأبواب
وهو الصراط المستقيم الذي لاتميل به الآراء ، والذكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء ، والنزل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء ،
لا تفنى عجائبه ولا تقلع سحائبه ، ولا تنقضي آياته ، ولا تختلف دلالاته كلما ازدادت البصائر فيه تأملا وتفكيرا زادها هداية وتبصيرا ،
وكلما بجست معينه فجر لها ينابيع الحكمة تفجيرا ، فهو نور البصائر من عماها ، وشفاء الصدور من أدوائها وجواها ، وحياة القلوب ولذة النفوس ورياض القلوب
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ♂
أيها المسلمون :
إن الحديث عن القرآن حديث طويل لا ينتهي وفضائله عظيمة لا تحصى
لكنني أقف وإياكم في هذه الخطبة على فضيلة عظيمة جليلة وخصلة كريمة من فضائل هذا القرآن العظيم وخصائصه .
ألا وهي ( بركة القرآن )
نعم .. أيها المسلمون
إنها بركة القرآن .. بركة أنزلها الله جل وعلا مع هذا القرآن..
وجعلها صفة وشعارا له
وسمى بها كتابه الكريم .
فقال تعالى : (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )
وقال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه )
وقوله تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون )
وقال تعالى : (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون )
والمبارك كثير البركات ، من خير الدنيا والآخرة .
ففي القرآن بركة عظيمة لا تفارقه أبداً وما طلبها أحد إلا وجدها .
ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن ، فإن كل خير ونعمة، وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر عن العمل به،
وقارئ القرآن ينال من بركة هذا القرآن بقدر عنايته وحرصه على قراءته ، فهو بركة في زيادة الإيمان بالله ، والخشوع له ، ومعرفته جل وعلا ، وتعظيمه وتقديره حق قدره ،قال تعالى : (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ )
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )
(وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )
وقال تعالى : (و قُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا )
فمن أراد خشوع قلبه ولينه وعلاج قسوته فإنه لن يجد لذلك أعظم ولا أجل ولا أكثر بركة من كلام الله جل جلاله فبتلاوته تلين القلوب القاسية وتذرف العيون الجامدة وتخشع النفوس وتخبت لله جل وعلا
كما قال تعالى في وصف حال الصالحين من أهل الكتاب:
(وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) فالخشوع والإخبات لكلام الله جل وعلا من أعظم بركات القرآن وهداياته التي يهدي بها من يشاء
ولهذا كانت تلاوة القرآن من أعظم صفات الصالحين التي ذكرها الله في القرآن قال جل شأنه : (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )
وعن ابن عمر رضي اللهُ عنهما ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
والقرآن بركة في العمر والوقت ، فهو أفضل ما تشغل به الأوقات وتستثمر به لحظات العمر ، وتستغل به الأيام الخالية
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أي أن هذا الحديث وما فيه من الفضل والخيرية هي التي جعلته يجلس لتعلم القرآن وتعليمه وقد مكث رحمه الله يعلم القرآن قرابة أربعين عاما
والقرآن بركة في الرزق والمال ، وبركة في الأهل ، وصلاح الأولاد ،
عن ميمون بن مهران قال : خصلتان فيهما البركة : القرآن والمطر ، وتلا (وأنزلنا من السماء ماء) {وهذا ذكر مبارك} .
وهو بركة في الصحة والعافية ، وفيه شفاء ورحمة للمؤمنين ، قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا)
وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى )
ومن بركة القرآن أنه يكون شفيعا لصاحبه يوم القيامة يشفع له من أهوال الفزع الأكبر ومن عذاب النار
فعن أَبي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ )) رواه مسلم .
وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقولُ : (( يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا )) رواه مسلم .
هو الحصن الحصين والسياج الأمين ، والحرز المكين من شياطين الجن والإنس ، وحفظ من الله جل وعلا لصاحبه ، فمن قرأ آية الكرسي في ليلته لم يزل عليه من الله حافظا ولا يقربه شيطان حتى يصبح كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري .
والمتحصن بكلام الله لا يقربه شيطان ، ولا يصيبه شر الحاسدين ، من الإنس والجن ، ولا تؤثر فيها كيد السحرة النفاثات في العقد
والمعوذتان ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس )
من أعظم ما تعوذ به المتعوذون ، بل ما تعوذ متعوذ بمثلهما قط
فعن عقبة بن عامِر - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( ألَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ ؟ { قُلْ أَعْوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ } وَ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } )) رواه مسلم .
و عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا رواه البخاري .
و عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وعن أَبي مسعودٍ البَدْرِيِّ - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخر سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )) متفقٌ عَلَيْهِ .أي كَفَتَاهُ الْمَكْرُوهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَقِيلَ : كَفَتَاهُ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ .
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقرَةِ )) رواه مسلم .
والقرآن بركة في رفعة الدرجات وعلو المنزلة في الدنيا والآخرة فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ )) رواه مسلم .
والقرآن يرفع صاحبه في الجنة فعن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا )) رواه أَبُو داود والترمذي ، وقال : (( حديث حسن صحيح )) .
وهو سبب لصلاح القلب وسعادته وإشراق الروح وصفائها عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ )) رواه الترمذي ،
وتلاوة القرآن سبب لحضور الملائكة ونزول السكينة والرحمة وسبب لمحبة الله جل وعلا فعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بينهم ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ ، وَحَفَّتْهُمُ المَلاَئِكَةُ ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )) رواه مسلم .
ألا فاتقوا الله عباد الله ، والتمسوا لأنفسكم البركة في حياتكم بالإكثار من تلاوة كتاب الله آناء الليل والنهار وتدبر كلامه جل وعلا ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم واعلموا أن هجر القرآن وترك تلاوته من علامات النفاق وفساد القلب واعراضه عن الله
اللهم بارك لنا في القرآن العظيم ، وانفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم وارزقنا دوام تلاوته وتدبر آياته وتعقل أحكامه وعظاته والقيام بأوامره والانتهاء عن نواهيه .. برحمتك يا أرحم الراحمين
الخطبة الثانية :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن تلاوة القرآن من أعظم البركات التي ينالها المسلم في الدنيا والآخرة ولهذا كان دأب السلف الصالح الإكثار من تلاوة القرآن وختمه
عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : " إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار "
وعن ابن وهب: قيل لأخت مالك: ما كان شغل مالك في بيته؟ قالت: المصحف، والتلاوة.
وقال البغوي: أخبرت عن جدي أحمد بن منيع رحمه الله أنه قال: أنا من نحو أربعين سنة أختم في كل ثلاث.
وهذا الإمام حمزة بن حبيب الزيات، القيم بكتاب الله، العابد الخاشع، القانت لله يقول: نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري.
وقال يحيى اليماني: لما حضرت الوفاة أبا بكر بن عياش بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة
و كان الحافظ بن عساكر: يختم كل جمعة وكان كثير النوافل والأذكار، ويحاسب نفسه على كل لحظة تذهب في غير طاعة.
وقال وهيب بن الورد: قيل لرجل ألا تنام؟ قال: إن عجائب القرآن أطرن نومي.
وقال أحمد بن الحواري: إني لأقرأ القرآن وانظر في آية فيحير عقلي بها،
وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنيهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه وتلذذوا به واستحلوا المناجاة به لذهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا.
قال ذو النون المصري
منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها لا تهجع
فهموا عن الملك الكريم كلامه ... فهماً تذل له الرقاب وتخضع
هذا ، وصلوا - رحمكم الله - على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة ؛ فقد أمركم الله بذلك ، فقال - سبحانه - : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )
، وقال - صلوات الله وسلامه عليه - : "من صلى علي صلاة صلّى الله عليه به عشرا " .
اللهمّ صلِّ وسلِّمْ وزِدْ وبارِكْ على عبدك ورسولك محمدٍ صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر ، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر صحابة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك ياأرحم الراحمين .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين واخذل الشرك والمشركين .. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين .. اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك ياأرحم الراحمين .
اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين
اللهم ما سألناك من خير فأعطنا ، وما لم نسألك فابتدئنا ، وما قصرت عنه آمالنا من الخيرات فبلغنا .. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار .. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المرفقات

خطبة بركة القرآن.docx

خطبة بركة القرآن.docx

المشاهدات 12359 | التعليقات 2

الله ينفع بك شيخ أحمد على اختيارك ونقلك ويجزي الله الكريم كل الإخوة المشاركين والمعلقين.


جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ أحمد وبارك فيكم ونفع بكم