بركة الأيام العشر وشيءٌ من فضائلها ..

عبدالله محمد الطوالة
1438/11/26 - 2017/08/18 05:22AM

هذه خطبة من روائع الشيخ صالح بن حميد حفظه الله :  مع بعض التنسيق والإضافات البسيطة ..  

 

الحمدُ للهِ ، لهُ الحمدُ والشكرُ أبلَغُهُ وأشمَلُهُ ، ولهُ الثناءُ الحسن أجمَلُهُ وأجزَلُهُ ، ولهُ الملكُ والسلطانُ أقواهُ وأمنَعُهُ ، ولهُ الخَلقُ والتدبيرُ أحسنُهُ وأحكَمُهُ ، ولهُ الجمالُ والجلالُ أبهاهُ وأعظَمُهُ ، ولهُ الغنى والكمالُ مُنتهاهُ ومطلَقُهُ .. سبحانهُ وبحمده .. أبدعَ الكونَ بقدرته ، ودبَّرَ كلَّ شيءٍ بحكمته ، وخضعَ كلُّ شيءٍ لمشيئته ، السماءُ أطت لعظمتهِ ، الجبالُ تصدعت من خشيته ، الرعدُ سبحَ من خِيفته .. {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} .. {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِه} .. أحمده سبحانه وأشكرُه ؛ وأتوب إليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا شريكَ له في أسمائِه وصفاتِه ، وفي ربوبيَّته وأولوهيَّته ، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه ومصطفاه وخليله ، منَّ الله علينا ببعثته ، وجعل خاتمةَ الرسالات في رسالته ، فصلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه ، وعلى آله وعِترته وصحابته ، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ وكل من  سارَ على نهجَه واتبع سُنَّته ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .. أما بعد : فاتقوا الله ربكم ، واعتبروا بما ضاع من أوقاتكم ، واغتنموا ما بقي من أعماركم ، واتعظوا بمن مضوا من أقرانكم ؛ فإنكم سائرون على دربهم ، صائرون إلى مصيرهم ، {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} .. فلا مفر من الله تعالى إلا إليه ، ولا نجاة إلا بصدق التوجه إليه ، وإخلاص العمل له وحده دون سواه : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} .. عباد الله: يستقبل المؤمنون أفضل أيامهم ، بل أفضل أيام الدنيا .. يستقبلون عشر ذي الحجة .. جاء في الحديث الصحيح الذي رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال :قال صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ أيامِ الدُّنيا أيامُ العشرِ" .. وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ الله عز وجل ولا أَعْظَمَ أَجْرًا من خَيْرٍ يعمله في عَشْرِ الْأَضْحَى، قِيلَ: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ قال: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله عز وجل إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ" البخاري ... أيام فاضلة وموسم مبارك وأوقات ثمينة ، والعاقل الحصيف يدرك قيمة هذه المواسم ، وأنها فرصٌ إذا فاتت فلا يمكن تعويضها أبداً ... مغنَمٌ وأيّ مغنم ، فُرصة عظيمة مباركة , لتحصيل الحسناتِ والحَطّ من السيِّئات. إنّها أيّام العشرِ المباركات ، أعظمُ الأيّام عند الله فضلاً وأكثرها أجرًا ، وأحبها إليه عملاً .. روى ابن عبّاس رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم  أنّه قال: "ما مِن أيّام العمل الصّالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام" ، يعني أيّامَ العشر ، قالوا: يا رسولَ الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟! قال: "ولا الجهادُ في سبيل الله إلاّ رجلٌ خرج بنفسه ومالِه ثمّ لم يرجِع من ذلك بشيء" رواه البخاري .. وعند البيهقيّ: "ما عملٌ أزكى عند الله ولا أعظم أجرًا من خيرٍ يعمَله في عشر الأضحى" .. وروى البزّار في مسنده عن النبيّ  صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضلُ أيّام الدّنيا العشر" يعني عشرَ ذي الحجّة .. والمسلم يا عباد الله .. يعيش دائماً مباركاً في العمل وفي الزمن ، خصوصاً في هذه الأيام المباركة .. وأعظم البركة في العمل الطاعةُ ؛ فالطاعة فيها بركة عجيبة : {مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}  ثم هي بركة متنوعة .. منها بركة القول ؛ إذ الكلمة الواحدة من الطاعة بعشر حسنات ويكتب الله له بها رضوانه ، ويرفعه بها الدرجات العالية ، والحرف الواحد من تلاوة القرآن بعشر حسنات ؛ وكذلك الصلاة بعشر صلوات كما في الحديث القدسي خمس في العدد وخمسون في الميزان .. وشهر رمضان بعشرة أشهر .. ومن بركة الطاعة أنها طُهرة من الذنوب ، فالجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ، ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، والطاعة بركة في التعامل؛ فبالتعامل الحسن يدرك الإنسان درجة الصائم القائم، ويجاور الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويحظى ببيت في أعلى الجنة .. وأعظم الزمن بركة ، عشر ذي الحجة ؛ إذ أن لها مكانة عظيمة عند الله تعالى ، تدل على محبته لها وتعظيمه إياها ، فهي عشر مباركات ، كثيرة الحسنات ،  عالية الدرجات ، متنوعة الطاعات ... فمن فضائل هذه العشر المباركة : أن الله تعالى أقسم بها فقال: {وَلَيالٍ عَشْرٍ} ، ولا يقسم تعالى إلا بعظيم، ومن فضائلها: أن الله تعالى قرنها بأفضل الأوقات، فقد قرنها بالفجر وهو وقت مبارك مشهود ، تجتمع فيه ملائكة الليل والنهار ، وقرنها بالليل وفيه بركة التنزل الإلهي في الثلث الأخير .. ومن فضائل هذه العشر المباركة : أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها ، ومن فضائلها: أنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق ،  وأنها أحب الأيام إلى الله تعالى ، وأن العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها ، روي عن أنس بن مالك أنه قال: (كان يقال في أيام العشر: كل يوم منها بألف يوم) ، وروي عن الأوزاعي قال: بلغني أن العمل في يومٍ من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله ، يصام نهارها ويحرس ليلها ، إلا أن يختص امرؤ بالشهادة .. ومن فضائلها: أن فيها يوم عرفة ، يوم الحج الأعظم ، فما رئي الشيطان أصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة ، لما يرى من كثرة تنزل الرحمات ، كما أن صومه تطوعاً لغير الحاج يكفر ذنوب سنتين ،  ومن فضائل العشر : أن فيها يوم النحر ، وهو أفضل الأيام كما في الحديث: "أفضل الأيام يوم النحر"، وفيه معظم أعمال الحج من رمي وذبح وحلق وطواف .. وفضائل العشر كثيرة جداً .. ينبغي للمسلم أن يغتنمها ، ويسابق إلى الخيرات فيها .. ومن أفضل الأعمال المشروعة فيها: الذكر، لقوله تعالى {لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلاْنْعَامِ} وروى الإمام أحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" .. وقوله "فأكثروا" ، فيه دليل على أن المسلم مطالب بأن يكون ذاكرا لله في كل حياته ، لكنه مطالب في هذه الأيام أن يضاعف جهده ويكثر من الذكر ؛ وخصوصاً التهليل والتكبير والتحميد ، وقد كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما  إذا دخلت العشر يخرجان إلى السوق يكبران ، فإذا سمعهم الناس كبروا ... والذكر كما جاء في الحديث الصحيح هو خير الأعمال وأزكاها وأرفعها في الدرجات وأحبها إلى الله ، فضائله كثيرة ، وأجوره كبيرة ، قرنه الله بالصلاة فقال {فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ} ،  وقرنه بالجمعة فقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ} ، وقرنه بالصوم فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ} ، وقرنه بالحج فقال: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} ، وقرنه بالجهاد فقال: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ} ، لا يتقيد بزمان ولا بمكان ، مأمور بـه على كل الأحوال {فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ} ، يقول ابن القيم: "أفضل أهلِ كلِّ عمل أكثرهم فيه ذكرًا، فأفضل الصُّوَّام أكثرُهم ذكرًا لله في صومِهم، وأفضل المتصدّقين أكثرُهم ذِكرًا لله، وأفضل الحجّاج أكثرهم ذكرًا لله في حجه" .. ثم إن من أفضل الأعمال المشروعة في هذه العشر المباركة : المحافظة على السنن الرواتب قبل الفرائض وبعدها ، والإكثار من النوافل كصلاة الليل والضحى ، فهي سبب مباشر لنيل محبة الله .. وكذلك الإكثار من الصدقة، إذ الصدقة فيها أفضل من الصدقة في رمضان .. ومن أفضل الأعمال المشروعة فيها : الصيام ، فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله به بينه وبين النار سبعين خريفاً .. فكيف بصيام هذه الأيام المباركة ..  ومِن أعظمِ القُرُبات التي يتقرَّب بها المسلمون إلى ربِّهم في خِتام هذه الأيام المباركة الأضاحي، فمَن أراد أن يضحّيَ عن نفسه أو أهلِ بيته ودخل شهرُ ذي الحِجّة فإنّه يحرُم عليه أن يأخذَ مِن شعره وأظفاره أو جِلده حتّى يذبحَ أضحيتَه ، لِما روته أمّ سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم  أنّه قال: "إذا رأيتُم هلالَ ذي الحجة وأرادَ أحدكم أن يضحّيَ فلا يأخذ من شعرِه وأظفاره شيئًا حتى يضحّي" مسلم ، وشأن الأضحية عظيم فقد ثبت في الحديث أن للمضحي بكل شعرة حسنة ، وحذر المصطفى صلى الله عليه وسلم  القادر من تركها فقال : "من وجد سعة ولم يضحي فلا يقربن مصلانا " .. وأفضل ما يفعل في هذه العشر المباركة حج بيت الله الحرام .. قال صلى الله عليه وسلم: "من حجَّ هذا البيتَ فلم يرفث ولم يفسُق رجع من ذنوبه كيوم ولدَته أمُّه" والحديث متفق عليه ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "تابِعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإنّهما ينفيان الفقر والذنوبَ كما ينفي الكير خَبثَ الحديدِ والذّهب والفضَّة ، وليس للحجّة المبرورةِ ثوابٌ إلاّ الجنّة" .. فدونكم يا عباد الله الفضائل فاغتنموها ، فالحياةُ مغنم ، والأيام معدودة ، والأعمارُ قصيرة .. ولنعلم أن لله جل وعلا في هذه الأيام المباركة نفحات وأي نفحات ، فلننتهز المناسبة ، ولنستثمر الفرصة ، ولنستكثر من الطاعات ، ولنتقرب بالصالحات .. ولنسابق في الخيرات .. ولنسارع كما أمرنا رب البريات .. {وَسَارِعُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَـٰفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ} .. بارك الله ...    

 

الحمد لله وكفى .. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} .. عباد الله : عشرٌ مباركات .. العمل الصالح فيهن أيَّاً كان نوعه أفضل منه في غيرها، والملاحظ أنها تقع في آخر العام ، فكأنها تعويض للمفرطين في عامهم؛ ليتداركوا أنفسهم، وليعوضوا فيها ما فاتهم، وليدركوا بها منازل من سبقهم، وليتذكر العبد بنهاية سنته نهاية عمره ، وليندم على ما فرط في أيامه الخالية، وليعقد العزم على استثمار ما بقي له من حياته، فهذه الدنيا التي نعيشها لن تبقى إلى الأبد، ولن يخلَّد فيها أحد، كل نفس ذائقة الموت ، ولكل أمة أجل .. طال الزمن أم قصر.. والدنيا بأفراحها وأتراحها ، بمسراتها وأحزانها ، بيسرها وعسرها .. ما أن يفارقها الإنسان حتى يُنسى .. وما من أحد يصيبه عُسر شديد ، أو مصيبة كبيرة ، إلا ومع مرور الأيام يزول عسرُه ، وينسى مصيبتَه ، ويذهب همُه وغمه تدريجياً ، وكذلك من تصيبه سراءُ فيفرح بها فرحا شديدا .. ثم مع الأيام ينساها ويزول فرحه شيئاً فشيئاً . وهكذا ما يلحق بأهل الإيمان والتقوى من مشقة حبس النفس على الطاعات ، وكفها عن الشهوات ؛ فإنهم ينسون ذلك بمجرد انتهاء وقته ، وذهاب مشقته ؛ فالصائم الذي جاع وعطش ينسى معاناته مع الجوع والعطش بمجرد فطره ، والحاج الذي لحقه من المشقة والزحام ما لحقه .. ينسى ذلك بمجرد إتمام حجه ، وانقضاء نسكه ./. وكذلك أهل الشهوات المحرمة ينسون لذة شهواتهم ومتعتها بمجرد مفارقتها ، وتبقى السيئات في صحائفهم ، والأوزار تثقلهم ، والهموم والأحزان تملأ قلوبهم ، وهذا من عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة .. وصدق من قال : تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها .. من الحرام ويبقى الإثم والعارُ .. تبقى عواقبُ سوءٍ من مغبتها .. لا خير في لذةٍ من بعدها النارُ  .. ونجد هذا المعنى واضحاً كل الوضوح في حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا من أَهْلِ النَّارِ يوم الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ: يا بن آدَمَ، هل رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيقول: لَا والله يا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ الناس بُؤْسًا في الدُّنْيَا من أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً في الْجَنَّةِ فَيُقَالُ له: يا بن آدَمَ، هل رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هل مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيقول: لَا والله يا رَبِّ ما مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ ولا رأيت شِدَّةً قَطُّ" حديث صحيح رواه الإمام مسلم .. فحري بالمسلم أن يعتبر بذلك ، وأن يعمر وقته بطاعة الله عز وجل ؛ لعلمه أن ما يلحقه من مشقة العبادة يزول ، ويبقى له أجرها ، يتنعم به خالدا مخلدا في دار النعيم ، وأن يجانب المحرمات ويحذرها ليقينه أن لذتها تزول بزوالها ، ويبقى عليه وزرها ، وأن يستفيد من الأزمان الفاضلة ، والأوقات المباركة التي اختصها الله تعالى بشعائره العظيمة ، فيعظمها كما عظمها الرب تبارك وتعالى ، ويخصها بكثرة النوافل والقربات ، فالمغبونُ بحق من من فاتته هذه الفُرَص وفرَّط فيها .. والمحروم بصدق مَن دعَته دواعي الخير فأعرض عنها ولم يغتنمها .. والخسارة كل الخسارة أن يصرف العبد أفضل أوقات الدنيا في اللهو والغفلة ، ولربما كانت هذه العشر آخر موسم مبارك يدركه العبد في حياته، فلعل الموت يبغته في أي لحظة: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ} .. ويا ابن آدم : عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به .. البر لا يبلى .. والذنب لا ينسى .. والديان لا يموت .. وكما تدين تدان .. ..  اللهم صلي  .. 

المشاهدات 1044 | التعليقات 1

للرفع ..