بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بالْمَوْلِدِ النَبَوي خطبة مختصرة 11 / 3 / 1444 هـ
نجم الدين
بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بالْمَوْلِدِ النَبَوي خطبة مختصرة 11/3/1444هـ
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ ،حَقَّ التَّقْوَى﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[ آل عمران : 102]
عِبَادَ اللَّهِ: أَمَرَ اللَّهُ تعالى نَـــبــيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يقول لأمَتِهِ قولا، فقال سبحانه:﴿قُلْ إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوني يُحبِبْكُمُ اللهُ وَيَغفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا في أَنفُسِهِم حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيمًا﴾
وَقَالَﷺ:«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.فَحَقُّ الرَّسُولِﷺالإِيمَانُ بِهِ، وَاتِّبَاعُهُ وَطَاعَتُهُ، وَتَحكِيمُهُ وَرَدُّ مَا يُتَنَازَعُ فِيهِ إِلَيهِ، وَالرِّضَا بِحُكمِهِ وَالتَّسلِيمُ لَهُ، وَتَعزِيرُهُ وَتَوقِيرُهُ وَنَصرُهُ، وَالصَّلاةُ عَلَيهِ وَالتَّسلِيمُ، وَمَحَبَّتُهُ وَتَقدِيمُهُ على النَّفسِ وَالأَهلِ وَالمَالِ وَالَولد ،ومن أَهَمَّ الحُقُوقِ وَأَعظَمَهَا هُوَ طَاعَتُهُ وَامتِثالُ أَمرِهِ، وَذَلِكَ الحَقُّ هُوَ أَعظَمُ حُقُوقِ الرُّسُلِ التي جَعَلَهَا اللهُ لهم مِن لَدُنْ نُوحٍ إلى محمدٍ عليهم الصلاةُ والسلامُ،قَالَ تَعَالَى:﴿وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللهِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أنّهُ لا يجوزُ لأَحَدٍ رَضِيَ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيًا ورسولاً، أَن يَأتيَ فَيَزعُمَ أَنَّ لِرَسُولِ اللهِﷺشَيئًا فَوقَ هَذَا، مُدَّعِيًا أَنَّهُ ببدعته يُحِبُّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام ،بل هو عَاصٍ مُـخالفٌ لله تعالى ولرسوله عليه الصلاة والسلام. كَمَا يَفعَلُهُ بَعضُ مَن بُلُوا بِإِحيَاءِ البِدَعِ وَإِمَاتَةِ السُّنَنِ، مِنَ الذينَ يُقِيمُونَ في مِثلِ هَذِهِ الأَيَّامِ مَا يُسَمَّى بِالمَولِدِ النَّبَوِيِّ، حَيثُ يُنشِدُونَ الأَشعَار والمَدَائِح التي بعضها تتضمن معانيها الشِّرك بالله تعالى ، ففي بعضها استغاثةٌ بِالرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسؤاله قَضَاءَ الحَاجَاتِ، أَو يَرجُونَهُ لِشِفَاءِ الأَمرَاضِ، أَو تَفرِيجِ الكُرُبَاتِ، أَو أُولَئِكَ الذين يَستَقبِلُونَ قَبرَهُ وَيَطلُبُونَهُ الشَّفَاعَةَ لهم، أَو يَتَوَسَّلُونَ بِهِ،وقد قَالَ تَعَالَى:﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.
ومن الأبيات التي يرددها بعضهم في احتفالات المولد النبوي، تلك التي يقول قائلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم
يَا أَكْرَمَ الخَلْقِ مَا لي مَنْ أَلُوذُ بِهِ ***** سِوَاكَ عنْدَ حُلُولِ الحَادِثِ العَمَمِ
إنْ لَمْ يَكُنْ في مَعَادِي آخِذًا بِيَدِي ***** فَضْلًا، وَإِلَّا فَقُلْ يَا زلَّةَ القَدَمِ
فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدُّنيا وضَرَّتـِهَا ***** ومِنْ عُلومِكَ عِلمَ اللَّوحِ والقَلَمِ
فانظروا – عبادالله- إلى هذا الجهل العظيم ، حيث اعتقد أنه لا نجاة له إلا بعياذه ولياذه بغير الله تعالى.
وانظروا إلى هذا الإطراء العظيم ،حيث زعموا أنه -عليه الصلاة والسلام- يعلم الغيب، وقد قال تعالى، آمرا نبيه عليه الصلاة والسلام :﴿ قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [ الأنعام : 50 ] .
فيا أيها المسلمون: كُلُّ الاحتفالاتِ البدعيةِ حرامٌ ، أفلا نسمع ونطيع لأمر الله وأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ، هذه الاحتفالاتُ لم يفعلها النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولم يأمر بها، ولم يفعلْها صحابَتـُــهُ مِنْ بعدِهِ،ولا الأئمةُ العلماءُ الكبار مِنْ بعدِهم، كمالك، والشافعي، وأحمد، و أبوحنيفة، - رَحِمَ اللهُ الجميع- وقد ثبتَ في الحديث الصحيح أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.. " رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وأبوداود وقال الألباني حديث صحيح
اللهم اجعلنا من أهل اتباع السنة وجنبنا كل بدعة
باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ : الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:
فيا عِبَادَ اللَّهِ:يَقَولَ الإمام مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: (وَمِنْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺخَانَ الدِّينَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، لَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا.. ) .
وَقَالَﷺ:«لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَريم، فَإِنما أَنَا عَبدٌ، فَقُولُوا: عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أيها المسلمون، قَالَ تَعَالَى:﴿ فَليَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
عباد الله: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[ الأحزاب:56] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
المرفقات
1665049371_بدعة المولد النبوي خطبة مختصرة 11 ربيع الأول 1444هـ.docx
1665049388_بدعة المولد النبوي 11 ربيع الأول 1444هـ.pdf