بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ

محمد بن مبارك الشرافي
1446/03/08 - 2024/09/11 21:42PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ},{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا},{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْمَحَبَّةَ الْحَقِيقِيَّةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَكُونُ إِلَّا بِتَحْقِيقِ شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَذَلِكَ بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ، وَاجْتَنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ وَزَجَرَ، وَأَلَّا يُعْبَدَ اللَّهُ إِلَّا بِمَا شَرَعَهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلْيُبْشِرْ بِمَحَبَّةِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، قَالَ تَعَالَى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فَالْعِبَادَةُ لا تُقْبَلُ إِلَّا بِشَرْطَيْنِ، الإِخْلَاصُ للهِ تَعَالَى، وَالْمُتَابَعَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها، يقول الله جَلَّ وَعَلَا {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا}، فَلَا بُدَّ مِنْ إِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلابُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعِبَادَةُ مِمَّا شَرَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِقَةً لِهَدْيِهِ وَلَيْسَ مِمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ، قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾، فَهَدْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الْهَدْيِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينًا فَلا يَكُونُ الْيَوْمُ دِينًا، قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ: مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فَمَالَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا. فَمَا خَالَفَ هَدْيَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ، فَبِدَعٌ وَمُحْدَثَاتٌ لا تُقْبَلْ وَمَرْدُودَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ (مَنْ أَحْدثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهُو رَدٌّ) متفقٌ عَلَيهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ (مَنْ عَمِلَ عمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُو ردٌّ)، وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا خَطَبَ يَقُولُ (إِنَّ خَيرَ الْحَديثِ كِتَابُ اللَّه، وخَيْرَ الْهَدْي هدْيُ مُحمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُهَا، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) رَوَاهُ مُسْلِم، فَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى الْحَرْصِ عَلَى اتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ ﷺ وَالتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ التِي دَرَجَ عَلَيْهَا رَسُول اللهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَالْحَذَرِ مِنَ الْبِدَعِ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ مِمَّا أَحْدَثَهُ النَّاسُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اسْتَمِعُوا لِهَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَإِذَا خَرَجَ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قُلْنَا: لَا، بَعْدُ. فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا. قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ. قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ. قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ؟ ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ ! قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتِغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.

أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنَ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ التي يَتَعَبَّدُ بِهَا بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : مَا يُسَمَّى بِالِاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَالِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدْعَةٌ مُنكرة وَأَمْرٌ مُحْدَثٌ فِي الدِّينِ، لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الله جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ، وَلَا نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ ، ولَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ من الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهَذِهِ الْبِدْعَةُ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهَا الْعُبَيْدِيُّونَ، وَهُمْ مِنَ الرَّافِضَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الذِينَ هُمْ قَوْمٌ يُظْهِرُونَ الرَّفْضْ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ الْمَحْضَ.

فَكَيْفَ يَعْمَلُ الْمُسْلِمُ أَمْراً لَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ ؟ وَكَيْفَ يَعْمَلُ الْمُسْلِمُ أَمْرًا هُوَ مِنْ شَرِّ الْأُمُورِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ نُصْرَتِهِ؟ هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، فَلَيْسَتِ الْمَحَبَّةُ بِالاِبْتِدَاعِ فِي دِينِ اللهِ، بَلْ الْمَحَبَّةُ تَكُونُ فِي تَوْقِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ بِلُزُومِ طَاعَتِهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ، وَالْأَخْذِ بِهَدْيِهِ، وَالْعَضِّ عَلَى سُنَّتِهِ بِالنَّوَاجِذِ، وَإِحْيَائِهَا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَاجْتِنَابِ سَائِرِ الْمُحْدَثَاتِ التِي حَذَّرَ مِنْهَا وَأَخْبَرَ أَنَّهَا شَرٌّ وَضَلالَةٌ وَأَنَّهَا فِي النَّارِ , وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ مَحَبَّةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشَدَّهُمْ تَعْظِيمًا لَهُ، وَأَحْرَصَ عَلَى تَطْبِيقِ سُنَّتِهِ وَأَبْعَدَهُمْ عَنِ الْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَكَانُوا أَحْرَصَ عَلَى الْخَيْرِ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَفِلُونَ بِالْمَوْلِدِ وَيَتَّخِذُونَهُ عِيدًا، وَلَوْ كَانَ فِي إِقَامَتِهِ أَدْنَى مَحَبَّةٍ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانُوا أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَيْهِ وَأَسْبَقَهُمْ إِلَيْهِ .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: إِنَّ الذِينَ يُقِيمُونَ الْمَوْلِدَ قَصْدُهُمْ حَسَنٌ وَهُمْ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا رِضَا اللهِ وَإِظَهَارَ مَحَبَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقَامَةِ هَذَا الْمَوْلِدِ، وَالْجَوَابُ: إِنَّ الْقَصْدَ الْحَسَنَ لابُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِسُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَاتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، وقُومُوا بِوَاجِبِكُمْ لِلدِّفَاعِ عَنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّتِهِ، وَانْصُرُوهُ، وَسِيْرِوا عَلَى هَدْيِهِ فِي أَقْوَالِكم وَأَفْعَالِكُمْ وعِبَادَتِكُمْ وَفِي سَائِرِ شُؤُونِكُمْ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكِ وَكَرَمِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاحْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أَمُورِنَا, وَجَمِيعَ وُلاةِ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَهُمْ بِطَانَتَهُمْ، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُسْتَقِرًّا وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فِأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَارْدُدْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاكْفِنَا شَرَّهُ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ , وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.

المرفقات

1726080116_بِدْعَةُ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ 10 ربيع ا الأول 1446هـ.pdf

المشاهدات 1094 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا