بداية العام الدراسي...

أبو شهد
1436/11/06 - 2015/08/21 08:21AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته ، واعلموا أن التقوى سبيل النجاة، وهي خير زاد ليوم المعاد، قال تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}
عباد الله: انقضت إجازة تُعدّ من الإجازات الطويلة ، طُويت فيها صحائف، ورحل فيها عن الدنيا من رحل، وولد من ولد، وأطلّ على الدنيا خلالها جيل جديد: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) فسبحان الله؛ أيام تتعاقب، وليل ونهار، وأشهر وسنون؛ تقودنا إلى الآجال وإلى النهاية التي لن تُخطيء أحداً.
كم مات في هذه الإجازة ممن نعرف؟ وكم مات ممن لا نعرف؟
والمشكلة ـ يا إخواني ـ ليست في الموت، لأنّ الموت نهاية كل حي، ولكن المشكلة ما بعد الموت، من الحساب:
بعد الموت يحاسب الإنسان ويُسأل عن كل شيء، يُسأل عن صلاته: ضيعها أم حفظها، يُسأل عن ماله: من أين اكتسبه، وأين أنفقه، يُسأل عن الأمانات التي عنده؛ الأولاد والبنات: كيف ربّيتهم؟ هل بذلت الأسباب لصلاحهم؟ أم هيأت لهم أسباب الانحراف؟! من: فضائيات وما فيها من الرقص والمصائب التي تُقسّي القلب، وإنترنت وجولات وما فيه من المواقع المحرّمة والصور الفاضحة، فمن هنا ينحرف الأولاد والبنات؛ فيأتون يوم القيامة ـ يا أيها الأب ـ ويتعلقون بك، يقولون: أنت السبب في فسادنا وانحرافنا!! وعندها تفرّ منهم وتهرب، ولكن: أين المفر؟!
فيا أخي، حاسب نفسك، واعتبر بما مضى من الليالي والأيام، واسأل نفسك: ماذا قدّمتُ لغدٍ؟ وليسأل هؤلاء الشباب أنفسهم الذين قضوا وقتهم في تلك الإجازة ماذا استفدتم منها، هل زدتم فيها طاعة، هل حفظتم من القرآن ما تيسر، هل تعلمتم شيئاً جديداً في حياتكم تنفعون به أنفسكم وأمتكم، هل حرصتم على أداء الصلوات في وقتها أم قصرتم.
كم نسمع من يقول: مضت الإجازة بسرعة! بالأمس بدأت، والآن انتهت! نعم، وهكذا ما بقي من عمرك ـ أيها الإنسان ـ سيمضي سريعاً كالذي مضى قبله، فماذا أعددت لآخرتك؟ وبماذا ستلقى ربك؟ هل أنت مستعد للقاء الله، تخيل نفسك لو أنك أنت الميت؛ ماذا ستقول لربك إذا وقفت بين يديه وسألك: عبدي ألم أعطك الصحة والعافية والمال والولد، فأين حقُّ هذه النعم من الشكر.
عباد الله: مع بداية العام الدراسي الجديد والذي سيبدأ إن شاء الله بعد غد فَنَسأَلُ المولى أن يجعلَه عاماً دِراسِيَّاً مُباركاً،مَلِيئاً بالعلمِ والعَمَلِ والهدى والتُّقى,عَامِراً بِالأمْنِ والإيمَانِ والسِّلامَةِ والإسلامِ.وَأَنفعُ الوَصَايَا وأجمعُها أنِ استقبِلُوا دِراسَتَكُمْ بفألٍ حَسَنٍ,ونَظْرَةٍ مُشرقَةٍ فقد كَانَ رَسُولُنا يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ في شَأنِهِ كُلِّهِ,ويَكرَهُ التَّشاؤمَ, ويَستَعِيذُ باللهِ من العجزِ والكَسَلِ,وَمِسكِينٌ مَنْ يَقضِي عَامَهُ مُتَحَسِّراً مُتَأفِّفَاً!وَيَنْسَى نِعمَةَ اللهِ عليهِ.
ومع بداية العام الدراسي ،أوجه سؤالاً لأبناءنا .. هل نيل الشهادة هي هدفكم من الدراسة؟ هل هدفكم من التعليم أن تتخرّجوا وتعملوا فقط؟ بعض الناس يربي أبناءه على ذلك، أليس الأب يقول لولده: ذاكر يا ولدي حتى تكبر وتصير كذا وكذا، ويتخير له من الوظائف ما يتمنى.
هل أحد منا يقول لولده: ذاكر يا ولدي واجتهد حتى تخدم دينك وبلدك وأمتك، وحتى تصير مسلماً قوياً تعتز بك أمتك؟.
لابد يا عباد الله أن يكون مع التعليم تربية، نعم؛ نعلم أبناءنا سائر العلوم ، ولكن لا ننسى أن يكون مع التعليم تربية على الأخلاق الفاضلة، نربيهم على حب هذا الدين والبذل له، ابنك عندما يرى حاجة الأمة إلى طبيب مسلم يحرص على خدمة المرضى، وحفظ الأعراض يتوجه قلبه وجوارحه إلى الاجتهاد وبذل الأسباب التي تمكنه من الوصول إلى ما يتمنى.
اجعله يشعر بشعور المسلمين، ويحزن لحزنهم، ويفرح لسرورهم، ويحاول أن يعمل شيئاً لمساعدتهم، حتى يكبر ومعه هذا الهمّ.
وهذا الكلام ليس موجهاً للآباء فقط بل حتى للمعلمين.
فالهدف من التعليم: أن نربي جيلاً يفخر بدينه وبلاده ومقدساته، وينافح ويدافع عنها.
لا أن نربي جيلاً مهزوز العقيدة، لا قيم لديه، ولا هدف ولا مبدأ!
وهذا البذل للدين والعيش من أجله ليس مطلوباً من أبنائنا فقط؛ بل حتى منا، ينبغي أن نكون لهم قدوة في ذلك. فيحاول كل واحد منا أن يخدم الإسلام بما يستطيع، كل على حسب جهده وطاقته وفي مجال تخصصه.
فدين الإسلام فرض على الأمة التي تعتنقه أن تكون أمة علم وعمل، فبالعلم النافع والعمل الصالح تبني الأمم أمجادها، وتبلغ غاياتها، وتشيد حضاراتها، وترهب أعداءها، وقد أخبر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: أن الله إذا أراد بالعبد خيراً وفقه للفقه في الدين،
أخرج البخاري و مسلم عن معاوية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من يرد الله به خير يفقهه في الدين} والحديث يدل بمفهومه على أن من أعرض عن العلوم النافعة فإن الله لم يرد به خيراً؛ لحرمانه الأسباب التي تنال بها الخيرات وتكتسب بها السعادة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على فضله وإحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن سعادتكم بأداء ما يرضيه والبعد عما يسخطه ففي ذلك الخير والرشاد.
عباد الله :إن التعليم في الأمة الإسلامية يمثل مكانةً مهمَّة، فهو يُسهم بفعالية في تشكيل عقول أبناء الأمة وتنشئتهم، وهؤلاء يمثِّلون البنية الأساسية في المجتمعات والدول.
إن التعليم المزهر في صدر الإسلام لبَّى حاجات الأمة، وكوّن أجيالاً ناضجة، وجعل الأمة قائدة لا مقودة، عزيزة لا ذليلة، متبوعة لا تابعة.
رجالُ التربية والتعليم والمربون يقع عليهم العبءُ الأكبر في توجيه الأجيال وتسليحها بالإيمان وتحصينها من الفتن، فهذا الطفل يذهب إلى ساحات التعليم أشبه بوعاء فارغ، وخلالَ الأيام والسنوات تتدفّق في هذا الوعاء الممارسات والسلوكيات والمناهج التي يتلقاها في محاضن التعليم لتشكّل أخلاقَه وترسمَ منهج فكره وطريقةَ حياته، وبهذا يعمل التعليم على تجسيد هوية المجتمع والأمة، وإبراز قيَمها وثوابتها.
إن الأمم ـ عباد الله ـ لا تتقدَّم بحشو المعلومات، إنما تتقدَّم بتربية تعمل على غرس القيم وبناء المبادئ، لتجعل منها واقعاً عملياً، لا محفوظات تلوكها الأفواه ثم تفرّغ في قاعات الامتحان، دون أن يكون لها رصيد من الواقع، وأثر يُتحلَّى بها في السلوك.
ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين من الكفرة واليهود والملحدين اللهم انصرالمجاهدين المسلمين في كل مكان يا حي يا قيوم اللهم انصر من قاتل لتكون كلمة اللههي العليا اللهم انصرهم نصرآ مؤزرآ يارب السماوات والأراضين. اللهم انصر إخوانناالمستضعفين في كل مكان، اللهم وعجلبفرجهم وعجل بنصرهم اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم وتقبل شهداءهم واشف جرحاهمواحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحت أرجلهمياحي ياقيوم اللهم عليك بأعداء الدين اللهم أهلكهم بأيديهمواقذف الرعب في قلوبهم وخالف بين كلمتهم ياقوي ياقهار.اللهم أرحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةحسنة وقنا عذاب النار.
عبادالله:إنالله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عنالفحشاء والمكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمهيزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ماتصنعون
المشاهدات 2635 | التعليقات 1

مرحبا أبا شهد وحياك الله ونفع بك وجزيت فضلا و خيرا على خطبتك القيمة في أسلوبها ومضمونها.