بِدَاْيَةُ العَاْمِ الدّرَاسِيْ خُطــبَةٌ مُــختَصَرَةٌ 28 / 1 / 1444هـ

نجم الدين
1444/01/27 - 2022/08/25 23:37PM

بِدَاْيَةُ العَاْمِ الدّرَاسِيْ   خُطْبَــةٌ مُخْتَصَــرَةٌ   28 / 1 / 1444هـ

الخُطْبَةُ الأُولَى

إن الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وَصَحْبِهِ أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمَّا بَعْدُ :

 فاتقوا الله عباد الله، فتقوى اللهِ هي وَصِيَّتُهُ للأوَّلِينَ والآخِرِينَ،﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [ آل عمران :102].
عباد الله:  العلم سِـمَةُ الشُرَفَاءِ، ونِعمَةٌ يُكْرِمُ اللهُ بـِها مِنْ عبادِهِ مَنْ يَشاءُ، قَالَ تَعَالَى عن الْـخَضِرِ  :          ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ [الكهف: 65]

وَقَالَ جَلّ وعلا ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران:18]

قال الشيخُ السعدي  -رحمه الله-: (...وفي هذه الآية دليلٌ على شَرَفِ العلم من وجوهٍ كثيرةٍ، منها: أنّ اللهَ خَصَّهُم بالشهادةِ على أعظمِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ دُونَ النّاسِ، ومنها: أنَّ اللهَ قَــرَنَ شهادَتَـهُم بشهَادَتِهِ وشهادَةِ ملائكَتِهِ، وكفى بذلكَ فَضْلا...)

وَقَالَ تَعَالَى، آمرًا نَبِيَّهُ عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾قال القرطبيُ في تفسيره:         (... فلو كانَ شــيءٌ أَشْرَفَ مِنَ الْعِلْمِ؛ لَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْأَلَهُ الْمَزِيدَ مِنْهُ).

عبادالله: يبدأُ العامُ الدراسيُ، وينتظمُ مئات الألوف من الطلاب والطالبات في الدراسة، ويلتحق بالعمل منسوبو التعليم بعد إجازة، وسواءٌ كانوا معلمينَ أو مُشرفينَ أو إداريينَ، فَكُلٌ يحملُ من الأمانةِ بقدر مَاْ كُلِفَ به من عَملٍ، وأمّا الأُسَـــرُ فــتَحمِلُ هَــــــمَّ دراسة الأولاد من بنينَ وبناتٍ، ويُـــــقَالُ لهؤلاءِ جميعا، كما يُـــــقَالُ لغيرهم  :

 أخلصوا عملكم لله تعالى، فقد ثبت في الحديث الصحيح ، أن اللهَ تعالى يقولُ يومَ القيامةِ لأهلِ الرياءِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ ، " ... اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً " أخرجه أحمد في مسنده، وصححهُ الألباني.

أيها المسلمون: والوصيةُ للجميع بتقوى اللهِ، قال سُبْحَانهُ وَتَعَالَى ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282] ، قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ -رحمه الله-:  ( ..فَمَتَى عَلَّمَهُ اللَّهُ الْعِلْمَ النَّافِعَ؛ اقْتَرَنَ بِهِ التَّقْوَى بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَمَتَى اتَّقَاهُ؛ زَادَهُ مِنْ الْعِلْمِ....) .

والأمانةُ – عبادَ الله- كُلُّ مَنْ تحمّلَها،وَجَبَ عليهِ أَنْ يُؤَدِّيهَا كما تَـحَمّلهَا ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنهُ،قَالَ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: " لَا إِيـمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ " رواه أحمد بسند صحيح.

والقُدوةُ الحسنةُ- أيها المسلمون- ، والتحلي بالأخلاقِ الفاضلةِ، هي من سِمَاتِ أهلِ الإيـمان، ورسولنا عليه الصلاة والسلام لنا قدوةٌ، وأُسْوَةٌ، قَالَ تَعَالَى عنه ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾:       [سورة القلم: آية 4]، قَاْلَ صلى الله عليه وسلم  «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقًا» رواه البخاري ومسلم .

 وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه أنّهُ قَاْلَ لقبيصةَ بنِ جابر: "يَا قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، إِنِّي أَرَاكَ شَابَّ السِّنِّ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، بَــــيّـِنَ اللِّسَانِ، وَإِنَّ الشَّابَّ يَكُونُ فِيهِ تِسْعَةُ أَخْلَاقٍ حَسَنَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ الْخُلُقُ السَّيِّئُ الْأَخْلَاقَ الْحَسَنَةَ، فَإِيَّاكَ وَعَثَرَاتِ الشَّبَابِ "  ( قال أحمد شاكر : إسناده صحيح)

يا أهل الإسلام:وكُلُّ من تعلّمَ عِلمًا مِنْ دينِ اللهِ تعالى، ينبغي أن يَعمَلَ بِهِ، قال ابنُ القيم –رحمه الله-: فَمن عَمِلَ بِـمَا عَلِمَ أوْرَثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لـم يَعلَم.

عبادالله: وَمَنْ تَعَلّمَ علماً فليؤد زكاته، ويُعَلّم غيْرَهُ.

والدعاءُ_ عبادَاللهِ_ الدعاء، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو، ويأمرنا بالدعاء

قَالَ عليه الصلاةُ والسّلامُ: «سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» رواه ابنُ ماجة، وصححه الألباني ، والعلم النافع هو الذي يُهَذِّبُ الأخلاقَ الباطنة، والظاهرةَ،ويُقَرّبُ إلى اللهِ تعالى ويكونُ حجةً، ورفعةً للعبد يومَ القيامةِ، والعلمُ الذي لاينفع، هو ما كانَ عكسَ ذلكَ وضِدَّهُ.

وكان عليه الصلاة والسلام  إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ ،يدعو ،فيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا" رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

ومن دعاءه عليه الصلاة والسلام "...اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا " رواه مسلم

فلنكن -أيها المسلمون- حريصونَ كل الحرص على تعلم العلم الشرعي وتعليمه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيـْـرَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ،وقال الألباني:حديث صحيح

وإنّ مِنْ أكثرِ مايُعِـيقُ المسلم عن تعلّمِ العلمِ وتعليمِهِ، الْعَجْزُ وَالْكَسَلُ ، وقد استعاذَ منها النبي عليه الصلاة والسلام فكان مما قال في دعاءه :(اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ،..) رواه البخاري ومسلم

اللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِـمَا عَلَّمْتَنَا، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا.  باركَ اللّهُ لِي ولَكُم في الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي وَلَكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. 

الخُطْبَةُ الثَانِيَةُ :  الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدهُ لاشريك لهُ، تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمَّا بَعْدُ:

فيا عبادالله : اعلموا أن أَشْرَفَ الْعُلُومِ، وَأَنْفَعُهَا، وَأَزْكَاهَا وأعلاها منزلةً؛ العلمُ الشرعي، وكُلُّ آيةٍ في كتاب الله عز وجل ، وكُلُّ حديثٍ عن رسول الله عليه الصلاة والسلام،  في فَضْلِ الْعِلْمِ، فإنـما المقصود به؛  الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ، وهذا لا ينفي أنَّ في تَعلُّمِ غيرهِ مِنْ العلومِ النافعةِ للناسِ والأُمةِ أجراً وثواباً؛ وذلك إذا صَــحّتِ النيةُ، فتَعلُّمُهَا مع صلاحِ النية عبادةٌ، وتَعلُّمُهَا مباحٌ وجائز، إلّا أَنَّ  تَعْلُّمَهَا في بعضِ الأحيانِ يَكُونُ فرضَ كفايةٍ إذا دعت لها الحاجة.

عبادالله: إنَّ هُناكَ أُسَرَاً وعوائلَ محتاجةٌ للمساعدة، خاصةً في مِثلِ هذهِ الأيامِ التي يحتاج فيها الطلابُ والطالباتُ لـمصاريفَ وتجهيزاتٍ للمدرسةِ، فتفقدوا المحتاجين وأعينُوهم، وإن لم تجدوا ماتعينُوهم بِهِ، فدُلُّوا  غيرَكُم عليهِم، قال عليه الصلاة والسلام".. وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ .." رواه مسلم.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل:

 ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾[ الأحزاب:56]

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.اَللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَاجْعَلْ وِلَايَتَنَا فِيْمَنْ خَافَكَ، وَاتَّقَاكَ، وَاتَّبَعَ رِضَاكَ.

عبادالله :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾     [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.  

المرفقات

1661459722_بِدَاْيَةُ العَاْمِ الدّرَاسِيْ خطبة مُختصرة 28 محرم1444هـ.pdf

1661459730_بِدَاْيَةُ العَاْمِ الدّرَاسِيْ خطبة مُختصرة 28 محرم1444هـ.docx

المشاهدات 1204 | التعليقات 0