بادروا بالصدقة

عايد القزلان التميمي
1445/09/05 - 2024/03/15 00:39AM
اَلْحَمْد لِلَّهِ اَلَّذِي يَجْزِي اَلْمُتَصَدِّقِينَ ، وَيَخْلُفَ عَلَى اَلْمُنْفِقِينَ ، وَيُحِبّ اَلْمُحْسِنِينَ ، وَلَا يُضِيعُ أَجْرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ كَانَ أَجْوَدَ اَلنَّاسِ ، وَأَكْرَمْ اَلنَّاسِ ، فَكَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ اَلرِّيحِ اَلْمُرْسَلَةِ ، صَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ اَلَّذِينَ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي اَلْخَيْرَاتِ ، وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ، وَمِنْ يُوقَ شُحُّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمْ اَلْمُفْلِحُونَ .
 أَمَّا بَعْد فَيَا أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اَللَّهِ . عِبَاد اَللَّهِ : إِنَّ فِي هَذِهِ اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا مَتَاعِب وَأَعْبَاءً وَفَقْر وَهُمُوم وَدُيُون ، وَأَنّ اَلْمُسْلِمَ لَا غِنَى لَهُ عَنْ أَخِيهِ ؛ يُسَاعِدُهُ وَيُعِينُهُ عَلَى مَتَاعِب وَهُمُومِ اَلْحَيَاةِ ، طَمَعًا فِي اَلْأَجْرِ وَالثَّوَابِ مِنْ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ,
 ومِن أبرزِ صوَر التّكافلِ صدقةُ التطوّع التي هي دليلُ صدقِ الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم : ((والصّدقة بُرهان)) أخرجه مسلم
وَالصَّدَقَةُ نَوْعَانِ : صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ وَهِيَ اَلزَّكَاةُ المفروضة وَصَدَقَةُ تَطَوُّعٍ ، وَكِلَا اَلصَّدَقَتَيْنِ بُرْهَان سَاطِع وَحُجَّة قَاطِعَة عَلَى أَنَّ اَلْمُتَصَدِّق مُؤْمِن بِاَللَّهِ وَبِلِقَائِهِ وَبِالْيَوْمِ اَلْآخَر وَالْبَعْثَ وَالنُّشُورَ .
وَاعْلَمُوا - عِبَاد اَللَّهِ - أَنَّ اَلصَّدَقَةَ بَاب لِلرِّزْقِ ، وَطَرِيق لِلْخَيْرِ فَلَا تَتْرُكوه ، قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى (( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) ،
والصدقة يا عباد الله بابٌ للشفاء من الأمراض قال صلى الله عليه وسلم : ((دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ حسنه الألباني.
والصدقة تُطفئ غضبَ الله سبحانه وتعالى، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ((صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ)) قال الألباني حسن لغيره في صحيح الترغيب .
والصدقة تَمْحُو الخطيئة وتُذهب نارها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((والصدقةُ تُطفِيءُ الخطيئةَ كما تُطفِيءُ الماءُ النارَ)) صحيح لغيره .
والصدقة وقاية من النار، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ)) أخرجه البخاري ومسلم.
و المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة، كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ - أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ)) أخرجه أحمد وصححه الألباني.
والمنفق في سبيل الله يدعو له الملَك كلّ يوم بخلاف الممسك، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ((مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )) متفقٌ عَلَيْهِ..
و صاحب الصدقة يُبارَك لَهُ في ماله، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: ((ما نقصت صدقة من مال)) رواه مسلم.
والصدقة تُطَهِّر المال، وتُخَلِّصه من الشوائب التي تُصيبه مثل اللغو والحلف والكذب والغفلة، فقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يوصي التّجار بقوله (( يا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ، وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ )) صححه الألباني في صحيح الجامع.
واعلموا يا عباد الله أنه لا يبقى لصاحب المال من ماله إلا ما تصدق به، فعن عائشةَ رضي الله عنها : أنَّهم ذبَحوا شاةً، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما بَقِيَ؟ قالَتْ: ما بَقِيَ منها إلَّا كَتِفُها, قال: بَقِيَ كلُّها غيرَ كَتِفِها)) رواه مسلم.
أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُونَ ،إن رَمَضَانَ هُوَ اَلشَّهْرُ اَلَّذِي يَتَنَافَسُ فِيهِ اَلْمُتَنَافِسُونَ , وَيَتَسَابَقَ أَهْلُ اَلْخَيْرِ فِيهِ لِلتَّقَرُّبِ إِلَى رَبِّهِمْ جَلَّ جَلَالُهُ بِأَنْوَاعِ اَلطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ ، فَأَدْخَلُوا اَلسُّرُورَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنْ اَلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُتَعَفِّفِينَ وَالْغَارِمِينَ اَلْمُعْسِرِينَ اَلَّذِينَ عَلَيْهِمْ دُيُونُ مِنْ اَلسُّجَنَاءِ وَغَيْرِهِمْ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
وَمِنْ اَلْوَاجِبِ اَلشَّرْعِيِّ أَنْ يَتَحَرَّى اَلْمُؤَمَّن فِي دَفْعِ اَلصَّدَقَاتِ وَالزَّكَاةِ اَلْوَاجِبَةِ وَأَلَّا يَدْفَعَ اَلْمُسْلِمُ زَكَاتَهُ وَصَدَقَاتِهِ إِلَّا لِمُسْتَحِقِّيهَا سَوَاءً أَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ عَبْرَ اَلْجِهَاتِ اَلرَّسْمِيَّةِ اَلْمُصَرَّحِ لَهَا بِجَمْعِ اَلزَّكَاةِ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَإِيصَالِهَا إِلَى مُسْتَحِقِّيهَا كَمِنَصَّةٍ " إِحْسَانْ " وَمِنَصَّة " فُرجت " وَغَيْرُهَا مِمَّا يُكَوِّنُ تَحْتَ إِشْرَافِ اَلْجِهَاتِ اَلرَّسْمِيَّةِ .
عِبَادُ اَللَّهِ وَفِي رَمَضَانْ اَلْمُبَارَكِ يَحْرِصُ بَعْض جَمَاعَةِ اَلْمَسَاجِدِ عَلَى تَفْطِيرِ اَلصَّائِمِينَ في المسجد وَهُوَ أَمْرٌ جَيِّدٌ ، لِأَنَّهُ مِنْ اَلتَّكَافُلِ اَلِاجْتِمَاعِيِّ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ ، وَهُنَاكَ مِنْهُمْ مِنْ هُوَ فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ اَلْمُلَاحَظ أَنَّ مَوَائِدَ اَلْإِفْطَار يَكُونُ فِيهَا مُبَالَغَةٌ وَبَذَخٌ وَإِسْرَافٌ وَغَيَّرَ ذَلِكَ ، وَهُوَ مَا يَنْهَى عَنْهُ دِينَنَا اَلَّذِي يَحُثُّ عَلَى عَدَمِ اَلْإِسْرَافِ فِي اَلْمَشْرَبِ وَالْمَأْكَلِ ، وَلِهَذَا قَالَ جلَّ وعلا: (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ))
فبادروا بالصدقة قبل أن يُحَال بَيْنَكُم وبَيْنَهَا، قال الله تعالى : وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَـٰكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلا أَخَّرْتَنِى إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مّنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ * وَلَن يُؤَخّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خصّ شهر رمضان بمزيد الفضل والإكرام، أحمده وأشكره على إحسانه العام، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، وأتقى من تهجّد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه هداة الأنام، ومصابيح الظلام، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فيا أيها المسلمون
ومن أراد الفوز والفلاح في رمضان فَإِنَّ هناك مِفتَاحًا مُهِمًّا لِلتَّغيِيرِ ، ذَلِكُم هُوَ الصَّلاةُ ، ،فلْيُحَافِظْ عَلَيهَا المسلم والمسلمة في وَقتِهَا والاستعداد لها قبل دخول وقتها ويحرص الرجل أن يُصَلي مَعَ جَمَاعَة المُسلِمِينَ في المَسَاجِدِ فمن فعل ذلك فإن الله ، سيُحَبِّب إِلَيهِ كل الخَيرِ وينشرحَ له صدره،
قال صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ)). رواه الترمذي وصححه الألباني
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
 
 
المشاهدات 744 | التعليقات 0