(بإي ذنب قتلت) خطبة الشيخ د.صالح العصيمي الجمعة القادمة 14/1/1436 هـ بإذن الله

أبوبصير الحازمي
1436/01/13 - 2014/11/06 19:18PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،وَنَسْتَعِينُهُ،وَنَسْتَغْفِرُهُ،ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛وَاِعْلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
أَيُّهَا النَّاسُ: الْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ ضَرُورَتَانِ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحَيَاةِ، تَصْلُحُ بِهِمَا الْأَحْوَالُ، وَيَنْمُو الْعُمْرَانُ، وَتُقَامُ الشَّعَائِرُ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِدُ هَنَاءً فِي عَيْشِهِ، وَطُمَأْنِينَةً فِي نَفْسِهِ إِلَّا بِأَمْنٍ وَاسْتِقْرَارٍ؛ فَالْخَوْفُ يُنَغِّصُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، وَالِاضْطِرَابُ وَالتَّشْرِيدُ يَسْلُبُهُ مُقَوِّمَاتِ عَيْشِهِ. فَالِاسْتِقْرَارُ هُوَ الرُّكْنَ الْأَهَمَّ لِلْعَيْشِ فِي الْأَرْضِ، وَفَقْدُهُ يُؤَدِّي إِلَى فَقْدِ كُلِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي لَا اسْتِقْرَارَ فِيهَا يُفَارِقُهَا أَهْلُهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَلَوْ عَظُمَتْ خَيْرَاتُهَا، وَتَفَجَّرَتْ ثَرَوَاتُهَا، فَلَا قِيمَةَ لَهَا بِلَا اسْتِقْرَارٍ. وَالْأَرْضُ المُسْتَقِرَّةُ يُبَارَكُ فِي رِزْقِ أَهْلِهَا، وَيَهْنَؤُونَ بِعَيْشِهِمْ فِيهَا، وَلَا يُبَارِحُونَهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُمْ يَجِدُونَ الِاسْتِقْرَارَ. وَبِالْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ تَعْمُرُ الْأَرْضُ،وَيُقَامُ فِيهَا دِينُ اللَّـهِ تَعَالَى؛لِأَنَّ الْفِتْنَةَ الَّتِي تُسَبِّبُ الْخَوْفَ وَالِاضْطِرَابَ؛ تَحُولُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ الْعِبَادَةِ،وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّـهِ﴾،وَقَدْ أَتَى رَجُلاَنِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَا:إِنَّ النَّاسَ صَنَعُوا وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ،وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: «يَمْنَعُنِي أَنَّ اللهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي» فَقَالَا: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾،فَقَالَ: «قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ،وَكَانَ الدِّينُ لِلَّـهِ،وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ،وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّـهِ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَبِالْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ تُقَامُ الشَّعَائِرُ،وَتُعْمَرُ المَسَاجِدُ،وَيَأْمَنُ السَّبِيلُ،وَكَمْ عُطِّلَتْ مِنْ جُمَعٍ وَجَمَاعَاتٍ بِسَبَبِ الِاضْطِرَابِ وَالْخَوْفِ! وَكُتُبُ التَّارِيخِ مَمْلُوءَةٌ بِأَخْبَارِ تَعَطُّلِ المَسَاجِدِ بِسَبَبِ الْفِتَنِ الَّتِي أُشْعِلَتْ بَيْنَ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَبِالْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ يَزْدَهِرُ الْعُمْرَانُ، وَتُبْدِعُ الْعُقُولُ، وَكَانَ مِنْ مَكْرِ أَعْدَاءِ الدِّينِ أَنَّهُمْ اسْتَغَلُّوا الْخِلَافَ المَذْهَبِيَّ؛لِإِثَارَةِ الْفِتَنِ، وَنَشْرِ الِاضْطِرَابَاتِ، وَمُصَادَرَةِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ. وَعَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ يَعْلَمُوا حِيَلَ أَعْدَائِهِمْ فِيهِمْ، فَيُفَوِّتُوا عَلَيْهِمْ فُرَصَ النَّيْلِ مِنْهُمْ. فَمَنْ يَعِيشُ فِي دَوَّامَةِ الْفَوْضَى لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ حَقٍّ وَبَاطِلٍ . وَالْعُقُولِ.
عِبَادَ اللهِ،إِنَّ أَمْنَ المُسْلِمِينَ وَاسْتِقْرَارَهُمْ مُسْتَهْدَفٌ مِنْ قِبَلِ أَعْدَائِهِمْ،وَإِنَّ أَعْظَمَ مَا يَخْدُمُ الْأَعْدَاءَ؛إِحْدَاثُ الِاضْطِرَابِ وَالْفَوْضَى فِي أَوْسَاطِ المُسْلِمِينَ، وَالمُجَازَفَةُ بِأَمْنِهِمْ وَاسْتِقْرَارِهِمْ، وَاسْتِرْخَاصُ دِمَائِهِمْ.. وَهَذَا يَعُودُ وَبَالُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِأَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ. وَإِذَا ضَاعَ الْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ مِنْ بَلَدٍ، وَحَلَّ فِيهَا الْخَوْفُ وَالْفَوْضَى فَمِنَ الْعَسِيرِ جِدًّا إِرْجَاعُ الْأَمْرِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ تَسْتَمِرُّ حَالُ الْفَوْضَى سَنَوَاتٍ أَوْ عُقُودًا تَفْنَى فِيهَا أَجْيَالٌ، وَيَهْرَمُ خِلَالَهَا شُبَّانٌ. فَالْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ لَا يُجَازِفُ بِهِمَا إِلَّا مَجْنُونٌ، وَلَا يَسْتَهِينُ بِأَمْرِهِمَا إِلَّا أَحْمَقُ مَخْذُولٌ، وَلَا يَسْعَى لِتَجْرِيبِ ضِدِّهِمَا إِلَّا جَاهِلٌ مَغْرُورٌ. وَإِذَا كَانَ الْأَمْنُ وَالِاسْتِقْرَارُ بِهَذِهِ الْأَهَمِّيَّةِ الْكَبِيرَةِ كَانَ لِزَامًا عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ الْحِفَاظُ عَلَيْهِمَا، وَالسَّعْيُ فِي تَقْوِيَتِهِمَا، وَاجْتِنَابُ مَا يُؤَدِّي لِفَقْدِهِمَا. وَأَعْظَمُ ذَلِكَ تَقْوَى اللَّـهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْتِزَامُ دِينِهِ، وَتَحْكِيمُ شَرْعِهِ، وَاجْتِنَابُ مَعْصِيَتِهِ، وَالْأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ فَإِنَّهُمَا صِمَامَا الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ.. وَاجْتِنَابُ كُلِّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ أَوْ تَأْجِيجِهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَمْلِكُ أَمْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَلِجَ دَوَّامَةَ الْفِتْنَةِ، فَإِذَا سَعَى لَهَا بِرِجْلَيْهِ، وَوَلَجَ لُجَّتَهَا أَخَذَتْهُ إِلَى حَيْثُ لَا يُرِيدُ، وَلَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: كُلُّ مَنْ سَعَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ فِي بِلَادِ المُسْلِمِينَ عَادَ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ. وَاسْتِهْدَافُ أَمْنِ المُسْلِمِينَ وَاسْتِقْرَارِهِمْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَرْذُولٌ. وَمَنْ أَشْعَلَ فِتْنَةً تُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْأَمْنُ، وَيَزُولُ الِاسْتِقْرَارُ، بَلَغَتْهُ نَارُهَا فَأَحْرَقَتْهُ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي مَأْمَنٍ مِنْهَا، فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسٍ الْعَمَلِ. وَمِنْ أَهَمِّ مُقَوِّمَاتِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ، وَالنَّهْيُ عَنْ شَقِّ عَصَا المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا أَخْبَرَ عَنْ زَمَنِ الْفِتَنِ، وَكَثْرَةِ دُعَاةِ جَهَنَّمَ، سَأَلَهُ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَمَّا يَفْعَلُ إِنْ أَدْرَكَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُدَافَعَةِ المُنْكَرَاتِ بِالنَّصِيحَةِ وَالْأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّـهِ؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللهَ الَّذِي لَكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.فَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَرَدْعُ مَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ؛ حِفَاظًا عَلَى الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ. عِبَادَ اللهِ،لَقَدِ اِسْتَهْدَفَ بَعْضُ الْمُجْرِمين وَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ،الَّذِينَ يُفْسِدُونَ، وَلَا يُصْلِحُونَ بَعْضًا مِنَ الْآمِنِينَ فِي الأَحْسَاءِ، وَبَعْضِ مَنَاطِقِ الْمَمْلَكَةِ،مِنْ مُوَاطِنِينَ وَرِجَالِ أَمْنٍ،وَقَامُوا بِإِطْلَاقِ النَّارِ عَلَيْهِم؛فَقُتِلَ مِنَ الآمِنِينَ،وَمِنْ رِجَالِ الأَمْنِ مَنْ قُتِلَ،وَجُرِحَ مِنْهُمْ مَنْ جُرِحَ؛وَزَادَ الْأَمْرَ مَأْسَاةً؛تَتَبُّعُهُمْ لِرِجَالِ الْأَمْنِ وَقَتْلِهِمْ،وَهُم-وَاللهِ- صِمَامُ الْأَمَانِ،وَحُرَّاسُهُ-بَعْدَ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ-فَبِأَيِّ حَقٍّ يُقْتَلُ هَؤُلَاءِ الْأَبْرِيَاءُ،فَثُكِّلَتْ أُمَّهَاتُهُمْ،وَيُتِّمَ أَطْفَالُهُمْ،وَرُمِّلَتْ نِسَاؤهُمْ،وَفُجِّعَتْ قُلُوبُ مُحِبِّيهِمْ،وُرُوِّعَ الْآمِنُونَ فِي بِلَادِنَا؛فَهَذَا لَيْسَ مِنْ دِينِ اللَّـهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ، وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ مَكْرِ الْأَعْدَاءِ بِأَيْدِي بَعْضِ الْجَهَلَةِ الْأَغْرَارِ؛لِإِثَارَةِ الْفِتْنَةِ فِي بِلَادِ الْحَرَمَيْنِ، وَلَوْ ثَارَتْ فَلَنْ تَكُونَ فِي صَالِحِ أَحَدٍ؛إِلَّا الْأَعْدَاءَ المُتَرَبِّصِينَ الَّذِين يُذْكُونَ نِيرَانَهَا،وَيَنْفُخُونَ فِيهَا؛لِرَفْعِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ مِنْ بِلَادِنَا، وَإِحْلَالِ الْخَوْفِ وَالْفَوْضَى فِيهَا؛ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ؛وَلَكِنَّ الْمُنْتَقِمَ الْجَبَّارَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ،ثُمَّ يَقَظَةُ رِجَالِ الأَمِنِ وَالْمُواطِنِينَ الصَّالِحِينَ الَّذينَ لَا يَرْضَونَ بِخَرْقِ صَفِّنَا،وَزَعْزَعَةِ أَمْنِنَا.
حَمَى اللهُ تَعَالَى بِلَادَنَا،وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَأَدَامَ عَلَيْنَا وَعَلَى المُسْلِمِينَ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..

==================================


الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ،وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ،وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ الله،اِعْلَمُوا أَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى حَيَاةِ الإِنْسَانِ مِنْ أَكبرِ الْكبائرِ،وَأَعْظَمِ الْجَرَائِمِ،وَيُوردُ صَاحِبَهُ الْمَهَالِكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .قَالَ،صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ :« لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ،مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرامًا » رَوْاهُ الْبُخَارِيَّ،وَقَالَ اِبْنُ عُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:"إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا؛سَفْكَ الدَّمِ الْحَرامِ بِغَيْرِ حِلٍّ " رَوْاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَيَقُولُ،عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ:" كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ؛إِلَّا الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِرًا، أَوِ الرَّجُلُ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا "، رَوْاهُ أَحَمْدُ،وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ . وَقَتْلُ الْمُسْلِمِ،وَسَفْكُ دَمِهِ مِنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ . يَقُولُ،عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلَامُ :"قَتْلُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوالِ الدُّنْيَا"رَوْاهُ النِّسَائِيَّ،وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ . وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،قَالَ:رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ،وَيَقُولُ:"مَا أَطْيبَكِ ! وَمَا أَطْيَبَ رِيحَكِ ! مَا أَعْظَمَكِ،وَمَا أَعْظَمَ حُرْمَتَكِ ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيدِهِ،لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللّهِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَتِكِ: مَالُهُ وَدَمُهُ " رَوْاهُ اِبْنُ مَاجَه،وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ،وَقَدْ جَعَلَ اللهُ أَشَدَّ الْعُقُوبَاتِ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ،وَإِزْهَاقِ الْأَرْوَاحِ،فَقَالَ تَعَالَى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ كَثُرَ الْقَتْلُ الظَّلُومُ الْغَشُومُ لِرِجَالِ الْأَمْنِ،الأَبريَاءِ مِنَ الْمُوَاطِنِينَ مِنْ قِبَلِ غُلَاةِ السَّنَّةِ،وَغُلَاةِ الرَّافِضَةِ؛الَّذِينَ اِسْتَهَانُوا بِالدِّمَاءِ مَعَ شِدَّةِ حُرْمَتِهَا،وَاسْتُغِلَّ هَذَا الْعَمَلُ مِنْ قِبَلِ أَعْدَاءِ الْأُمَّةِ فِي تَشْوِيهِ صُوَرَةِ الإِسلَامِ،وَتَصْوِيرِهِ لِلْعَالَمِ عَلَى أَنَّهُ دِينُ الْقَتْلِ،وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ،وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجَرَائِمِ بَرَاءٌ .
فالْقَتْلُ فِي الإِسْلَامِ جَرِيمَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْجَرَائِمِ،وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُبَرِّرُهَا مَهْمَا كَانَتْ الْاِدِّعَاءَاتُ وَالشِّعَارَاتُ؛لَأَنَّ النَّفَسَ عَزِيزَةٌ،خَلقَهَا اللهُ وَكَرَّمَهَا،فَلَا يَجُوزُ الْاِعْتِداءُ عَلَيهَا حَتَّى مِنْ صَاحِبِهَا نَفْسِهِ؛ فَهِيَ لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ،بَلْ هِي مِلْكٌ للهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَه؛فَكَيْفَ بِمَنْ يَقَتُلُ مُسْلِمًا،وَيُبَاهِي بِجَرِيمَتِهِ، وَيَفْرَحُ بِهَا،وَيُجَاهِرُ اللهَ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي تَهِدُّ الْجِبَالَ ؟!وَلَا يَرْدَعُهُ عَنْهُ دِينٌ،أَوْ قَانُونٌ،أَوْ عُرْفٌ،قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاِغْتَبَطَ بِقَتْلِهِ لَمْ يَقْبَلِ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا "،رَوْاهُ أَبُو دَاودَ،وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ .
عِبَادَ اللَّهِ،إِنَّ جَرَائِمَ الْقَتْلِ دَليلٌ عَلَى الْحِرْمَانِ،وَاِنْتِكاسِ الْبَصِيرَةِ،وَضَعْفِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى،وَاِتِّبَاعٌ لِلشَّهَوَاتِ وَالأَهْوَاءِ،وَسَيْرٌ فِي طَرِيقِ الشَّيْطَانِ وَشُبُهَاتِهِ .
أَلَا فَلْنَتَّقِ اللهَ،وَلْنَحْذَرْ سَخَطَهُ وَعُقُوبَتَهُ؛بِحِفْظِ دِمَائِنَا،وَأَعْرَاضِنَا،وَأَمْوَالِنَا. وَعَلَى الْعُلَمَاءِ وَالْقَائِمِينَ عَلَى مَحَاضِنِ التَّرْبِيَةِ أَنْ يَقُومُوا بِدَوْرِهِمْ فِي عِلاَجِ كُلِّ اِنْحِرافٍ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقَتْلُ وَإِزْهَاقُ الْأَرْوَاحِ وَنَشْرُ الْخَوْفِ،وَإِقْلَاقُ الْأَمْنِ وَالسِّكِينَةِ . وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُشَارِكَ فِي حِمَايَةِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ هَذِهِ الْجَرَائِمِ،وَتَرْبِيَةِ الْأُمَّةِ عَلَى الإِيمَانِ،وَمُرَاقَبَةِ اللهِ،وَالْخَوْفِ مِنْهُ .
عِبَادَ اللَّهِ: عُودُوا إِلَى اللهِ،وَاِلْتَزِمُوا دِيَنَهُ،وَحَكِّمُوا شَرْعَهُ،وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّبِعُوا كُلَّ نَاعِقٍ تَحْتَ أَيِّ رَايَةٍ :حِزْبِيَّةٌ،أَوْ مَذْهَبِيَّةٌ،أَوْ مَنَاطِقِيَّةٌ،أَوْ دِينِيَّةٌ،تُخَالِفُ الدِّينَ الصَّحِيحَ، وَالشَّرْعَ الْقَوِيمَ،وَتَسْتَخْدِمُ الْعُنْفَ وَالْقَتْلَ وَسِيلَةً مِنْ وَسَائِلِهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ،وَلَا تَغْتَرُّوا بِالشِّعَارَاتِ؛فَقَدْ رُفِعْتِ عَبْرَ التَّارِيخِ آلافُ الشِّعَارَاتِ وَالرَّايَاتِ؛وَسَقَطَتْ جَمِيعُهَا،وَبَقِيَ الإِسْلَامُ النَّاصِعُ الْوَاضِحُ،وَبَقِيَ الْحَقُّ وَأَهْلُّهُ .
وَلْنَحْذَرْ جَمِيعًا أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ يَبِيعُ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ،أَوْ بِدُنْيَا غَيْرِهُ فِي لَحْظَةِ ضَعْفٍ مِنْ إِيمَانٍ،أَوْ عَصَبِيَّةٍ جَاهِلِيَّهٍ،أَوْ مَصْلَحَةٍ،أَوَ لَذَّةٍ عَابِرَةٍ زَائِلَةٍ،وَلْنَحْفَظْ أَلْسِنَتَنَا وَأَيْدِيَنَا مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ .
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
المشاهدات 3177 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا
لافض فوك ولاعدمك محبوك