اهٍ منها

ابو احمد
1434/03/26 - 2013/02/07 13:30PM
الخطبة الاولى:
عباد الله حديثنا اليوم عن امر خطير جدُ خطير ان انسقنا ورائه خسرنا دنيانا واضعنا اخرانا وهدمنا حاضرنا وجنينا على مستقبلنا واحرقنا بأيدينا اعمالنا ....نعم حديثنا عن محرقة الحسنات وممحقة البركات ... انها والله سبب المهلكات ..حديثنا عن (ذنوب الخلوات)... وما ادراك ماذنوب الخلوات... لله كم من الحسنات احرقت وكم من البركات محقت وكم الاعمال ضيعت.. ولذلك نحتاج ان نتحدث عنها وان نذكر انفسنا خطرها...كيف لا وقد حذر رسول اللهe من مآل اهلها وسوء صنيعهم ...جاء في الصحيح من حديث ثوبان t, أن النبي e قال لأعلمنّ أقواماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ,أعمال كثيرة , صدقة وصيام وصلاة وقيام دعاء وابتهال لجوء إلى الله عز وجل فيجعلها الله هباءً منثورا
قال ثوبان راوي الحديث : من هم يا رسول الله ؟ صفهم لنا , جلّهم لنا , أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ؟..
وهذا حال الصالحين , يخشون أن يكونوا ممن كتب عليهم الحرمان ، يخشون أن يكونوا من أهل الضياع , يخشون أن يكونوا ممن حرموا لذة النظر إلى وجه الله عز وجل , يخشون أن تبدل حسناتهم سيئات وأن تطير أعمالهم هباءً منثورا .
فقال e: (أما إنهم من إخوانكم أي ليسوا بكافرين , ولا بمنافقين , من أمة الإسلام " أما إنهم من إخوانكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكن هم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)
هم من أولئك الذين قال الله عنهم (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)-إذا خلوا بالمعاصي بين الحيطان والجدران ارتكبوها وفعلوها ولا يبالون بنظر الله عز وجل لهم ولا بإطلاع الله تبارك وتعالى إليهم .
إذا غابت عنك عين أبيك أو غابت عنك عين أمك , أو غابت عنك عين زوجتك, فإياك إياك أن تغيب عنك عين الله عز وجل , إياك إياك أن تنظر إلى الله عز وجل كما تنظر إلى البشر .. لا تظن عند إغلاق الباب والاختفاء عن الناس أنه لا أحد يراك بل الله عز وجل يراك،فلا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى يعلم سرنا ونجوانا ،ما قدمنا وما أخرنا ،ما أسررنا وما أعلنا إذا أمنت من رؤية الناس فاعلم أن الذي لا تخفى عليه خافية والذي يعلم ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء يرى صنيعك فاستحي من نظر الله إليك
وإذا خلوت بريبـة في ظلمةٍ******* والنفس داعية إلى العصيان *******فاستحي من نظر الإله وقل لها ****إن الذي خلق الظلام يراني
أتق الله.وكن كحال تلك المرأة التي راودها صاحبها طلب منها إن يفعل بها ما يفعل الرجل بأهله , وقال إننا في مكان لا يرانا فيه أحد , فالتفتت إليه فقالت: إذن أين الله ؟! .. وأين أنت عن نظر الله عز وجل ؟! أين الله ؟! ألم يعلم بأن الله يرى ؟!
ألم يعلم أن الله يعلم السر وأخفى ؟!
(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)-
عباد الله ذنوب الخلوات علا خطرها واشتدت عقوبتها , وجاء فيها ما جاء من الوعيد والتهديد والتحذير وسبب ذلك إن ذنوب الخلوات تنبؤ عن تهاوي تعظيم الله تعالى في قلب العبد.
فهي عنوان لضعف تعظيم الله تعالى , عنوان لعدم إجلال الله تعالىيقول بن عباس y )اعلم أن خوفك واضطراب قلبك عندما تحرك الريح ستر بابك أعظم من الذنب ) ما معنى هذا ؟ , معناه .. عندما تكون على المعصية وتجترح الخطيئة وبينما أنت كذلك في سكون وهدوءقد أمنت الرقيب وبينما أنت كذلك وإذا بك تسمع صوت , أو ترى حركة ، أو تشعر بأحد , فتخاف . ويفزع القلب , ويقشعر البدن , هذا الخوف , هذا الاضطراب أعظم عند الله عز وجل من الذنب الذي كنت عليه ,لأنه برهان ساطع ,ودليل واضح ,على انك تخاف , لكن ممن ؟من المخلوقين فأين أنت عن نظر الله
عبد الله ذنوب الخلوات مرض وبليه , وكأني بك كحالي تسأل عن العلاج ويتلهف قلبك لإنقاذ نفسك من هذا الهلاك والدمار والضياع فاليك اخي هذه الوصفات عض عليها بالنواجذ...
اعلم أن أعظم ما يعينني وإياك على تطهير نفوسنا وتخليصها من أدران هذه الذنوب ,1- أن نعرف لله عز وجل قدره وماله من أسماء وصفاتتتعلم ما معنى العليم , وتقف على معنى الخبير , وتتفهم ما معنى السميع , البصير (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)- فإذا عرفت الله عز وجل ووقفت على شي من عظمة ربك سبحانه وتعالى , فإنه والله من أعظم أسباب الحماية والوقاية من هذه الذنوب وتلك السيئات .
ومن أعظم وسائل توقي هذا الشر , والسلامة من ذنوب الخلوات 2-أن يستحضر الإنسان رقابة الله تعالى فإذا أراد أن يتلكم بالكلمة , فليذكر سمع الله تعالى عز وجل , وإذا أراد أن يخطو بالخطوة فليذكر نظر الله عز وجل له , فليتق الله أن يجعل الله أهون الناظرين إليه , وأهون المطلعين عليه .
ومن العلاج لذنوب الخلوات 3- تذكر المسائلة بين يدي الله عز وجل ((يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)-
وفي الصحيح يقول e: ( ليس منكم إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبيننا ترجمان )هذا الموقف إذا تذكره الإنسان ,إلا يدعوه إلى أن يحسن سريرته ؟
لأنه سيأتي ذلك اليوم الذي تكشف فيه السرائر , وتبلى فيه أخبار الناس , ليس هناك شي يمكن أن يخفى على الله عز وجل....نسال الله العفو والعافية..
اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم



الخطبة الثانية:
الحمد لله حق حمده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليماً
أما بعد: عباد الله فنكمل علاج ذنوب الخلوات وقانا الله واياكم شرها فمن العلاج اخي في الله 4- أن تجعل بين عينيك دائماً حسن الخاتمة وسوء الخاتمة
من المعلوم أنه ما من ذنب يخفيه الإنسان إلا سيظهر يوماً ما على ظاهره , إما على فلتات لسانه , وإما على بدنه , وإما يجعل له كخاتمه والعياذ بالله .
وفي الحديث ( والذي نفسي بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) الإمام ابن رجب يقول : ( خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنةٍ بين العبد وربه(
وكم من ذنب يخفيه الإنسان يهتك سريرته في وقت هو أحوج ما يحتاج فيه إلى العافية والستر.
فما ظنك إذا خلوت بنفسك واجترأت على المحرم وقبضت روحك على ذلك ,وهذا الأمر الخوف من خاتمة السوء يجب أن يكون حاضراً في قلوبنا لأن الإنسان إذا ختم له بالحسن فليبشر وإذا ختم له بالسوء فهي والله من إمارات خسارته في دنياه وآخرته .
و من الأسباب التي تعين على تعظيم ذنب الخلوات 5- الخوف من الفضيحة , اليوم أنت مستور غداً ربما تفضح , وكم من إنسان كان في عافية , واغتر بحلم الله عليه ثم هتك ستره .. ولذلك لا يجوز أن يغتر الإنسان بحلم الله عليه , ولا يظن أن الله غافلاً عنه , أن أعطاه فرصة وفرصتين وثلاث فليعلم أن الله عز وجل له حد في هذا , يمهل ولا يهمل6-ومن وسائل الوقاية من ذنوب الخلوات الفزع إلى الله تعالى , الرجوع إليه , سرعة الأوبة بعد الغفلة , كما قال النبي e: ( كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) فمن معالجة الخطأ في الخلوة أن تستغفر الله تعالى صادقاً من قلبك تسأله أن يمحو الزلل وان يستر عليك وان يعفو ما مضى وكان من سيء العمل.
ومن العلاج لذنوب الخلوات 7- الإكثار من الأعمال الصالحة , الإنسان إذا أكثر من شيء ، يقول أهل العلم : ( إذا أكثر العبد من شيء عرف به(وقابل المعصية بالحسنة تمحها)..واخيراً من علاج ذنوب الخلوات 8- الإكثار من الدعاء لله عز وجل , الإنسان ضعيف يحتاج إلى إعانة ربه , ومن هنا كان يقول e: ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)حتى أن الصحابة y أدركوا هذا الإكثار من هذا الدعاء فقالوا يا رسول الله : أوتخاف علينا ؟! .. يعني هل الإنسان يمكن أن يتغير حاله حتى بعد الإيمان وبعد أن أطاعك واستجاب لدينك قال : ( قال نعم ، إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيفما يشاء فمن شاء أزاغه ومن شاء أقامه , فالدعاء والإطراح بين يدي الله عز وجل أن يثبت الإنسان ويبعد عنه حب المعاصي وان يصلح له السريرة ويحسن له خاتمته ويقيه ذنوب الخلوات .اللهم اصلح احوالنا وارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصدفي الفقر والغنى،ونسألك اللهم نعيما لاينفد وقرة عين لاتنقطع ،ونسالك اللهم الرضا بعد القضا وبرد العيش بعد الموت ونسالك اللهم لذة النظرالى وجهك الكريم والشوق الى لقاءك في غير ضراء مضرة ولافتنتة مضلة ، اللهم اصلح قلوبنا واستر عيوبنا ونق ضمائرنا واصلح سرائرنا وتول امرنا...
المشاهدات 5421 | التعليقات 3

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أبا أحمد على هذه الخطبة الرئعة
التي تتحدث عن حال كثير من الناس
أسأل الله أن ينفع بها


قضية هي مربط الفرس وهي المحك... نعم كيف نحن في خلواتنا نسأل الله أن يرزقنا خوفه في السر والعلن وخشيته وتعظيمه في قلوبنا
بارك الله فيك أبا أحمد


شكر الله لكم اخوتي وعصمنا وإياكم من ذنوب الخلوات