انتصف الشهر وزاد

محسن الشامي
1436/09/15 - 2015/07/02 22:50PM
الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان وعلى ما منً به علينا من شهر الصيام والقيام أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله المصطفى المختار صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: عباد الله: فاتقوا الله حق التقوى؛ فإن تقوى الله عز وجل سبيل المؤمنين، وزاد الصالحين، وبها النجاة والصلاح يوم الدين، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) معاشر المسلمين : هذا شهركم انتصف بل زاد فأكثروا من الزاد مضى نصف أيام شهركم وانقضت نصف لياليه شاهدة عليكم بما عملتم وحافظة لما أودعتم تدعون يوم القيامة (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً) فينادي ربكم سبحانه: " يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) نعم اخوة الايمان انتصف الشهر وزاد وما هي الا ايام قلائل وندخل عشره الأخيرة عشر التجليات والنفحات وإقالة العثرات واستجابة الدعوات عشرٌ كان يحتفي بها نبيكم أيما احتفاء كان إذا دخلت العشر شمر وجد وشد المئزر هجر فراشه أيقظ أهله يطرق الباب على فاطمة وعلي رضي الله عنهما قائلاً"ألا تقومان فتصليان" يطرق الباب وهو يتلو{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}ويتجه إلى حجرات نسائه آمرًا "أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ فَرُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ في الآخِرَةِ » رواه البخاري "وفي الصَّحِيحَينِ عَن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَت: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشرُ شَدَّ مِئزَرَهُ وَأَحيَا لَيلَهُ وَأَيقَظَ أَهلَهُ هَكَذَا كَانَ نَبيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ وَصَفوَةُ خَلقِهِ، هَكَذَا كَانَ إِمَامُ المُتَّقِينَ وَسَيِّدُ العَابِدِينَ، هَكَذَا كَانَ المَغفُورُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ يَخلِطُ العِشرِينَ بِصَلاةٍ وَنَومٍ فَإِذَا دَخَلَتِ العَشرُ شَمَّرَ وَشَدَّ المِئزَرَ تفرّغًا للعبادة وإقبالاً عليها وطلباً لليلةِ القدر ومِن بعده سارَت قوافلُ الصالحين على ذاتِ السبيل تقِف عند ليالي العشر الغُرِّ وقفةَ جدٍّ وعزيمةٍ تنهل من معينها وترتوِي من فَيض نميرها،وتعمَل فيها ما لا تعمَل في غيرها فلقد كانوا رحمهم الله اكثر اجتهادًا في العبادة وانقطاعًا لها في ليالي العشر الأخيرة وحُقّ لهم ذلك فإن فيها ليلةً تفضُل لياليَ الدّنيا بأسرها ليلةً العملُ فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها مثلُ هذه الليلة إنها ليلة القدر إنها ليلةُ القدر ليلةُ نزول القرآن:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) وألف شهر تعدل ثلاثًا وثمانين سنَة وثلاثَة أشهُر،الله أكبر يا له من فضلٍ عظيمٍ لا يقصِّر فيه إلا مغبون ولا يحرَمُه إلا محروم ليلة تتنزل فيها الملائكة حتى تكون أكثر في الأرض من عدد الحصاة وفيها يُفرق كل أمر حكيم ليلة من حرم خيرها فقد حُرِم فكيف لا نجِدُّ في طلبها ولاسيما أن الله أخفى موعدها فستر عن عباده زمانها ليرى جدهم في عبادته وتذللهم بين يديه فهي ليلة عظيمة البركات كثيرة الخيرات، لِما يتنزل فيها على العباد من عظيم المنح الربانية وجليل النفحات الإلهية.فلقد بلغ من عظيم فضلها وجليل ثوابها أنّ من قامها بنية خالصة وعبودية صادقة كفّر الله عنه ما سلف من ذنوبه وخطاياه، فقد قال صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه" وقد ندب رسول الهدى أمته إلى التماس ليلة القدر في ليالي الوتر من العشر الأواخر أو السبع البواقي من هذا الشهر الكريم فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغلبن على السبع البواقي".وفي لفظ آخر له:"فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عما تدعو به ليلة القدر إن هي علمتها فأرشدها أن تقول"اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" فالله الله يا أمة محمد اذا دخلت العشر اقتدوا نبيكم و اهجروا لذيذ النوم وجحيم الكسل وانصبوا أقدامكم وارفعوا هممكم وادفِنوا فتوركم وكونوا ممن قال الله فيهم (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) ولا تنسَوا أن تأمروا بهذا أولادكم وزوجاتكم كما كان هديه معاشر الصائمين:كان نبيكم صلى الله عليه وسلم يحرص في العشر الأواخر من رمضان على الاعتكاف وهو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل- فاعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان. ومن لم يتيسر له اعتكاف العشر فليعتكف بعض الأيام .. فإن لم يتيسر له فليعتكف ليلة فمن دخل المسجد قبل المغرب وخرج بعد الفجر كتب له اعتكاف ليلة وهنيئاً
أيها المسلمون لمن اعتكف وخلا بربه فذكرُ الله أنيسه والقرآنُ جليسه والصلاةُ راحته، ومناجاةُ الحبيب متعته،إذا أوى الناس إلى بيوتهم وأهليهم، ورجعوا إلى أموالهم وأولادهم لازم هذا المعتكف بيت ربه، وحبس من أجله نفسه، يقف عند أعتابه يرجو رحمته ويخشى عذابه، تقول عائشة رضي الله عنها: " السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً ، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا ، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ ) . رواه أبو داود وصححه الألباني " وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا " تريد بذلك الجماع قاله الشوكاني في (نيل الأوطار ويقول ابن القيم رحمه الله " شرع الله الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى والخلوة به والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه فيصير أنسه بالله بدلاً من أنسه بالخلق فيعده بذلك لأنسه يوم الوحشة في القبور حيث لا أنس له يفرح به سواه، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم. ".فلنغتنم أيها المؤمنون ما هيأ لنا الحق عزَّ وجل من هذه الأزمنة الفاضلة، والمواسم المباركة التي تضاعف فيها الحسنات وتقال فيها العثرات، بما يقربنا إلى الله، ويبلغنا رضاه نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب
الحمد لله عظم شأنه ودام سلطانه والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد عبدالله ورسوله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ وَوَاصِلُوا اجْتِهَادَكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيم وَإِيَّاكُمْ أَنْ يَطُولَ عَلَيْكُمُ الأَمَدُ كَمَا طَالَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَقَعُونَ فِي الذَّمِّ الذِي نَالَهُمْ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ تَعَالَى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُون}إِنَّهُ مِمَّا يُحْزِنُ حَقَّاً أَنْ نَرَى بَعْضَ إِخْوَانِنَا صَارَ يَتَخَلَّفُ عَنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ شَيْئَاً فَشَيْئَاً حَتَّى رُبَّمَا يَكْتَفِي بِصَلاةِ الْعِشَاءِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مُجْتَهِدَاً فِي الصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَهَذَا مَذْمُومٌ شَرْعَاً , فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (يَا عَبْدَ اللهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ)مُتَّفَقٌ عَلَيْه وَأَسْوَأُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ يَتَخَلَّفُ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَيُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فِي الْبَيْتِ بَلْ رُبَّمَا أَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَنَامَ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَهَذِهِ وَاللهِ مُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ , فَإِنَّ الصَّلَاةَ آخِرُ مَعَاقِلِ الإِسْلَامِ فَمَنْ ضَيَّعَ صَلاتَهُ فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ ! فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ أَخِي الْمُسْلِم وَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ وَنَظِّمْ وَقْتَكَ وَاحْذَرِ السَّهَرَ الذِي يُضَيِّعُ عَلَيْكَ صَلاتَكَ واغتنم ما تبقى من أيام هذا الشهر ولياليه بالمسارعة إلى طاعة الله ومرضاته والتعرض لنفحاته وألطافه، فربما أدركت العبد نفحةٌ من نفحات ربه فارتقى بسببها إلى درجات المقربين وكان في عداد أولياء الله المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ولتحذروا الذنوب والمعاصي والانقياد للأهواء والشهوات وإضاعة الأوقات باللهو والباطل، مما يصدّ عن ذكر الله وطاعته ويستجلب سخطه ومقته فتندموا على تفريطكم عند لقاء ربكم وحينها لا ينفع الندم﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ اللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وصلول وسلموا
المرفقات

727.doc

المشاهدات 1919 | التعليقات 0