اليقين بهلاك اليهود الظالمين
جابر السيد الحناوي
1431/04/09 - 2010/03/25 20:18PM
بســم الله الرحمن الرحــيم
اليقين بهلاك اليهود الظالمين
في كل ساعة من ساعات الليل أو النهار تتوالي علينا الأنباء تحمل صورا من صور البغي اليهودي الصهيوني في الأرض المقدسة ، في فلسطين المسلمة ، قد أسكرتهم صولتهم ، وغرتهم قوتهم ، فازدادت صور بغيهم و تجبرهم واستكبارهم في مدينة القدس بغير الحق بما يجترحون من قتل وتشريد وتحريق وهدم وطرد للمَقْدِسيين من منازلهم ، في عدوان جائر، تنقضّ له المضاجع ، وتتفطر منه الأفئدة حيث لم يستثن امرأة ولا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ، بالإضافة إلي منع المسلمين من الوصول إلي المسجد الأقصي لأداء شعائرهم الدينية ، وبلغ السيل الزبا فنال حتى من الجرحى الذين لم يكتفوا بتركهم في الطرقات ، يكابدون آلام الجراح التي أثخنتهم ، ويستغيثون ولا مغيث لهم إلا الله ، بعد أن منع هؤلاء اليهودُ البغاةُ رجالَ الإسعاف والإنقاذ من الوصول إليهم لأداء واجبهم المشروع ، بل تجمع عليهم الجنود الطغاة يدوسونهم بالأقدام بطريقة وحشية يكسرون منهم العظام !!!
وإن مما لا ينقضي منه العجب المنشور الذي وزعه الكيان الصهيوني علىأبناء مدينة القدس ، بان أرض إسرائيل , في زعمهم ،هي ملك الشعب اليهودي فقط , ومن الممنوع سكن غيرهم فيها بصورة دائمة ، وتبجُّحهم فيه ـ لعنهم الله ـ بأن كل ما يقترفون من جرائم ، يرجف لها كل قلب فيه ذرة من إيمان ، إنما يصدر عنالأمر الرباني الذي قاله الله لموسى، والمكتوب في التوراة في زعمهم ، وباعتباره حقاً دينيا مشروعاً لهم ، ولذلك يطالبونهم بمغادرة ارض إسرائيل ، وتنفيذا لهذا المخطط الماكر ، حملت لنا وكالات الأنباء اليوم الخميس من فلسطين المحتلة ، أن المجموعات الاستيطانية اليهودية التي تسلب حقوق المَقدِسيين قد بلغت من الوقاحة ، وفي تحدي سافر للقمة العربية المزمع عقدها بعد 48 ساعة في مدينة سرت الليبية ، والتي ستبحث مشروع خطة إنقاذ القدس ، أخذت هذه المجموعات اليهودية تمعن في انتهاكاتها وتهاجم المنازل الآمنة في القدس ، بوتيرة أعلي من أي وقت مضي ، وإجبار السكان علي النزوح ، بل وإلزامهم بدفع نفقات طردهم ، في حماية سلطات الاحتلال الصهيوني ؛ لتؤكد أن الفلسطينيين المَقدِسيين بحاجة فعلية وماسة لحماية دولية توفر لهم الأمن في المدينة المحتلة. ( [1] ) فهل سينجح المؤتمر في مهمته أم سيكون مصيره كسابقيه من المؤتمرات ؟؟ نسأل الله العافية .
وأمام هذه القضية المعكوسة التي يعتصر الألمُ منها كلَّ قلبٍ فيه مسكة من الإيمان ، ومع تخاذل المسلمين عن مساعدة إخوانهم في القدس ، وفداحة الخسائر في الأرواح المسلمة البريئة ، ومع توقع تعرض أهل مدينة القدس لمجزرة من نوع المجزرة التي تعرض لها قطاع غزة في وقت ليس ببعيد ، تصرخ الألسن : إلي متي يستمر هذا الجور ؟ وهل لهذا الليل من نهار ؟ وهل لهذا الظلم من نهاية ؟
والجواب بكل اليقين : نعم .. لابد لليل أن ينجلي ، ولابد للصبح أن يتنفس .. لابد من هلاك اليهود الظالمين ، لأن السنة الربانية التي لا تتخلف أنه علي الباغي تدور الدوائر .. هذه هي سـنة الله في الوجود ، ففي الحديث القدسي الذي يرويه النبيصلي الله عليه وسلم عَنْ رب العزة أَنَّهُ قَالَ : " يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا... " ( [2] )
فمن تمام عدله سبحانه وتعالي وكمال رحمته وإحسانه ، أن حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما ، فقوله سبحانه وتعالي : " فَلا تَظَالَمُوا "يعني لا يظلم بعضكم بعضا ، وهذا توكيد لقولهسبحانه وتعالي : " وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا " وزيادةُ تغليظ في تحريمه .
وإن للظلم ألواناً وصوراً تربو على الحصر، غير أن أبشع أنواع الظلم وأقبح صوره البغيُ في الأرض بغير الحق ، والاستطالة على العباد ، في دينهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم ، بمختلف سبل العدوان ، وهو الأمر الذي يمارسه الصهاينة علي أرض فلسطين ، دون رادع يردعهم عن غيهم.
وإعلاماً ـ من الله عز وجل ـ بشدة وزر البغاة وسوء مصيرهم في الدنيا قبل الآخرة ، فقد جاء تحريم البغي منصوصاً عليه في سياق المحرمات التي حرمها اللّه ، يقول سبحانه وتعالي : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْىَ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَـٰناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"( [3] ) لذلك توعد الله عز وجل كل من سلك سبيل البغي بأليم العذاب في الآخرة فقالعز وجل : " إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ( [4] )
وهذا العذاب الأليم ـ مقابل ظلمهم وبغيهم علي الناس ـ إنما هو الجزء المؤجَّل من العقوبة للدار الأخيرة ، بالإضافة إلي العقوبةً التي يعجلها الله للباغي في حياته الدنيا ، كما جاء في الحديث : " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ "( [5] ) والشاهد من الحديث هو تعجيل عقوبة البغي .. عقوبة الظلم والإساءة إلى المخلوقات ، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ... وعاجل هذه العقوبة أن على الباغي تدور الدوائر، فإذا هو يبوء بالخزي ويتجرّع مرارة الهزيمة وينقلب خاسئاً ، لم يبلغ ما أراد ، ولم يظفر بما رجا كما قالسبحانه وتعالي : " فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِى ٱلأرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ... "( [6] )
هذه حقيقة تقررها النصوص الكثيرة من القرآن الكريم والسنة المشرفة ؛ ويترجمها تاريخ البشرية ، وهي تعمل في الأرض وفق سُـنَّة الله في الكون ، فكل من بغى في الأرض ، وعلا فيها بغير الحق ، واستضعف أهلها ، كانت عاقبته خسرا ، وأن عليه تدور الدوائر مهما تجبر واستكبر، ومهما غرته قوته ، وأسكرته صولته :
فهذا فرعون حين "عَلاَ فِى ٱلأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءهُمْ" ( [7] ) كانت عاقبة بغيه : " فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ" ( [8] )
وأيضا كانت عاقبة بغي قارون حين آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة " فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ"( [9] )
وهذه قريش وعلي رأسها أبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ، الذين اشتدت وطأتهم على المستضعفين من المؤمنين الأولين ، فساموهم سوء العذاب ، فكانت عاقبة أمرهم الهلاك أجمعين ، وقطع دابر الكافرين .
فكل هذه العواقب الوخيمة حلت بالبغاة أمام أعين بني اسرائيل ، فقصة فرعون كانت مع أجدادهم وفي عهد موسي ، وقارون كان بينهم من قوم موسي ، وقريش كانت بينهم وبين اليهود علاقات وطيدة ، أي أنهم عاينوا بأنفسهم قديما وحديثا ، كيف انتقم الله من الظالمين في الدنيا ،أنفسهم وكان الأجدر بهم أن يتعظوا أكثر من غيرهم ، ولكنهم هم دائما القوم الظالمون ، فلم يعادوا أحداً في الأرض عداءهم للمسلمين !رغم أنهم لم يعرفوا الأمن طوال حياتهم إلا وهم في ذمة المسلمين .
هذه نتف من سِيَر الماضين وأنباء من قد سبق ، فيها أوضح الدلائل وأظهر الآيات ، علي أن الهلاك في الدنيا هوعاقبة اليهود الظالمين ، مهما علت رايتهم ، ومهما ارتفع صوتهم ، ويوم القيامة يردون إلي أشد العذاب ، وما الله بغافل عما يعملون .
عباد الله ، إن مما لا بد منه ـ [glint]أمام عدوانهم المتكرر علي بيت المقدس وعلي المسجد الأقصى[/glint]ـ أن يكون كل مسلم على يقين من أمرين:
أولهما :أن من حكمة الله عز وجل ومن بديع تدبيره أنه يمهل للظالم ويملي له ، لكنه لا يهمله بل يأخذه في النهاية أخذاً أليماً شديداً، لا نجاة له منه ، كما جاء في الحديث" إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" ثم قرأ النبي صلي الله عليه وسلم : " وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ" ( [10] ) فهو إمهال ليزداد الباغي من أسباب بغيه وعدوانه ، فتعظمُ عقوبتُه ، ويشتدُّ عذابُه ، وهو ما ننتظر وقوعَه لليهود ، بإذن الله ، وما صمود أهل مدينة القدس ، رغم تخاذل المسلمين في كل ديار الإسلام عن تقديم أي لون من ألوان المعونة والنصرة والمؤازرة لهم ، فإن هذا الصمود الأسطوري ، وصدهم الصهاينة عن بلوغ مرامهم بإمكاناتهم البدائية ، التي لا وجه للمقارنة بينها وبين الآلة الحربية اليهودية ، وصمودهم حتى الآن ، وإذلالهم لجحافل القوات الصهيونية ، إلا برهان واقعي لما ينتظرُ اليهود من هلاك بسبب ظلمهم وبغيهم وإفسادهم في الأرض .
أما الثاني :فهو أن سنة الله في الابتلاء ماضية في عباده المؤمنين تمحيصاً وتعليماً ، وفي الكافرين محقاً وعذاباً أليماً ، كما قال عز وجل :" إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَلِيُمَحّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَـٰفِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ" ( [11] )
فالعاقبة ـ يا عباد الله ـ دائماً للمتقين ، والنصر والتمكين والغلبة للصابرين الصامدين ، الذين يستيقنون أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً.
*** *** ***
لقد دلت عظات التاريخ وعبر الأيام ، كما مر بنا ، أنه كلما اشتدت وطأة البغي وتعاظم خطره ، كان ذلك إيذاناً بانحسار مدِّه ، وتقهقر جنده ، وهذا هو ما ينتظر اليهود بإذن الله ، ففي غياب الإسلام علوا علوا كبيرا ، وغرتهم قوتهم ، فطغوا في البلاد ، واتخذوا الارتفاع وسيلة للإفساد في صورة « إسرائيل » التي أذاقت العرب أصحاب الأرض الويلات ، وليسلطن الله عليهم من يسومهم سوء العذاب ، تصديقاً لوعد الله القاطع ، وفاقاً لسنته التي لا تتخلف . .
ولما كان بعض المسلمين ما يزالون على صلات منوعة باليهود ، بل إن بعضَهم يتباري في خدمتهم خوفا وطمعا ، ولما كانت لليهود الآن قوة ظاهرة : عسكرية واقتصادية يحسب حسابها بعض المسلمين ، فقد تكفل القرآن الكريم بتهوين شأن هؤلاء الفساق في نفوس المؤمنين ، وإبراز حقيقتهم الضعيفة ، يقول الله عز وجل : " لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ " . ( [12] )
بهذا يضمن الله للمؤمنين النصر وسلامة العاقبة ، ضمانة صريحة حيثما التقوا بأعدائهم هؤلاء ، ولكن بشرط أن تكون المواجهة والمسلمون معتصمون بدينهم وربهم ، و في يقين من وعد ربهم عز وجل : " لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ"فلن يكون ضرراً عميقاً ولا أصيلاً ، إنما هو الأذى العارض في الصدام ، والألم الذاهب مع الأيام . . أما حين يشتبكون مع المسلمين في قتال ، فالهزيمة مكتوبة عليهم - في النهاية - والنصر ليس لهم على المؤمنين ، بل ولا عاصم لهم كذلك من المؤمنين ؛ ذلك أنه قد " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ " وكتبت لهم مصيرا " وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ "كأنما رجعوا من رحلتهم في التيه يحملون هذا الغضب " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ "تعيش في ضمائرهم وتكمن في مشاعرهم . .
ولقد وقع ذلك كلُّه بعد نزول هذه الآية ، وتحقق علي أرض الواقع ، فما كانت معركةً بين المسلمين وأهلِ الكتاب إلا كتب الله فيها للمسلمين النصر ، ما حافظوا على دينهم واستمسكوا بعقيدتهم ، وأقاموا منهج الله في حياتهم ، وكتب لأعدائهم الذلة والهوان ، إلا أن يعتصموا بذمة المسلمين أو أن يتخلى المسلمون عن دينهم .
ويكشف القرآن عن سبب هذا القَدَرِ المكتوبِ على يهود ، فإذا هو سبب عام يمكن أن تنطبقَ آثارُه على كل قوم ، مهما تكن دعواهم في الدين ... إنه المعصية والاعتداء " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ "
فالكفر بآيات الله ، سواء بإنكارها أصلاً ، أو عدم الاحتكام إليها وعدم تنفيذها في واقع الحياة ، والعصيان والاعتداء ، وقتل الأنبياء بغير حق ، ويماثلها الآن قتل " الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ " ( [13] ) هذه هي المؤهلات لغضب الله ، وللهزيمة والذلة والمسكنة ، وهذه هي المؤهلات التي تتوافر اليوم في البقايا الشاردة في الأرض من ذراري المسلمين ، الذين يسمون أنفسهم - بغير حق – مسلمين !!! هذه هي المؤهلات التي يتقدمون بها إلى ربهم اليوم ، فينالون عليها كلَّ ما كتبه الله على اليهود من الهزيمة والذلة والمسكنة . فإذا قال أحد منهم : لماذا نغلب في الأرض ونحن مسلمون ؟ فلينظر قبل أن يقولها : ما هو الإسلام ، ومن هم المسلمون ؟! ثم يقول ما يقول !!!
ومع ذلك فإن قوة الرجاء في الله في كشف الغمة ، وصد العدوان ، وهزيمة البغي ، والإيمان بموعود الله ، وأنه حتما لابد أن يتحقق ، يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )
[1] جريدة المساء 25 مارس 2010
[2] صحيح مسلم ج 12 / ص 455
[3] الأعراف 33
[4] الشورى 42
[5] سنن أبي داود ج 13 / ص 54
[6] يونس من الآية 23
[7] القصص 4
[8] النازعات 25
[9] القصص 81
[10] صحيح البخاري ج 14 / ص 268
[11] آل عمران 140-142
[12] آل عمران 111 ، 112
[13] آل عمران21
المشاهدات 3927 | التعليقات 2
لا شكر علي أقل واجب يمكن أن نؤديه
والله نسأل أن يتقبله
وجزاكم الله كل خير علي مروركم الكريم
والله نسأل أن يتقبله
وجزاكم الله كل خير علي مروركم الكريم
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
تعديل التعليق