الوقفات الحسان مع حادثة الطفل ريان - مشكولة - doc + pdf

عبدالله اليابس
1443/07/08 - 2022/02/09 14:28PM

الوقفات الحسان مع حادثة الطفل ريان  الجمعة 10/7/1443هـ

الحَمْدُ للهِ الذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَقَدَّرَ فَهَدَى، وَأَسْعَدَ وَأَشْقَى، وَأَضَّلَ بِحِكْمَتِهِ وَهَدَى، وَمَنَعَ وَأَعْطَى، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ العَلِيُّ الأَعْلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، النَّبِيُّ الـمُصْطَفَى، وَالرَّسُولُ الـمُجْتَبَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اِهْتَدَى.

أَمَّا بَعْدُ.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. حَادِثَةٌ أَلِيْمَةٌ.. طِفْلٌ يَسْقُطُ فِي البِئْرِ، فَتَلْتَقِطُهُ كَامِيْرَاتُ التَصْوِيْرُ حَيَّاً، وَتَهْرَعُ السُلُطَاتُ لِإِنْقَاذِهِ، وَيَتَعَاطَفُ العَالَمُ، وَيُتَابِعُ النَّاسُ فِي شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِهَا عَمَلِيَةَ إِنْقَاذِهِ لَحْظَةً بِلَحْظَةٍ، وَتُرْفَعُ الدَعَوَاتُ للهِ أَنْ يَخْرُجَ سَالِمًا مُعَافًى، وَبَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامُ يَتِمُّ اِنْتِشَالُ جُثَّتِهِ مَيِّتًا تَقَبَّلَهُ اللهُ.

هَذِهِ الحَادِثَةُ التِي كَانَتْ حَدِيْثَ الشَارِعِ فِي الأُسْبُوعِ الـمُنْصَرِمِ، تَحْتَاجُ إِلَى أَنْ نَتَوقَفَ مَعَهَا عِدَّةَ وَقَفَاتٍ:

الوَقْفَةُ الأَوْلَى: مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الـمُسْلِمِيْنَ مِمَّنْ لَمْ يِجْرِ عَلَيْهِ قَلَمُ التَكْلِيفِ فَقَدْ نَصَّ العُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُمْ فِي الجَنَّةِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمُ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اِبْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: "فَأَمَّا وِلْدَانُ الـمُؤْمِنِينَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ العُلَمَاءِ كَمَا حَكَاهُ القَاضِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاءِ الحَنْبَلِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُخْتَلَفُ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَهَذَا هُوَ الـمَشْهُورُ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ الذِي نَقْطَعُ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ".

وَقَالَ النَوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: "أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الـمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الـمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفَاً".

قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " أَرْوَاحُ وِلْدَانِ الـمُؤْمِنِينَ فِي أَجْوَافِ عَصَافِيرَ تَسْرَحُ فِي الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، فَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ فِي العَرْشِ".

مَنْ مَاتَ لَهُ اِبْنُ صَغِيْرٌ كَانَ شَافِعًا لَهُ لِيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّه قَدْ مَاتَ لِيَ اِبْنَانِ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا؟

قَالَ: نَعَمْ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ (أَيْ: صِغَارُ أَهْلِهَا)، يَتَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ -أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ- فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ، -أَوْ قَالَ بِيَدِهِ- كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا (أَيْ" طَرَفِهِ)، فَلا يَتَنَاهَى حتى يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ.

الوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ: فِي اِجْتِمَاعِ النَّاسِ وَالفِرَقِ وَالآلِيَاتِ، وسَائِرِ الأَجْهِزَةِ الأَمْنِيَةِ وَالإِسْعَافِيَةِ لِـمُحَاوَلَةِ إِنْقَاذِ الطِفْلِ، ثُمَّ عَدَمِ قُدْرَتِهَم عَلَى ذَلكِ، آيَةٌ عَظِيْمَةٌ، وعِبْرَةٌ جَلِيْلَةٌ، قَدْ عَلَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (وَاِعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ).

نَعَمْ.. لَوِ اِجْتَمَعَ الخَلْقُ كُلُّهُمْ بِعَدَدِهِمْ وَعُدَدِهِمْ وَعَتَادِهِمْ لِيَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ فَلَنْ يَسْتَطِيْعُوا.

وَهَذِهِ العَقِيْدَةُ إِذَا ثَبَتَتْ فِي النُّفُوسِ حَصَلَ عِنْدَ الـمُؤْمِنِ الإِيْمَانُ بِالقَضَاءِ وَالَقَدَرِ، وَأَنَّهُ مِنَ اللهُ تَعَالَى، وَأَنَّ مَا يَخْتَارُ اللهُ لِعَبْدِهِ خَيْرٌ مِنَ اِخْتِيَارِهِ لِنْفسِهِ، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، فَيُثْمِرُ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ الصَّبْرَ وَالرِّضَى، وَالسَكِيْنَةَ وَالطَّمَأْنِيْنَةِ.

الوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: فِي هَذِهِ الحَادِثَةِ تَجَلَّتْ بِوُضُوحٍ العَاطِفَةُ الأُخَوِيَّةُ بَيْنَ الـمُسْلِميْنَ، فَقَدِ اِجْتَمَعَ الـمُسْلِمُونَ بِحَمْدِ اللهِ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَتَعَاطَفُوَا مَعَ مُصَابِ وَالِدَيِ الطِفْلِ، وَخَصَّ كَثِيْرٌ مِنْهُمْ فِي شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِهَا هَذَا الصَّبِيَّ بِالدَّعَوَاتِ، وَلِلْمُنْقِذِيْنَ بِالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ، فَلَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا الـمُصَابِ الجِنْسِيَاتُ وَلَا الحُدُودُ، وَلَا اللُّغَاتُ وَلَا اللَّهَجَاتُ، وَصَدَقَ فِيْهِمْ قَوْلُ الصَّادِقِ الـمَصْدُوقِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).

وَهَذِهِ الوِحْدَةُ وَاللهِ إِحْدَى أَعْجَبِ مَحَاسِنِ هَذَا الدِّيْنِ العَظِيْمِ، فَتَجِدُ الـمُسْلِمَ الـمَشْرِقِيَّ يَتَعَاطَفُ مَعَ مُصَابِ الـمُسْلِمِ الـمَغْرِبيِّ دُونَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اِلْتَقَاهُ مِنْ قَبْلُ، وَدُونَ أَنْ يَرْجُو مِنْهُ مَنْفَعَةً أَوْ مَصْلَحَةً فِي الـمُسْتَقْبَلِ.

هَلْ تَطْلُبُونَ مِنَ الْمُخْتَارِ مُعْجِزَةً *** يَكْفِيهِ شَعْبٌ مِنَ الأَجْدَاثِ أَحْيَاهُ

مَنْ وَحَّدَ الْعُرْبَ حَتَّى صَارَ وَاتِرُهُمْ *** إِذَا رَأَى وَلَدَ الْمَوْتُورِ آخَاهُ

وَكَيْفَ سَاسَ رُعَاةُ الشَّاةِ مَمْلَكَةً *** مَا سَاسَهَا قَيْصَرٌ مِنْ قَبْلُ أَوْ شَاهُ

وَرَحَّبَ النَّاسُ بِالإِسْلاَمِ حِينَ رَأَوْا *** أَنَّ الإِخَاءَ وَأَنَّ الْعَدْلَ مَغْزَاهُ

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فَمَا زِلْنَا فِي ذِكْرِ بَعْضِ الوَقَفَاتِ مَعَ حَادِثَةِ الطِفْلِ الذِي سَقَطَ فِي البِئْرِ، وَالوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ يَتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ الحَادِثَةِ وَيَتَفَكَّرُ فِيْهَا، سَيَظْهَرُ لَهُ أَثَرُ الإِعْلَامِ فِي تَسْيِيرِ اِهْتِمَامَاتِ النَّاسِ وَآرَائِهِمْ، فَمُصِيبَةُ سُقُوطِ هَذَا الطِفلِ ــ وَإِنْ كَانَتْ مُصِيْبَةً فِعْلاً ــ إِلَّا أَنَّ كَثِيْرًا مِنَ النَّاسِ قَدْ سَقَطُوا فِي الآبَارِ وَمَرَّ النَّاسُ بِخَبَرِهِمْ مُرُورًا عَابِرًا وَلَمْ يَكْتَرِثُوا لَهُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الخَبَرَ لَـمَّا سَلَّطَ الإِعْلَامُ الضَّوْءَ عَلَيْهِ، وَتَابَعَهُ النَّاسُ لَحْظَةً بِلَحْظَةٍ، أَصْبَحَ مَوْضِعَ اِهْتِمَامٍ، وَأَلَمٍ، وَتَعَاطُفٍ لِمَعْرِفَةِ مَصِيْرِ الطَّفْلِ.

وَمَنْ يَتَأَمَّلُ فِيمَا حَوْلَهُ مِنْ أَحْدَاثِ سَيَجِدُ أَحْدَاثًا عِظَامًا قَدْ حَصَلَتْ وَمَاتَ فِيْهَا أَشْخَاصٌ كُثُرٌ، وَلَكِنَّهَا لَمَّا لَمْ تَحْضَ بِالتَّغْطِيَةِ الإِعْلَامِيَّةِ فَلَمْ يَكْتَرِثُ لَهَا أَغْلَبُ النَّاسِ، وَلَمْ يَتَأَثَّرْوا بِهَا.

فَيْنْبَغِي عَلَى الإِعْلَامِيِّيِنَ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِيْمَا يَصْرِفُونَ إِلَيْهِ اِهْتِمَامَ النَّاسِ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ يَقِظِيْنَ مِنْ أَنْ تَتَسَلَّلَ إِلَيْنَا بَعْضُ القَنَاعَاتِ الخاطِئَةِ عَنْ طَرِيْقِ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ دُونَ أَنْ نَشْعُرَ.

الوَقْفَةُ الخَامِسَةُ وَالأَخِيْرَةُ: مَنْ يَتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ الحَادِثَةِ، سَيَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدِ اِجْتَمَعَتْ وَتَعَاوَنَتْ لِتَحْفُرَ الأَرْضِ لِإِخْرَاجِ الطِّفْلِ مِنْهَا، وَبَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ وَفَاتُهُ تَقَبَلَهُ اللهُ اِجْتَمَعُوا مَرَّةً أَخْرَى لِحَفْرِ الأَرْضِ لِدَفْنِهِ فِيْهَا، وَفِي هَذَا آيَةٌ عَظِيْمَةٌ، فَحَياةُ الإِنْسَانِ فِي وَاقِعِ الأَمْرِ قَصِيْرَةٌ قَصِيْرَةٌ، أَخْرَجَ اِبْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ فِرَاشًا أَوْثَرَ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ: (يَا عُمَرُ، مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، وَمَا لِلدُّنْيَا وَلِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا).

قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ: "مَا شَبَّهْتُ الشَّبَابَ إِلَّا بِشَيءٍ كَانَ فِي كُمِّي فَسَقَطَ".

فَلْيَسْتَعِدَّ كُلٌّ مِنَّا لِلَحْظَةِ فِرَاقِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا آتِيَةٌ لَا مَحَالَةٌ، وَالـمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً قَبْلَ أَنْ يَسْتَعِدَّ لَهُ الإِنْسَانُ.

قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

يَا مَنْ بِدُنياهُ اِشتَغَل *** وَغَرَّهُ طُولُ الأَمَلِ

الـمَوتُ يَأتِي بَغتَةً *** وَالقَبْرُ صُنْدُوقُ العَمَلِ

فَاللَّهُمَ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَعَلى حُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُوْرِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّلَاَةِ عَلَى نَبِيهِ مُحَمٍّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ لِلصَّلَاَةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَالْإكْثَارَ مِنْهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأيَّامِ، فَاللهَمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحبِهِ أَجَمْعَيْن.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِرْكَ والـمُشْرِكِيْنَ، وَاِحْمِ حَوْزَةَ الدِّيْنِ، وَاِجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنَّاً وَسَائِرَ بِلَادِ الـمُسْلِمِيِنَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا، وَأَصْلِحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاِجْعَلْ وَلَايَتَناَ فِي مَنْ خَافَكَ وَاِتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُسْلِميْنَ وَالـمُسْلِمَاتِ، وَالـمُؤْمِنيْنَ والـمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدَعَواتِ.

 عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمَرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وإيتاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ وَالْبَغِيِّ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاِذكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذكُركُمْ، وَاُشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكرُ اللهُ أكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

المرفقات

1644416895_الوقفات الحسان مع حادثة الطفل ريان 10-7-1443.docx

1644416896_الوقفات الحسان مع حادثة الطفل ريان 10-7-1443.pdf

المشاهدات 2315 | التعليقات 1

لا فض فوك، خطبة رائعة، ومؤثرة، ووقفات نافعة